واشنطن 23 أكتوبر 2010م - نشر موقع (ويكيليكس) ليل الجمعة السبت 400 ألف وثيقة سرية بشأن الحرب في العراق اتهمت واشنطن بتجاهل التحقيق بالتعذيب الذي تعرض له مواطنون عراقيون على يد القوات العراقية ومقتل عدد كبير من المدنيين خلال الأعمال الحربية كما كشفت عن مدى القلق الأميركي من التدخل الإيراني على الساحة العراقية.
وقد نشرت عدة وسائل إعلامية حول العالم الوثائق بينها صحف (الغارديان) البريطانية و(نيويورك تايمز) الأمريكية و(لوموند) الفرنسية و(دير شبيغل) الألمانية.
وتعتبر الوثائق أكبر تسريب لوثائق سرية عن الحرب في التاريخ.
وأظهرت الوثائق أن القوات الأمريكية تجاهلت التحقيق في تقارير عن إساءة المعاملة والتعذيب وحتى القتل التي ارتكبتها الشرطة والجنود العراقيون. كما قتلت مروحية أمريكية في بغداد متمردين عراقيين فيما كانوا يحاولون الاستسلام.
وأظهرت الوثائق أن أكثر من 15 ألف مدني قتلوا في حوادث لم يتم التبليغ عنها من قبل، وأفادت السجلات عن وقوع 66081 حالة قتل خارج إطار القتال من بين 109 آلاف وفاة.
وذكرت (الغارديان) أن التقارير عن تعذيب المساجين تشمل أدلة طبية تصف تقييدهم بالأصفاد وإغماض عينوهم وتعليقهم من المعصم أو الكاحل وجلدهم ولكمهم وركلهم وإخضاعهم للكرسي الكهربائي، وبحسب التقارير أدى ذلك إلى مقتل 6 معتقلين.
وأشار الوثائق إلى أن القوات الأميركية تلقت في كانون الأول/ ديسمبر الماضي شريطاً مصوراً يظهر جنوداً عراقيين يعدمون سجيناً في تل عفر في شمال البلاد من خلال رميه في الرصاص في وسط الشارع، وقد حصلت قوات التحالف على اسم أحد الجنود على الأقل، غير أن التقرير أوضح أن الحلف يتبع سياسة رسمية بتجاهل التقارير المماثلة، حيث تسجل أنه لا يوجد حاجة للتحقيق وتحيله إلى الوحدة العراقية التي تورطت بأعمال العنف أصلاً.
غير أن الوثائق توضح أن التقارير بشأن تورط القوات الأمريكية والعراقية بأعمال مماثلة يخضع للتحقيق.
وذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) أن عدد المدنيين القتلى أعلى بكثير مما اعترفت به الإدارة الأميركية في عهد الرئيس السابق جورج بوش.
وذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) أن شهر كانون الاول/ ديسمبر 2006 كان أسوأ شهر في الحرب وسجل خلاله مقتل 3800 مدني بالإضافة إلى 1300 شرطي ومتمرد وجنود تابعين للتحالف.
كما تكشف التقارير عن حالات قتل للمدنيين على أيدي القوات الأميركية لم يعلن عنها من قبل من خلال الغارات الجوية وعلى حواجز التفتيش.
وأوضحت الصحيفة أن سوء التفاهم على الحواجز الأميركية كان قاتلاً في العديد من الحالات، وفي العديد من الأوقات لم يفهم المواطنون العراقيون إشارات التوقف التي كان يقوم بها الجنود الأميركيين كما أن أولئك الجنود لم يتمكنوا من التفاهم مع الناجين بسبب غياب المترجمين.
وتشير التقارير إلى حادث قتلت خلاله أم وأصيب أطفالها الثلاثة بجروح على حاجز أمريكي. وتظهر السجلات أن القوات الأمريكية كانت تلجأ إلى استخدام القوة بشكل متسرع ما أدى إلى مقتل نحو 700 مدني على الحواجز
ويكشف (ويكيليكس) أيضاً عن مدى القلق الأمريكي من التدخل الإيراني في العراق، وتشير الوثائق بحسب (نيويورك تايمز) إلى حرب في الظلّ تدور بين القوات الأمريكية والميلشيات العراقية المدعومة من الحرس الثوري الإيراني.
وتظهر السجلات تزويد إيران الميلشيات العراقية بالصواريخ والقنابل والعبوات الناسفة وصواريخ أرض جوّ محمولة أسقط أحدها مروحية أمريكية في شرق بغداد في تموز/ يوليو 2007.
