القدس العربي 17 نوفمبر 2009م : برزت في الفترة الاخيرة سلسلة من الاتهامات لجنود بريطانيين حول تصرفاتهم تجاه المدنيين العراقيين اثناء الحرب وطوال الوجود البريطاني الذي انتهى هذا العام. وبرزت في نهاية الاسبوع مزاعم عن سجون بريطانية للعراقيين على غرار ابو غريب، وكشف جنود عن انتشار ثقافة التعذيب داخل الجيش فيما تواصل محكمة جلساتها للاستماع الى شهادات حول ظروف اعتقال ومقتل عامل الاستقبال في فندق ابن الهيثم في البصرة جنوبي العراق، حيث كانت وفاته ناتجة عن التعذيب والخنق.
وما يجري تداوله من شهادات وادلة جديدة عن ممارسات الجنود يعتبر في نظر محللين صحافيين جيدا للجيش البريطاني.
فقد قالت افتتاحية صحيفة 'اندبندنت' ان التدقيق في ممارسات الجنود وقصص التعذيب للمدنيين العراقيين مفيدة للجيش. وقارنت الصحيفة بين رد الفعل الحالي على القصص وردود الافعال على محاكمة سبعة جنود قبل عامين ونصف عام اتهموا بالتسبب بوفاة بهاء موسى عام 2003.
وكان قرار تقديم الجنود في حينه مدعاة لغضب الكثيرين لان المحاكمة جاءت اثناء وجود القوات في الميدان، لكن الواقع الان يختلف كما تقول الصحيفة. واشارت الى التحقيق العام بظروف مقتل بهاء موسى وبقية السجناء العراقيين على ايدي القوات البريطانية في البصرة وتم اثناء الشهادات عرض فيلم يصور سجناء عراقيين مكممة رؤوسهم وربما كان موسى من بينهم حيث اجبروا على الجلوس بطريقة غير مريحة. فيما قدم دونالد بين، احد الجنود الذين حوكموا في المحكمة العسكرية حول نفس القضية، شهادة قال فيها ان احد الضباط كان متورطا باساءة التعذيب للسجناء. وتزامنت شهادة بين مع الشهادات التي كشفت عنها 'اندبندنت او صاندي' يوم الاحد وقدمت شهادات لعراقيين اكدوا فيها انهم كانوا ضحية الانتهاك الجنسي والاغتصاب من جنود بريطانيين، وكشفوا عن ثقافة من التسيب الاخلاقي. وردت وزارة الدفاع انها تحقق في المزاعم التي وردت في 33 حالة وحذرت من اصدار الاحكام المتعجلة على مزاعم لم تثبت صحتها بعد واكدت ان اكثر من 120 الف جندي خدموا في العراق والتزموا بأخلاق الجندية. وترى الصحيفة انه في الوقت الذي تظل فيه المحاكم المكان الافضل للاستماع الى تفاصيل الشهادات وفحصها قانونيا، فان غض النظر عن هذه الاتهامات يجب ان لا ينظر اليه على انه موقف مؤيد للجيش، كما يجب عدم النظر الى الدعوات للتحقيق ومحاكمات الجنود المتورطين بانتهاكات على انها تصرف غير وطني. كما قالت الصحيفة ان احالة الانتهاكات الى حفنة قليلة يسميها الجيش' تفاح عفن' امر لا يساعد في التحقيق. فعندما تظهر تصرفات اجرامية يجب ان تكون هناك شفافية وتدقيق ويجب عدم تجاهل اي اشارة تظهر ان ضابطا او اكثر شجعوا التعذيب او تهاونوا معه او غضوا الطرف عنه.
واثنت الصحيفة على قرار الحكومة بفتح تحقيق بظروف وفاة موسى، حيث اظهر شهادتي جنديين كذبا على المحققين العسكريين. وترى انه ان كانت هناك انتهاكات بالفعل فيجب جلب الجناة للمحكمة وتحقيق العدل لان هذا سيكون في مصلحة الجيش، لان هذه التصرفات تظل نقطة سوداء تسود وجه وعمل غالبية الجنود البريطانيين رجالا ونساء وكلهم عملوا بدأب اثناء خدمتهم بالبصرة.
وقالت ان الجيش الامريكي عمل جهده لتنظيف سجله بعد فضيحة ابو غريب ومن هنا فعلى الجيش البريطاني القيام بمثل ما قام به الامريكيون. وفي حالة ظهور اي غموض قانوني حول اي من اساليب التعذيب فيجب اتخاذ الاجراءات المناسبة لتعديلها وتدريب المحققين. وترى الصحيفة ان الاصلاح مطلوب ولا يمكن تأخيره لان مهمة الجيش البريطاني تغيرت في العقد الاخير.
وتختم ان الانتهاكات التي تمت في البصرة لا تبعد من ان تكون كارثية على الجيش استراتيجيا. وكشف بين في شهادته ان الجنود في وحدته كانوا يستمتعون بما وصفها 'الجلسات المفتوحة' التي كانوا يقومون فيها بضرب ولكم موسى. وبعد استماع والد موسى، العقيد السابق في الجيش العراقي بكى. وكان بين خمسة من فرقة لانكشاير، اضافة الى اثنين من الاستخبارات الذي سجن مدة 12 شهرا وفصل من الجيش بسبب معاملته اللانسانية للسجناء. ومن بينهم العقيد يورغ ميندونكا، الحامل لتميز عسكري ولكنه اتهم بالاهمال لانه فشل بمنع اساءة معاملة موسى وبريء اخر عام 2007. ومع انه رفع لدرجة عقيد كامل الا انه استقال من وحدته وغادر الجيش بالكامل.
ولم تتم من بين السبعة ادانة سوى بين حيث ادين بتهمة القتل غير العمد ومحاولته تعويق مسار العدل. ووصف بين كيف هدد ميندونكا سجينا عراقيا بانه سيهشم وجهه بالرصاص لان العراقي لم يرد على اسئلته حول امتلاكه السلاح. ووصف بين العقيد بالرجل الذي يحب اطلاق الرصاص للاستمتاع. واتهم بين احد قادته بالمشاركة بلكم السجناء العراقيين وحاول الايهام بانه يقوم بحرق احد الصبيان العراقيين الذي اصيب بحالة من الهستيريا.
من جهة اخرى سيتم استدعاء مدراء الاستخبارات الخارجية البريطانية (ام اي -6) لتقديم شهاداتهم في التحقيق الرسمي الذي قررت فتحه الحكومة البريطانية بظروف مشاركة بريطانيا باحتلال العراق عام 2003.
وسيكون سير جون سكارليت الذي تقاعد كمدير للجنة المشتركة للخدمات الامنية وسير جون سويرز خليفته من بين 20 مستشارا امنيا ودبلوماسيين سيقدمون شهاداتهم في التحقيق. وكان سكارليت مسؤول الخدمات الامنية المشتركة حين نشرت الحكومة البريطانية ملفها الذي نشر قبل الحرب في ايلول (سبتمبر) 2002 وقدم المبررات التي تجعل من العراق خطرا على امن المملكة المتحدة. وستعقد اللجنة المسؤولة عن التحقيق اولى جلساتها في 24 من الشهر الحالي في لندن وسيقدم سفير بريطانيا السابق بواشنطن سير ديفيد مانينغ والادميرال لورد بويس شهادات.
يذكر ان صحيفة 'الغارديان' خصصت كاريكاتيرها لبهاء موسى وزوجته وابنيهما، حيث لف الرسام بهاء بالعلم البريطاني الملطخ بالدم.

