في لقاء مع فضائية بالفارسي : مهدي كروبي: نأسف لإطراء الموســاد على خدمات نجاد لهم!! |
|
10 يونيو 2010مفي حوار مع "العربية.نت" قال إنه لم يأته منع من السفرمهدي كروبي: نأسف لإطراء "الموساد" على خدمات نجاد لهم
الانتخابات الرئاسية والحركة الخضراء
النشاط الحزبي
رفسنجاني وتأثيره
أخطاء الثورة
تأجيل الانتخابات
الدستور
أحمدي نجاد
البرنامج النووي
عدم شرعية الحكومة
العلاقة مع الأنصار
أحكام الإعدام
المحرقة
الفيديو من هنا
دبي – فرزانه بذربور
في حوار مطول أجراه القسم الفارسي لـ"العربية.نت" مع الزعيم الإصلاحي الإيراني الشيخ مهدي كروبي بعد مرور نحو عام على المظاهرات الشعبية التي انطلقت في إيران في 12 يونيو (حزيران) 2009 احتجاجاً على نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس أحمدي نجاد، كشف الكثير من الأسرار والمواقف وتأسف بشدة على تصريح لمسؤول في الموساد الاسرائيلي يُطري فيه على ما وصفه بـ"خدمة نجاد" لهم.
وقال كروبي إنه لم يتلق ما يفيد منعه من السفر، فمازال محتفظاً بجواز سفره، وأن منع الرئيس السابق خاتمي لم يكن مطلقاً ولكنه خاص بزيارة إلى اليابان. كما تحدث عن موقفه الشهير بشأن عمليات الاغتصاب التي تردد أن السلطات الإيرانية قامت بها ضد بعض المعارضين.
مهدي كروبي هو الزعيم الآخر للحركة الخضراء مع موسوي، ومعروف في إيران بشيخ الإصلاحات، وتميز خلال العام المنصرم بصراحة اللهجة والموقف الصارم في رفض شرعية الرئيس محمود أحمدي نجاد، والكشف عما دار في السجون والمعتقلات في إيران، وكان أشهر مواقفه اتهام قوى الأمن بتعريض بعض السجناء للاغتصاب في السجون.
وقد كان قريباً من مؤسس النظام آية الله الخميني، وشغل سابقاً منصب رئيس مؤسسة الشهداء التي ترعى أسر ضحايا الحرب العراقية الإيرانية والثورة، كما ترأس الدورة السادسة لمجلس الشورى الإيراني.
ويشكل كروبي إلى جانب مير حسين موسوي رئيس الوزراء السابق ومحمد خاتمي الرئيس السابق مثلث الإصلاح في إيران. وفي ما يلي نص الحوار.
الانتخابات الرئاسية والحركة الخضراء
* ذكرى عقد الانتخابات الرئاسية والحركة الخضراء على وشك طيّ العام الأول من عمرها، فما الاستراتيجية المستقبلية لهذه الحركة، حيث إنك وموسوي أعلنتما في فبراير (شباط) الماضي أنكما ستعلنان استراتيجية الحركة الخضراء؟
- أشير هنا الى أن تصرفات السلطة هي التي عقدت الأمور فالحركة انطلقت أساساً بهدف الاحتجاج على نتائج الانتخابات فقط، كما أن هنالك احتجاجات على نتائج سائر الانتخابات، حيث شهدنا سابقاً تصرفات غير قانونية خلال الانتخابات الماضية.
في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بلغ الوضع حد الانفجار، فنظم الشعب مظاهرات احتجاجية ضخمة ضد السلطات ورفع شعار "نريد استعادة أصواتنا"، وكانت مطالبنا تنسجم مع هذا المطلب، فاقترحنا تشكيل لجنة نثق بها لبحث نزاهة الانتخابات وأننا كنا على ثقة بأنه إذا ما تم بحث الموضوع بدقة وبشكل حيادي، فإن نتيجة الانتخابات ستلغى حيث إن عملية التزوير كانت بشكل لا يمكن تبريرها، وهذا كان أساس حركتنا.
وخلال الأشهر الماضية شهدنا ضغوطاً متزايدة تمثلت في حملة الاعتقالات، وكانت سبباً لعدم طرح موضوع الاستراتيجيات. مطالبنا تتمثل في تنفيذ مواد الدستور التي تنص على حرية الصحافة والحق في تنظيم تجمعات احتجاجية ومظاهرات دون حمل السلاح، وإجراء انتخابات حرة وهذه هي أسس حركتنا الاحتجاجية.
