بيـان هـام
يا أبناءَ جزيرةِ العَرب وأحفادَ المجـْد
دونكمْ التارِيخ فاصْنعـوُه
حامد بن عبدالله العلي
يا أبناء حرم الإسلام ، وجوار منبع نور النبوَّة بين الأنـام ، وساكني أرض الهداية المحمديّة ، ومعدن العروبة الأبيّة ، ومعقـل الرايـة الإبراهيمـية ، ومعسكر الرسالة الخالدة الربانيـّة ، وعمّار المواطن التي أنيـرت بالقرآن الأمجـد ، وعليها جبريـل تردّد ، وفيها ومنها الملائكة تعرج لربهّا وتتمجّـد ، وتفاخـرت أرضها بإحتضان بيت ربِّ العالمين ، وتشرّفت تربتها بجسد المصْطفى على الإنس والجـنّ أجمعيـن ، وظهرت عليها معجزات سيّد المرسلين ، ومنها إنتشر ضياء الدِّين ، وفاحت بالفضائـل والخيـرات على الخافقين .
يا أحفـادَ الصَّحـب الكُمـَّل ، وحملـة الرسالة الأُوَل ، وسُلالة العـرب الفُضَّـل ،
يا أبناء الهـُدى ، ومصابيح الدُّجـى ، وأرباب الحجـى ، وفرسـان الوغى ،
لئن كانت الشعوب من حولنا تصنع تاريخها ، فإنّنـا على صنع تاريخ الأمـّة بأسرهــا أقـدر ،
ولئن كانت الشعوب من حولنا ترسم لها مستقبلا مشرقا ، فإنَّنـا على رسم لوحـة مستقبـل كـلّ أمـتنا المورق أجـدر .
ولئن كانت الشعوب قـد استطاعت أن تفجـّر نهضـةً تعيد كرامتها ، وتستعيد عزتها ، وتستردّ حقوقها ، وتعلي راية عدالتها ، فإنَّ إستطاعتنـا أن نفجِّـر نهضة متفوّقـة على جميع الشعـوب أمضـى ، وأخطـر .
إننـّا نحن هنـا نقبض على يـد رحى الأمّة المحمديـّة ، وننهل من ينبوع عزِّهـا ، وتظلّـنا أفياء مجـدها القديـم ، ونرتـدي صنائـع تاريخها العظيـم.
فيا شعوب الخليج ، يا أبناء هذه البقعة المباركة ، قوموا لنحمي القيم التي أقامها أباؤنا ، وأجدادنا ، بدمائهم ، وأرواحهـم ، ثم جعلوها في أيدينا لنذود عنها ، ونحمي ذمارها.
قوموا اليوم لنبني من بين هذه الأطلال البوالي ، وتـلك الآثار الدوارس ، مستقبلا يشرق بشمس العدالة ، ويضيء بنجـوم سمـاء الحـقّ ، ويتنفّس هواء الحرية التي تطلـق طاقات ابن الجزيرة الأصيل ، ليملأ آفاق الأرض بإبداعات العربي ،
لِنعـلِّم الناس أجمـعين أنَّ هذا الشعب الذي غيـَّر التاريخ عندما ارتفع منه أعظم مشعل هداية ، وانطلـقت منه أروع حضارة ، حامـلا إضاءة الحرية المنيرة بـ ( جئنـا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ) ،
أنـَّه قادر أن يعيد الكـرّة ، فيعـيد بعث أعظـم مشروع حضاري يعيـد ترتيـب العالم العربي ، وفق قيمـه العالية ، ويجمـع شمـل الأمّة الإسلاميّة تحت مبادئه الساميـة .
مشروع سياسي : يقضي على نظـام ( السادة والعبيد ) ، ليصـنع الدولة العادلة ، في يد الأمـّة التي تملك السلطـة ، والرقابـة ، فتجعـل النظـام السياسي خادما لها ، ومسخّـرا لراحتـها ، والثـروة في تصرف الأمة تنفقها في مصالحها ، حتى لايبقى فيها من تذلُّه حاجـة ، أو تهينه فاقـة .
ومشروع ثقافي يقدّس كرامة الفـرد ، ويجعلها فوق كلَّ إعتبـار.
ومشروع إجتماعـي يقضي على الطبقية ، والعصبيَّات العنصرية .
وكلُّها تحت عنـوان : شعـب حـرّ كامل الإختيـار ، يقطـع اليد التي تريد أن تستعبـده ، سواء كانت من خارجه من مستعمر يستنزف مقدراته ، أو من داخله من متآمـر يسخِّـر مكتسبات الشعـب لشهواته .
ياشعوب الجزيرة العربية ، يا أبناء الإبـاء ،
لقد بات واضحا أنَّ الأنظمة فشلت فشلا ذريعا في تحقيق النهضة المنشـودة التي طالمـا حلمنـا بها ،
.
بل عملت على إفشال كـلَّ عوامل بعثها ، فأصبحت بلادنـا في أدنى المؤشـرات على كلّ المستويات .