ـــــــــ

والد بهاء على اليسار يتابع التحقيق في مقتل ابنه

الجزيرة نت : اعترف جندي بريطاني سابق بأنه ورفاقه مارسوا أصنافا من التعذيب بحق تسعة سجناء عراقيين في سبتمبر/أيلول 2003 انتقاما لمقتل رفاق لهم, مضيفا أن من بين العراقيين بهاء موسى الذي مات مختنقا بعد أن أصيب بـ93 جرحا في أماكن مختلفة من جسمه.

واتهم دونالد باين, الذي سبق أن أدين بالتعامل غير الإنساني مع العراقيين, الضابط الذي يقود وحدته بالضلوع هو وبعض رفاقه السابقين في ضرب السجناء العراقيين بشكل وحشي وتعريضهم لأصناف من التعذيب.

وقال هذا العريف السابق في الجيش البريطاني إنهم عذبوا العراقيين بدافع الانتقام لمقتل ثلاثة من الشرطة العسكرية الملكية إضافة إلى نقيب آخر في الجيش البريطاني عندما كانوا يقدمون مساعدات إنسانية لمتضررين في منطقة بجنوب العراق.

وتثير هذه الادعاءات الجديدة مخاوف إزاء احتمال حصول انتهاكات واسعة النطاق لعشرات المعتقلين العراقيين, كما أنها تأتي في الوقت الذي تحقق فيه وزارة الدفاع البريطانية في 33 حالة تعذيب مختلفة مارسها جنود بريطانيون بحق معتقلين عراقيين.

وكشف باين عن قيام الملازم كريغ رودجرز بتعريض أحد المعتقلين لعملية إعدام صورية بعد أن أجبره على الانبطاح أرضا وسكب سائلا على رأسه أوهمه أنه قابل للاشتعال وأنه سيضرم النار فيه.

كما ذكر أنه رأى قائد فرقته المقدم جورجي مندوكا يستجوب عراقيا وقد وضع مسدسا محشوا بالذخيرة وجاهزا للاستخدام داخل فمه وهو يقول له إنه يريد "تدمير وجهه".

وقد دفعت هذه الأدلة الجديدة محامي أسرة بهاء موسى للمطالبة بتوجيه تهم للمسؤولين عن مقتل موسى.

وقال المحامي فيل شاينر "وأخيرا قرر باين الإفصاح عن الحقيقة، إذ لم يواجه أحد اتهامات بالقتل أو التعذيب في المحاكمة العسكرية الخاصة بقضية موسى وشابتها خروقات عدة, ويجب أن توجه لأولئك المسؤولين تهمة القتل".

وعلق المحامي سابنا مالك على هذه الأدلة الجديدة قائلا إنها "تعكس الدور الحيوي الذي اضطلعت به لجنة التحقيق في الاقتراب من تحديد حقيقة ما حدث لموسى وزملائه آنذاك, كما تسلط الضوء على الخلل العميق في تحقيقات الشرطة العسكرية وإجراءات المحكمة العسكرية نفسها".

وقد أكد باين أنه يدرك تماما مدى خطورة اعترافاته على قادته العسكريين وعلى وحدته التي خدم فيها وعلى الجيش البريطاني, قائلا عن تلك الاعتبارات إنها هي التي جعلته يكذب في كل التحقيقات التي أجريت معه في السابق