العيد الوطني ؟

 

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ .. حفظكم الله تعالى

بودنا أن تبينوا لنا حكم الاحتفال بالعيد الوطني بشكل عام .. أي بسبب التخلص سواء من الاستعمار أو من غزو .. وكذلك ان لم يكن يتخلل هذا الاحتفال والتجمع أي من المنكرات من اختلاط وغناء وغيرها .. بارك الله فيكم

وقبل الختام ، استوقفتني فتوى في موقع إسلامي حول الاحتفال باليوم الوطني ، جاء فيها : فهذا لا مانع منه أن يحتفل الناس أو يفرحوا بحدث زوال الاستعمار في بلد مثلاً، هذا ما يسمى باليوم الوطني غالباً عندنا في أفريقيا، أو في البلاد التي كانت مستعمرة، فالأمر إن شاء الله لا حرج فيه، أما إذا كان ينبغي لك أن تلقي محاضرة فهذا شيء حسن إذا كانت المناسبة تسمح بإلقاء محاضرة أو خطبة تذكير ونحو ذلك فهذا لا بأس به، أما أن نتشبث: بأن أبدلنا الله عيدين، هذه أعياد كانت للأنصار وكانت أعياد جاهلية وأصنام، فالنبي – صلى الله عليه وسلم- ذكر أن أعياد الإسلام الدينية عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى، وهذا لا يفهم منه أنه يمنع أن يتجمع الناس في تجمع حتى ولو كان كرهه المرء ورأى أنه إذا لم يكن هناك منكر فلا داعي إلى التشويش على الناس، وإثارة بعض الفتن والخصومات في أمور ليست ممنوعة " .

***********************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعـــــــــد :

فأقول وبالله التوفيق :

يجب أولا أن نتصور المقصود بالعيد الوطني ، ما هي حقيقته ، وهل هو يرجع إلى عقيدة ومنهاج حياة ، أم لا ، وما علاقة اتخاذه عيدا بالعقيدة الإسلامية ، وهل صحيح أنه ليس سوى فرح بنزوح المحتل عن أرض الإسلام ولايرمز إلى شيء يخالف الشرع !!

من المعلوم أن فكرة الوطنية ظهرت أول ما ظهرت ـ أعني بما تحمله من مفاهيم عقدية ، وكونها منهجا يسير على وفقه المجتمع وتبنى سياسة الدولة ـ بظهور الثورة الفرنسية ، وهي أول ثورة على الدين في التاريخ الأوربي الحديث ، وهي عقيدة جديدة لم تكن معروفة حتى في أوربا ، نعم كان فيها تعلق الإنسان بأرضه ، ودفاعه عن مصالحه فيها ، لكن لم تكن الوطنية عقيدة بديلة عن الدين ، ولا الرابطة الوطنية ، علاقة بديلة عن رابطة الدين أو النسب ، لم تكن علاقة يُبنى على أساسها النصرة والولاء والتعصب ، لم تكن كذلك قبل الثورة الفرنسية .

وقد انتشرت هذه الفكرة بعد ذلك انتشار النار في الهشيم ، واتُخذت أساسا ومرجعا للدساتير الوضعية ، ثم جاء المحتلون الأوربيون حاملين هذه الفكرة إلى بلاد الإسلامية في احتلال القرن الماضي ، وقد وجدوها بديلا مناسبا ، يحطم الرابطة الإسلامية ، ويمزق وحدة الأمة الإسلامية ، ويزيل بناء علاقة الشعوب الإسلامية على أساس أخوة الإسلام ، ويضع بدل ذلك علاقة جديدة ، يبنون عليها ولاءهم ، وهي علاقة الوطنية .

ولهذه العقيدة كما جاء بها الكفار ثلاثة أصول :

أحدها : أن الوطن له حدود جغرافية ، لا يحل بحال من الأحوال قتال أي دولة وراءه ، فجهاد الطلب الذي أنزل الله تعالى في كتابه ، وأمر به شرعا ، باطل في عقيدة الوطنية لا أساس له ، بل هو جريمة يعاقب عليه القانون ، وقد اتفقت الدول التي تدين بدين الوطنية على ميثاق دولي ينسخ جهاد الطلب ، وتحالفوا إلى إبطال شريعة في كتاب الله تعالى .

الثاني : الوطن مقدس ، مقدم على دين الله تعالى ، حتى لو غزاه المجاهدون المسلمون في قتال شرعي ، وجب عند الوطنيين القتال دفاعا عن الوطن ، ولهذا انتشر هذا الشعار الجاهلي ، مع انتشار الوطنية " الله ـ الملك ـ الوطن " ، في ثالوث يشبه ثالوث النصارى .