أصبحت كالعدم في السياسة الخارجية ، حتى تحوَّلت منطقة الخليج إلى مسرح مفتوح على مصراعيـه ، للمتصارعيـن الإقليميين ، والدوليين ، يعبثون في الخليج كما يشاؤون ، وصارت بلادنـا مجرد أداة بيد الأجنبـيِّ ، يستعملها في أهدافه .
وأضحـت بلادنـا أفشـل منطقة في الإستفادة من الثروة الهائلة التي تمتلكها ،
وغـدت أكثر مناطق العالم في التخـلُّف السياسي ، فلازالت تحُكم بصيغ حكم عفى عليها الزمن ، من بقايا عصور التخـلُّف ، ولايوجـد في العالم بأسره _ حتى في أدغـال إفريقيا !! _ مثلها في التخلـف ، فشعوبها المليونية تعيش حالة القطيـع ، ونخبها تعامل كالخدم في قصور السادة ! ومثقفوها مسخَّرون لتلميع الزعمـاء ، وسط أجواء مليئة بوبـاء النفـاق ، والتزلّف الممجـوج اللعـين !
وبإختصار : لقـد باتت ملعـبا لأطماع الأجنبي ، ونهبـا لكلِّ ناهـب ، ومضرب المثـل في التخـلُّف ، والإزْدراء !
وقد آن الآوان أن يهـبَّ الجميع لتصحيح هذه الأوضاع المزرية ، وإعادة الإعتبـار لشعوبنـا ، لترفع الرأس شامخةً بكرامـتها ، عاليةً بعزِّتهـا ، مرتفـعة بحريّتـها .
واعلموا أنَّ في هبَّتكُم هذه ، ستلاقون ثلاثة معوّقـات :
أحدها : خطابٌ دينـيُّ متخلـّف ، فلا تلتفتوا إليـه ، فهو بين هيئة رسمية ليست سوى بوق للنظـام ، ومتزلّفـين يتقربون بمآسي الشعوب إلى عتبات قصور الظلمة ! وعقول لم تعد تصلح إلاّ للمتحـف ! ومتردّدين يخافون من كلّ تجديد ويحسبونـه فتنة ! ألاّ في الفتـنة سقطـوا !
والثاني : تخويف أمني ، فلا يهولنـَّكم هذا .. فإنـه لايلبث حتى يرتدّ على أصحابه بالسـوء ، وفق سنة الله تعالى أنَّ من سلَّ سيف البغي ضد الشعوب المطالبة بالعدالة ، والحقوق ، سيرتدُّ عليه سيفه .
والثالـث : تحركات تبتغـي إفشـال الهبة الشعبية من داخلها ، بالشائعات تارة ، وبالتهم الباطلة تارة ، وبدسّ الخونة الذين يحدثون البلبلة من داخـل تارة ، وبالمناورة الماكرة تارة ، فلا تغرنـّكم هذه التحرُّكات ، فما هي سوى محاولات فاشلة ، للإلتفاف على حقوقكـم العادلة ، وأهدافكم النبيلة الساميـة.
فكـونوا علـى ثقة كاملة أنّكم تحمـلون مشعل النور ، وضياء الحقّ ، ونور العدالة ،
.
والذين يعادونـكم يريدون ليطفئوا هذا المشعل ، وليطمسوا ذاك الضياء ، وليحيلوا نور العدالـة إلى ظلمة الجـور الذي يُطبقـون به على رقاب العبـاد ، وقـد آن آوان أن يتحطـَّم .
يا شعوبَ الجزيرة العربيّة .. يا أبنـاء المجـد
والله الذي لا إله إلا هـو ، لقد استفاقـت الأمـّة اليوم ، واستدارت حضارتها مقبلة على النهضـة ، وأذن الله لها أن تقـوم قومتها العظمى
وعارٌ عليكم وأنتـم أبناء هذه المواطـن العظيـمة المقدسَّـة ، وأحـفاد أولئك العمالقة المؤسِّسة ، أن تكونوا في آخـر الركب ، ويسبقهم الناس إلى ما أنـتم أولى به منهـم .
ويحكـم !! .. اليـوم قومــوا إلى مجـدكـم ،
هيـا .. يا أسـود العـزّ .. ضعـوا على رؤوسـكم تاج الحريـّة
وانزلـوا ساحـة التغييـر الأكبـر ، وأطلقـوا صيحة :
الشعـب يريد أن تكون النهضـة الكبـرى من هنــا
يا شعوب الجزيرة العربية :
.
دونـكم التاريــخ فاصنـعوه هنـا من اليـوم حتى تحدثوا التغيـير الحضاري الذي طالـما انتظرنـاه.
والله معـكم ، ولن يخذلـكم ، وهو حسبنا عليه توكّلنا وعليه فليتـوكّل المتوكّلـون
.
الجمعة 6 ربيع الثاني 1432هـ
11مارس 2011 م الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 10/03/2011 عدد القراء: 25458
أضف تعليقك على الموضوع
|