وتشير الوثائق إلى أن المقاتلين العراقيين تلقوا تدريباً في إيران على القنص واستخدام المتفجرات وتعاونت (فيلق القدس) الإيرانية مع المتشددين العراقيين لإنشاء (كتائب موت) للتشجيع على قتل المسؤولين العراقيين.
وقد استمر الصراع الأميركي- الإيراني في العراق مع إدارة الرئيس باراك أوباما.
ويذكر أن الوثائق تستند إلى تقارير أمريكية ولم تشر إلى تقارير عراقية أو إيرانية مماثلة.
وتشير التقارير إلى أن (جيش المهدي) المدعوم من إيران كان يعتزم قصف المنطقة الخضراء في بغداد التي تضم المؤسسات الرسمية العراقية في الأول من كانون الأول/ ديسمبر في العام 2006 باستخدام قذائف هاون وصواريخ حصل عليها من (فيلق القدس)، وقد التقى قائد (جيش المهدي) علي السيدي مسؤولين إيرانيين تبين أنهم مسؤولون في الحرس الثوري لتسلم 3 شحنات من الصواريخ.
وذكرت التقارير أن أزهر الدليمي، القيادي العسكري الشيعي المتهم بخطف مسؤولين من وزارة التعليم العالي العراقية في كانون الأول/ ديسمبر 2006، تدرب على يد حرس الثورة الإسلامية وحزب الله اللبناني.
وأفاد التقرير أن الدليمي تدرب على يد عناصر من حزب الله قرب مدينة قم الإيرانية تحت إشراف فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في تموز/ يوليو 2006.
وحذر الأمريكيون من أن الدليمي يعتزم خطف جنود أمريكيين قد تم قتله في العام 2007 في مدينة الصدر ولكن بعد اختطاف 4 جنود أميركيين وإعدامهم.
وكانت قناة (الجزيرة) القطرية قد نشرت ليل الجمعة السبت تقريراًُ إخبارياً حول وثائق الحرب التي أظهرت أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي متورط في إدارة فرق للقتل والتعذيب وفي العام 2006 قبض على 17 شخصاً قالوا إنهم قوات خاصة تتلقى الأوامر من قبل المالكي.
وتكشف الوثائق تفاصيل عن تورط عناصر شركة (بلاك ووتر) الأمنية الأميركية في إزهاق أرواح العراقيين، من دون أي مساءلة أو عقاب.
وتحدثت الوثائق السرية عن حوادث عدة قتل فيها مدنيون بنيران (بلاك ووتر)، ومنها واقعة (ساحة النسور) في بغداد في سبتمبر/ أيلول 2007، والتي قتل فيها 17 عراقيا وجرح 18 آخرون. كما تتحدث الوثائق السرية عن 14 حادثا آخر قتل فيها عشرة عراقيين وجرح سبعة آخرون بنيران عناصر من (بلاك ووتر).
وتغطي الوثائق التي كشف عنها الفترة بين عاميّ 2004 و2009.
ويشار إلى أن الإدارة الأمريكية انتقدت الكشف عن الوثائق ودعت وسائل الإعلام إلى عدم نشرها.
واتهمت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ويكيليكس بتعريض حياة الجنود الأمريكيين وشركائهم للخطر لأن تلك المعلومات قد تستخدم من قبل مسلحين للتخطيط لشن هجمات على القوات الأمريكية.
وقال الميجور كريس بيرين، المتحدث باسم البنتاغون: نحن ندين ويكيليكس لأنه يحث الأفراد على خرق القانون وتسريب وثائق سرية ثم نقل هذه المعلومات السرية بلامبالاة إلى العالم، بما في ذلك أعداءنا.
وكان ويكيليكس قد نشر في تموز/ يوليو الماضي أكثر من 90 ألف وثيقة تتعلق بالحرب في أفغانستان.
وأضاف بيرين: نحن نعلم أن المنظمات الإرهابية كانت تبحث في الوثائق المسربة عن أفغانستان بحثا عن معلومات لاستخدامها ضدنا وهذه الوثائق التي تسربت عن حرب العراق حجمها يزيد عن الأربعة أضعاف.
وتابع: من خلال الكشف عن معلومات حساسة من هذا القبيل ، يواصل (موقع) ويكيليكس تعريض حياة جنودنا للخطر علاوة على شركائهم في الائتلاف وهؤلاء العراقيين والأفغان الذين يعملون معنا.
وطالب بيرين ويكيليكس بإعادة (المادة المسروقة) وإزالتها من على مواقعهم في أقرب وقت ممكن.