محضر إجتماع صفقة بيع القدس بين النظام العربي والسلطة والصهاينة!
حامد بن عبدالله العلي
يتميز كلُّ عقد من عقود النظام العربي ببيع مقدّس من مقدّسات الأمّة ، وبالمقابل يتميـّز العقـد ذاته بصحوة في شعوب أمّتنـا ، وبخطوات تقترب من النهضة الشاملة وإسترداد الحقـوق الكاملة ، وهي معادلة غريبة ، لكنها مسارٌ تاريخيٌ حتمي سيؤدي إلى إنقـلاب شامل بإذن تعالى ، يعيد كلِّ الأمور إلى نصابهـا ، ولتعلـمنّ نبأه بعد حين .
وتعالوا نمـرُّ على ومضات سريعـة من التاريخ : في أول عقـد تم بيع فلسطين بما سُّمي ( النكبة) التي أعلـن على إثرها قيام الكيان الصهيوني ، وبعده تـمّ بيع أكبر مساحة من فلسطين وأراض عربية حولها بما سُّمـي ( النكسة) ، وفي العقد الذي يليه تم بيع مصر للصهاينة بإتفاق الذلِّ والمهانـة الذي يسمى ( كامب ديفيد ) ، وفي الذي يليه تم بيع حاجز العداء مع الصهاينة بفتح أوّل سفارة لهم في بلد عربي ، وفي الذي يليه تمـَّت أخس صفقة بيع في تاريخ فلسطين في أوسلو ، وبقيت القدس يلوكون بألسنتهم في الظاهر أنهم لن يتنازلوا عنها ، وهم في السـرّ يتسابقون أيُّهـم ينال وسام العار التاريخي ببيعها للصهاينـة .
حتى وصل إنحطاط النظام العربي إلى أنَّ القدس تبـاع من بينهم ذراعـا بذراع ، وشبرا بشبر ، وتهـوَّد معالمها حتى التي حول المسجد الأقصى ، وتضرب معاول الصهاينة في أساسه ليلا ونهارا ، سـرّا وجهارا ، وهم لايحركون ساكنا
وكلّ الشواهد الواقعية تـدل على أن ما يجري في القدس ، إنمـا يجـري وفـق صفقة بيع سريـّة ، يتوقع أطرافهـا أن تتـمَّ في هذا العقـد ، ولاريب أنها ستكشف عنها الأيـام ،
ولكيَّ نتصورها بكلّ تفاصيلها ، دعونـا نطلـق لمخيلتنا العنان ، ونخلّي بينها وين تصـور مـا تـمّ في الإجتماع السـرّي ، الذي جـرت فيه صفقة بيـع القدس :
،
كان النتن ياهـو يجلس في مقدمة الطاولة بكرسيه الفخم الكبير ، وعلى يمينه حاخامات الصهاينة ، وعلى يساره مقـعد السفير الأمريكي ، ثـم وزراء النتنياهـو ، ثم دخـل عباس ودحلان يتنافسان على حمل حقيبة الجنرال دايتون ، وحاجياته الشخصية ، وأجلسوه على كرسيه الوثير ، ثـم انسحبا بهـدوء ليجلسا وراءه على كرسيين صغيرين ،
وحضر ممثل عن النظام العربي يمشي وراء السفير الأمريكي لدى الكيان الصهيوني ، ويصنع مثل ما صنع عباس ودحلان .
إفتتح النتنياهو الجلسة قائلا :
تعلمون أنَّ المشروع الصهيوني ليس له طعم ، ولا لون ، ولا رائحة ، من غيـر ضم القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني ، وهدم المسجد الأقصى ، وبناء الهيكل مكانه :
فأجاب الجميع نعم ، وكان صوت السلطة الفلسطينية وممثل النظام العربي أرفع ، وأشد حرارة !!
ثم وجه الكلام إلى من حضر من العرب : وكما عودتمونا طيلة عقود الصراع مع أمتكم أنكم تخونونها ، فنريد الآن منكم تتويج هذه الخيانات ، بالخيـانة العظمـى وهـي بيع القدس ، غيـر أنّ هذا لايتـم إلاَّ بالخطوات التالية :
أولا : الخطـر الكارثي الذي يحيق بالمدينة يجب أن لايكون له في المقابل أيُّ زخم إعلامي ، بل مخطط إلهـاء متعمّـد ومبرمـج .
