كريستين ساينس مونيتور : هل بدأت أمريكا مرحلة «الأفول» كقوة عظمى؟..دراسة ألمانية: أمريكا تفقد مكانتها كقوة عظمي خلال15 عاماً |
|
هل بدأت أمريكا مرحلة «الأفول» كقوة عظمى
«كريستشن ساينس مونيتور» بقلم توم ريغان
طوال السنوات الخمس الاخيرة، اي منذ هجمات 9/11 وحتى الان، كان الرئيس الامريكي جورج بوش ورئيس الحكومة البريطانية توني بلير هما محركا الاحداث الرئيسية في العالم.
الامر لم يعد على هذا النحو على ما يبدو اذ يقول النقاد السياسيون، وبعض وسائل الاعلام المؤثرة، ان كلا الرجلين وعلى الاخص منهما بوش فقد ذلك التأثير ولم يعد بمقدورهما جعل العالم يرضخ لارادتهما. حول هذا تقول مجلة «الايكونوميست» في مقال تحت عنوان «محور الضعفاء» ان الاخفاق في العراق والمشاكل الداخلية في امريكا وبريطانيا، حولت هذين الزعيمين من صقرين محلقين الى بطتين عرجاويتين.
والحقيقة ان شعبية بوش تراجعت في الاونة الاخيرة لنسبة 31 بالمائة، طبقا لعمليات استطلاع الآراء، ويواجه حزبه الان هزيمة محتملة في الانتخابات نصف الفصلية التي يعقدها الكونغرس بمجلسية وفي بريطانيا يريد كثيرون من اعضاء حزب العمال الذي قاده بلير خلال ثلاثة انتصارات انتخابية متعاقبة، احالته الى التقاعد واستبداله بوزير الخزانة غوردن براون.
لكن بصرف النظر عن الفترة المتبقية لهما في السلطة، من الواضح ان هناك مرحلة توشك على الانتهاء، فقد باتا يفتقران للثقة بالنفس ولذلك النوع من القيادة السياسية المؤمنة بصواب موقفها والتي كانت شكلت الرد العسكري الغربي على القاعدة وقادت المسيرة الى افغانستان ومن ثم العراق.
لكن اذا كان الرئيس بوش قد ارتكب الكثير من الاخطاء في سياسته الخارجية حينما بالغ في تقدير حجم خطر العراق قبل الحرب، وتعثر فيها بعد ذلك ثم خان مبادئ امريكا في ابوغريب وغوانتانامو، وتجاهل نداءات بلير له لبدء دبلوماسية سلام جديدة في فلسطين، الا ان امريكا لا تستطيع ان تصلح كل هذه الاخطاء بالانسحاب من المسرح العالمي والانكفاء على نفسها.
هنا يبرز السؤال التالي: هل بدأت امريكا بفقدان جاذبيتها وبريقها؟
ردا على هذا السؤال يقول عدد من المحللين السياسيين انه في الوقت الذي لاتزال فيه الولايات المتحدة قوة عسكرية الا ان مفهوم «القوة التي لا تُقهر» لم يعد قائما.
وفي هذا الاطار يقول ديفيد كينيدي استاذ التاريخ في جامعة ستانفورد: تشعر الولايات المتحدة الان ان العالم اصبح حرونا، ولم يعد يستجيب لرغباتهم بسهولة.
ويمضي كينيدي قائلا: لقد تبين الان ان الاعتقاد السابق بان الولايات المتحدة تستطيع تشكيل العالم كما تشاء ما هو الا مجرد وهم ومن الواضح ان امريكا اخذت تتعلم الان الدرس، الذي تعلمته كل القوى العظمى من قبل، وهو ان العالم لا يمكن ان ينصاع لرغباتها مهما كان حجم قوتها.
ويلاحظ كينيدي ان الولايات المتحدة اعتادت بعد الحرب العالمية الثانية على استخدام موقفها كقوة مهيمنة في العمل مع البلدان الاخرى لايجاد مبادرات عالمية جديدة، الا ان اتجاهات التعاون والتعددية والدبلوماسية اختفت منذ وصول ادارة بوش وحل محلها نهج احادي دفع العالم للتكتل بل والعمل لكبح القوة الامريكية.
اذ تشير عملية استطلاع حديثة للرأي اجراها مركز ابحاث بيو، الى ان 70 بالمائة من الـ 91000 شخص الذين شاركوا في هذا الاستطلاع من مختلف بلدان العالم يعتقدون ان هناك حاجة لقوة عظمى اخرى منافسة لامريكا.
وتبين ايضا ان العمليات العسكرية الامريكية ابعدت دول العالم عن الولايات المتحدة بعد ان كانت هذه الدول تعتبرها منارة للديموقراطية في الماضي، لذا لم يكن غريبا ان يعتبر نصف اللبنانيين والاردنيين والمغربيين الذين شملهم الاستطلاع، الهجمات الانتحارية على القوات الامريكية في العراق امرا جيدا.
والواقع ان مستوى المشاعر المناهضة لامريكا كان عالميا جدا خلال الاستطلاع بل وكان حتى اعلى من مستوى عملية المسح التي اجرتها مجلة الـ «نيوزويك» في عام 1983 وتبين منها ان حوالي 25 بالمائة فقط من الفرنسيين واليابانيين والالمان كانوا مؤيدين للسياسات الامريكية في ذلك الوقت.
على اي حال، يبدو ان مشاكل بوش الداخلية تلعب دورا ايضا في رد فعل العالم على المبادرات الامريكية، لذا ما لم تحدث كارثة اخرى من مستوى 9/11 ولن يمتلك الرئيس بوش القوة والمصداقية والقدرة على الحكم بكفاءة حتى نهاية فترته.
**********
كشفت دراسة دولية أجرتها مؤسسة "برتلزمان" الألمانية الشهيرة في مجال الاعلام ان غالبية سكان الدول الصناعية والمتقدمة في العالم يعتقدون ان الولايات المتحدة سوف تفقد خلال الخمسة عشر عاما المقبلة دورها المركزي كقوة عظمي في العالم في مقابل صعود الصين لتحاول لأول مرة منذ انتهاء الحرب الباردة خلق توازن مع الولايات المتحدة علي الصعيد الدولي في حين يحتفظ الاتحاد الأوروبي بمكانته الحالية بلا تغييرظ. وجاء في الدراسة التي ستعلن نتائجها يوم الجمعة 2-6-2006 والتي أجرت المؤسسة في اطارها إستطلاعا شمل عشرة آلاف مواطن في كل الولايات المتحدة البرازيل الصين روسيا الهند المانيا بريطانيا فرنسا واليابان أن القوة العسكرية ستفقد خلال السنوات المقبلة أهميتها كمقياس لقوة الأمم في مقابل أن تصبح القوة الاقتصادية والاستقرار السياسي والتقدم الي أهم معايير تحديد مكانة الدول في المستقبل. وانفرد كل من الألمان والصينيين بالاعتقاد بأن منظمة الأمم المتحدة قادرة وحدها في المستقبل علي حفظ السلم والأمن ـ نقلا عن الوطن