* هل تتصور أن السلطات وبعد تقديمكم طلباً لتنظيم مظاهرات ستسمح لكم هذه المرة بتسيير المظاهرة، وهل تشارك بنفسك فيها؟
- تقديم الطلب هو من واجبنا. لقد رفعنا رسائل متعددة سابقاً لتنظيم تجمعات ولكن السلطات تدعي أننا لم نطلب تراخيص لتسيير المظاهرات، ومن هذا المنطلق ومن أجل دحض جميع الذرائع أعلنا أننا قدمنا طلباً حتى نضمن أنه لن يحدث أي حادث خلال المظاهرات.
أنا واثق بأنه اذا ما نظمنا تجمعاً احتجاجياً فإن مجموعة من شبه العسكريين سيعملون لإثارة العنف، ولكن الشعب عاقل ويتمتع بالنضج السياسي، فحتى لو حاول بعض الأشخاص إطلاق شعارات حادة، فإن الشعب سيمنعهم وكل هذا يتوقف على الحصول على ترخيص، وإذا ما أعلنوا معارضتهم للمظاهرات فإننا ندرس الخطوة القادمة.
النشاط الحزبي
* بصفتك أمين عام حزب "اعتماد ملي" تعد ضمن رجال الدين المنخرطين في النشاط الحزبي، هل هنالك مضايقات تطال نشاط حزبكم حيث شهدنا أخيراً تجميد نشاط حزبي الشماركة ومجاهدي الثورة الاسلامية؟
- أنا أؤمن بالنشاط الحزبي فشاركت في تشكيل مجمع رجال الدين المناضلين وهو التنظيم المسجل الوحيد لرجال الدين في ايران، وأرى أن عدم ترسيخ أسس النشاط الحزبي في ايران يعود الى أن نسبة المهتمين بالعمل الحزبي قليلة في بلادنا.
ومن الضروري أن يهتم الدستور الايراني الذي تمت صياغته على أساس أصوات الشعب بالنشاط الحزبي للحصول على نتائج جيدة، حيث إنه لو لم يكن النشاط جماعياً فإن النظام يصاب بالاستبداد.
وما يتعلق بنشاط حزب "اعتماد ملي" فإننا نعاني من نفس المشاكل التي طالت باقي الأحزاب، حيث ختموا مكتب الحزب بالشمع الاحمر، ولا يسمح لأعضاء الحزب بإقامة اجتماعات، ونخشى من عقد الاجتماع الرسمي لأعضاء المجلس المركزي حيث تهدد وزارة المخابرات باعتقال الأعضاء وتتناقض تحذيرات هذه الوزارة مع الدستور.
لم يطرح في المرحلة الراهنة وقف نشاط الحزب، ولكنهم يتصدون لنشاطنا بشدة حيث يقبع بعض الأعضاء في السجن، وأنشط في المرحلة الراهنة بشكل فردي رغم استدعاء من حولي، كما ضبطوا جوازات سفر أبنائي ولم يسمحوا لهم بمغادرة البلاد.
* هل يمنع عليكم أنتم ايضاً السفر الى الخارج مثل ما حدث لمحمد خاتمي، وهل تواجهون مشاكل في الخروج الى البلاد أو حتى التنقل الى خارج طهران؟
- في ما يتعلق بخاتمي أنا سمعت أنه منع من زيارة واحدة (السفر الى اليابان) كما أبلغنا في اجتماع رجال الدين المناضلين، وأن السلطات أوضحت له أن المنع خاص بتلك الزيارة ولم يمنع من السفر الى الخارج.
أما في ما يتعلق بي، فأنا لا أنوي السفر الى الخارج، ولم يردني ما يؤكد منعهم لخروجي من البلاد، حيث إنني أحمل جواز سفر وبطبيعة الحال يجب أن لا تكون مشكلة في هذا المجال.
وفي ما يخص تنقلاتي خارج طهران، أيضاً لم تمنعني السلطات من ذلك، ولكن لدى خروجي من طهران فإن رجال الحرس الذين يرافقونني ويبلغون الشرطة بدخولي إلى المدن التي أسافر اليها، والشرطة بدورها تبلغ الميليشيات المتغطرسة بتواجدنا بدلاً من الحرص على حماية حياتنا، حيث إن هذه الميليشيات تنظم تجمعات في الأماكن التي أتواجد فيها وتقوم بمضايقات ضدنا مثل ما حدث في قم وقزوين.