الثالث : الولاء بين أبناء الوطن ، يكون على أساس الرابطة الوطنية ، وهي مقدمة على الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين ، فيقدم ولاء الكافر المنتمي إلى الوطن على المسلم الذي لاينتمي إليه ، بحسب قوانين المواطنة ، وشروط استحقاقها .

وإذا علم هذا ، فالوطن بهذا المعنى ، ليست سوى إله معبود مع الله ، والوطنية ليست سوى دين جديد ، يـُـذل له الناس ، ويشــرّع لــه سدنته قوانينه التي تلحق به عبيده ـ شروط الحصول على الجنسية ـ ، فينصر العبيد بعضهم بعضا ويتوالون على أساسه ، يعادون من عاداهم ـ حتى لو من سائر المسلمين ـ فيه ، ويحدثون بين المسلمين حدثا عظيما ، وإفكا مبينا ، يقوض التوحيد ، وينسخ أحكام الشريعة ، ويشرع عصبية جديدة ، تضرب وحدة الأمة ، وتضعفها أمام أعداءها ، وتزيد من تجزئتها التي أدت إلى ذلها وهوانها ، وليت شعــري كيف يحل لمسلم أن يفرح بتمزق بلاد الإسلام إلى أوطان كل أهل وطن بما لديهــم فرحون ، بعدما كانوا أمة واحدة في راية واحدة ، تجمعهم رابطة واحدة ، ألا فهذا إلى النواح أدنى منه إلى الأفــراح .

والعجب والله كل العجب أن اليهود في كيانهم الذي أحدثوه ، قد بنوه على أساس ملّي ، فلم يضعوا له دستورا ، لانه لا يوضع إلا بعد خط حدود نهائية للوطن ، وهم إنما أرادوا أن يبنوا أمرهم على دينهم ، وأن تبقى رابطة الدين فوق وأولى من كل رابطة ، ولهذا فكل يهودي في العالم إذا حطت قدمه أرضهم ، استحق الجنسية بمجرد ذلك .

كما العجب أن الدول الأوربية عادت فكســد سوق الوطنية عندها ، وجاءت بالإتحاد الأوربي ، لما علمت أنها بهذه الوحدة تكون أقوى ، وأقدر على مواجهة أعداءها .

ومعلوم أن الدساتير العربية قد جعلت من الوطنية عقيدة على الأساس الذي وصفت ، لايعدوه قيد أنمله ، وهذه الدول عندما تضع للوطن عيدا ، فهو عيــد لهذه العقيدة نفسها ، فهو عيد الجاهلية بعينه ، ليس هو اجتماعــا لتذكر أمر مــا في مناسبة ما فحسب ، بل هــو عيد يشتمل على مفاهيم الجاهلية بعينها ويرمز إليها.

ثم إنه عيد جاهلي قلدوا فيه جاهلية جاء بها أهل الكتاب ، وهذا أغلظ وأغلظ ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " والمحذور في أعياد أهل الكتابين التي نقرهم عليها ، أشد من المحذور في أعياد الجاهلية التي لانقرهم عليها ، فإن الأمة قد حذروا مشابهة اليهود والنصارى ، وأخبروا أنه سيفعل قوم منهم هذا المحذور ، بخلاف دين الجاهلية ، فإنه لا يعود إلا في آخر الدهر ، عند اخترام أنفس المؤمنين عموما ، ولو لم يكن أشد منه ، فإنه مثل على مالا يخفى ، إذ الشر الذي له فاعل موجود ، يخاف على الناس منه ، أكثر من شــر لامقتضي له قوي " اقتضاء الصراط المستقيم 186

مع أن الوطنية وعيدها ليسا من دين أهل الكتاب المحرّف ، غير أنهم هم الذي اخترعوه ، ووضعوا شريعته ، ودعو المسلمين إليه ، فاستجاب لهم من حق عليهم وصف النبوة " دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها " ، فقلد هؤلاء الاتباع ، أولئك المتبوعين ، ونسجوا على منوالهم ، فصنعوا هذا الدين الخبيث ، الذي هو أكبر ما يحول بين الأمة وبين نهوضها في وجه أعداءها .

هذا وغالب الدول العربية قد جعلت يوم تسليم المحتل الأوربي لهذا الوثن " الوطن " ودينه " الوطنية " ، إلى كل أهل بقعة من المسلمين ، جعلته عيدا ، تتذكر فيه ولادة هذا الكيان ، وتفرح بكونها افترقت عن سائر المسلمين به وتميزت عنهــم ، واتخذته عصبية جديدة تربط بينها ، وتفرق بها بين المسلمين المؤمنين بما لم ينزل الله تعالى به سلطانا.

