قرّةُ العَيْنيْنِ فيِ حَصَادِ الثَّوْرتيْن
فلتصنعوا ميدانا للثورة في كلِّ عاصمة عربيّة .. إن أردتم الحريـّة
ورسالة مهمـّة للحالـة السعوديـّة خاصـّة
حامد بن عبدالله العلي
لم يكد يحـلّ علينا هذا العـام السعيد حتى حلّت علينا بركات السماء ، بهذه البراكـين ، والزلازل الشعبية الميمونـة ضدّ الطغاة ، ونحن متفائلون _ بإذن الله تعالى _ أنـّه إعصار شامل إنـطلق ولن يُبقي طاغيـة ولن يذر ، حتى يجتـثّ ثقافة الإنبطاح ، والخنوع ، والهزيمة النفسية التي زرعتها هذه الأنظمة الفاسدة في الشعوب ، وسقتها بإعلامها الكذّاب الخبيث ، ودعمتها بفتاوى شيوخ النفاق حمير الطغيان ، ومطايا البهتان ، لكي تُقطف ثمارها هناك في عواصم التحالف الصهيوصليبي ، ليبقى مهيمنا على أمتنا ، منتهكا لمقدّساتنا ، منتهكا لكرامتنا ، مغتصبا لحقوقنا .
وذلك في الوقت الذي يُهدَّد المسجد الأقصى حتى يكاد ينهار ، وتهُوَّد قدسنا العظيمـة ، ويُسام شعبنا العملاق في فلسطين سوء العذاب ، وتحتل بلادنا ، ويستهان بدماء شعوبنا المسلمة في كلِّ مكـان .
وإنَّ في قلـبي لحسرة أن فاتـني إلتقـاط صورة خالدة مع صفوة الأحرار ، هناك في القاهرة ـ قاهرة الطغاة هكذا فلنسمـّها من اليوم فصاعـدا ـ من أعلى قامة في كوكب الأرض ، أعني : ميدان الثورة ، أو ميدان التحرير ، أو ميدان الشهداء ، ومن هناك أبدو في الصورة ، وأنا ألقـي بنظرة إزدراء إلى الأقـزام في أودية السفالـة : طغاة العرب ، وملاحقهم اللصوص الثلاث : سرّاق مال الأمة ، وسرّاق ثقافتها ، وسرّاق دينها ! وإلى لعنة الله تعالى الأبدية أيُّها السقـط
ولندخـل في المقصـود ، ففي الثـورتين المباركـتين سبعـة دروسٍ مهـمّة :
1ـ سبحان الله .. أنـظروا كيف تجلَّت كلمة الله تعالى العليّة المقدّسة : ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ) ، فالجماهير التي أسقطت أشد الأنظمة العربية ( فرعنةً ) ، وأحكمها قبضة أمنية ، في تونس ، ومصر ، لم تكن تملك إلاّ حناجرها المباركة ، وهي تطلق صيحة ( الشعب يريد إسقاط النظام ) فلم تزل تزلزل صيحة الحقّ هذه ، عرش فرعون حتى تهاوى ، وفرَّت كلابه من بين يديه ، ومن خلفه ، مذعورة تصم آذانها صيحاتُ الحق ، وتعمي أبصارَها أنوارُه !
2ـ وسبحان الله أيضـا .. تأمّلوا ماذا جرى لكلّ ذلك النفاق الذي كانت وسائل الإعلام الممتـدَّة على مدى البصر ، تلـوِّث هواءَنـا بـه ، ذلك النفاق كلَّه ، أهازيجه ، وأغانيـه ، وأبواقه ، وأقلامه ، طيلة ثلاثين عاما ، ثم ضاعفت جرعات النفاق مع الأيام الأخيرة محاولـةً إنقاذ الطغاة ،
تأملـُّوا كيف تلاشـت أمام صيحة الحقِّ في أيامٍ معدودات ، فصار كلُّ ذلك النـفاق ، والكذب ، والزيـف ، هباءً منثـوراً ، كأن لم يغـنَ بالأمس !
سبحان الله .. كأنَّ صيحـات الحـقّ في ميدان التحريـر .. عصى موسى التي تلقف ما يأفكون ، فرعـون وسحـرته !
3ـ قال الحق سبحانه : ( ليميز الله الخبيث من الطيب ، ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنـم ) ،
من أهـمّ دروس الثورتين أنهـما ميـّزتا بين الطيب والخبيث ، بين المثقف الشريف ، والمنافق المتزلّف ، بين الإعلامي النظيف ، ومهـرّج الشاشة المتملـّق السخيف ، بين علماء الشريعة الأحرار ، وعلماء البلاط الفجار .
