تقرير شامل عن النشاط التنصيري في المغرب العربي

 

الخليج الإماراتية 28 فبراير 2008م ـ أعلن الرئيس السابق للكنيسة البروتستانتية في الجزائر القس الأمريكي الجنسية هيو جونسون (74 عاما) أمس أن السلطات الجزائرية طلبت منه مغادرة البلاد في غضون 15 يوما، وأبلغ وكالة فرانس برس أن الشرطة أبلغته الاثنين بضرورة ذلك، وأن المهلة تنتهي في 11 مارس/ آذار المقبل. وأضاف جونسون الذي يقيم في الجزائر منذ 45 عاما أن مدة إقامته انتهت في مايو أيار الماضي، ومذ ذاك تمنحه السلطات تمديدا كل ثلاثة أشهر، وأن مدة إيصال التجديد الأخير تنتهي في مايو/ أيار المقبل.
وترأس جونسون الكنيسة البروتستانتية في الجزائر حتى 2006 حين تقاعد، وقال إن الشرطة لم تعلمه بأسباب طلب مغادرته، لكنه تدارك أن القرار قد يكون مرتبطا ب”الحملة التي تشنها وسائل الإعلام في الجزائر على التبشير في منطقة القبائل في شرق الجزائر”، وقال إنه لم يشارك في أي أعمال تبشيرية، وإنه ينوي تقديم التماس إلى المديرية العامة للأمن العام في العاصمة، حيث مقر إقامته الرسمي.
وكان جدل حاد قد اندلع منذ أسابيع بين رجال دين مسلمين ومسيحيين، بعدما اتهم هؤلاء بمحاولة نشر المسيحية في الجزائر، وتشكل الكنيسة الإنجيلية الهدف الأساسي للانتقادات، وتصاعدت حدة الجدل بعد طرد مدرسين جزائريين مسيحيين اثنين، والحكم بالسجن عاما مع وقف التنفيذ على الكاهن الفرنسي بيار فاليز في وهران (غرب) بتهمة ممارسة شعائر دينية لمهاجرين غير شرعيين من الكاميرون، واعتبرت المحكمة هذا الأمر بمثابة تبشير، وهو أمر محظور في الأوساط المسلمة بموجب قانون 2006 الجزائري.
ويناهز عدد مسيحيي الجزائر 11 ألفا من اصل 33 مليون نسمة، بحسب أرقام وزارة الشؤون الدينية، ومعظمهم من الكاثوليك.
وذكرت صحيفة الخبر الجزائرية أمس أن وفدا من أساقفة الجزائر سلم السلطات قبل أسابيع رسالة احتجاج بشأن ما يعتبرونها مضايقات يتعرض لها رجال دين مسيحيون، إلى وزير الشؤون الدينية بوعبدالله غلام الله، وترأس الوفد أسقف الجزائر هنري تيسيي. وذكرت أن الرسالة تضمنت أمثلة لمضايقات منها وضعية القس جونسون الذي اتخذت السلطات بحقه قرارا بالطرد “لثبوت خرقه لقانون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين”. وكتبت “الخبر” أن جونسون كان ينشط ضمن جمعية تبشيرية لم تعتمدها السلطات، وأنه قام بإدخال نسخ من الأناجيل من دون ترخيص.  (رويترز - ا.ف.ب)
150 ألف مغربي يتلقون دروساً في النصرانية عبر البريد

مجلة المجتمع الكويتية العدد 1788: بعدَ قيامِ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ بتجفيفِ منابعِ جمعياتِ الإغاثةِ الإسلاميةِ التي كانت من حوائط الصدِّ ضدَّ أنشطة الإرسالياتِ التنصيرية، تقودُ هذه الإرسالياتُ حالياً حملة تنصير شرسةً علي العديد من الشعوب العربية والإسلامية، ومن بينها الشعب المغربي المسلم، والذي كانت أرضُهُ على مدارِ التاريخِ ومازالتْ قلعةً حصينةً للإسلام. وقد تناولنا في العدد الماضي دور الاستعمار الفرنسي وغيره من قوى الاستعمار في محاولات التنصير التي جرت في المغرب، إذ يعود التاريخ الحديث للتنصير هناك إلى عام 1915م عندما وصلت أول بعثة تنصيرية فرنسية إلى الأراضي المغربية تابعة لمؤسسة "أسيرام" الفرانكفونية التنصيرية التي احتمت بقوات الاحتلال الإسباني..

واتخذت تلك المؤسسة من منطقة الريف المغربي ومناطق البربر محطة للانطلاق في كامل التراب المغربي، عبر الاهتمام بأيتام المسلمين في مدينة طنجة وأطلس الجنوب وتنصيرهم مقابل الخبز والماء، ثم إرسالهم ليكونوا مرتزقة في خدمة الجيش الفرنسي الاستعماري في حروبه ضد الشعوب المسلمة وغير المسلمة.
ورغم الجهد الكبير والإنفاق اللامحدود لهذه المنظمة إلا أن النتائج التي حققتها كانت ضئيلة جداً، إذ لم تُفلح في تنصير مغربي واحد بفضل العلماء وانتشار المراكز الدينية ومراكز تحفيظ القرآن في المغرب.. وبقدر ما كان هذا الفشل مثيراً للإحباط كان دافعاً لتغيير الأساليب التي تطورت بشدة في المرحلة الأخيرة، وأخذت شكلاً جديداً، فلم تعد تقتصر على "التبشير بالنجاة على يد يسوع"، وتقديم خدمات اجتماعية وصحية، ودعم لإنشاء المدارس والمستشفيات، وإنما أخذت طابعاً عملياً بتحويل "القدّاس" من يوم الأحد إلى يوم الجمعة، وإيهام المسلمين بأفضلية الدين النصراني على نظيره الإسلامي.
وقد جاء في تقرير "حكومي سري" (مكتوب في شهر مارس 2005م) أن الإنجيليين الأجانب الذين كانوا وراء حالات التنصير في المغرب يبلغ عددهم 800منصِّر تقريباً، وأنهم أكثر عدداً مما كان يُظَنّ، وأنهم يتخذون من بعض الجمعيات ستاراً لإخفاء أنشطتهم السرية الحقيقية، وأنهم ذوو براعة فائقة في ممارسة الأنشطة الخفية والقيام بأعمال التنصير بين الشباب المغربي..
وحسبما روى أحد قساوسة الدار البيضاء، فقد قام بعض المنصِّرين الإنجيليين في وضح النهار بتوزيع نشرات وكتب نصرانية في حي "المعاريف" بالدار البيضاء تحوي صوراً مثيرة للعواطف وتحكي "حياة المسيح".. وهذه الكتب المطبوعة في الولايات المتحدة باللغة الفرنسية قد وُضِعَتْ خِصِّيصاً لمخاطبة الشباب، واعدةً إياهم ب"حياة أفضل وعالم كامل يتوافر فيه كل شيء"..
والملاحظ أن هؤلاء الإنجيليين يعملون لصالح منظمات غير حكومية ومؤسسات مثل مؤسسة "خدمة الكتاب المقدس في المغرب"، التي سرعان ما أصبح اسمها: "جمعية الكتاب المقدس الموحدة"، والموجودة في 180 دولة، ويقع فرعها المغربي في حي "لو وازيس" بمدينة الدار البيضاء تحت قيادة أمريكي يُدعى "جاك روزينكو"..
ويضاعف هؤلاء الإنجيليون جهودهم ويستخدمون حججاً وأساليب قوية لإقناع الشباب بارتداء الصليب، وتحت أيديهم موارد مالية هائلة تسمح لهم بتوزيع الأطعمة والأدوية مجاناً على المواطنين.. وطبقاً لما ورد في التقرير فإنهم يلجأون دائماً إلى الأسلوب ذاته في اجتذاب الشباب، ألا وهو إغراء المراد تنصيرهم ب"حياة أفضل، وتقديم حلول عاجلة لمشكلات الحياة اليومية".

