تركيــا والنظــام الرئاســـي

 

تركيا والنظام الرئاسي ـ بقلم مدحت إبراهيم

 في أول بيان لتأسيس العدالة والتنمية 2002 أعلن اردوغان ان الأمور لن تبقى على ماكانت عليه ( ما يعني سيطرأ تغيير على مسار تركيا) اردوغان هو من الجيل الثالث في سلسلة دوام المسيرة الاسلامية بعد سقوط الخلافة هو تلميذ لاهم شخصيتين في تاريخ تركيا المعاصر سياسياً الاستاذ المرحوم أربكان الذي أسقطه العسكر بانقلاب في عام 1997 وتربوياً الشيخ اسعد جوشان رحمه الله والذي نفته الدولة العميقة الى الخارج وتوفي بحادث سيارة 2002 في استراليا

كلا الشخصيتين من تلاميذ الشيخ الجليل محمد زاهد كوتكو رحمه الله عاش فترة سقوط الخلافة وهو في نفس الوقت شيخ الرئيس الراحل طورغوت أوزال رحمه الله والذي أيضاً قتل مسموماً 1993 بعد محاولة فاشلة لاغتياله

 إذن هي المقاومة المستمرة والرؤيا الواضحة لهذه السلسلة المجاهدة اردوغان التزم ما أعلن عنه ان الامر لن تبقى على ما كانت عليه بدأ بتحسين وتقوية الاقتصاد والتنمية والاستقرار بطفرة نوعية كما هو معلوم ومرئي لدى الجميع

 في عام 2007 بدا الانزعاج الغربي والأمريكي من هذا التطور فبدأ الإزعاج والمشاكسة والمكيدة بجميع أنواعها ولم يأبه اردوغان واستمر في مسيرته كاد اردوغان ان ينهي ملف حزب العمال الكردستاني بمصالحة وطنية استمرت خمس سنوات وكان قاب قوسين او أدنى من إنهاء الملف حتى صرح وكتب عبد الله اوجلان رئيس الحزب من معتقله إلقاء السلاح والانخراط في العملية السياسية وقد قرأ البيان احد قيادة حزب الشعوب الديمقراطي في ديار بكر في عيد نوروز امام الآلاف وقد نقلت وسائل الاعلام المحلية والعالمية قراءة البيان

 للعلم هذه الحرب الطاحنة من 1983 كلفة الدولة أكثر من 300 مليار دولار وقريب من 50 الف قتيل وفِي نفس الوقت تخلصت تركيا من ديونها من imf صندوق النقد الدولي هل لنا ان نتصور نتائج انتهاء سداد الديون وانتهاء الحرب واستثمار ذلك في نهضة البلد كم سيكون حجم النمو والرقي للبلد سربت المخابرات العالمية المفاوضات بين الدولة وحزب العمال الكردستاني المسلح وفِي يوم اجراء عملية جراحية لأردوغان حاولوا اعتقال رئيس المخابرات وافشال المفاوضات ولم يفلحوا وبتدخل غربي وايراني تم وأد العملية واستئناف القتال

 وقد نشروا صورة وزير الداخلية الإيراني على جبال قنديل معقل الحزب العتيد وكان اردوغان يفكر بتغيير الدستور حال الانتهاء من ملف حزب العمال كمرحلة متقدمة وفِي المقابل الاجندة المعارضة بكل أنواعها والمدعومة خارجياً تعمل على أضعاف اردوغان الى ان فاز اردوغان بانتخابات الرئاسة بنسبة 52% وسجل انتصاراً آخر ضد مرشحين احدهما مرشح حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية اكمل الدين احسان اوغلو والآخر صلاح الدين دميرطاش رئيس حزب الشعوب الديمقراطية

علم اردوغان بعد فوزه بالرئاسة ستكون هناك تقاطعات في الصلاحيات وصناعة القرار تكون سبباً في التجاذبات والخلافات ما يتسبب في نهضة البلد وقد مرت تركيا بتجارب مريرة كثيرة بسبب النظام البرلماني مما تسبب أضعاف الحكومات والمسار السياسي سنين طويلة ولها أمثلة كثيرة في تاريخ تركيا السياسي ولكن ابرزها عدم قدرة دَاوُدَ اوغلو من تشكيل الحكومة إتلافية في 7 حزيران 2015 لاستغلال المعارضة ضعف الحكومة مع انها حصلت نسبة على 43%

