هل تعقد واشنطن صفقة مع طهران؟! |
|
الجزيرة نت : 5 مارس 2010م
طرح مؤسس ورئيس شركة ستراتفور لتحليل الشؤون الدولية جورج فريدمان تصورا لصفقة محتملة تعقدها الولايات المتحدة مع ايران كبديل عن الخيارين الصعبين المطروحين وهما القبول بإيران النووية أو القيام بعمل عسكري ضدها.
يطرح الكاتب في البداية الخيارين المحتملين للسيطرة على الطموحات النووية الإيرانية، وهما الخيار الدبلوماسي وخيار العقوبات.
دبلوماسيا
أما روسيا فقد تبحث فرض العقوبات على إيران، ولكنها لم تحدد طبيعتها ومتىوناقش فريدمان الخيار الدبلوماسي الذي يسعى لإجبار إيران على وقف برنامجها النووي عبر بناء تحالف واسع يعمل على فرض ما يسمى عقوبات صارمة على إيران، ولكن العقوبات الفاعلة يجب أن تكون مؤلمة بدرجة تؤدي إلى تغيير السلوك.
وفي حالة إيران فإن العقوبة الوحيدة التي تبدو ناجعة هي منعها من استيراد البنزين، إذ إنها تستورد 35% مما تستهلكه، في حين أن جميع العقوبات الأخرى ضد إيران لن تكون أكثر من إيحاءات لتعطي الانطباع بالقيام بشيء ما.
لكن الصين لن تشارك في أي عملية حظر على شحن البنزين لأن 11% من نفطها تحصل عليها من إيران، وقد أعلنت أنها ستمضي في توريد البنزين لها.
علاوة على ذلك، فإن الروس مقتنعون بأن الولايات المتحدة غارقة في الشرق الأوسط، لذلك فإنهم لا يميلون إلى حل المشاكل الأميركية في المنطقة.
ومع استبعاد روسيا والصين لحظر البنزين على إيران، فإن تلك العقوبات لن تصيب طهران بالألم المنشود، وطالما أن العقوبات الأخرى مجرد إيحاءات، فمن غير المرجح أن يؤتي النهج الدبلوماسي أكله.
ومع عدم نجاعة الخيار الدبلوماسي وفشله المحتمل، فإن الخيار البديل وهو الخيار العسكري يحمل هو الآخر جملة من المخاطر: نجاحه يعتمد على نوعية المعلومات الاستخبارية حول المنشآت الإيرانية.
- يتطلب هجمات جوية ناجحة.
- يتطلب تقييما للدمار الناجم عن المعركة.
- يجب أن تقوم الهجمات بما هو أكثر من تأجيل البرنامج النووي الإيراني لسنوات أو أشهر قليلة.
-
ولكن إذا كان الخطر الناجم عن إيران النووية كبيرا بما يكفي لتبرير الحرب، فيجب أن تكون النتيجة حاسمة، ولكن جميع النقاط السالفة الذكر عرضة للفشل.
أما في حالة نجاح الهجمات العسكرية، فالسؤال حول أن ما يحدث بعدها يبقى قائما، لا سيما أن لدى إيران أدواتها الخاصة بها، مثل حزب الله في لبنان واستغلال نفوذها في العراق، ومحاولة إغلاق مضيق هرمز التي قد ترفع أسعار النفط العالمية في وقت يعاني فيه العالم أزمة اقتصادية حادة
وبعدما ينتهي الكاتب إلى عدم نجاعة الخيارين يخلص إلى القول إنه طالما أن المشكلة مع إيران بقيت في إطار البرنامج النووي، فإن الولايات المتحدة ستبقى في المكان المستحيل، لذلك يجب إعادة تعريف المشكلة الإيرانية. -والقبول بإيران النووية- من كونها بديلا إستراتيجيا.كما أن إيران تعد القوة العسكرية الوحيدة في الخليج العربي، ولن تستطيع أي قوة أن تصدها إذا لم تُبق الولايات المتحدة على قواتها في المنطقة، وهذا يعني بقاءها في العراق.فالقضية الجوهرية بين إيران والولايات المتحدة هي العراق وليست البرنامج الإيراني، ولا سيما أن طهران تريد انسحابا أميركيا من العراق لتبقى القوة العسكرية في المنطقة.
إحدى محاولات إعادة التعريف تنطوي على الأمل بقيام انتفاضة ضد النظام، غير أن ذلك ليس واردا لما عرف عن هذا النظام من قوة في كبح المتظاهرين.
ففكرة الانتظار لنشوب ثورة تعد أكثر نجاعة كمبرر للتقاعس عن العمل
القضية الجوهرية
والولايات المتحدة تريد الانسحاب من العراق لأنها تواجه تحديات في أفغانستان حيث تحتاج إلى التعاون الإيراني.
لذا، يتعين على الولايات المتحدة أن تجد سبيلا لتحقيق موازنة في القوة مع إيران دون انتشار مفتوح للقوات الأميركية في العراق، ودون عودة العراق كقوة لأن إيران نفسها لا تقبل بذلك.
فلدى الولايات المتحدة إستراتيجية مثيرة للاهتمام في إعادة تعريف المشاكل التي تنطوي على خلق تحالفات استثنائية مع أعداء يحملون أفكارا مميتة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الأميركية، ويضرب مثالا على ذلك بالتحالف بين فرنكلين روزفلت وروسيا الستالينية ضد ألمانيا النازية
واستعرض فريدمان المصالح التي تشترك في تحقيقها كل من طهران وواشنطن:
- الولايات المتحدة تخوض حربا ضد بعض السنة، وهؤلاء هم أعداء إيران أيضا.
- إيران لا تريد وجود قوات أميركية على حدودها الشرقية والغربية، وهو ما لا تريده أميركا أيضا.
- الولايات المتحدة لا تريد أي إعاقة لتدفق النفط من مضيق هرمز، وإيران تفضل الانتفاع من هرمز على إعاقة المرور فيه.
- الإيرانيون يعتقدون بأن الولايات المتحدة وحدها هي التهديد الوجودي لبلادهم، فإذا ما تمكنت إيران من حل المشكلة الأميركية فسيضمن النظام بقاءه.
- أميركا تعتقد بأن عودة العراق المنافس لإيران ليس خيارا، وهذا يعني إما وجود قوات أميركية في العراق أو القبول بدور غير مقيد لإيران.
فمن حيث النظرية الجيوسياسية، فإن خيارات واشنطن غير مقبولة.
ولدى إعادة تعريف القضية من حيث التعاطي مع نتائج غزو العراق 2003، هناك ثلاث مصالح متبادلة:
- الدولتان تخوضان صراعات مع الإسلام السني.
- كلتا الدولتين تريدان خفض الوجود الأميركي في المنطقة.
- لدى الدولتين مصالح في ضمان تدفق النفط، واحدة تستخدمه والثانية تنتفع منه لزيادة قوتها الإقليمية.
أما مخاطر الخيار الثالث فهي أن إيران قد تتجاوز حدودها وتحتل الدول المنتجة للنفط في المنطقة، وهذا يتطلب تدخلا أميركيا مباشرا.
ويؤكد أن الخاسر الأكبر في هذه الإستراتيجية هم السنة في شبه الجزيرة العربية.
ويختتم الكاتب بأن العمل بهذا الخيار سيكون عصيا على التسويق من قبل الرئيس باراك أوباما، وسيُعتبر ذلك مثالا آخر على ضعفه، خلافا للعمل العسكري الذي يشد من أزره سياسيا