نصراني بالقوة!



ويمثل الشباب والأشخاص الذين يعانون من ضائقة مادية أو روحية فريسة سهلة، ودائماً ما يعمل الإنجيليون على تطوير أنفسهم في هذا المجال بسرعة عن طريق المدارس التي يتلقى فيها المتعلمون مقررات دراسية لا تعرفها وزارة التعليم الوطنية، والتي يحتكّ فيها الطلاب المغاربة بنظرائهم الأجانب.. وأصبح هؤلاء الإنجيليون "منصِّرين من الطراز الأول"، إذ إنهم ينظرون إلى كل شخص على أنه "نصراني يجهل نفسه.. نصراني بالقوة يمكن إغراؤه بالدخول في دين يجسِّد الحياة العصرية"..
ويعمل الإنجيليون على جذب أكبر عدد من المشترين لبضاعتهم في جميع أنحاء البلاد، ويبذلون كثيراً من الجهود من أجل تعلّم اللغة العربية الفصحى، وكذلك الأمازيغية، واللهجة المحلية والريفية أيضاً، في مدارسَ مغربيةٍ أو دورات دراسية خاصة بغيةَ تأميِن وسيلةٍ أفضلَ لمخاطبة من يريدون إدخالهم في النصرانية..
ومما زاد الطينَ بِلَّةً، ما جاء في التقرير من أن بعض الإنجيليين يقومون بنشاطات إضافية من بينها التجسّس مثلاً لحساب دول وأطراف معينة مثل الكيان الصهيوني!

وسائل وأساليب



ولا تنقص المنصِّرين الوسائلُ التي تساعدهم على إعداد المغاربة المتنصِّرين بحيث يصبحون بدورهم "منصِّرين"، وهذا الأمر يتم في كنائس منزلية ورسمية أيضاً منتشرة بأعداد وفيرة في عاصمة المملكة..
ويذكر التقرير الحكومي السري عدداً من الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذكسية الموجودة في الرباط بعناوينها وأرقام هواتفها على أساس أن لها صلة بالنشاط التنصيري، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: كنيسة القديس بطرس الكاثوليكية، والكنيسة الأنجليكانية البروتستانتية، وكنيسة القديس فرانسيس النصرانية، والكنيسة الأرثوذكسية النصرانية..
ومن الأساليب الحديثة التي ينتهجها المنصِّرون في بث دعوتهم: المواقع الإلكترونية، وبث الإرسال الإذاعي والتلفزيوني عبر الأقمار الصناعية، والأشرطة المسموعة والمرئية، وترجمات الكتاب المقدس التي توزَّع بكميات هائلة في مكتبات، مثل: "أوكارفور الكتاب" بالدار البيضاء، و"هاشير" بمراكش، و"كليلة ودمنة" بالرباط وغيرها.
ويقول التقرير: إن الإنسان قد يتنصَّر لقاء مبلغ من المال ووعود بألوان الرعاية الصحية المختلفة أو تأشيرة دخول، حيث تغدق بعض القنصليات الأوروبية تأشيرات الدخول إلى بلادها بسهولة كبيرة على من يقدِّم نفسه إليها من المغاربة على أنه "نصراني مضطهَد"، وهذا الكنز الثمين الذي يحصل عليه هؤلاء المتنصِّرون يُعد بالنسبة للمواطن العادي حلماً مستحيلاً.

قافلة الصداقة!



صحيفة "لاجازيت دي ماروك" المغربية الأسبوعية (La Gazette du Maroc) نشرت في عددها رقم 416 الصادر يوم 18 أبريل 2005م مقالاً (ترجمه عن الفرنسية د.إبراهيم عوض أستاذ الأدب والنقد والدراسات الإسلامية بكلية الآداب جامعة عين شمس) ذكرت فيه أن خطة الإنجيليين الأمريكان قطعت شوطاً بعيداً في إقناع الحكومة المغربية بوجوب توفير الحماية للقُدّاس الذي أُقيم فيما بعد بمدينة "مراكش" في الفترة من 6إلى 8مايو من العام نفسه، تحت ستار مهرجان بعنوان "قافلة الصداقة" ضمَّ، حسبما يقول منظِّموه، نحو مائة ألف مشارك قادمين من دول مختلفة للتحاور حول الإسلام والنصرانية..
وقد تعرّض هذا المهرجان لتعديل كبير بسبب الضغط الإعلامي والسياسي، إذ تخلَّى المنظِّمون عن الندوات والملتقيات الحوارية وطعَّموا مهرجانهم بفرق موسيقية مغربية شهيرة مثل "جيل جيلالة" و"ناس الغيوان" حتى لا يبقى المهرجان أمريكياً إنجيلياً صرفاً.. ومع ذلك فإن المدير الأمريكي الذي أشرف على المهرجان هو نفسه أحد المنصِّرين!! كما حرص المنظِّمون على توسيع دائرة المدعوّين إلى أقصى حد ممكن، حتى لقد وُجِّهت الدعوات إلى أطفال الصفوف الأولى في المدارس الابتدائية!
وإذا كانت الظاهرة قد استنفرت اهتمام الصحافة فقد أدت أيضاً إلى إثارة الحكومة ذاتها، رغم أن الدستور المغربي ينص على حرية العقيدة.. وقد قامت الإدارات الحكومية المختلفة، بما فيها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بألوان من التحرّيات لمعرفة مدى اتساع الظاهرة، وتحديد أهدافها، ومراقبة مواردها المالية، والكشف عن أعضاء الشبكات الناشطة الذين يزداد حماسهم اشتعالاً.