كما أن السلطات أبلغت موسوي خلال زيارته إلى قم بأن الميليشيات المتغطرسة تنوي قتله حيث إن الشرطة تحذرنا مراراً من هذه النوايا.
وأود الاشارة هنا إلى قيام بعض الميليشيات المتغطرسة بمضايقات أمام بيتنا، وكانت الشرطة على علم بالموضوع، ولكن لم تفعل أي شيء ووقفت تنظر إليهم فقط، وفي الحقيقة فإن هذه الميليشيات تحصل على معلومات حول تنقلي بشكل رسمي من الحرس الثوري والشرطة.
رفسنجاني وتأثيره
* في ذروة الاحتجاجات كنتم قد وجهتم رسالة الى رفسنجاني وكشفتم عن عمليات القتل والاغتصابات في السجون.. هل تعتقدون بأن رفسنجاني لايزال له تأثيره في إيران، وهل ترى أنه يؤدي واجبه المطلوب، وما هي توقعاتكم منه بصفته رئيساً لمجلس الخبراء ومجمع تشخيص مصلحة النظام؟
- كنت قد وجهت رسالتين الى رفسنجاني منها رسالة حول الاغتصابات في السجون، وطلبت منه بحث الموضوع نظراً لقربه من المرشد، حيث إنه أحال الموضوع الى القضاء وقد شاركت في اجتماعاتهم لعرض وثائقي ولكن لم ينفع هذا، وبدلاً من متابعة القضية حدثت أمور أخرى وأغلقوا مكتبي واعتقلوا زملائي وجلبوا الوثائق والمستندات التي كانت في مكتبي.
في تلك الفترة كنت أرى أن رفسنجاني بإمكانه التأثير في الوضع نظراً لمكانته واحترامهم له، ولكن الأمور أصبحت معقدة حيث إن رفسنجاني نفسه وأسرته تعرضوا إلى هجوم كبير، ولم نعد نتوقع منه القيام بدور في هذا المجال. انا لم ألتق برفسنجاني منذ فترة.
* في رسالة أخرى وجهتها الى رفسنجاني اتهمت النظام بتعذيب المعارضين وأعلنت أنك تملك وثائق ومستندات لاثبات ذلك، هل تنوي نشر وثائق جديدة في الوقت الراهن؟
- أنا لم أتهم النظام حيث أعتبر نفسي عضواً في نظام الجمهورية الاسلامية ومن أبناء الثورة، وكان لي باع في هذا الإطار. إننا نريد الخير للنظام وقلوبنا مع النظام، لذا يجب علينا الانتقاد والتذكير حيث كنت دائماً انتقد أداء المسؤولين ونشرت بعضها في الإعلام مثل موقفي من تعذيب رؤساء البلديات في طهران في عام 2001 وحينها وجهت خطابات انتقادية، وقمت بالاحتجاج على تعذيب رؤساء البلديات وزجهم في السجن عبثاً.
وفي ما يتعلق بالاغتصابات كان الموضوع أكثر حساسية وحدة فعملت بتحفظ ولم أجر مقابلات، فأرسلت رسالة سرية الى رفسنجاني وأكدت ضرورة بحث موضوع الاغتصابات في السجون.
وبعد مضي 10 أيام لم يرد رفسنجاني على رسالتي، ولم يطلبوا مني تقديم الوثائق لمناقشتها ودخل جميع أئمة الجمعة الساحة ضدي، ويمارسون الضغط حالياً على المسؤول عن الموقع (الالكتروني) التابع لي لرفض الوثائق التي نشرت ليقول إنني خدعته ويواجه الآن حكماً بالسجن خمس سنوات.
وحول ممارسة التعذيب فقد اضطر بعض الذين قاموا بذلك إلى الإقرار بما فعلوه وذلك نظرا لوجود ضحايا، فنحن لم نكن هناك لنرى بأم عيننا بل جاءنا البعض ممن حصل على معلومات بهذا الخصوص، حيث تعرضوا في ما بعد للتهديد والإيذاء، الأمر الذي دفع ضحايا الاغتصاب إلى الهروب والصمت نتيجة للخوف.