ولكن شجاعة اردوغان في اتخاذ قرار انتخابات مبكرة سحب البساط من تحت اقدام المعارضة التي سجلت موقفاً غير أخلاقياً في تشكيل حكومة إئتلافية فازت العدالة 49.5 وشكل دَاوُدَ اوغلو الحكومة لوحده وفِي هذه الأثناء الكيان الموازي يستميت في أضعاف اردوغان بشتى الوسائل حتى تنفيذ الانقلاب الفاشل وبعد ها باتت الحرب مفتوحة ومكشوفة على الاخر مع أميركا والغرب لقطعية ثبوت وقوفهما وراء الانقلاب

وتبين كذلك ان أمريكا متوغلة حتى النخاع في مختلف موسسات الدولة القوية والحساسة منها بالذات فكان لابد من الحسم ولكن بطريقة قانونية وديمقراطية وهذا ما يميز اردوغان عن غيره في معرفة المناورة والاستفادة من تحويل الازمات الى فرصة إيجابية تطهير الجيش من الانقلابيين تحصيل حاصل ولكن تطهير السياسة و موسسات الدولة الكثيرة تحتاج الى صلاحيات واسعة عداوة حزب الشعب الجمهوري المعارض واضحة وتاريخية وخصومة حزب الشعوب الديمقراطية جلية كذلك

 اما حزب الحركة القومية اكتشف متأخراً هو أيضاً مخترق أمريكياً كباقي الهيئات والمؤسسات عن طريق فتح الله وهذا ما جعل رئيس الحزب ان يكون مع اردوغان ضد الانقلاب والانقلابيين تغيير الدستور ليس وليد الْيَوْمَ بل سبقته مراحل حيث تم تشكيل لجان من جميع الأحزاب وكانت المواد 60 مادة.

الا ان احزاب المعارضة دائماً كانت تعيق العملية الا ان أعد الحزب الحاكم مسودة دستور وعرضه على البرلمان للنقاش وكان من ضمن المواد النظام الرئاسي علمت المعارضة خطورة ذلك فبدأت بالمعارضة بشتى الوسائل حتى وصل التبجح عند المعارضة ان قال كلچدار اوغلو لن يتحقق هذا الا على الدماء فيما صرح صلاح الدين دميرطاش لن تنعم بالرئاسة يا اردوغان وقبلها بسنوات قالوا عن اردوغان ازدراءً بعد منعه من لسياسة فترة من الزمن لن يصلح ان يكون مختاراً بعد ذلك

 ولكن اصرار اردوغان وعزمه القوي ابى التخلي عن الهدف حتى يضمن استقرار البلد والنمو الاقتصادي وضبط الحريات وليس منعها توقعات نتيجة الاستفتاء حزب الشعب الجمهوري في ذروة قوته لم يصل الى 30% حزب الشعوب الديمقراطي لن يتجاوز 10% إذن النتيجة المتوقعة ستفوز جبهة نعم بفارق واضح 60% او يزيد لأول مرة سيخسر حزب الشعب الجمهوري قلعته الانتخابية ازمير سيخسر حزب الشعوب الديمقراطية قلعته ديار بكر ينقلب الشعب على الانقلاب الفاشل ديمقراطيا ويزداد ثقته بنفسه وتزداد قوته داخلياً وخارجياً.

 قد نرى احداث شغب داخلية لبضعة ايّام ثم تهدا سيغير الغرب طريقة تعامله مع تركيا سيظهر اردوغان بعض المفاجئات لمح بها اثناء الحملة الانتخابية تركيا ستعيد النظر في الانظمام الى الاتخاد الاوروبي ستخطو تركيا خطوات لتقوية الاقتصاد والعلاقات.

 احتمال تعطي إشارات لانتخابات مبكرة بعد سنة تقريبا لتصفية الحكومة ومؤسسات الدولة من عملاء الكيان الموازي.

 تأسيس جديد متدرج لاجهزة الأمن والقضاء الإسراع في محاكمة الانقلابيين انتعاش الليرة التركية نسبيا. 

الإسراع في تنفيذ المشاريع التنموية وتدخل تركيا مرحلة جديدة من حياتها لتكون رقماً صعباً جديداً في المنطقة والعالم ولا يمكن لدولة وحكومة ضعيفة ان تقاوم عواصف القرن الواحد والعشرين.

مدحت ابراهيم


التاريخ: 16/04/2017