تنظيم "مجلس المدينة"



وقد كشفت صحيفة "الاتحاد الاشتراكي" المغربية الصادرة يوم 20يناير2006م أنه تم العثور على وثائق بشقة أحد الأجانب بإحدى عمارات شارع يعقوب المنصور في مراكش، تركها وراءه بعد اختفائه المفاجئ أواسط عام 2005م.. ومن هذه الوثائق، قانون أساسي ل"مجلس المدينة للمجموعات الإنجيلية" مكتوب باللغتين العربية والفرنسية، يحتوي على أهداف إنشاء المجلس ومبادئه وشروط العضوية فيه، ومراسلات مع أشخاص مقيمين في الخارج تخبر بتطورات العملية التي يشرف عليها هذا الأجنبي، ولائحة الكنائس التي تم إنشاؤها بأماكن مختلفة من مراكش؛ منها: حيّا "جليز"، و"الإنارة"....
وينص النظام الأساسي للمجلس على أن الغاية منه هي "فتح قنوات التواصل بين المجموعات الموجودة داخل المدينة بقصد التشاور وحل المشكلات والصلاة معاً من أجل المدينة"، ويؤكد أن "لكل مجموعة حرية الانضمام إلى مجالس أخرى أو ربط علاقات، شريطةَ عدم الإضرار بباقي المجموعات"، وهو ما يؤكد وجود مجالس متعددة خاصة بهذه الطائفة الإنجيلية التي يتزايد انتشارها في صفوف الشباب المغربي..
ويحدد القانون الأساسي بيت أحد الأجانب، ويُدعى (D)، كمقرٍّ مؤقت لاجتماعات المجلس واعتباره منسقاً له، على أن تنعقد مرة واحدة كل أسبوعين.. أما عضوية المجلس فتتكون من قادة المجموعات الإنجيلية أو من يمثلهم، إضافة إلى أحد الأجانب، الذي تصفه الوثيقة ب"راعي الكنيسة الأجنبية" بالمدينة.

التلمذة الروحية!



وإلى جانب ذلك، تم العثور أيضاً على ملفات للتسجيل فيما يُسمَّى ب"مدرسة التلمذة الروحية" (DTS)، وعلى صفحتها الأولى هذه العبارة من الإنجيل: "أظهرت لهم اسمك، وسأظهره لهم لتكون فيهم محبتك لي، وأكون أنا فيهم".. وهكذا!
وأكد سكان العمارة المذكورة أن الأجنبي الذي ترك هذه الوثائق في شقته قد اختفى مباشرة بعد علمه بزيارة عنصرين من جهاز الأمن للاستفسار عنه، وذكروا أنه كان يستقبل مجموعة من المغاربة بشكل منتظم في بيته الذي كان يقيم فيه برفقة زوجته وابنتيه، ومن المرجَّح أن تكون هذه اللقاءاتُ اجتماعاتٍ لمجلس المجموعات الإنجيلية بمراكش.
وفي يوم30 نوفمبر2006م، قضت محكمة مغربية بسجن سائح ألماني ستة أشهر وتغريمه 500 درهم (60دولاراً) بتهمة محاولة تنصير مسلمين في منتجع أغادير أبرز مقصد سياحي بجنوب البلاد..
وقال مسؤولو المحكمة: إن الألماني المتهم من أصل مصري، واسمه صادق نصحي يسي، وقد أُلقِي القبض عليه بينما كان يوزع كتباً وأسطواناتٍ مدمجةً عن النصرانية على شبان مغاربة مسلمين في الشارع.
وبموجب القانون المغربي فإن "من يحاول زعزعة إيمان مسلم أو تحويله إلى دين آخر يُسجَن ما يصل إلى ستة أشهر ويُغَرَّم".
وصدر الحكم بعد تقارير في وسائل إعلام محلية عن إطلاق نصرانيين حملة سرية لتحويل آلاف المسلمين المغاربة إلى النصرانية.. وتذهب تقديرات دبلوماسيين غربيين إلى أنه يوجد حوالي 20 ألف نصراني أجنبي في المغرب معظمهم يقيمون في الرباط والدار البيضاء.
وفي أول فبراير2007م، كشفت مصادر إعلامية مغربية عن "إطلاق موقع إلكتروني جديد للتنصير في المغرب، يعتمد على اللهجة العامية في مخاطبة المسلمين هناك، ويقدّم شهادات حية بالصوت لمغاربة غيّروا دينهم إلى النصرانية، ويتحدثون عن دينهم الجديد وعن المسيح بالعامية المغربية، ويتم الترويج لهذا الموقع بكثافة على شبكة الإنترنت".

خلية تنصيرية



وقامت السلطات الأمنية بمدينة "أغادير" في 7يونيو2007م باعتقال خلية تنصيرية تعمل وسط المسلمين، وصرحت مصادر أمنية أن التحقيقات أثبتت ارتباط تلك الخلية بجهات أجنبية تشجع على تحويل المغاربة من الإسلام إلى النصرانية، مستغلة في ذلك أوضاعهم المعيشية ورغبة بعض الشباب في الهجرة نحو الخارج.
وذكرت صحيفة "جورنال كريتيان" النصرانية (Journal Chrtien)، التي نشرت سلسلة مقالات عن الوضع التنصيري بمنطقة المغرب العربي، أن المملكة المغربية تشهد غزواً تنصيرياً سرياً يستقطب عدداً من المسلمين نحو النصرانية البروتستانتية ذات المذهب الإنجيلي.
وأفاد القسّ "جون ليك بلان"، من الكنيسة النصرانية الإنجيلية بالمغرب، أن هناك حوالي 500 منصِّر من الكهنة يتواجدون بشكل دائم بالمغرب أغلبهم من الأنجلوفون والأمريكان، مقابل 5 قساوسة من البروتستانت مسجَّلين رسمياً في الكنيسة الإنجيلية بالمغرب..
وأوضح أن المنصِّرين في المغرب ينقسمون إلى ثلاثة أصناف، فمنهم مَن يعمل بشكل منفرد ويختص بتنظيم مخيّمات صيفية للشباب، ومنهم من يُخفي مهمته التنصيرية السرية ويستتر وراء صفات مهنية كأطباء وممرضين، وإعلاميين، وأساتذة لغات في المراكز والبعثات التعليمية الأجنبية، ومستثمرين، ومهندسين ومقاولين، يُشترط فيهم معرفة كاملة بالدين النصراني، واطلاع كافٍ على تعاليم الإسلام.. في حين أن مصنَّفين ضمن فئة أخرى يرتبطون بكنيسة ما، ويُعدّون من كهنة التنصير الذين يعملون بصفة موظفين للكنيسة.
ثقافي أم تنصيري؟!: وشهدت مدينة "أصيلة" في مطلع نوفمبر 2007م تنظيم يوميْن ثقافييْن بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، في سابقة هي الأولى من نوعها، أشرفت عليهما راهبات الكنيسة الوحيدة بالمدينة، والتي خصصت اليوم الأول للحديث عن "مريم العذراء في الإنجيل" ألقاه الكاهن "خراردو سانشس ميلكو" الذي حوّل المحاضرة من عرض علمي إلى نشاط تنصيري صرف استاء منه الحضور من أبناء المدينة، وعبّروا عن امتعاضهم أكثر خلال المحاضرة الثانية التي تمت في وقت صلاة الجمعة، وكانت بعنوان "مريم في القرآن الكريم" من إلقاء "جارة الله منظريول" التي قدمت من إسبانيا وادّعت أنها مسلمة، حيث سجّل الحضور الأخطاء المتكرّرة في عرض الآيات القرآنية وتأويلها بطريقة تخدم أهدافها..
وتسبب عقد المحاضرة الثانية في وقت صلاة الجمعة في إحراج شديد للسلطات المحلية، التي حضرت النشاط الثقافي الكنسي، ما اضطر قائد المقاطعة إلى الانصراف للصلاة ولحق به معظم الحضور من أبناء المدينة المسلمين، في حين تشبّث منظمو النشاط من النصارى باستكمال اللقاء.

