من قصص مذبحة بانياس المأساوية

 

حتى لاننسى بانياس قصة المأساة الرهيبة في بانياس في يوم الجمعة 3 أيار لعام 2013 ترويها امرأة ناجية من المجزرة...... عصر يوم الجمعة كانت أصوات الرصاص قوية جداً، كنتُ في بيتي المؤلف من ثلاث طبقات، أنا في طبقة وأولادي وأحفادي في بقية الطبقات. أثناء القصف جمعنا أنفسنا بصعوبة كبيرة في مكان يدارينا من القصف والرصاص في شقة من الطبقة الأرضية، كنتُ مع زوجي وأولادي وأولادهم 18 فرداً نحضن بعضنا خوفاً ورعباً، ابني الكبير وزوجته وثلاث من أولاده، وابني الثاني وأولاده، وثلاثة من بناتي، واحدة منهن لديها طفلان، و أخرى كانت حاملاً بمولود جديد في شهره الرابع. سرعان ما بدأ إطلاق الرصاص يستهدف بناءنا بشكل مباشر، إلى أن بدأ الرصاص على باب البناء، وبدؤوا بهدمة حتى حطموه نهائياً و اقتحمت مجموعة من الشبيحة البناء ووراحوا يفتشوا البناء حتى وصلوا إلينا. قاموا بتفتيشنا فصادروا الموبايلات والجزادين وأفرغوها وأخذوا كل ما في أيدينا من مال وذهب وموبايلات، كدنا نموت رعباً، لكن الضابط الذي يتكلم الفصحى قرر أن نموت رشاً ! أمر بفصل النساء والأطفال عن الرجال في حلقتين، لا أعرف لماذا فصلنا هكذا، ثم أمر العناصر بقتلنا، جهز العنصر رشاشه، و بدأ من طرف الحلقة اليمين ومشى بالرصاص إلى الطرف اليسار رشاً عشوائياً، وعاد بهذه الحركة مرتين من يمين الحلقة إلى يسارها، نجوتُ منها بتقدير الله ولطفه، فمثلتُ أني متّ لأنجو ورميتُ بنفسي على أولادي الذين تساقطوا جميعاً. عندما فرغوا من رشنا وأحسوا أننا فقدنا الحياة جميعا غادروا وتركوني بين 16 جثة لزوجي وأولادي وأحفادي، وبدأت أفتش فيهم عمن بقيت فيه بقية من روح، كان حفيدي قد بقي حياً هو الآخر، وكانت ابنتي الصغرى تلتقط آخر أنفاسها. كان ابني الكبير يضع يده تحت رأس أبيه رفقاً به لكي لا يبقى على الأرض قبل أن يلفظا هما الاثنان أنفاسهما، بقيت طوال تلك الليلة أسقيهم الماء وأمسح وجوههم، وأناجي ابنتي التي كانت قد بقيت فيها بقية من روح إلى أن لفظتها في اليوم التالي بسبب انعدام المسعفين، كانت تحكي لي عن الدار الآخرة وسعادتها، "لا تتركيني يا أمي، لا تضلي لوحدك هون". بقيتُ مع الجثث لأكثر من ثماني ساعات ليلاً لوحدنا، حتى هاجمتني الكلاب بعد منتصف تريد الاقتراب من الجثث وأنا أبعدها وأغلّق الأبواب وأحمي أبنائي وجثثهم، لم يكن يوجد أحد في الجوار، ولم أكن أجرؤ على الصراخ لأحد، خوفاً على حفيدي الذي بقي حياً، وابنتي التي تلتقط آخر أنفاسها. خسرتهم جميعاً، أنا أكبرهم سناً، قتلوا أمام عيوني جميعاً .. حسبي الله ونعم الوكيل.
التاريخ: 11/05/2013