وفي هذا الصـدد نريد من ممثل النظام العربي أن ينقل لمن وراءه الأوامر التالية :
1ـ أن يستمروا في إشغال الشعوب العربية بقنوات الشعـر التافـه ، وإعـلام الجنس ، والغنـاء ، والرقص ، والأفلام ، والرياضة ، وكلّ ما من شأنه أن يحول ثقافة الشعب العربي إلى ثقافة الملاهي الليلية !
2ـ الشعوب المحافظة نسبيـَّا أشغلوها _ بالإضافة إلى ما سبق _ بمايسمى تحرير المرأة ، وبالدعوة إلى الإختلاط ، ومحاربة التطـُّرف ، ولا تنسوا ضرب الخطاب الإسلامي بالإسلامي ، واجعلوها تعيش جدالا عقيما داخليا حول هذه القضايا لكي لاتفكـر في أي خطر خارجي.
3ـ كلَّما قمنا بمشاريع جديـدة لتهويد للقدس ، أوضـرب المقاومة في فلسطين ، أعلنوا إعتقالات لـ ( لإرهابيين) الإسلاميين ، واعقدوا مؤتمرات عن (الإرهاب) ، وأشغلوا النخـب بهذه الشعارات ، واستهلكوها بهـا ، وبالتنظيـر ضـد الجهـاد ، وبالإستمرار بحـقن شباب الأمة بحقن التخديـر ، حتى لاتتفـرغ أمَّتـكم لقضايـاها المصيـرية .
وإن كان لابـد فنفـذّوا بعض التفجيرات لتهوّلوا خطر (الإرهاب) الإسلامي ، ثم أشغلوا العلماء ، والمثقفيـن بهذه الدوامة ، حتى لايخرجـوا منها .
وثانيا : على السلطة الفلسطينية أن تسـتمر بالقيام بدورها بتمشيط كلّ أثـر للمقاومة في الضفة ، لأنها ما وجـدت إلاّ لذلك أصلا ، ونريد مزيدا من الملاحقة والتعذيب ، والإرهـاب ، وقطع الرواتـب عن أسر المقاومين ..إلخ
وعليها أن تشلّ تماما كلّ قدرة للشعب الفلسطينية في القدس ، وسائر مدن الضفة وأي نشـاط أو حراك يقـاوم التهويـد الكامـل للقدس.
وهنا يتوقف النتنياهو قليـلا ، ثـم يرمي ببصره ، من وراء نظارته ، إلى عباس ودحلان : هل هذا مفهوم ؟
فيقول عباس ودحلان بصوت واحد نعم سيدي ،
فيلتفت إليهما دايتون بإبتسامة رضا وإرتيـاح .
وثالثا : نريد من النظام العربي ، مزيداً من الحصار على غزة ، فالحصار الحالي لايكفي ، حتى الجدار الفولاذي لايكفـينا ، فتعملون أنَّ هؤلاء الفلسطينيين عفاريت الأرض الزرق ، يصنعون المعجزات ، ويخرجون الأمـل من رحم اليأس ، ويقطفون ثمرة النصـر ، من شجـرة الهزيمـة .
ولهذا نريد بـثَّ الغاز السام المحرم دوليا في الأنفاق ، وقتل الفلسطينيين به .
ولاتندهشوا من هذا الطلب ، فأنـتم تعلمون أنَّ هذه الجريمة من الصغـائر بالنسبة لما ترتكبه أنظمتكـم من جرائم في حـقّ شعوبهـا ، ولا تنسوا أنَّ أنظمـتكم إنما وُجـدت أصـلاً ، لتحول شعوبها إلى قطعان للتضحيـة بها لمصلحة النظام العالمي بقيادة تحالفنا مع الغـرب ، مقابـل إبقائكم على كراسيكـم .
ولا تنسوا أيضا أننا كما نجحنا من تحويل القضية الفلسطينية ، من إسلامية إلى عربية ، ثم من عربية إلى فلسطينية ، نريد أن نحولها من قضية فلسطينية إلى حصار غزة ، ثم من حصار غزة إلى معبر رفح ، ثم من معبر رفح إلى الجدار الفولاذي ، ثم من الجدار الفولاذي إلى تسميم الأنفـاق.
وهكذا نخرجها من نفق إلى نفق أضيق منه ، حتى تنتهي في أحـد أنفاق غزة ، هذه هـي خطّتنـا !
وأنَّ هذه المهمة الجليلة منوطة بكم أيها النظام العربي ، لاسيما نظام الإعتدال ، واحمدوا ربكـم أنكم أخذتم هذه التسمية (الجليلة) ، فصرتـم أنظمـة إعتدال ! مع أنكم في إعوجـاج من مفرق رؤوسكـم إلى أخمص أقدامـكم.