800 منصّر.. و50 كنيسة



وفي 7نوفمبر2007م، ذكرت صحيفة "التجديد" المغربية أن التقارير التي تصدرها المنظمات التنصيرية كشفت وجود نحو 150 ألف مغربي يتلقون عبر البريد من مركز التنصير الخاص بالعالم العربي دروساً في النصرانية، وأن لدى هذا المركز منصِّرين يعملون وسط شريحة تصل إلى مليونيْ مسلم في دول المغرب العربي والمقيمين بفرنسا، وأن هذه المنظمات تملك برامج إذاعية وتلفزيونية دولية لنشر الإنجيل، إضافة إلى 635 موقعاً تنصيرياً على شبكة الإنترنت!
وتؤكد تقارير إعلامية عربية وغربية وجود 800 منصِّر بالمغرب يعملون تحت غطاء العمل الخيري والاجتماعي،، مستغلين الفقر والأمية، ومعتمدين على تشويه الدين الإسلامي، وأن عام 2004م شهد وحده ارتداد نحو 2000 مغربي عن إسلامهم.. كما تحدثت تقارير صحفية عن وجود 13 كنيسة بالمغرب تعمل في مجال التنصير، واحدة في مراكش، وست في الدار البيضاء، وخمس في الرباط، وواحدة في العيون..
بينما تشير تقارير أخرى إلى أن عدد المنصِّرين بالمغرب قد يكون أكثر من ذلك باعتبار الصبغة التمويهية والخفية لهؤلاء، وأن عدد الكنائس التي تعمل في مجال التنصير يصل إلى 50 كنيسة، بمدن مثل: الدار البيضاء، مراكش، طنجة، تطوان، فاس، مكناس، أغادير، والرباط.
وقد احتل موضوع التنصير في المغرب فقرة من البيان الختامي للمؤتمر العام الثالث لحركة "التوحيد والإصلاح" المنعقد قبل عام تقريباً، وعبّرت فيه الحركة عن قلقها من تنامي شبكات التنصير التي تستغل ظروف الفقر والحرمان والتهميش الاجتماعي، ودعت كل الفاعلين في مجال الحقل الديني والثقافي والمسؤولين للقيام بالواجب من أجل مواجهة هذا الخطر الذي يهدد النسيج الديني والأمن الروحي للمغاربة.

التنصير.. في البرلمان!



وسبق لفريق "حزب الاستقلال" في مجلس النواب المغربي طرح هذه القضية تحت قبة البرلمان، وأكد أن مراكز التنصير تملأ المدن المغربية بدءاً من الرباط والدار البيضاء، مروراً بطنجة وتطوان، وصولاً إلى مناطق الريف وأطلس الجنوب والمناطق الصحراوية، فضلاً عن المناطق الأمازيغية التي يشكل فيها البربر 48 % من سكان المغرب، مشيراً إلى الدور المشبوه للسفارات والهيئات الدبلوماسية الأجنبية، خصوصاً الأمريكية والفرنسية، في البلاد..
وحذّرت المناقشات البرلمانية من أن هدف المُنصِّرين هو أن يُدخلوا 10% من المغاربة إلى النصرانية حتى عام 2020م، وأن جماعات التنصير أغرقت المغرب بأناجيل "متى" و"مرقص"، وأن أنشطتها لم تعد تقتصر على تقديم الخدمات الاجتماعية والصحية، بل اخترقت جميع المجالات.

محبة لإخواننا العرب!



ونشر الموقع الإلكتروني ل"حركة التوحيد والإصلاح" خبراً عن منشور يدعو إلى التنصير، يقوم ما يُسمَّى "مركز الحياة الفضلى" بتوزيعه على تلاميذ المدارس وبعض الشباب يدعوهم فيها إلى النصرانية، ويعدهم بالحصول على عمل..
ويسعى "مركز الحياة الفضلى" التنصيري الذي يوجِّه رسالته إلى "الأعزاء في شمال إفريقيا وأوروبا"(!) إلى "التعريف بالثقافة النصرانية الحقيقية والمبنية على التعاليم الصحيحة، وذلك بتقديم دروس مجانية بالمراسلة، وبرامج إذاعية، وزيارات شخصية"!.. ويقول منشور المركز: "إن نصائحنا وتوجيهاتنا وإرشاداتنا بالمجان وبدون مقابل، وأعمالنا التي نقوم بها محبة لربنا ومحبة لإخواننا العرب"!
وتجدر الإشارة إلى أن نتائج الاستطلاع الذي أجراه موقع حركة التوحيد والإصلاح حول أسباب تنامي ظاهرة التنصير بالمغرب (حتى يوم 23أبريل2005م) قد أوضحت أن نسبة 38,25% أرجعت السبب إلى استغلال الظروف المادية والاجتماعية، فيما أكدت 29,49% أن ضعف الثقافة الإسلامية والحصانة الذاتية هو السبب في الظاهرة، بينما ذهبت آراء 19,35% إلى أن التساهل الرسمي مع المنصِّرين الأجانب هو السبب.. وأتى تقصير العلماء والدعاة، وتشويه صورة الإسلام لدى بعض المغاربة في المرتبتين الأخيرتين بنسبتَيْ 11,06% و1,85% على التوالي