بين قناة واحدة كانت تنقـل الحقيقة ، وعشرات القنوات التي كانت تكذب ، وتكذب ، وتكذب ، بلاحيـاء ، تقودها قناة ( العبـريَّة ) ، وكأنّ كلَّ صحفييها الذين أقسموا على شرف المهنة ، حثالة من الأفَّاكــين ، وشرذمة من لحاسي الأحذية ، وأتعجـب والله كيف ينام هؤلاء على فرشهم ، وبين ضلوعهـم هـذه النفوس المنافقـة ، ذوات الروائح المنتنـة !!
ولو لـم يكن في بركات الثورة إلاّ هذه الفضيلة لكفاها فخـراً .
4ـ ومن هنا فينبغي لنا أيّتهـا الأمـّة أن نصدر قائمة نطلق عليها (قائمة العـار) ، فهـي قائمة : ( أبي لهب وامرأته حمّالـة الحطب ) ، ولندرج فيها كلّ الذين وقفوا _ ووقفـن _ ضدّ إرادة الشعـوب الحـرّة ، وطبّلوا مع الطغاة ، ورموا الأشواك في طريق ثورات الحريـّة ، كما خلَّد الله تعالى في القرآن خزي أبي لهب وامراته ، جزاءً وفاقـاً لسعيهم في إبقاء عروش الطغاة جاثمة على صدْر الأمة ، وإهدارهم دماء الشعوب الثائرة لحقوقها ، بتسميتهم ، مثيري الفتنة ، والخوارج ، والمفسدين !
5ـ ما جـرى في الثورتين دليـلٌ واضح علـى ما ذكرنـاه قديمـا ، وفي مواضع متعددة ، أنَّ من أهم مفاتيح التغيير الذي ننشده : التفريق بين نهج التعامل مع الإحتلال الأجنبي ، ونهج التعامل مع الطغـاة والسلطات المستبدّة في بلادنـا ، وأنَّ الخلط بينهما أدَّى إلى كوارث كبيرة على مسيرة المشروع الإسلامي .
فهذه المعادلة هي أوّل معادلات التغيير التي تحتاجها أمُّتنا اليوم ، ويجب أن ننتبه إلى أن الثورتين نجحتـا لأنهما انتهجتا نهج التغيير السلمي الذي ينطلق من حقّ الشعوب في الإحتجاج السلمي الذي يطالب بتغيير النظام _ ولو كان في الثورتين سلاح كلاشنكوف واحد لفسد الأمر ، وانتصر النظام _ وقد ثبت بلا مراء إمكان نجاح هذا النهـج نجاحـاً باهـراً ، وبوقـت قياسيّ ، وبأقل تكلفة ممكنة ،
وإن إحتاج إلى الصبـر حتـَّى يكتـمل الوعي في الشعوب فليكـن ، وقد مضى في حِكَم الأولين : ليس المنتصر من يغضـب ، ولكنـه الذي يعـرف متى يطلق الغضـب.
أما المعادلة الثانية : فهي أنّ حشـد التأييد من جميع مكوّنات المجتمع ، للخلاص من الخـطر الأكبـر _ الذي هو خطر على الجميـع _ أولا ، هـو سرُّ النصـر على الطغـاة ، لأنهـم إنما يقتاتون على تفـرُّق الشعب ، وتناحره ، كما قال تعالى عن فرعون ( وجعل أهلها شيعا ) .
وهذا هو سببُ صنعِ المخابـرات للحركة الدينية المشبوهـة التي ليس لها هم سوى الطعن في الجماعات الإسلامية التغييريـة ، ونشر عيوب المصلحين ، أعني (الجماعة الإنبطاحيّة) ، إلى جانب المثقفين المزيفين ، والكُتّـاب المأجورين ، وسائر جوقة المنافقين ، الذين يلمّعون أقـدام الطغـاة.
وبإختصار : النجـاح في التغييـر يكمـن في البدء بإزالة التناقض الأكبر ، وحلّ المشكلة الأخطـر ، وفق ميزان تقديـم الأولـيّات ، والأهـمّ على المهـم .