فالسادة (السلطة) كانوا مصرين على إرغام الجميع على التزام جانب الصمت فكانوا يقولون لي إن هذا العمل هو بمثابة إثارة للفضائح. إن انعكاس أقوال سيدة بخصوص تعرضها لبعض الأمور في سيارة قوى الأمن أو أقوال أحدهم بخصوص تعرضه لبعض الأحداث في أحد المخافر في مدينة ما من شأنه الإساءة إلى النظام، ولكن أقول لهم إننا على أقل تقدير كنا نتوقع إجراء تحقيق حول هذه الأمور دون إثارة الضجيج حتى نتمكن من إعادة ثقة الشعب تجاه النظام.
أخطاء الثورة
* سيد كروبي. إنك من ضمن الذين ناضلوا ضد نظام الشاه وبعد الثورة الإسلامية تقلدت مناصب مختلفة من قبيل رئاسة مجلس الشورى الإسلامي. كما شغل الكثير من الإصلاحيين الذين يقبعون اليوم في السجون مناصب رفيعة المستوى في الجمهورية الإسلامية. برأيك ما الأخطاء التي ارتكبتها أنت والذين شاركوا في الثورة ما جعلتكم تزعمون كما يزعم السيد مير حسين موسوي أن الجمهورية الإسلامية قد ابتعدت كثيراً عن أهداف ثورة 1979؟
- ينبغي الاستماع إلى الاحتجاجات دائماً. فالطبيب الذي ينوي معالجة المريض عليه أن يطرح أسئلة مختلفة حتى يحدد المرض، ونجاح الطبيب في المعالجة مرهون بتشخيص المرض حتى يتمكن من إعطاء الوصفة الصحيحة.
فأول خطوة كان ينبغي اتخاذها هي الاستماع إلى المحتجين لا أن يسمح لقوى الأمن بالقيام بدور القاضي، فنحن نقول يجب أن يلعب مجلس صيانة الدستور دور المشرف لا الوصي. فعندما لم يطبق الدستور بشكل صحيح من الطبيعي أن تنطلق الاحتجاجات، ولكن بدلاً من التعاطي مع الاحتجاجات تم التصدي لها، ففي الوقت الذي كنت في موقع المسؤولية لعبت دور المحتج والوسيط.
هؤلاء يستندون إلى بعض بنود الدستور ويتناسون البنود الأخرى فيطبقون المواد الدستورية التي لصالحهم فقط، الأمر الذي يثير الاحتجاجات لدى البعض وينزوي البعض الآخر. ما عدد رؤساء المحافظات والمعاونين السابقين الذين أحيلوا إلى السجن. اليوم ما أكثر المحتجين أو المنزوين.
إننا نرى قمع الصحافة وممارسة الضغوط من قبل وزارة الإرشاد التي حري بها أن تدافع عن الصحافة والصحافيين. الحكم الإسلامي يستند إلى صوت الشعب، فعلى الجميع السعي لكسب أصوات الجماهير، وفي حالة عدم الحصول على هذه الأصوات ينبغي أن تتوقف، ولكن هناك من يريدون استغلال هذه الوسيلة، وهذا ما يجعلني أقول إن هذا الأسلوب يبعدنا عن مبدأ الجمهورية الذي أتت به ثورة 1979 ما يؤدي إلى اصطدام تيارات النظام ويخلق فجوة بين الحكومة وتعليمات الإمام (الخميني) والإرادة الشعبية.
تأجيل الانتخابات
* أشرت إلى نقطة في غاية الأهمية وهي أصوات الجماهير، ونظراً للتغييرات التي تعرضت لها انتخابات المجالس البلدية فقد تأجل تنظيم أي انتخابات في القريب العاجل. ففي مثل هذه الظروف تعثرت كل النشاطات البرلمانية بشكل أو آخر فما العمل؟
- أنا أؤمن بضرورة تنظيم كل الانتخابات في وقتها المحدد، بالطبع يمكن الجمع بين انتخابات مجلس خبراء القيادة وانتخابات أخرى لأنها انتخابات محدودة. ولكن ليس من الصحيح تأجيل انتخابات المجالس البلدية والبرلمانية والرئاسية نظراً للنسبة العالية لمشاركة الناخبين في هذه الانتخابات.
إنهم يريدون تأجيل انتخابات المجالس البلدية لتجرى مع الانتخابات الرئاسية، بإمكانهم ايضاً وقف الانتخابات لسنتين. بلادنا كانت على وشك الاستقرار وقد ترك اثنان من الرؤساء منصبيهما، واغتيل أحد الرؤساء، والآخر لم يبق في منصبه إلا عاماً واحداً، والثالث كانت يده مغلولة إلى عنقه، وفي مثل هذا الوضع جرت الانتخابات.