غلاف مجلة المجتمع العدد 1786

مجلة المجتمع الكويتية : ماذا لو عاد العلامة عبد الحميد بن باديس رائد النهضة الإسلامية الإصلاحية في الجزائر من قبره ورأى الإرساليات التنصيرية تهرول نحو الجزائر وهي تدس السم في العسل للشباب الجزائري الذي سرقته البطالة حيناً وغربته المحن السياسية حيناً آخر؟!
ماذا تراه سيقول لو رأى 300 كنيسة تفتح أبوابها لعشرة آلاف مرتد عن الإسلام حسب بعض الإحصائيات الجزائرية من الذين ركبوا الموجة "اليسوعية" التي قذفت بها الأيادي الأجنبية الحاقدة على الإسلام إلى الجزائر طمعاً في وظيفة أو مال؟
وماذا تراه سيقول وهو يرى رياح التنصير تهب على الجزائر وهو صاحب بيت الشعر الشهير:
شعب الجزائر مسلم
من قال حاد عن أصله
الأرقام المذهلة تقول للأسف إن التنصير في الجزائر يكاد يبتلع منطقة القبائل في الشمال بالكامل، وهي التي بدأ نشاط المنصرين فيها مبكراً بالتوازي مع احتلال الجزائر عام 1830م، وكذا بعض المناطق في الجنوب الجزائري، وبدلاً من أن يواجه المسؤولون الجزائريون هذه الكارثة التي أصبحت معروفة بالأرقام وبتفاصيل الإرساليات التنصيرية، يعتبرون هذه الأرقام من قبيل المبالغة، ويقولون إن الهدف منها إذكاء نار الحقد والضغينة حسب قولهم(!)
أما ضحايا هذا التنصير فهم من خيرة الشباب الجزائري الذين وقعوا في بئر الغواية والوعود ودسّ السم في العسل، وهم الذين يعانون من البطالة وقلة العمل وعدم القدرة على تكاليف الزواج والذين فرقتهم خلافات الفرقاء السياسيين في بلادهم، فأغراهم المنصرون بالعمل والمال كطوق نجاة من جحيم البطالة والفقر والصراعات الداخلية.
(المجتمع) حققت في خفايا التنصير في عدد من الولايات، وتفتح هذا الملف الشائك وتنشر إحصاءات مهمة عنه، وتستعرض آراء شباب تنصّروا، ومسؤولين جزائريين استجوبناهم فنفوا أن يكون التنصير بهذه الحدة وتلك الضراوة، وإن اعترفوا بوجوده، إلا أنهم قالوا إن الاسلام بخير وإن المتنصرين واحد في المليون، وهم من الجهلة وضعاف النفوس ومدمني المخدرات!

بداية التنصير



يخطئ من يظن أن التنصير في الجزائر حديث الولادة، فقد تضافرت الظروف الأمنية التي اندلعت في بداية التسعينيات مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتردية في خلقه، فولد التنصير في أحضان الحملة الفرنسية على الجزائر عام 1830م، حيث اصطحب قائد الحملة الفرنسية "دوبونياك" بتوصية من دائرة الاستعمار التابعة لوزارة الخارجية الفرنسية 14 قساً فرنسياً جاءوا ليطبقوا المقولة التالية على أرض الواقع: "يجب أن يندحر الهلال وهو لفظ يطلقه الفرنسيون على الإسلام حتى تعود الجزائر إلى أحضان الصليب".
ولذلك قام الفرنسيون بتحويل المساجد إلى كنائس واصطبلات لخيول الجنود الفرنسيين، وبالموازاة مع ذلك، ألغوا معاهد التعليم الديني واللغوي، وحاربوا الزوايا وحولوها إلى أوكار للشعوذة، وانطلق القساوسة الذين عرفوا ب"الآباء البيض" نحو منطقة القبائل وأغاروا على المجتمع "القبائلي" بعد أن أخفوا صفتهم الكهنوتية وعملوا على إقناع البسطاء والأميين بأن الإسلام هو السبب في القضاء على العِرق البربري، وأن العرب الغزاة الذين جاءوا من مكة والمدينة قاموا بمصادرة أراضي البربر وقضوا على لغتهم!
وسعياً لتشويه ماضي الإسلام ألقوا في روعهم أن عرب اليوم هم امتداد للعرب الفاتحين، كما عملت الكنيسة الفرنسية على إقناع سكان منطقة القبائل بأنهم ينتمون إلى العنصر الآري الذي تنتمي إليه أوروبا وفرنسا الكاثوليكية، وبعد استقلال الجزائر أقامت فرنسا عام 1963م ما سمي "الأكاديمية البربرية" التي اضطلعت بكتابة الإنجيل بالحروف الأبجدية الأمازيغية، وظلت البعثات اليسوعية تمد أذرعها الأخطبوطية إلى منطقة القبائل بشكل لافت ومثير للقلق.
وقد نتج عن هذا حسب وكالة "الأسوشيتد برس" عام 2004م ظهور 15 كنيسة في مدينة "تيزي أوزو" الواقعة على بعد 98 كيلومتراً من العاصمة، وصار نحو 30 % من سكان هذه المنطقة رواداً لتلك الكنائس، وبدأت أناجيل ذات طبعات أنيقة تصلهم بشكل منتظم، حتى الأطفال أرسل لهم المبشرون أقراصاً مضغوطة (سي دي) تتناول حياة المسيح مستخدمة في ذلك "الأمازيغية" وهي اللغة المتداولة في منطقة القبائل، وكشفت دراسة أكاديمية عن أن وفوداً من الرهبان الإنجيليين الأمريكيين ذهبت إلى ولايتي "تيزى أوزو" و"بجاية" الواقعة على امتداد 160 كلم شرق الجزائر العاصمة ضمن مسلسل التنصير المكثف.

6 شباب يتنصرون يومياً!