وإذا أسموه يوم الإستقلال فمقصودهم هذا المعنى بعينه .

وهذا لايعني أن كل من يحتفل به كافر ، فإن الناس قد غلب عليهم الجهل ، فهم يجهلون حقيقة هذه المذاهب العصرية ، والعقائد التي جلبها الأوربيون ، وأحلوها بلاد الإسلام .

لكن العالم يجب عليه أن يكون عارفا بها حق المعرفة ، ليحذر الناس مما تنطوي عليه من البلايا التي تحلق الدين ، لا أن يهون عليهم ما فيــه فساد دينهم ، حتى يتكبكبوا فيه ، ثم يزيدهم الشيطان ضلالا مع مرور الزمن ، كما قيل : إن البدع تبدأ صغارا ثم تؤول كبــــــارا .

ومما يدل على أنها من أعياد الجاهلية الباطلة ، ما يقترن بها من أعمال الجاهلية ، من الرقص ، والغناء ، وتعظيم السلاطين الجائرة الكافـرة المبدلة للشريعةالموالية لأعداء الله ، وتقديس الوطن ، وترابه ، والقيام لعلمه تعظيما كما تعظم الأنصاب يجتمعون حوله يرقصون ويزمرون ويصفقون كما فعل عبدة العجل حول عجلهم ، وكفار الجاهلية ، في وثنية عصرية ظاهرة لاتخفى .

فالعجب والله كيف يخفى أمرهم ، وان إلى دعوة الشيطان ركضهم ونفورهم ، واستجابة لداعيه ضلالهم وفجورهـــــــم .

والعجب أنهم يظهرون فرحتهم بزوال المحتل الكافر ، وهم يحكمون بشريعته ، ويوالونه ، ويجتمعون معه على القانون الطاغوتي الدولي ، والعجب أنهم يفرحون بتخلصهم منه ، حتى لو كان غير بلدهم من بلاد الإسلام محتلا ، فكيف يفرح المسلم باستقلاله عن الكافر ، وإخوانه المسلمون تحت استعلاء الكافر وحكمه ، أليست بلاد الإسلام كبلد واحد، أليس المسلمون أمة واحدة ، وبلادهم كلها كأرض واحدة ؟!!

إذا تبين هذا كله ، فلا ريب أن العيد الوطني ليس سوى عيد جاهلي ، لايحل لمسلم أن يشارك فيه ، ومن أفتى بجواز المشاركة فيه فليرجع عن قوله ، وليتب إلى ربه ، وهو خطــأ عظيم فادح ، وذنب جسيم قـــــادح .

وحتى لو فرض أنه عيد لم يتعلق به كل ما تقدم ذكره من الطامات ، فلا يجوز أن يتخــذ المسلمون لهم عيدا عاما، غير أعياد الله تعالى التي أختارها لهم .

وأما الرد على قول القائل ، إن قوله صلى الله عليه وسلم : "إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر " ، لايدل على تحريم أن يتخذ المسلمون أعيادا عاما غيرهما ، فنرد عليه بقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى .

قال :

"وأما السنة فروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال ما هذان اليومان قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر رواه أبو داود بهذا اللفظ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن حميد عن أنس ورواه أحمد والنسائي وهذا إسناد على شرط مسلم .

فوجه الدلالة أن اليومين الجاهليين لم يقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة ، بل قال إن الله قد أبدلكم بهما يومين آخرين ، والإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه ولهذا لا تستعمل هذه العبارة إلا فيما ترك اجتماعهما كقوله تعالى : " أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا " .

وقوله تعالى : "وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل.

وقوله تعالى : "فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم " .

وقوله تعالى : "ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب " .

ومنه الحديث في المقبور فيقال له أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به خيرا منه مقعدا في الجنة ويقال للآخر انظر إلى مقعدك من الجنة أبدلك الله به مقعدا من النار .

وقول عمر رضي الله عنه للبيد ما فعل شعرك قل أبدلني الله به البقرة وآل عمران وهذا كثير في الكلام .

فقوله صلى الله عليه وسلم قد أبدلكم الله بهما خيرا يقتضي ترك الجمع بينهما لا سيما قوله خيرا منهما يقتضي الاعتياض بما شرع لنا عما كان في الجاهلية .

وأيضا فقوله لهم إن الله قد أبدلكم لما سألهم عن اليومين فأجابوه إنهما يومان كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية دليل على أنه نهاهم عنهما اعتياضا بيومي الإسلام إذ لو لم يقصد النهي لم يكن ذكر هذا الإبدال مناسبا إذ أصل شرع اليومين الواجبين الإسلاميين كانوا يعملونه ولم يكونوا ليتركوه لأجل يومي الجاهلية.

