إيران تقترب من القنبلة

 

إيران تقترب من الاستحواذ على القنبلة وتخاطر بإثارة حرب نووية في المنطقة

ديلي تليغراف:
بقلم: ديفيد بلير

الوطن الكويتية 25/8/2007م

يبدو أن إيران اقتربت اكثر وعلى نحو مهم من الاستحواذ على المادة الضرورية لصنع القنبلة النووية، وذلك بعد ان اعلن نظامها قبل ايام قليلة انه تمكن من تخزين ما يصل الى 100 كيلو غرام من اليورانيوم المخصب.
بيد ان درجة تخصيب هذا اليورانيوم لا تصل حتى الآن سوى للمستوى الذي يسمح بتشغيل محطات الطاقة النووية المدنية التي تنتج الكهرباء، لكن اذا اختارت إيران تخصيب هذا اليورانيوم بنسبة %84 من النقاء سيصبح عندئذ من النوع الذي يمكن استخدامه في صنع الاسلحة النووية. وهنا ستحتاج إيران لخمسين كيلو غراما من هذا النوع من اليورانيوم لصنع قنبلة ذرية واحدة مماثلة لتلك التي دمرت مدينة هيروشيما في عام 1945، لذا بتخزينه ضعف هذه الكمية من اليورانيوم المنخفض التخصيب يكون نظام الرئيس محمود أحمدي نجاد قد وسع افق خياراته، اذ بمقدوره الآن الاحتفاظ بمخزون من اليورانيوم العادي ليعمل على تخصيبه للمستوى اللازم لصنع السلاح النووي في اول فرصة سانحة ربما تأتي بعد انسحابه رسميا من معاهدة حظر الانتشار النووي، ويمكن ان يؤدي هذا بعد ذلك لرفض كل قيود السلامة الدولية وطرد مفتشي الامم المتحدة الذين لايزالون يراقبون محطات إيران النووية.
وهذا في الواقع ما يدفع المراقبين للشك اذ يقول بول كورنيش رئيس برنامج الامن الدولي في دار تشاثام: يتمثل الامر غير العادي الآن في قيام الإيرانيين بتوجيه مؤشرات للعالم تفيد انهم قرروا صنع قنبلة ، ويكاد يبدو لي انهم يحاولون جر العالم للرد، اذ يبدو احمدي نجاد كمن يوقع القوى الخارجية مثل الغرب واسرائيل لضرب إيران، وربما لكي يضعه هذا في موقف قوي امام آيات الله، إذ سيتمكن عندئذ من حشد الجماهير وتعبئتهم حوله كزعيم لامة تتعرض للهجوم. معروف ان تخصيب اليورانيوم يتم من خلال استعمال اجهزة طرد مركزي، وكانت إيران قد ركبت مثل هذه الأجهزة في محطة ناتانز النووية. وتبين من خلال عمليات التفتيش المفاجئ التي نفذتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر الماضي ان هناك 1312 من اجهزة الطرد المركزي هذه تعمل الآن، إلا ان وزير الداخلية في إيران مصطفى بور محمدي كان قد ابلغ وكالة الاخبار الرسمية ان هناك 3000 من تلك الاجهزة تدور الآن وبذا يمكن لهذه الاجهزة نظريا انتاج ما يكفي من اليورانيوم اللازم لصنع قنبلة واحدة كل سنة تقريبا.
جدير بالذكر هنا ان بورمحمدي قال خلال تحدثه مع وكالة الاخبار الإيرانية الرسمية ان زمن الضغط الدولي على إيران قد ولى، وان طهران ستمضي قدما في خططها.
غير ان تشغيل اجهزة الطرد المركزي عمل ينطوي على درجة كبيرة من التعقيد.
لذا يعرب الخبراء عن شكهم في ان تتمكن ايران من القيام به بشكل كامل، وذلك لان اي خلل في هذه العملية يفرض على القائمين بها العودة للبدء بها من جديد.
وبالرغم من اعلان ايران ان خططها النووية تستهدف توليد الكهرباء لسد حاجة سكانها البالغ عددهم 70 مليون لهذه الطاقة، لا تصدق الحكومات الغربية التصريحات الايرانية في هذا الشأن. بل وبدأت دول عربية عدة في الاشهر القليلة الماضية بتنشيط برامجها النووية رداً على ما يرى الخبراء انه سعي ايراني حثيث لامتلاك الاسلحة النووية.
وبالرغم من اعلان كل هذه البلدان المعنية بما فيها مصر، المملكة العربية السعودية، الاردن، الامارات العربية المتحدة وليبيا انها تستهدف تطوير التكنولوجيا النووية للاغراض السلمية، يلاحظ المحللون ان بعض هذه الدول تمتلك احتياطات ضخمة من النفط يمكن استخدامه بسهولة لتوليد طاقة كهربائية رخيصة، وهذا ما ينفي الحاجة لتطوير منشآت نووية مكلفة.
وفي هذا السياق، يؤكد بعض الخبراء ان من السهل تحويل التكنولوجيا النووية السلمية لاستخدامها في برامج الاسلحة النووية فيما بعد.
ويلاحظ المحللون ان اعلان تركيا في الآونة الاخيرة انها سوف تبدأ ببناء ثلاثة مفاعلات نووية للاغراض السلمية جاء بعد سنة واحدة تقريبا من اعلان ايران انها لن تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
غير ان لهذا السياق النووي تفسيرا آخر لدى جوزف سيرنيسيون، مدير السياسة النووية في مركز التقدم الأمريكي، فهو يقول في مقال كتبه بالتعاون مع مساعده الاسرائيلي أوري لي÷ينتر، ونشرته صحيفة »انترناشونال هيرالد تريبيون« ان السعي النووي الحثيث في الشرق الاوسط سببه مصالح القوى العالمية التي تتنافس لبيع تكنولوجياتها النووية.
وفي هذا الاطار، يشير سيرنيسيون الى توقيع الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي أخيرا على اتفاق تعاون نووي مع ليبيا، كما وافق ساركوزي في وقت لاحق على مساعدة الامارات العربية المتحدة لاطلاق برنامجها النووي، المدني مشيرا الى ان هذه الخطوة يمكن ان تكون بداية المبيعات الرئيسية للمنطقة لأن على الغرب ان يثق بالدول العربية التي تمتلك التكنولوجيا النووية.
الا ان هذا الموقف دفع المستشار العسكري السابق في الكونغرس الأمريكي للتحذير قائلا: لا شك اننا سنشهد حرباً نووية في الشرق الأوسط اذا ما استمرت النزاعات السياسية والعرقية والاقليمية فيه دون التوصل الى الحلول الملائمة


التاريخ: 26/08/2007