أنا أرى أن تأجيل الانتخابات يأتي بهدف التمهيد لوقف الانتخابات رغم أن انتخابات مثل الدورة السابقة حتى لو لم تجر فإنها لن تحدث فرقاً.
آية الله الخميني صرح سابقاً "لم يولد أحد من بطن أمه ديكتاتوراً بل يحدث هذا بالتدريج". فعندما يقللون من شأن الانتخابات يؤدي ذلك إلى تقليل أهميتها وفي نهاية المطاف نصل إلى تجميدها، وتقع السلطات بعدها في ورطة الدكتاتورية. الانتخابات لا يمكن تأجيلها إلى يوم واحد، فالبلاد تشهد أحداثاً مهمة.
الدستور
* أنت تدعو دائماً إلى تنفيذ بنود الدستور وبعض أنصاركم يروجون بأن بعض الصلاحيات التي يتمتع بها البعض قد أدت الى ما نشهده حالياً في إيران ما مغزى هذا التأكيد؟
- أنا لا أقول إن الصلاحيات الكثيرة تترك آثاراً سلبية أو إيجابية. الأمر المهم أن الصلاحيات تضع الاشخاص أمام مسؤولية، وإذا ما كثرت هذه الصلاحيات فإن المسؤولية والرقابة تصبح صعبة.
جميع المناصب حددت لها أساليب للرقابة حيث إن الحكومة والمرشد والبرلمان يخضعون جميعاً للرقابة، ولكن إذا لم يؤد من تقع عليه مهمة الرقابة واجبه بشكل جيد، فإن الصلاحيات الكثيرة تسبب مشاكل.
الحكومة الحالية وطبقاً للدستور تتمتع بصلاحيات واسعة، وللأسف تعمل طبقاً لما تشاء، فالخلافات القائمة مع البرلمان ومجمع تشخيص مصلحة النظام والتصرف المسيء للحكومة في التعامل مع البرلمان كله ينم عن هذه المشاكل.
الدستور ينص على محاسبة الحكومة والتحقيق في أدائها، فإذا تم ذلك بشكل جيد فإن الصلاحيات لا تؤدي الى حدوث مشاكل. إننا نشهد الآن البرلمان يسعى ولكنه لا يستطيع فعل شيء ولا يستطيع الحؤول دون انتهاكات الحكومة للدستور. إذا كان البرلمان قوياً فبإمكانه مواجهة الحكومة وانتهاكاتها للدستور.
الحكومة الحالية لم تكترث بالدستور فهي لا تعتني حتى بالقوانين التي تقرها بنفسها. ترسل الحكومة قانون الميزانية إلى البرلمان كل عام، ولكنها لم تلتزم به وتعبث بثروات البلاد وتنفقها طبقاً لما تشاء.
أحمدي نجاد
* أكدتم مراراً أنكم لن تعترفوا بأحمدي نجاد رئيساً للبلاد ولكنكم تعترفون بحكومته كجهة مسؤولة فما معنى ذلك؟
- نعم أنا أعترف بأن المسؤولية تقع على عاتقها ومن واجبها توفير الأمن. فعندما يسببون مشاكل لي وفي منزلي، فإن الشرطة الخاضعة لإمرة الحكومة يجب أن تتحمل المسؤولية. أراجع السلطات إذا ما أردت الحصول على جواز سفر، ولكني لن أعترف بأحمدي نجاد رئيساً منتخباً.
* هل ترى أن السياسة الخارجية لأحمدي نجاد تمثل مطالب الجمهورية الاسلامية الإيرنية؟ ما سر التحديات التي يحدثها أحمدي نجاد في السياسة الخارجية؟
- أرى أن أحمدي نجاد ومن خلال خطاباته وضع البلاد في موقع منفعل في العالم، وأن أداءه يحمل البلاد ثمناً باهظاً. إننا نأسف عندما يصرح مسؤول الموساد بأن الخدمة التي يسديها أحمدي نجاد لنا لم نحصل عليها من أحد آخر. وأننا نشهد بشكل عملي الحساسيات التي خلقها في العالم وتصب كلها في مصلحة إسرائيل.