وقد عكف عدد من الباحثين الجزائريين على رصد هذا النشاط التنصيري الواسع، وظهرت عدة تقارير بحثية ترصد إحصاءات ميدانية عن هذا التنصير، ففي بحث أعده ثلاثة باحثين جزائريين، تم الكشف عن ارتفاع معدل التنصير في الجزائر حتى إن عدد المرتدين عن الإسلام بلغ 10 آلاف شخص، وبمعدل 6 أشخاص في اليوم معظمهم من الشباب.
وحسب تقرير الأديان التابع للخارجية الأمريكية، فإن فئة "غير المسلمين" في الجزائر بلغت نصف مليون شخص يرتادون 300 كنيسة أغلبها في منطقة القبائل.
وتقول تقارير أخرى لباحثين جزائريين إن المنصرين لعبوا في شمال الجزائر على وتر الانفصال الذي ترفعه حركات أمازيغية لللتنصير بين الجزائريين هناك، فيما لعبوا في الجنوب على وتر الفقر وتردي الأحوال الاجتماعية والاقتصادية لتنصير الجزائريين، بينما ركزوا في ولايات أخرى تعاني من العنف الأمني والقتال بين أبنائها على تهجير أبنائها لتنصيرهم في الغرب.
وأحد هذه التقارير ذكر أن نسبة 25 % من سكان بعض القرى في منطقة القبائل وفي بعض مناطق الجنوب الجزائري، اعتنقوا المسيحية بفعل هذه السياسة التنصيرية؛ لما لمنطقة القبائل من خصوصية فرضها الإرث التاريخي القديم باعتبارها موطئ القدم الأول للمحتل الفرنسي، وكنتيجة لمطالب حركاتها السياسية المتمثلة في تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس، ومطالب الانفصال التي تستهدف استئصال هذه المنطقة جغرافياً عن بقية الجزائر.
فيما انتهز المنصرون في الجنوب الجزائري تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ليقبضوا على رقاب الأهالي بإغراء المال والعمل وينحرفوا بهم إلى المسيحية، إذ يقول تقرير أعدته باحثتان جزائريتان: إن المنصرين تغلغلوا في مناطق الجنوب الجزائري وصاروا يشاركون الأهالي أكلهم وشربهم ويتحدثون لهجتهم ويمتهنون رعيهم بل إن من نسائهم من تتبادل الزيارات مع نساء قبائل "الطوارق" بغية تنصيرهن!
وحسب نفس التقرير، فإن نسبة المرتدين في منطقة "تيميمون" الواقعة في الجنوب الجزائري، بلغت 5 % بزيادة 3 % مقارنة بالسنوات الماضية، فيما يقول تقرير آخر: إن نشاط مختلف الكنائس تزايد بنسبة 70 % خلال السنوات الماضية، رغم أن نشاط الكنائس التي تعمل في إطار قانوني نسبتها 30.5% وإن هذه الكنائس تحاول اجتذاب الشباب العاطل والفقير بتقديم يد المساعدة له حتى يسهل اقتياده فيما بعد إلى المسيحية، وهو الأمر الذي تعكف عليه الكنيسة البروتستانتية في ولايات "بسكرة" و"ورقلة" و"تقرت" و"جامعة" بولاية "الوادي".
حيث تشرف هذه الكنيسة على المشاريع المصغرة لاستصلاح الأراضي الزراعية ودعمها مادياً، كما تعمل على إنشاء مطبعة خاصة بطباعة الإنجيل بالجزائر العاصمة حتى تسهل مهمة توزيعه في كل ولايات الجزائر. وحتى تضمن استمرار نشاطها، قامت بتوزيع عناصرها على أربع جهات من البلاد حيث تختص كل مجموعة بجهة معينة ليتم تقديم تقارير للكنيسة الكاثوليكية في العاصمة حول أوضاع الأقلية المسيحية في مختلف مناطق الجزائر.
كما تقوم هذه الكنيسة من خلال جمعيات نشيطة بتنظيم مخيمات لما يسمى "المؤمنين الجدد" ويتم خلالها تعليمهم عقيدة التثليث وقواعد المسيحية بشكل عام، علماً بأن الكنيسة "البروتستانتية" بالجزائر تلقى كل الدعم المادي من طرف المنظمة الدولية للكنائس الموجودة بالولايات المتحدة.
وينتشر التنصير أيضاً في مدينة "عنابة" الواقعة في الشرق الجزائري عبر كنيسة القديس "أوجستين" بسبب الدعم المادي والمعنوي من الكنيسة، وفي ولاية "تمنراست" (1900 كلم جنوب الجزائر العاصمة)، حيث لا تزال كنيسة "أسكرام" تفتح ذراعيها للهاربين من نور الإسلام إلى ظلام التنصير، كما تعمل كنيسة "السيدة الإفريقية" في الجزائر العاصمة على تقديم عروض للعلاج في الخارج مقابل التنازل عن الإسلام، حيث يستقبل الرهبان الشباب المتردد على مكتبات الكنائس ويزودونهم بالكتب والمجلات التنصيرية وأشرطة فيديو لحصص باللغة "الأمازيغية" تتحدث عن فضائل المسيحية.

التدهور الأمني يشجع التنصير



وتعتبر الأوضاع الأمنية المتردية التي عاشتها الجزائر عقب توقيف المسار الانتخابي في بداية التسعينيات من أكثر الأسباب التي شرعت الأبواب للتنصير في الجزائر.
وحسب تقدير إحصائيات رسمية فقد تم استدراج 20.000 جزائري إلى المسيحية؛ لأن السلطات الجزائرية انشغلت آنذاك بتضييق الخناق على المساجد بحجة إبعاد السياسة عن الدين أو حماية الدين من السياسة؛ ولأنه رافق هذا التضييق حملة شعواء ضد المدارس الجزائرية وضد اللغة العربية ومادة التربية الإسلامية على وجه التحديد.
كما عملت الطبقة الفرانكفونية التي كانت في مراكز السلطة والقرار التي تدعم هذه الإرساليات التنصيرية على محاربة التدين الإسلامي بزعم الحد من تنامي التيار الأصولي ومن ضمنه تيار العروبة.
وفتح هذا الباب للإرساليات التنصيرية للعمل بحرية خصوصاً في منطقة القبائل، فعملت على بناء الكنائس في منطقة القبائل وتقديم دروس العقيدة المسيحية للشباب القبائلي الذين تنصّر منهم المئات، وساعد على هذا الغزو الإعلامي المتمثل في الفضائيات والإذاعات التنصيرية الموجهة لسكان شمال إفريقيا عامة ومنطقة القبائل خاصة، وبدأت الإرساليات تسد حاجات الشباب بالإغراءات المادية كالهجرة والزواج والتكفل بمصاريف العلاج كل ذلك بغرض المقايضة بترك الإسلام.