والحقيقة أنّنـي بهذه المناسبة أريد أن أبدي إعجابي الشديد بإنجازكم الكبير في حصار غزة ، وأقسـم بمحلوف به ، لم أتوقـع منكم كلّ هذه القسوة على أبناء جلدتـكم ، بمعنى آخـر ، نحن اليهود الذين قلوبنا أشد قسوة من الحجارة ، لا نجـرؤ على ما تفعلـونه في قطاع غزة من الجرائم !!
وبهذه المناسبة ، وتقديرا لجهودكـم ، اسمحوا لي أن أوجـّه بصقـة كبيـرة مليئة بالصديد الصهيوني على أنـف ممثل النظام العربي ، وأخرى على جبهـة عباس ، تشريفا ، وإمتنانـا مني ، فأرسل واحـدة لعباس ، ثـم التفت وراءه وأرسل واحدة أخرى لممثل النظام العربي وراء السفير الأمريكي .
وما أن وصلت البصقـة النتنياهوية على وجهيهما حتى مسحاها مع عبارات الشكر والتبجيـل !
وبعد ذلك فتح النتنياهو باب الإستفسارات ، فتسابق عباس وممثل النظام العربي على سؤال واحد ، حتـّى اختلطت أصواتهمـا فيه : متى يا زعيـم ينتهي مشروع تهويد القدس تماما ، لأننا نخشى أن شعوبنا تخرج عن السيطرة ، كلَّما طال الوقت.
فالتفت نتيناهو إلى السفير الأمريكي ليجيب ، فقال هذا الأخيـر بعد أن ألقى نظـرة إزدراء : لاشأن لكم بـهذا ، أمّـا خوفكـم من شعوبكم ، فأنتم _ وعسى ما تصيبكم عين _ لا تعدمون أبـداً وسائل القمع ، والتخويف ، والإلهاء ، وإرهاب الشعـوب ، ولديـكم إبداعات في هذا المجال لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشريـة ، حتى إننا أصبحنا نعتمد كليـّا في الإستجوابات في سجوننـا السريـّة عليـكم ، ولهذا نحن متأكـدون أنكم لن تجدوا أيّ مشكلة في هذه الناحيـة .
وقبل أن يخـتم نتنياهو الإجتماع أشار إلى عباس ، وإلـى ممثل النظـام العربي إلى أن ( الشيكـات ) سواء السياسية مثل تثبـيت الكرسي ، أو التوريث ، أوالتغطيـة على فضائح وإنتهاكات الأنظمة ، أو الشيكات المالية ، سيستلمونها من شباك الحارس الأمني ، وهم في طريق الخروج .
وبعد ذلك عقد إجتماع مختصـر بين نتنياهو ، والسفير الأميركي ، ووزير إستخبارات الصهاينة ، وأحد كبار الحاخامات ،
وأبدى نتنياهو قلقه البالغ من صعـود التيار الجهادي ، والنهضة الإسلامية في البلاد العربية ، والإسلامية عامة ، بل خارجها حتى في الغـرب ، وفي فلسطين خاصة .
حينهـا ألقى السفير الأمريكي إلى المجتمعين بنظرة يشوبها الرعب ، ثـم زفـر زفـرةً تملؤها الحسـرة ، وقال لنتنياهو كلمة قـد صدَقَ بهـا ، وإنه لكـذوب : إنَّ هذه المعضلة هي التي _ لعمر إلهك _ ليس لهـا حل ، وقد جرَّبنـا كلَّ الطرق ففشلت _ وإن كنـّا ندّعي خلاف ذلك _ وإن هذه الأمة لاتهزم إذا حملت إسلامها على أحد عاتقيها والجهاد على الآخـر ، وأصدق القول إنـها على هذا الطريق ماضية ، فأعدوا أنفسكـم لهذا اليوم .
والتفـت النتن ياهو إلى الحاخام : فأشـار منكّسـاً رأسه أن نعـم .
نسأل الله أن يرينا هذا اليوم الذي يهزم فيه هذا التحالف الشيطاني ، وأن نكون ممن يرمي بسهـم فيه مع أمتنا المجاهدة العظيمـة ، وذلك في سبيل الله ، ولإعلاء كلمة الله تعالى .
والله الموفق وهو حسبنا ، توكلنا عليه ، فنعم المولى ، ونعم النصيـر . الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 30/04/2010 عدد القراء: 25986
أضف تعليقك على الموضوع
|