* ما وجهة نظركم حول العلاقات التي تقيمها الحكومة مع باقي البلدان؟
- أنا لا أدرك سبب علاقات هذه الحكومة مع بعض البلدان وقادتهم. الكثير من أصدقاء أحمدي نجاد لا يتمتعون بمكانة استراتيجية تخدم مصالح الشعب. كما أن مستوى علاقات البلاد مع باقي بلدان العالم تقلصت، وكل هذا ينم من المواقف غيرالموزونة لرئيس الحكومة في الشأن الدولي. ورغم المبالغ الهائلة التي تنفقها الحكومة لكسب دعم دول العالم الثالث فإن هذه البلدان لم تؤيد التصريحات غير العقلانية لنجاد.
البرنامج النووي
* ما موقفكم من البرنامج النووي الذي تسير عليه البلاد؟
- شأني شأن جميع الايرانيين أرى أنه من حقنا الاستفادة السلمية من الطاقة النووية، ولكنني أرى أنه يجب متابعة هذا الحق بعيداً عن إثارة الجدل والغوغائية، فدول العالم عدا تلك التي لها خلافات جذرية مع ايران ستخضع لمطالبنا.
* مضى 30 عاماً من عمر الثورة ولم تكن أي من الحكومات السابقة تعمل بهذا الحجم خلافاً للنخبة الجامعية والدينية في البلاد؟
- أعضاء أكاديمية العلوم يعارضون أداء أحمدي نجاد وأنه يعمل لتغيير اساس هذه الاكاديمية. الجهات الرسمية أعلنت أن 80% من الجامعيين صوتوا لمرشحين آخرين غير أحمدي نجاد، ومراجع الدين المعروفون لم يوجهوا تهنئة له بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات بسبب الغموض الذي رافق الانتخابات، وهذه رسالة واضحة إلى مسؤولي الجمهورية الاسلامية، وغالبيتهم تلقوا تعليمهم الديني في المدارس الدينية حيث لم يعترف الكثيرين من مراجع الدين برئيس الحكومة.
عدم شرعية الحكومة
* توقعتم سابقاً أن أحمدي نجاد لن يكمل ولايته التي من المقرر أن تستمر أربعة أعوام فهل لهذا التوقع وثائق وأدلة؟
- أرى فضلاً عن عدم المشروعية، فإن الحكومة الحالية تفتقر الى المؤهلات اللازمة لإدارة البلاد. الحكومة تكذب بسهولة وتنقض بسهولة قراراتها وتصريحاتها السابقة ولم نشهد لها أي ثبات وهذا أخطر شيء لأي حكومة.
رئيس الحكومة يقول يوما إننا نمنح الدعم الحكومي إلى ثلاثة أجزاء من نسيج البلاد ويأتي يوماً ويقول نمنح الدعم للجميع. إن المديرين الأكفاء يرفضون العمل مع هذه الحكومة، كما أن السلطات تقصي بعضهم بسبب انتماءاتهم السياسية.
الصناعات في البلاد تواجه الفشل والمعامل عاجزة من دفع أجور العمال ورئيس الحكومة لم يهتم بتوجيهات الاخصائيين والمؤسسات العلمية، ويقوم بتأسيس لجنة للزلازل بناء على أحلام أحد أقاربه، ويأتي يوماً ويدعو فجأة إلى نقل 6 ملايين من أهالي طهران إلى باقي أنحاء البلاد قبل أن يدرس الموضوع. نظراً لهذا الوضع والنسبة الكبيرة للمحتجين في الداخل فإنني أستبعد أن تستمر الحكومة الحالية في الحكم لأربع سنوات قادمة.
* تحدثت سابقاً عن ضرورة اجراء استفتاء في البلاد كما أن الرئيس السابق محمد خاتمي طرح هذا الموضوع أيضاً. ما الأمور التي تطلبون الاستفتاء حولها لاجتياز الأزمة السياسية الراهنة؟
- الأمر الأول الذي بالإمكان إجراء استفتاء حوله هو موضوع البطالة، فالموضوع ظاهر كالشمس ولكنهم ينكرون ذلك. الجميع يعرف أن نسبة البطالة في البلاد مرتفعة ولكن السيد أحمدي نجاد يشبه البلاد بالمعمل الكبير. ندعوهم إلى تنظيم تجمع للعاطلين عن العمل وسيروا كم هي نسبة البطالة.