وهذا هو مقتضى الشريعة ، وعين الحكمة ، وقد كنت أقول لبعض الأخوة في العراق إنّ مشاركتهم في مشروع كبير للمقاومة الشريفة الصادقة يشمل جميع القوى المناهضة للإحتلالين الإيراني ، والأمريكي ، ولو في إطار وطنـي عام ، يقوده من يوثق بإخلاصهم ، مثل هيئة علماء العراق ، يحقـِّق هذا الهدف في مرحلـة أولـى ، خيـرٌ من هذا التفرُّق الذي لايستفيد منه إلاّ المحتـلّ ، وأنّ المشاريع البديلة وإن امتلأت بالحماس المشكـور ، هـي جزئية ، وقاصرة ، وقصيرة النظر ، ولهذا هـي عقيمـة .
وغيـر أنـّه _ وللأسـف _ مدارك الوعي عنـد البعض لـم تستوعب أبعـاد هذه النظـرة !
وكم تُشكَـر حركة حماس على توظيف هذا المدرك العظيـم النافع ببراعة جمعت يبن الحفاظ على الثوابت ، و المناورة الذكية في المتغيـِّرات .
وقد كتبتُ التأصيل الشرعي لهذا الفقه الواسع في رسالة صدرت في أواخر التسعينات الميلادية بعنوان ( قاعدة تعارض المصالح والمفاسد ، وتخريج بعض فروعهـا ) ، وهي على الموقع ، وقد ذكرت ثـَمَّ النصوص والقواعد الشرعية ، ونقلت هناك من كلام أهل العلم ما يغنـي عن نقله هنا في هذا المقال المقتضـب .
هذا .. وأمـّا تطبيقها على الثورتين التونسية ، والمصرية ، فهـو أننـا كلـُّنا قـد دعمنـا الثورتين ، مع أنَّ أيـَّا منهما لم تكن ثورة إسلامية وفق ما ننشده ، ولكن لمِـا يترتب عليهما من مصالح عظيـمة تربـو على المفاسد المقترنـة بها .
إذ من الواضح أنَّ ما يُدرء بهما من مفاسد النظام ، أعظـم بكثير مما يقع بهما من مفاسد متوقَّـعة لنهج علمانـي ،
ولأنَّ القاسم المشترك الذي حرَّك جمهـور الثائرين هو التخلُّص من المظالم ، ونيل الحقوق ، وتحقيق العدل ، وهـذه من أعظم مقاصد الدين الحنيف ، وأهداف المشروع الإسلامي ، فوجـب علينا أن يكون لنا دورٌ رئيسٌ فيه ، إن لم نـكن نحن الذين نقـوده .
ولاننسـى أنَّ المشروع الإسلامي الذي كان يعاني طيلة العقود الماضية ، هو أعظم المستفيدين من أجواء الحريـّة ، إذ نحن بين شعب مسلم ، عامّتـه لـن يقف في وجه خطاب القرآن ، وهداية السنـَّة بإذن الله تعالى ،
فلم الخـوف من الحريـّات السياسية ، ونحن نعلـم أنها هي التي ستحملنا على أجنحتهـا إلى مواقع التأثيـر الثقافـي ، وصنع القرار السياسي ؟!
والخلاصة أنَّ مشاركتـنا _ نحن الإسلاميـن _ مع غيرنـا في مشاريع تعود بمصالح راجحة على الأمـّة ، أمـرٌ مشروع ، وقد يكون واجبا ، ولا يخفى هذا على من يفقه هذه الشريعة الدائرة على تحقيق مصالح العباد ، ودرء الشـرور ما أمكـن .
6ـ تأمّلـوا معي براعة وإبداع الثائرين المصريين في استثمـار مبـدأ إغـتنام الفرص ، عندما استغلوا الأجـواء التي صنعتها الثورة التونسية ، فأطلقوا مشروع تغييـر وإصـلاح هـو الأكبـر في تاريخ أمِّتنـا منذ قرن مضـى .
وما أدراك ما إغتنام الفرص ! إنـّه من أهـم مفاتيح النجاح ، ألم تروا كيف أن أعظـم معركة في الإسلام كانت إغتنام فرصة سنحـت ، وهي فرصة عير قريش ، فكانت معركة بدر العظمـى !
فيا أيها العلماء ، والمصلحون ، والمثقفون الشرفاء ، وحملة همّ الأمة ، في كلّ البلاد العربية ، والإسلامية ، لاتفوتـنّكم هذه الفرصة التاريخية التي فُتحت لكم أبوابـها بالثورتين التونسية ، والمصرية ، واهتبلوها بأسرع ما يمكنـكم قبل أن تغـلق الأبـواب ، وتنقطـع الأسباب .
