معالم الشخصية الإسلامية
1ـ الإيمان بالتوحيد ، فالمسلم يميّزه عن بقيّة الناس ، أنّه لايعبد إلا الله تعالى ، فهو لايصرف العبادة لغير الله تعالى ، ولا يتخذ سواه معبودا ، على الله وحده يتوكّل ، وإياه يدعو ، له صلاته ، وركوعه ، وسجوده ، وسائر عباداته ، لايتخذ إلى الله في العبادة واسطة من غيره ، لانبيا مرسلا ، ولا ملكا مقربا ، ولا وليا صالحا ، كمــا قال تعالى ، ( قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا ) ، وقال : ( قل إن صلاتي ونسكي وممحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له )
2ـ التمسك بالوحي الإلهي ، والانقياد للشرع ، والاهتداء بهدى الله ، والسير على منهج الله ، فالمسلم لايقدم على كلام الله ، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم شيئا ، فإنقياده لله وحده ، واستسلامه لربه لاشريك له ، وهذا هو معنى الإسلام ، كما قال تعالى ( إذ قال له ربه أسلم ، قال أسلمت لرب العالمين ) ، وقال تعالى ( ثم جعلناك على شريعة من الأمــر فاتبعها ولاتتبع أهواء الذين لايعلمون ) .
3ـ محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فالمسلم يحبّ الله أعظم من كلّ محبوب ، ثم يحبّ الرسول صلى الله عليه وسلم ، أعظم من حبه لنفسه ، وماله ، وولده ، كما في الحديث ( لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ، وماله ، وولده ) .
4ـ التحلي بالأخلاق الحميدة ، فالمسلم ذو خلــق كريم ،يحب مكارم الاخلاق ، كالشجاعـة ، والجود ، والحلم ، والغيرة على المحارم ، وهـو لايظلم ، ولا يجهل ، ولا يعتدي ، وهو عفيف في جوارحه كلها : عفيف البصر ، لاينظر إلى المحرمات ، عفيف الفرج لايزني ، عفيف اللسان لايغتاب ، ولايؤذي المسلمين بلسانه ، ولا يخوض في عورات الناس ، عفيف اليد عن كل محرّم ، كمــا في الحديث ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) .
ويعامل الناس بالحسنى ، ويعرف لكلّ ذي حقّ حقّه ، فللوالدين أعظم الحقوق ، ثم للزوجة والأولاد ، وللأرحام ،ولسائر المسلميــن ، ثمّ لكـــلّ الناس ، وفي الحديث : ( وخالق الناس بخلق حسن ) ، وفيه : ( إنما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق ) .
وقد أمر الإسلام بالإحسان إلى كلّ شيء ، حتى الحيوان ، لأنّه دين الرحمة والإحسان ، وقد ورد في الحديث أنّ امرأة دخلت النار في هرّة ، لأنهــا حبستها فماتت من الجوع ، وأخرى دخلت الجنة لسقيها كلبا ، كاد يَهلك من شدّة العطش .
5ـ المسلم ذو شخصية تحمل رسالة الإصلاح ، والعطاء ، والبناء : فالمسلم معطــاءٌ ، يحبَّ الخير للناس ، ويجود به ، ويسعى إلى نشره ، ويحارب الشــرّ ، والفساد ، كما قال تعالى ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) .
والمسلم يحب البناء الخيـّر في كلّ شيء ،فهو يبني بالخيـر نفسه ، وأسرته ، ومجتمعه ، ويسعى في تنمية الجوانب المشرقة في كــلّ الحياة ، ويحرص دائباً على تطويرها إلى الأحسن ، وقد كانت حياةُ النبيّ صلى الله عليه وسلم ، كما في سيرته العطرة ، كلُّها في البناء والإصلاح ، فقد بنى أعظم أمّـة ، قدّمـت للبشريّة أروع بناءٍ حضاريّ ، في جميع جوانب الحيــاة .
6ـ الاعتزاز بدينه ، فالمسلم يعتزّ بدينه ، ويفخر به ، ويدعو إليه ، ويجاهد في سبيل رفعتــه ، ذلك أنـّه يعلم علم اليقين ، أن الإسلام هو الدين الحقّ ، الذي لايقبل الله سواه ، قال تعالى ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ) . وقال ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) .