كان على مجلس صيانة الدستور فرض رقابته لكي لا يصبح البرلمان حكومياً ولا تتدخل الحكومة في الانتخابات. نحن ندعوهم إلى إجراء استفتاء لكي يعبر الشعب عن رأيه لكشف الحقائق.
مازال بعض من كان له دور في صياغة الدستور حياً، حيث يؤكدون أننا اجتزنا مرحلة حكم الشاه. عندما كان الشاه والمخابرات يتحكمون في البلاد. كنا نحرص على إيجاد صيغة للرقابة على أداء الحكومة لكي لا تعمل بأسلوب متغطرس، وكنا نهتم كثيراً بموضوع عدم تدخل رئيس الجمهورية في الانتخابات.
الشعب يريد التصويت ومجلس صيانة الدستور بإمكانه منع المرشحين الذين تثبت عليهم اتهامات الفساد والتجسس من خوض الانتخابات، ولكن عليه بعد ذلك السماح للشعب بالتصويت، ولكننا نرى عدداً من الأفراد يقررون بدلاً من الشعب في حين أن الشعب لا يرتكب الأخطاء التي يرتكبها المسؤولون.
العلاقة مع الأنصار
* كيف تقيمون علاقات مع أنصاركم. هل لديكم وسيلة إعلامية للقيام بذلك؟
- لا نملك إلا الموقع الاخباري التابع لنا فقد أغلقوا حتى المجلة التي كانت تصدرها زوجتي. إننا قلقون جداً ولا نستطيع دعوة الصحافيين حتى يتعرضوا لمضايقات. كما أن مثل هذه المقابلات تسبب مخاطر للأفراد في الداخل، ولكن الاخبار تتداول بسهولة في الإنترنت وفي الاجتماعات والسلطات لا يمكنها تجميد ذلك.
حركة الشعب الايراني واسعة جداً ونسبة كبيرة من الايرانيين والنخبة والجامعيين يشكلون هذه الحركة ولا يمكن الحؤول دون وصول الأخبار من خلال إغلاق بعض المواقع والصحف.
* هل تدعمون الطلبة الايرانيين الذين ينظمون تجمعات احتجاجية ضد أحمدي نجاد في الخارج؟
- يعد الإيرانيون في جميع أنحاء العالم جزءاً من المجتمع الايراني، ومطالبهم متطابقة. والإيرانيون في الخارج يطالبون أيضاً بإعادة فرز أصواتهم، فهم واثقون بأن نتيجة الانتخابات لم تكن صحيحة. إنني ورغم عدم إقامة علاقة تنظيمية معهم لكني أدعم مطالبهم القانونية والسلمية.
* يبدو أن القمع الذي مُورس في ديسمبر الماضي جعل المحتجين يتخوفون من النزول إلى الشارع مجدداً؟
- هذا ليس صحيحاً، فمنذ انطلاق الحركة قتل العسكريون العشرات خلال الاحتجاجات الشعبية، ولكن ظلت أسر الضحايا تطالب بالاستمرارية والديمومة حتى بلوغ الأهداف، ومن جهة أخرى فإن الحركة تجاوزت مرحلة النزول اليومي إلى الشوارع، نجتاز في الوقت الراهن مرحلة الاستقرار، فالحركة الخضراء حقيقة حتى لو لم تتبلور في التجمعات والمظاهرات لا يمكن لأحد أن ينكر حضورها الاجتماعي الواسع.
أحكام الإعدام
* قامت السلطات الإيرانية أخيراً بتنفيذ حكم الإعدام في عدد من المعارضين كما أعدمت في الأشهر الماضية أعداداً أخرى أيضاً هل كان أحد فيهم من مؤيديكم؟
- لم يكن أي منهم على صلة بي أو بأي مرشح آخر في الانتخابات الرئاسية، فقد كان أغلبهم في السجن حتى قبل الانتخابات الرئاسية بأشهر، ولكنهم أقدموا على محاكمتهم تزامناً مع محاكمة المحتجين على نتائج الانتخابات للإيحاء بأن المحتجين من الإرهابيين.
لا أملك أي معلومات دقيقة حول ملفات الذين نفذت فيهم عقوبة الإعدام، ولا بخصوص سير المحاكمات، ولكنني على ثقة بأنه لم يتم مراعاة المبادئ الإنسانية الأولية خلال تنفيذ هذه الأحكام حيث لم يسمحوا للمحكومين بلقاء ذويهم قبل الإعدام.