وذلك بإطلاق مشاريع الإصلاح الشامل كما بيَّنـا في بيـان الدعوة إلى إطلاق الثورة العربية الكبرى .
7ـ وأوّل من يجب عليهم إغتنام هذه الفرصة هم علماء ، ومثقفو الخليج ، وعندما نتحدث عن الحالة الثقافية في الخليج ، فالحالة السعوديـة تأتي في المقدمة ، بل المسؤولية الملقاة عليها لاتقـل عن تلك الملقاة على الحالة المصرية _ التي أدّت ما عليهـا _ فبهمـا تنهض الأمـّة بأسرها ، من جاكرتها إلى نواكشـوط ، ومن أسطنبول إلى عدن ،
أما بقيـّة دول الخليج الصغيرة ، فتأتي تبعـا ، مع أنَّ الكويت قد خطت خطوات إيجابية في أسلوب التعامل مع المعارضة ، لكن لازالـت الحكومـة تعيش في أجواء من عهود التخلـُّف ، وبقايا من عقلية ( السادة والعبيد ) ، ومهزلة ( الشيوخ أبخص ) ، وخرافة ( ولاة الأمر أدرى بالمصلحة ) ! ونرجوا أن يكون تفاؤل المعارضة بإصلاح كبير وشامل قادم ، هـو فـي محـلّه !
هذا .. وقد أطلـَّت أول إطلالـه خيـر في السعودية ، بإنشاء حزب سياسي إسلامي للتغيير السلمي _ حزب الأمـّة الإسلامي _ وذلك لإطلاق مشروع الإصلاح الشامل الذي يقوم على :
أولا : المشاركة الشعبية في الحكم ، والمال العام ، وفي الرقابة على أداء السلطـة المنتخبـة ، وفي المحاسبة العلنيّة ، على أساس مبدأ تداول السلطة ، وفصل السلطات ، وإحترام كامـل للإرادة الحـرَّة للشعوب ، بما في ذلك منحها حـقّ إستعمال وسائل الإحتجاج السِّلمـي للإصـلاح.
وثانيا : إقامة العدالـة بمفهومهـا الإسلامي العام الصارم ( لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعـت يدها ) ، وتفعيل كلّ أدواتها من إصلاح القضاء ، إلى إقامة مؤسسات الشفافية التي تشرف على الإنفاق من المال العـام ، لافرق بين مأمـور ، وأميـر ، ولا بين مسؤول ، وموظف صغيـر .
وثالثا : بـثّ ثقافـة إحترام الحقوق ، والحريـّات المشروعة ، من وقف جنون الإعتقال التعسـفي ، إلى رفع الحظـر عن المعارضة ، وإسقاط التهم عنها ، والإفراج عن المعتقلين السياسيين ، وسجناء الرأي فـورا .
ولاريب أنَّ هذا معنـاه تغيير جذري وكبير ،
غير أنَّ الحالة الثقافيـة السعودية _ ونقصد هنا الشريفة المخلصة لا الذين يعملـون عند السفارات الغربية ، أو أولئك الذين لايملكون من أمرهـم شيئا !! _ إنْ لـم تـعِ الآن أن هذا التغيير هو إعصار قادم لامحالة ، تقتضيه سنن الله الكونية ، فيما أودعه من قوى الطبيعة التي تشمل قواعد الحالة الإجتماعية الإنسانية .
وبمعنـى آخر أنَّ السعودية لايمكن أن تبقى تعيش خارج مسـاق الزمن في تطـور البشـرية السياسي ، لايمكن أن تبقـى هكذا خارجـه إلى الأبـد !!
كما لايمكن أن تحكمها سياسات عفى عليها الدهـر ، بينما شعوب العالم كلَّه حولها ، تواكب التطور السياسي العالمي في ضوء ثورة المعلومات ، والإتصالات ، وتستردّ حقوقها ، حتى إختيار قيادتها السياسية ، ومحاسبتها ، والإشراف على ثرواتها .
الحالـة الثقافية السعودية إذا لم تـعِ أن هذا التغيير قادم لامحالة ، وسيفتـح على السعودية أبوابـاً بسعـة الأفق الغربـي للسعودية كلَّــه ، أعني من مصـر التي ستبث منها _ ربمــا _ مائة ( قناة جزيرة ) ! في أجواء الحريـة القادمـة من هنـاك بعد الثـورة ،
وكـلُّ هذه القنـوات ستفتح النـار على الحالة السياسية في بلاد الحرمين ، وتحاصـرها ، وربـما تفتح ملـفات خطيـرة لاتُحصى ولا تعـدُّ .