المنصرون يعملون في صمت



لأن محاولة الولوج إلى عالم المتنصرين الذين باعوا دينهم مقابل حفنة من الوعود والأماني ليس بالأمر السهل على اعتبار أن 99% من الشعب الجزائري مسلم وليس من السهل أن يعلن المرء عن نصرانيته أمام الملأ وإلا اعتبر مرتداً ومنبوذاً من ذوي أرحامه، فقد سعى المتنصرون لإخفاء أمر اعتناقهم للنصرانية خاصة في المناطق التي لا تعرف انتشاراً واسعاً للتنصير، ففي ولاية "سطيف" الواقعة 300 كلم شرق الجزائر العاصمة، لا أثر ظاهراً للمسيحية فيها.
ولكن "المجتمع" اكتشفت خلية تدير نشاطاتها في مقر سري وتحت إشراف قس فرنسي يعمل طبيباً للمعاقين، وإن كان الوصول إلى هذه الخلية السرية من أصعب المهمات التي صادفتنا لأن التكتم الشديد يطبع أمر التنصير في هذه المدينة المحافظة، غير أن العناصر التي تنتمي إلى هذه الخلية تحاول أن تنشر المسيحية بين الناس في صمت وهو الأمر الذي تعرض إليه أحد الأشخاص الذي كان مسافراً في حافلة، وفوجئ بفتاة جلست بالقرب منه تعرض عليه المسيحية!
وقد كشف لنا مسؤول رفيع المستوى أن التنصير في المناطق الشمالية لولاية "سطيف" يشهد نشاطاً متزايداً على عكس المناطق الأخرى وقال: "إن بعض السكان هناك أبلغونا أنهم عثروا على كتيبات ومنشورات على قارعة الطريق تتحدث عن مزايا المسيحية"، وأكد هذا المسؤول أن الجامعة هي أكثر البؤر التي ينتشر فيها التنصير لكونها تضم طلبة أفارقة استطاعوا أن يؤثّروا على بعض الطلبة ويردونهم عن دينهم.
ومع ذلك يعتبر طلبة الجامعة أكثر وعياً في التصدي لظاهرة التنصير على عكس طلبة الثانويات الذين يسقطون في فخ التنصير من أول وهلة، وفي هذا الصدد عبر أولياء أمور تلاميذ إحدى الثانويات بالجزائر العاصمة عن قلقهم بعد عثورهم على أناجيل وصلبان في "محافظ" أبنائهم وتبين فيما بعد أن هذه الأناجيل والصلبان قدمت إلى المنطقة عبر البواخر القادمة من مختلف الدول الأجنبية.
والملاحظ أن الإغراءات المادية ليست وحدها وراء تنصر العشرات من الشباب، فهناك من ارتمى في أحضان المسيحية هروباً من فهم خاطئ لتشريعات الإسلام أو من التزامات الشريعة، مثل حالة شاب اعتنق المسيحية لأن الأوروبيين يبيحون الزنى بالنساء وشرب الخمر!
ومن الآثار التي خلفها التنصير الذي اجتاح منطقة القبائل، أن أحد المساجد بقرية "حسناوة" تم تحويله إلى شبه مقهى ونُصب هوائيٌ مقعر فوق مئذنته لتلقي الاستقبال الجيد حسب سكان هذه المنطقة، كما تشهد مناطق أخرى في ولاية "تيزي أوزو" فتح مطاعم لتقديم لحم الخنزير، وقد أكد الصحفي "ن. هارون" مراسل جريدة "الشروق اليومي" من ولاية "بجاية" ل "المجتمع" أن التنصير في بعض قرى هذه الولاية اشتد أُواره خاصة قرية "فرعون" ولكنه قال: إن حلول شهر رمضان ورياحه الإيمانية كانت فرصة ل 45 شاباً كي يعودوا إلى أحضان الإسلام بعد أن غرر بهم أحد الشيوخ الذي اعتنق المسيحية إبان الاستعمار الفرنسي ووعدهم أنه سيتكفل بأمورهم الشخصية من خلال ربط علاقاتهم بجمعية فرنسية تمهيداً للهجرة ثم أخلف وعده.

قوانين لمكافحة التنصير



ولأن الظاهرة استفحلت، وظهر نشاط محموم للمبشرين لتنصير الشباب بصفة خاصة ضرباً على وتر الفقر والبطالة والعمل في أوروبا، فقد كان من الطبيعي أن تتحرك الدولة الجزائرية وتتصدى لهذه الظاهرة بسن العديد من القوانين التي من شأنها أن تنزع فتيل التنصير في الجزائر، ومن أهم هذه القوانين ما تم إصداره بموجب الأمر الرئاسي (06 - 03) والذي صادق عليه مجلس الوزراء في 27 فبراير 2006م وتضمن قانوناً لتنظيم الشعائر الدينية لغير المسلمين وأورد عقوبات ردعية ضد المنصرين الذين يتخفون وراء حرية المعتقد لفتنة الجزائريين.
حيث حدد القانون العقوبات بالسجن الذي يتراوح مابين 2 إلى 5 سنوات وغرامة مالية من 500 ألف إلى مليون دينار جزائري، كما حدد شروط وكيفيات سير التظاهرات الدينية لغير المسلمين، ووضع إجراءات صارمة من شأنها أن تحد من تحركات المنصرين ومما جاء فيه: "إن التظاهرات الدينية يجب أن تخضع للتصريح المسبق من طرف والي الولاية وأنه يجب توضيح الهدف من التظاهرة، وتسمية الجهة المنظمة، والعدد المحتمل للمشاركين".
وقد أقر البرلمان الجزائري في نفس السياق قانوناً يمنع الدعوة لاعتناق دين آخر غير الإسلام ونص على إنزال عقوبات بالسجن لمن يحاول دعوة مسلم إلى اعتناق دين آخر أو من يخزّن أو يوزع أشرطة سمعية أو بصرية أو أية وسيلة أخرى تهدف إلى زعزعة الإيمان بالإسلام.
ورغم هذا فقد أكد عبد الله طمين المستشار الإعلامي لدى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية ل "المجتمع" أن ظاهرة التنصير في الجزائر عموماً وفي منطقة القبائل الكبرى خصوصاً مبالغ فيها إعلامياً، وأن القضية لا تتعدى المحاولات اليائسة للقلة القليلة التي استجابت لدعوة التنصير و"التي لاتتجاوز الجري وراء تحقيق بعض المصالح الشخصية الضيقة لأناس محتاجين، جهلة، مرضى نفوس، مدمنين على تناول المخدرات..." وقال: "نسبة هؤلاء لا تتعدى واحداً في المليون وليس المئات أو الآلاف كما قالت وسائل الإعلام ومقابل التنصير في منطقة القبائل يجب أن أذكّر بالإقبال المتزايد على بناء المساجد وتشييد وتعمير المؤسسات الدينية بصفة عامة".
وأضاف: "إنه كمثال على ذلك يوجد قرابة 2000 مسجد و50 زاوية تاريخية وعشرات المدارس القرآنية ومعهد إسلامي، وتسجيل قرابة مائة حالة اعتناق جديدة للإسلام بمنطقة القبائل (من مجموع قرابة الألف حالة في الجزائر كلها) التي حاربت بالأمس المعتدي على وطنها ودينها الإسلامي، وإن مساجدها اليوم تفيض بأكثر من مليون مصلٍ".
وأوضح أن "العدد الحقيقي للجالية المسيحية في الجزائر لا يتعدى 11 ألف مسيحي، وأن مجهودات المؤسسات الدينية الإسلامية الجزائرية في مجال تحصين المجتمع الجزائري من الغزو العقدي، تتمثل عموماً في نشر الثقافة الإسلامية على أوسع نطاق مع تعريف الإسلام وتحبيبه إليهم وتقوية ارتباطهم به والتعهد بالرعاية الدينية الإسلامية".