باعتقادي أن الإعدامات نفذت بهدف نشر الرعب بين الشباب على أعتاب 12 يونيو (حزيران) ذكرى الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية بغية الحؤول دون تجديد الاحتجاجات الشعبية في الشوارع. لكنهم سيحصدون نتائج عكسية لهذه الإعدامات.المحرقة
* أنكر السيد أحمدي نجاد على المستوى العالمي مراراً حدوث المحرقة هل تشاطرونه الرأي في هذا؟
- بالطبع لا، اعتقادي بحديث من هذا القبيل غير موزون وكررت مراراً أن مثل هذا الحديث يخدم الصهاينة. أنا أكملت دراساتي في المؤسسات الدينية العليا، ومن هذا المنطلق معرفتي بالشؤون الدينية أفضل منه، فالإسلام يرفض القتل حتى لو كان الضحية شخصاً وحداً ويعتبره جريمة بحق الإنسان، فمن دون أدنى أشك أن النازيين قتلوا في الحرب العالمية الثانية أكثر من يهودي واحد. إلا أن جريمة الإبادة تلك لا يجوز أن تكون مبررا لاحتلال أراضي الغير، فالنازيون قتلوا الملايين من الأوروبيين أيضاً، فهل يجوز للأوروبيين احتلال أراضي الإفريقيين والآسيويين تعويضاً لما قام به هتلر؟
المسلمون في يوغسلافيا السابقة تعرضوا للإبادة، فهل هذه الجريمة تمنحهم حقاً خاصاً في احتلال أراضي الآخرين؟ نحن نقول لا.
* كيف تنظرون إلى العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية والسياسات المختلفة لأوباما تجاه إيران؟
- أنا لست من مؤيدي إقامة علاقات مع أمريكا كما لا أصر على معاداتها، فمن وجهة نظري ينبغي أن ننظر إلى العلاقات الإيرانية بسائر البلدان من زاوية الاستقلال وعلى أساس المصالح الوطنية. وفي واقع الأمر نحن لن نستفيد من التحريض ومعاداة الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أننا نعتقد بأن الولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن أرضية لفرض سيطرتها خاصة في منطقة الخليج، وفي هذا الخضم يجب علينا تنظيم علاقاتنا من منطلق مصالحنا الوطنية حتى لا نتحول إلى "مستعمرة" جديدة لأمريكا.
أما بخصوص أوباما فبالرغم من أنه رفع شعارات جيدة خلال حملته الانتخابية إلا أن تغيير السياسات العامة للولايات المتحدة هو في واقع الأمر لا يخضع لإرادة وقوة رؤساء الجمهورية في أمريكا. فإسرائيل ومنذ نصف قرن من الزمن تعد الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية، فعلى هذا الأساس تستخدم كل الإدارات الأمريكية حق النقض ضد أي قرار في مجلس الأمن ضد إسرائيل. فرؤساء الجمهورية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري استخدموا مراراً حق النقض لحماية إسرائيل، فباعتقادي هذا الأمر يشمل أوباما أيضاً.
* في الأشهر الأخيرة حاول أوباما وقادة سائر البلدان الأوروبية دعم الاحتجاجات الشعبية في ايران، فما مدى تأثير مثل هذا الدعم على نجاح الحركة؟
- نحن كمحتجين حقيقيين على الحكومة في الداخل لدينا مطلب واحد من قادة العالم وهو أن يتعاطوا مع إيران وأي بلد آخر من منطلق قضايا حقوق الإنسان. أما الشؤون السياسية والقضايا المتعلقة بالحركة الداخلية من الأسهل متابعتها دون تلقي أي دعم من القوى الأجنبية. فرض العقوبات على ايران سيخدم الحرس الثوري (أو قسم من القوات العسكرية) وتجعل الاستفادة من الفساد الاقتصادي بشكل أكبر، كما أن الضغوط الأجنبية ستؤدي فقط إلى إفساح المجال أمامهم لممارسة المزيد من القمع ضد القوى المطالبة بالحرية في الداخل واتهامها بالعمالة للأجانب.
* لو فرضنا أن الجمهورية الإسلامية ستقدم على اعتقالكم وإيداعكم السجن فما الرسالة التي تريدون أن تبعثوها إلى مؤيديكم؟
- كونوا أوعياء ولا تفقدوا الأمل واستمروا في الاحتجاجات في الأطر القانونية