7ـ القيام بحـقّ الأمانة ، فالمسلم يعلم أنـّه بدينه ، يحمل أمانةَ دعوة الرسل والأنبياء جميعا ، لأنـه بإسلامه عنوان لها ، فلهذا هــو حريصٌ على تمييزها عن كلّ باطلٍ من الأديان ، والأفكار ، والمناهج الأخرى ، فهو لايجامل في إيضاح الحقّ الذي يحمله مما دلّ عليه دينـُـه، وفي فصله عن الباطل الذي هــو غير دين الإسلام ، مــن كلّ الأديان والمناهج الأخرى ؟
بل هــو يقول بوضوح إنّ الناس جميعــا ، ينقسمون في موقفهم من الهـُـدى ، إلى قسمين لاثالث لهمــا :
إلى أهل الحقّ والنور وهم أتباع محمّد صلى الله عليه وسلم فحسب ،
وإلى أهل الباطل والظلمـات ، وهم مــن لــمْ يدخل في دين الإسلام ، كما قال تعالى ( الله وليّ الذين آمنوا يخرجُهم من الظلمات إلى النور ، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت ، يخرجونهم من النور إلى الظلمات ، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) .
ومن حمـْــلِ المسلم لهذه الأمانة بحــقّها ، أنه يُشفق على الناس من غير المسلمين ، ويترفّق بهم في معاملتهم ، ويُحسن إليهم ـ في غير المقامات التي تتطلب غير الرفق ـ حتى يروا في سماحة الإسلام أُنموذجا لحضارته السمحة ، المشرقة بالخير ، فيكون ذلك سببا لدخولهم في دين الله .
8ـ المسلم ينظر إلى الحياة الدنيا على أنها فترة اختبار فحسب ، ستمضي بـه سريعا إلى الحياة الحقيقيـة ، التي يعـود فيهـا إلى الله تعالى ، حيث يجــد حساب أعماله ، ثم يصير الناس إمّـا إلى الفوز المبين في الجنة ، أو إلى الخسران في نــار الجحيــم أعاذنا الله وإياكم منها .
ولهذا فالمسلـمُ يــزنُ أعمالـَه ، على أساس أنه سيجدها أمامــه يوم القيامة حسناتٍ أو سيئات ، فهو لا تغرّّه الدنيا بملذاتها ، ولاتغريه الشهوات المحرمة ، كما قال تعالى ( يا أيها الناس إنّ وعــد الله حـق ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ، ولا يغرنكم بالله الغرور ) .
9ـ المسلم يوازن بين حاجات الجـسد والروح ، ومتطلبات الدنيا ، والآخرة ، فهو لايظلم نفسه بمنعهــا مما أباح الله تعالى بغير إسراف ، في الأكل ، والشرب ، والنكاح ،وسائر المباحات ، مما فيه بهجة النفس ، وراحة الجسد ، فالاسلام ليس فيه رهبانية تحرم ما أباح الله تعالى .
وقــد قال تعالى ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) .
غيـر أنّ المسلم يتجنـّب أيضا ما يُشين النفس ، من المحرّمات ، ليُعطي روحَه حقـّها بالتزكية بالأعمال الصالحة والحسنـات ،
10ـ والمسلمُ يحـــبّ معاني الجمال في كلّ شيء ، ويطلق حبّـه في هذا الميدان الرحب ، في حدود مرضاة الله ، ويسعى لتمثّل هذه المعانـي في نفسه ، وفيما حوله من جوانب الحيــاة ، ففي الحديث ، ( إنّ الله تعالى جميلٌ يُحــــبُّ الجمال ، نظيفٌ يحبُّ النظافة ) ، وفي الحديث : ( إنّ الله طيبٌ لايقبل إلا طيّبا ) ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ، حريصا على تكميل شخصيّة المسلم ، في جميع الأمور ، حتى في بعدها الجمالــي ، من ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( لولا أنّ أشــقّ على أمّتي لأمرتهم بالسواك عند كلّ وضــوء ) ، وكان يغيـّر حتى الأسماء غير الحسنة ، إلى أسماء حسنة تبعث في النفس التفاؤل ؟
كما حضّت شريعته ، ودلّت سيرته ، على استحباب التكميل الجمالي في الشخصية ، من لبس الحسن من الثياب ، وإكرام الشعر ، والعناية بحسن المظهر ، وكان إذا بعث سفيرا بعثه حسن الوجه ، والثياب ، كريم الخصال ، والخطاب ، كما كان يحبّ ويدعو إلى تحسين الصوت في قراءة القرآن ، وما ورد من أمره بالعناية بتنظيف البيوت ، وتطهير المساجد ، والاغتسال للإجتماعات العامة ، ونحو ذلك ، وكل ذلك يدل على عناية الإسلام بالبعد الجمالي في الحياة . التاريخ: 15/04/2015 عدد الزوار: 8821 |