عيـد الهـبّ !
حامد بن عبدالله العلي
لايختلف نظام ( عباس دايتون ) عن أي نظام عربي آخر ، سوى أنَّ حظَّه العاثر جعل سلطته ـ جغرافيا ـ تحت سلطة الصهاينة التي تحكم مجتمع يتمتَّع بحرية إعلاميّة على الأقل فيما يتعلق بما يهـمّ كلِّ يهودي !
ولاريـب أنَّ ثمة آلاف من مثل هذه الأشرطة التي انتشرت في أيام ما يُسمَّى ( عيد الحبِّ ) ! على وسائل الإعلام عن فضائح سلطة ( أوسلو ) ، أنَّ ثمـّة مثلها لأنظمـة عربية ، وربما يكون لكلِّ منهـا (دولاب) خاص ـ عن هذا النـوع من الحـبّ ـ يحتفظ فيه الصهاينة ، أو المخابرات الغربية ، بما يخصّ ذلك النظام من تلك الأشرطة ، لم يحن الوقت بعد لنشرها ، ولهذا فستبقـى في سرِّها المكـنون ، وبئرهـا المدفـون ، إلى أن يحـين وقتها ، فيصيـب تلك الأنظمـة مثل ما أصـاب (قوم عباس) ، وما أمـر بعباس برشـيد
وإلاَّ فما الذي يفسـِّر كلِّ هذا الخنوع ، وتلك الطاعة العمياء لإملاءات الصهاينة ، وذلك الصمت المريب لجرائمهم ، و(التحميـر) الكامل لسياسة الغرب في منظومة الدول العربية البائسة ، حتى إنَّ مجرد الشجب إختفى تماما من قاموسهم السياسي ، والإعلامـي ؟!!
وواضح تماما أنَّ الرسالة التي تضمنتها الفضيحة المنشورة على القناة العاشرة الصهيونية ، ترمي إلى ما وراء ما نشرته ، فالجماعة الصهاينة كأنهـم يقولون : إنَّ لدينا ما هو أفظع ، ومطلوب من سلطة عباس في مستقبل الأيام تنازلات سوف تأتي على ما وراء (الأخضر ، واليابس) ، لأنَّ (الأخضر واليابس) قد تـم تقديمها قربانا منذ اوسلوا أصلا !!
وبمناسبة الحديث عن عيد الحـب ، فقـد كنا ومازلـنا نسمع أن حبِّ المال والجنس ، هـو شبكة الصيد المفضلة لدى الصهاينة لتجنيد العمـلاء ، ولا يخفى أنَّ ما نشـر في القناة العاشرة الصهيونية هذا الأسبـوع هو أنموذج عابـر فحسب .
والإعلام في بلادنا العربية يتحدث كثيـراً عن الحبِّ هذه الأيـام ، يتغنـون بعيد الحب !
ألا تبـَّا لهـم ، ولأنظمـتهم ، التي لاتعـرف قلوبهـا إلاَّ حبَّ البقاء على كرسي الرئاسة ، والتي لم تحبّ شعوبها قط ، ولاشعوبها تحبُّهـا .
وقد كان نبيُّنا صلى الله عليه وسلم ، المبعوث بحبِّ المساكين ، واليتامى ، والضعفاء ، وحب العدل ، والخير ، و الإحسان ، كان يقول : خيار أئمتكم الذين تحبّونهم ، ويحبّونكـم ، وشرارهـم الذين تبغضونهم ، ويبغضونـكم .
وقد ذهب أولئك الذين تحبُّهم شعوبهم لعدلهم ، وعفتهم ، وصلاحهم ، وعطفهم على شعوبهـم ، فأحبَّتهـم الأمـَّة ، فعـزَّت بهم بين الأمـم ، كما عـزُّوا بها .
وجاء الذين ملئوا حياتنا بالبوليس السري ، والتجسُّس ، والمخابرات ، ومعتقلات التعذيـب ، ووضعوا الأقفال على أفواه الناس ، وزرعوا الرعـب في صدور الشعـوب ، وتـمرُّ مواكبهم السوداء على شوارع بلادهم المليئة باليتامى ، والفقراء ، والمساكين ، و البائسـون ، وقصورهـم مليئة بكنوز لم تكن كنـوز قارون إلاَّ عشر معشـارها ، فلا يرقُّ لهم فـؤاد ، ولاتتحرك في قلوبهـم القاسـية نسمة عطـف على شعوبهـم !
ولا عـجب فهم يأتسـون بسيدتهم الكبيـرة القابعة هناك وراء البحار ، أمريكا التي لـم تـزل ترسل بوارجها ، وطائراتها ، وجيوشها ، لتدمر الشعوب ، وتنشر الموت في العالم ، وتنهـب ثـروات الأرض .
كم في هذا العصـر من نفـاق يمـلأ الأطبـاق ، فكلُّ باطل فيه يزخـرف بلباس الحــقّ ، فالغـرب الذي يمتص دماء فقراء العالم ، ويزيدهم بؤسا ، يتحـدَّث عن عيد الحـبِّ !
والصهاينة الذين سرقوا وطنا ، وقتلوا شعبا ، ونهبوا ما لايُقـدَّر بثمن ، ينشـرون فضائح سلطة هم صنعوهـا ، وهـم أتوا بها وهـم يعلمـون أنَّ هؤلاء أعني عصابـة ( أوسلو ) هــم أبذل الناس لذمـمهم في السوق السوداء للذمم ، التي يديرهـا التحالف الصهيوغربي .
والصهاينـة أيضـا يتحـدَّثون عن عيـد الحبّ !
ولصوص الأنظمة العربية الـتي سطت على ثروات شعوبـها ، وتركتـها تموت جوعا ، تتحـدَّث عن عيـد الحبّ !
ومفتون يزينون لتلك الأنظمـة جرائمها ، ويضفون عليها الشرعية ، إذا وعظـونا عن الحـبِّ ، لايحدثـون إلاَّ عـن حـبِّ هذا النـوع من (ولاة الأمـر) ، والدعاء لهم !!
والليبراليون ( النصّـابون ) يصيحون علينا لتحريم الإحتفال بـ(الفالنتاين) ، وهـم أحذية الحكام الظلمة ، يأكلون معهـم المال بالباطـل ، ويسكتون عن ظلمهم ، ويقتاتون على النفاق والتملُّـق لهم .
كلُّهـم يتحدثون عن الحبِّ ، وعيـد الحبِّ !
ذلك إنهم لايقصدون الحبَّ الحقيـقي الذي يرتدي الطهر ، ويتلفَّـع بالعفاف ، ويجتمـع المحبُّون به فـي أقدس رباط ،
إنهم مجرد ( تيوس ) تهـب هبيبا وراء الشهـوة ، وتقول العرب : هبَّ التيس هبيبا إذا أراد السـفاد ،
أو ذئاب تعـوي إذا شمشمت رائحـة اللحـم ، ولايريدون مـن (الفالنتايـن ) إلاَّ ( الفلـتان ) الذي يسهل عليهم الوصول إلى العبث بالعفاف ، وتخريـب الفضيلة في المجتمعـات.
ونسأل الله أن يخلصنا من شرورهم ، ويرزقنا الحب الذي يحبه ، وكل ما يقربـنا إلى حبه آميـن .
والله ولي التوفيق وهو حسبنا عليه توكلنا ، وعليه فلتوكـل المتوكلـون .
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 13/02/2010 عدد القراء: 23229
أضف تعليقك على الموضوع
|