حيران في خلاف الجماعات دلني على الطريق ؟

 

 

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
بحثت في الانترنت وقرات عن كل الطوائف التي تنتمي الى اهل السنة والجماعة...بحثت وانا ارجوا ان اجد النور في احداها فاتبعه بدون حياد عنه، جماعة (...) ، من اوائل من اسس للحركة الاسلامية، غير انه يعاب عليهم التحزب، ثم جماعة ( ...) احيت سنة النبي صلى الله عليه وسلم دعت الناس الى اتباعه...الا انها تقربت الى السلاطين ففسدت وافسدت والجماعة ( ..) حركة عزة وقوة تشرف الامة غير انها على ما يبدو تلغي كل حوار سياسي داخل بلاد الاسلام وحزب ( ..) الاسلامي...غير أنه يعاب عليه إغفال التربية . فدلني حفظك الله...وهل يمكن ان نجمع بين هؤلاء جميعا....لماذا لا يجنمعون جميعا تحت لواء اهل السنة والجماعة...لماذا لا يحاول الدعاة والعلماء السعي الى هذا...نحن نلوم الحكام لعدم قيادتهم الصحيحية غير ان للعلماء دور اكبر من الحكام...لماذا لا يجمعون الامة...؟

****************

جواب الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته سأدلك بحول الله على الطريق الذي وجدته بعد أن
: ـ

لعمري لقد طفت المعاهد كلها ** وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعا كف حائر **على ذقن أو قارعا سن نادم
---------