إن لم تـع حقيقـة هذا الإعصار القادم ، وأنها يجـب أن تستبقه بمشروع إصلاح سياسي شامل ، يشـرِّف عقليـة إبن الجزيرة العربية الذي لايقـل قدرة على الإبداع ، وعلى عبقرية البنـاء ، والتطويـر ، من غيره .
بل إنـَّه _ فيما أرى _ أولى بأن يحتضن مشروع نهضة الأمـّة ، لمِـا فيـه من وفـرة الشخصيات المخلصة ، والصادقة ، والنظيفـة ، وصفاء في العقيدة الإسلامية ، وإنسجام في الثقافة المجتمعية ، وإمتـلاك لكلِّ مقومات النهوض الأممي ، على رأسها الموارد العملاقة التي هي عصب التغييرات الكونيـة الكبـرى .
إن لـم تـعِ ذلك كلِّـه ، فسوف تحلُّ الكارثـة وشيكـاً على السعودية ، وقد تثمـر فوضى لاتحمد عقباها ، وكم سيفرح بذلك خبثـاء المكرة المتربصـون على محضن الإسلام ، ومهـد الرسالة ، وأولهـم أحفاد المجوس المليئة أرجاء صدورهم بالحقـد الكامـن ، المريضة قلوبهـم بالإحن ، والضغائـن .
ويجـب علينـا أن نصارح إخواننا العلماء ، والمثقفيـن السعودييـن الشرفـاء القول اليوم : أنهـم إن لـم يخرجوا من حالة الجمود المميـتة ،
ومن قبـّة العزوف المستـمر عن المشاركة الفعّالـة في شؤون الأمـّة ،
إلى التقدُّم إلى مقدمـة التأثيـر في النهضة الشاملة التي عصفت رياحها على الأمة ،
فسوف تكون خسارتهم كارثـية بكلِّ المقاييس ،
وأكبـر من سيكون ضحيـة تقاعسهـم ، هـو نهجهم السلفي _ أعني بتشويه سمعته ، وأنه عقبة في طريق مشاريع الإصلاح ، وتحقيق العدالة ، ونهوض الأمّـة _ الذي لم يزل ، وإن حاول أدعيـاء السلفية أن يُلقوا عليه زبالات أذهانهم الإنباطحية المريضة ، لم يـزل مشعـلَ نور وضـَّاء ، يدعـو إلى التجديد ، ويحضُّ على الإصلاح والتغييـر ، ويحارب الجمـود ، ويقـود النهضة ، كما فعل المجدِّد العظيـم الإمـام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في حركته الإصلاحية الثورية المجيـدة .
أيها العلماء الأفاضـل _ معذرة والله لكنهـا كلمة يجب أن تقال اليـوم _ لا تكونوا بتقاعسكـم عن واجبـكم التاريخـي ، جنـاة على النهج الذي شرَّفكم بين الناس ، ولا تردُّوا إليه معروفـه عليكم بالجحـود ، ولا تقابلوا نعمـته بالتقاعس عن الوفـاء لهـا !!
وبإختصار : إنَّ إعصـار التغيير الذي ينطلق من الشعوب في طريقه إليكـم ، فإما أن تقودوه ليعقب نهضة إسلامية تحقق للشعوب آمالهم في ضـوء تعاليم الإسلام ، أو يعصف بكم في طريقه مع من يعصف ، ثـمَّ تجدون أنفسـكم وراء الناس ، يصفونكم بـما تكرهـون !
نقـول هذا ،، مع أنَّنـا متفائلون بأنَّ عبقرية ابن الجزيرة التي انطلقـت منها نهضة الأمـّة الأولى ، ستكون ولـوداً بأروع نهضـة ، بإذن الله تعالى ، وستكون شعلة نهضتها أشـد وضاءة ، وأبعـد إضاءة ، وأعلى سنـاء ، من كـلِّ الحراك الشعبـي العربـي بتوفيق الله تعالى .
والله المسـتعان وهو حسبنا عليه توكلَّـنا وعليه فليتوكِّـل المتوكـلون .
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 15/02/2011 عدد القراء: 33041
أضف تعليقك على الموضوع
|