قبل فوات الأوان!



ليس من الحكمة في شيء أن نعتبر ظاهرة التنصير في الجزائر حتى وإن لم تكن بالحدة التي صورتها بعض الأرقام سحابة عابرة سرعان ما تزول بزوال الظروف والأسباب التي أوجدتها، لأن التنصير في الجزائر أصبح له بارونات ورؤوس كبيرة تديره من وراء البحار والمحيطات، وقساوسة ورهبان يقبضون على ناصيته ويسهرون على استمرار نشاطه داخل الجزائر، سيّما وأن الإرهاب عاد مجدداً على ظهر دبابة وهو يحاول أن يعطي صورة سيئة عن الإسلام ما يقدم خدمة لهؤلاء المنصرين للتنفير من الإسلام ونشر المسيحية.
لذلك من الضرورة بمكان أن تتكاتف جهود الدولة الجزائرية والقوى الإسلامية وعلماء الدين لمحاصرته ومحاربة مروجيه بإبراز المعاني الروحية للإسلام وأبعاده الحضارية؛ لأن معظم الذين تنصروا لم تكن علاقتهم بالإسلام وطيدة ولم ينهلوا من مشاربه العذبة النقية، فما أن عُرض عليهم البديل حتى تخلوا عن دينهم، فالخوف كل الخوف على هؤلاء الذين يصبحون على الإسلام ويمسون على المسيحية، أما الجزائريون الذين قصدهم العلامة بن باديس بشعره الشهير الذي أشرنا إليه في بداية هذا الاستطلاع، فالإسلام منسكب في دمائهم، فلو وضعوا الشمس عن يمينهم والقمر عن شمالهم مابدلوا دينهم.

قسّ فرنسي يشكك في شرعية أضحية العيد!



لم يكتف القساوسة بزرع بذور التنصير في الجزائر فحسب، بل عمدوا إلى التشكيك في تعاليم الإسلام والتشويش عليها حتى يصبح اقتياد الناس إلى المسيحية أسهل من اقتياد الخراف إلى المذبح، في هذا الصدد ألقى قس فرنسي ينتمي إلى كنيسة "تافاث" بولاية "تيزي أوزو" خطبة على 120 شخصاً من سكان هذه المنطقة ممن سقطوا في شباك التنصير وألقى في روعهم أن أضحية العيد ماهي إلا حقيقة تاريخية مزيفة، وأن النبي الذبيح الذي فداه الله حسب ما جاء في الإنجيل هو إسحاق وليس إسماعيل عليهما السلام كما أخبر بذلك القرآن الكريم، ودعا أتباعه إلى اجتناب ذبح أضحية العيد، وعلى إثر هذه الخطبة تحرك القساوسة الذين ينشطون على مستوى جميع الكنائس المتناثرة على تراب ولاية "تيزي أوزو"، وقاموا بتعليق صور الكباش أمام صلبان الكنائس، وذكرت جريدة "الشروق اليومي" أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، دعت القس الفرنسي المروج لهذه الخرافة إلى مناظرة علمية على الملأ للتأكيد على شرعية أضحية العيد، غير أن الكنيسة رفضت استلام الدعوة، وهو ما فسرته جمعية العلماء المسلمين "بضعف حجة هؤلاء الناس وافتقارهم إلى أي سند علمي لما يفترونه من أكاذيب حول الإسلام والمسيحية"، وشددت الجمعية في ذات الوقت على الوقوف بالمرصاد في وجه هذه الحملات المسعورة التي ترمي إلى ضرب الإسلام في عقر داره

***

الجزائر ـ القدس العربي :
يتولي الدكتور الشيخ أبوعمران رئاسة المجلس الاسلامي الاعلي بالجزائر منذ شهر حزيران/يونيو 2001 بقرار من الرئيس بوتفليقة.
ومن الوظائف التي تقلدها قبل ذلك، اضافة الي التدريس، منصب مستشار وطني في الثقافة سنة 1990 ليتسلم حقيبة وزارة الاتصال (الاعلام) والثقافة سنة 1991 في حكومة سيد احمد غزالي وبعد استقالته منها ترأس اتحاد الكتاب الجزائريين من سنة 1995 إلي سنة 1996.
للدكتور أبو عمران عدة أعمال ومساهمات ثقافية أهمها بحث حول مشكلة الحرية الإنسانية و الفكر الإسلامي نظرة شاملة مع لويس غاردي و الأمير عبد القادر، المقاوم والإنساني و قضايا في التاريخ والثقافة الذي هو تحت الطبع، هذا ويجري التحضير لإعادة طبع كتابه الذي نال به الدكتوراه حول المعتزلة بعد مراجعته وإدخال بعض التعديلات عليه.
وقد عاشت الجزائر في الاسابيع القليلة الماضية جدلا سياسيا ـ فقهيا فريدا من نوعه كان الشيخ أبوعمران أحد طرفيه وطرفه الآخر بين وزير الشؤون الدينية والاوقاف، بوعلام الله غلام الله.
القدس العربي التقت أبوعمران بمكتبه ودار معه هذا الحوار:.

دعنا نبدأ بحوار الأديان.. جاء رئيس الجمهورية الإسلامية السيد محمد خاتمي ونادي بـ حوار الحضارات ثم أعقبه رئيس الحكومة الاسبانية السيد ثباتيرو وطرح تحالف الحضارات .. السؤال هو: كيف يمكن أن تتحالف حضارتان غير متكافئتين ولا متوازيتين من حيث القوة والتقدم العلمي والمادي، وهل شهدت هذه الدعوات خطوات ملموسة علي أرض الواقع؟
هذه ملاحظة في محلها ولكن نحن نتعامل مع الواقع، فلقد سبق وأن جاءتنا نظريات خاطئة من اليمين المسيحي بأمريكا ومنها فكرة صدام الحضارات ، والمتصفح لتاريخ الحضارات يشهد أن هناك فترات قليلة التي شهدت فيها حروبا وصدامات مقارنة بالفترات التي ساد فيها السلم والتعاون والتفاهم. وسبق وأن بادرنا من جهتنا ع
التاريخ: 04/03/2008