والطريق هو فيما أمرناالله تعالى به في كتابه ، وأمر جميع المرسلين وأتباعهم ، هو تقوى الله تعالى
لم يأمرنا أن نكون مع الجماعة الفلانية هذه أو تلك ، بل أمرنا بالتقوى ، وأن نكون من المسلمين المؤمنين ، المتبعين لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يكلفنا مالانطيق إن عجزنا أن نجمع الناس مع اختلاف أفكارهم وتنازع حظوظ أنفسهم ، بل أمرنا أن نتقي الله ما استطعنا ، ولم يأمرنا أن نقذف الهداية في قلوب الناس ، فذلك إليه وحده ، بل أمرنا أن نتق الله في أنفسنا وأهلينا ومن ولانا الله إياهم ، وننصح غيرنا ونقوم بواجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر و الجهاد على قدر استطاعتنا وندع القافلة، قافلة الإسلام تسير حيث يهديها الله تعالى إلى النصر ، فالله هو الذي يقودها
-----
إن التشتت الذي يصيب بعضنا سببه من داخل أنفسنا ، فلو جمع كل منا همه على ما يجب عليه هو أن يؤديه ، لأطمأنت نفسه ، وصلح باله ، ورضي بما يقوم به ، وجماع ذلك يتناوله اسم التقوى العظيم ، قال تعالى " ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله " ـ
------------
غير أن العبد لايقدر على التقوى إلا بالاستعانة بالله تعالى أولا فيسأل الله أن يجمع همه على طلب الآخرة ، ليجتمع عليه شمله ، ويجعل الله تعالى غناه في قلبه ، ويخرج من قلبه هم الدنيا ويملأ قلبه رضا بطاعة الله تعالى ، ويذيقه حلاوة الإيمان ، ثم بالإنشغال بوظائف الوقت من الطاعات والقربات ، وجماع ذلك ذكر الله تعالى فإنه زاد القلوب ، وانشراح الصدور ، وراحة البال ، ورأس الذكر بعد الصلاة خاصة العناية التامة بالصلاة المفروضة بالخشوع وحضور القلب فذلك مفتاح الخير كله ، رأس الذكر بعدها هو قراءة القرآن بالتدبر والعمل بما فيه ، والنظر في سيرة وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وتمثل حياته كلها على قدر الاستطاعة ، فذلك من أنفع الذكر ، فإن الذكر كل ما تكلم به اللسان أو تصوره القلب مما يقرب إلى الله كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
-------------
فإذا أعمر العبد وقته بهذه الوظائف ، وأشغل نفسه بعداوة الشيطان وهواه ، وسد الطرق الموصلة منهما على قلبه ، واشتغل بحراسة قلبه منهما ، وجمع همه على أن يملأ قلبه بنور الإيمان ، ولباس التقوى ، فقد أدى ما عليه ،
-----------
فإن قلت : فأي شيء من التقوى دور المسلم في نهضة أمته ، وواجبه في نصرة الإسلام في هذا الزمن الذي تكالب فيه الأعداء على ديننا ، فالجواب أن من نظر إلى هذا الباب من زاوية التقوى ، وجاءه بعد أن تمثل في نفسه التقوى ، هدته إلى ما يجب عليه فعله ، ووفقه الله إليه كما قال تعالى " والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم " وقال تعالى " ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله " ـ
-----
وكثير من الناس يصيبهم التشتت في هذا الأمر لانهم يأتونه قبل أن يتمثلوا التقوى في أنفسهم ، ولهذا يسد عليهم هذا الباب
-------------------------
وعلى المسلم أن يكون مع كل طائفة فيما تفعله من خير للإسلام لايتعصب لهذه دون تلك ، فيكون مع أهل الجهاد في الحق الذي يقومون به ، فإن أخطأوا تجنب أساءتهم ونصحهم إن كان ذلك مما يجب على مثله ، ومع أهل الدعوة في دعوتهم في الحق ويدع خطأهم وينصحهم إن كان ذلك مما يجب على مثله ، ومع أهل السياسة الشرعية فيما يصيبون فيه الحق ويذر باطلهم ويرشدهم كذلك ، ويعتقد أن أمة الإسلام إخوانه، وما يقع في هذه الأمة من الخطأ والتقصير وحظوظ النفوس وغلبة الهوى وإرادة الباطل لايمكن ألا يقع ، فالشر معجون في طينة البشر ، وهذا لايسقط واجب النصيحة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بل ذلك واجب كما يجب الجمع بين الايمان بكلمات الله القدرية والقيام بامتثال كلماته الشرعية
--------------
هذا هو دور كل مسلم في نهضة أمته ، أما دور العلماء فهم يعلمونـــــــه ، ويقومون به إن كانوا حقا علماء
-------------------
فإن اشتبه على المسلم شيء مما اختلف الناس فيه ، تركه ومضى إلى ما اتفق عليه العلماء ، مما اشتمل عليه كتاب الله ، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم من شعب الإيمان ، مما يصلح نفسه ويرفع درجته عند ربه ، وكفاه ذلك ، فما كلف الله تعالى كل عبد ولا العلماء الوقوف على الصواب في كل ما اختلف الناس فيه ، فهذا من تكليف ما لايطاق ولم يرد به الشرع
-------
وإذا وفق الله تعالى العبد إلى جمع قلبه على التقوى ، ورزقه الإطمئنان على هذا الأمر العظيم ، فمن شكر نعمة الله تعالى عليه أن يرشد غيره إلي ما أرشده الله إليه ، فيدل إخوانه المسلمين إلى هذا الطريق ، ومن كان منهم منتميا إلى طائفة من المسلمين قائمة بالجهاد أو الدعوة أو العلم أو باب من أبواب الخير ليسوا من الفرق الضالة ، فلاينبغي أن يتوجه همه إلى تنفيرهم من انتماءاتهم فذلك يعود بضد المقصود ، بل يدلهم على ما أمرهم الله به من التقوى بإخلاص العمل لله تعالى ، وسيقود ذلك من وفقه الله تعالى منهم إلى امتثال امر الله تعلى في نفسه وفي طائفته التي ينتمي إليها، ثم يجمع الله تعالى الأمة ، فإن اجتمعت الأمة على تقوى الله ، على نور من الله ، نصرها الله تعالى قال تعالى " ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ـ
والله أعلم

 


الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006