ماوراء إتهام وملاحقة المؤسسات الخيرية الإسلامية
،
حامد بن عبدالله العلي
تكرر في الآونة الأخيرة ، بثّ الإشاعات ، وتجديد الإتهامات للعمل الخيري في الكويت بدعم ما أُطلق عليه الإرهاب ، والمطالبة بمحاصرة المؤسسات المالية الخيريّة ، ولينظـر على سبيل المثال ، ما ذكرته بعض الصحف
وليس هذا بمستغرب ، فعندما كان الغرب ينفث في عقدة التآمر على الإسلام ، وهـو يتهيّـأ للهيمنة العالمية لما بعد سقوط القطب الشرقي ، كان عباقرة الشـرّ والمكر فيه ، يعلمون أنّ الإنهاء والتدمير الحضاري للإسلام لن يتحقق سوى بمحورين ، معنوي ، ومادي
أما المعنوي فتدور رحاه حول كسر روح التحدّي الذي يُشعل النهضة ، وذلك إبقاء العالم الإسلامي تحت سلطان مثلث القهر ، والفقر ، والتخلّف ، وبثّ ثقافة الإنهزام تحت رمـاح الاحتلال المدجَّج بالقوة العسكرية المفرطة ، فالهجوم على بلاد الإسلام ، يُبقي شعور المسلمين بالضعف ، و المهانة ، ويُبقى إنتفاش الغرب بالتفوّق والإستعلاء ، ولهذا لايترك الغرب المدة تطول حتى يُلقي بثـقله العسكري في بلاد الإسلام ، ويملأ أرض المسلمين من جنده ،وكان هذا من أعظم أهداف غرس الكيان الصهيوني في خاصرة العالم الإسلامي ، ويدخل في هذا أيضا ، الهجوم الغربي المتواصل على ثقافة الإسلام ، ومكوّنات هويّته الحضارية .
وأما المادي فتدور رحاه حول تجفيف منابع قوَّته ، وعلى رأسها المال ، فالمال عصب النهضة ، ووقود التغيير ، ولهذا قُسِّم العالم الإسلامي ، لتُمزَّق ثروته ، ولهذا يجري اليوم تقسيم العراق ، والسودان ـ مثلا ـ ويُلحـق إقتصاد العالم الإسلامي بمراكز المال الغربيَّة ، ويُسخَّـر لتعزيـز ثقلها العالمي .
واليوم تتزعَّم أمريكا المؤامرة العالمية على مخزون الأمّة المالي الذي يمـدّ الدعوة الإسلامية ، ويقيم صروح البث الحضاري الإسلامي ، حول العالم ، والذي هو السـرّ الكامن وراء انتشار الإسلام في بقاع الأرض ، وهزيمته الساحقـة لمشاريع التنصـير ،
ولما كانت دول الخليج هـي المستودع الأضخم لهذا المخزون ، فقـد غدت تتعرض لمتوالية من الهجـوم الشرس عليها ، مما أدّى إلى إغلاق بعضهـا ، والتضييق على أخرى ، وكلّ ذلك تحت زخم التهويل المصطنع بالإتهامات ( بدعم الإرهاب ) .
وقد جاء اليوم دور الكويت ، بما يتميّـز به أهلها من حبّ الإنفاق ، وسماحة اليد ، وكرم العطاء ، حتى غـدت جهود العمل الخيري الكويتي ، لها الريادة والسبق في العالم أجمع ، وقامت عليها مؤسسات عالمية وإقليمية ضخمة ، في الدعوة ، والتعليم ، ونشر الإسلام ،
وقد كان متوقعـا أن لايترك هذا النبع الخيـِّر يواصل عطاءه ، دون أن يتآمر عليه الأعداء ، وقد سنحت لهم الفرصة ، إذْ لا أحـد من الناس يملك أن يرد على طغاة العالم قولهم ، فضـلا على أن يحاسبهم على أفعالهم ، وقد أطلقوا أيديهم بالطغيان ، بعـد ألسنتم بالتهم الباطلة ، وتمادوا في غيَّهـم ، بعد أن لم يجدوا من يمنعهـم ، حتى طمعوا أن يسلِّطوا أيديهم مباشرة على أموال العمـل الخيـري ، وأوقاف المسلمين ، والتصرف فيها تحت سلطانهم ، ووفق إشرافهم .
وعندما أعلنت روسيا أن أكبر جمعيتين خيريتين كويتيتين قـد وُضعتا على قائمة (الإرهاب) ، وفشلت كل المحاولات حتى الرسمية أن تحمل روسيا على التراجع ، قلت حينئذ أن هذا ليس سوى تهيئة لما هـو أشـدّ ، إذ سيصدر مثل هذا عن الغربيين أيضا .
وهم يعلمون جيدا أنَّ ماوارء الأكمة ليس هو ما يزعمونه من دعم ما أسموه الإرهاب ، وإنمـا هـو إيقاف المـدّ الحضاري الإسلامي الآخذ في الإنتشار والظهور حتى في عقـر دار العالم الغربي نفسه ، بعد أن غـدا الثقافة الأولى في حجم وسرعة الإنتشار.
وأذكـر أنه ذات مرة، وقف مراسل شبكة السي إن إن ، أمام ( الكاميرا ) وخلفه مدارس تحفيظ القرآن في باكستان التي تدعهما المؤسسات الخيرية الإسلامية ، وبيد المراسل نسخة من المصحف الشريف ، وهو يشير إليه ويقول : هذا الكتاب هو دليل الإرهاب ، ثم أشار إلى الأطفال خلفه وهم يرددون السورالكريمة ، وقال : وهذه هي ورش الإرهاب!!
وإنْْ تعجـب والله ، فعجـبٌ هذا الاستسلام المشين ، للتدخل المهين بشؤون العالم الإسلامي إلى أن بلغ الأمـر إلى أن تنزع اللّقمة من أفواه اليتامى المسلمين ، وتُعرّى أجسادهم ، وتمزّق ملايين الأُسـر المسلمة التي كان تعيش على أموال المحسنين ، ويُقطع المدد حتى عن مدارس تحفيظ القرآن ، وذلك تحت هذه الذريعة المستهلكة والمقيتة بدعم (الإرهـاب).
هذا والواجـب اليوم أن تتعاون المؤسسات الخيرية الإسلامية ، وتقف متضامنة ضـدّ أي تدخل خارجي في جمـع ، وصرف أموالها ، وتأخـذ على اليد الأمريكية العادية الممتدة بالبغي تحت شعار الأمم المتحدة ، أو غيرهـا ، وتضع حـدا لهذه الغطرسة الغربية التي بلغت من الوقاحة والصلف في العدوان ، ما لم تبلغه جاهلية مضت في التاريخ .
والله المستعان على ما يصفـون،، الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 16/03/2007 عدد القراء: 9254
أضف تعليقك على الموضوع
|