وفي قول أنس ولهم يومان يلعبون فيهما وقول النبي صلى الله عليه وسلم إن الله قد أبدلكم بهما يومين خيرا منهما دليل على أن أنسا رضي الله عنه فهم من قول النبي صلى الله عليه وسلم أبدلكم بهما تعويضا باليومين المبدلين .

وأيضا فإن ذينك اليومين الجاهليين قد ماتا في الإسلام فلم يبق لهما أثر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عهد خلفائه ولو لم يكن قد نهى الناس عن اللعب فيهما ونحوه مما كانوا يفعلونه لكانوا قد بقوا على العادة إذ العادات لا تغير إلا بمغير يزيلها لا سيما وطباع النساء والصبيان وكثير من الناس متشوقة إلى اليوم الذي يتخذونه عيدا للبطالة واللعب ولهذا قد يعجز كثير من الملوك والرؤساء عن نقل الناس عن عاداتهم في أعيادهم لقوة مقتضيها من نفوسهم وتوفر همم الجماهير على اتخاذها فلولا قوة المانع من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكانت باقية ولو على وجه ضعيف فعلم أن المانع القوي منه كان ثابتا وكل ما منع منه الرسول منعا قويا كان محرما إذ لا يعني بالمحرم إلا هذا وهذا أمر بين لا شبهة فيه فإن مثل ذينك العيدين لو عاد الناس إليهما بنوع ما مما كان يفعل فيهما إن رخص فيه كان مراغمة بينه وبين ما نهى عنه فهو المطلوب " .

ثم قال بعدما ذكر حديث " نذر رجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يذبح إبلا ببوانة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة ، فقال : هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ ، قالوا : لا ، قال : فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قال : لا ، فقال : أوف بنذرك ، فإنه لاوفاء لنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم " وقد خرجه أبو داود وغيره وأصله في الصحيحين .

قال شيخ الإسلام :

" فإنما نهى عن تخصيص البقعة لأجل كونها موضع عيدهم ولهذا لما خلت عن ذلك أذن في الذبح فيها وقصد التخصيص باق فعلم أن المحذور تخصيص بقعة عيدهم وإذا كان تخصيص بقعة عيدهم محذورا فكيف بنفس عيدهم .

هذا كما أنه لما كرهها لكونها موضع شركهم بعبادة الأوثان كان ذلك أدل على النهي عن الشرك وعبادة الأوثان .

وإن كان النهي لأن في الذبح هناك موافقة لهم في عمل عيدهم فهو عين مسألتنا إذ مجرد الذبح هناك لم يكره على هذا التقدير إلا بموافقتهم في العيد إذ ليس فيه محذور آخر .

وإنما كان الاحتمال الأول أظهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأله إلا عن كونها مكان عيدهم ولم يسأله هل يذبح فيها وقت عيدهم ولأنه قال هل كان بها عيد من أعيادهم فعلم أنه وقت السؤال لم يكن العيد موجودا وهذا ظاهر .

فإذا كان صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يذبح بمكان كان الكفار يعملون فيه عيدا وإن كان أولئك الكفار قد أسلموا وتركوا ذلك العيد والسائل لا يتخذ المكان عيدا بل يذبح فيه فقط فقد ظهر أن ذلك سد للذريعة إلى بقاء شيء من أعيادهم خشية أن يكون الذبح هناك سببا لإحياء أمر تلك البقعة وذريعة إلى اتخاذها عيدا مع أن ذلك العيد إنما كان يكون والله أعلم سوقا يتبايعون فيها ويلعبون كما قالت له الأنصار يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية لم تكن أعياد الجاهلية عبادة لهم ولهذا فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين كونها مكان وثن وكونها مكان عيد .

وهذا نهي شديد عن أن يفعل شيء من أعياد الجاهلية على أي وجه كان وأعياد الكفار من الكتابيين والأميين في دين الإسلام من جنس واحد " .

اقتضاء الصراط المستقيم 184ـ 191

والخلاصة : أن من يتدبر نصوص الشريعة يتبين له أن العيد الوطني ، هو من أعياد الجاهلية ، لايجوز المشاركة فيه ، كما يتبين أن منع اتخاذ المسلمين الأعياد العامة غير أعيادهم الدينية هو الواجب ، إذ لو فتح هذا الباب ، لضاعت حكمــة تخصيص أعياد أهل الإسلام بالمناسبات التي يعظم فيها ذكر الله تعالى وطاعته ، بعدما تكثر الأعياد فتزاحم الأعياد الدينية ، فيختلط الأمر ويتشتت على أمة الإسلام ، ويتلوث تميزهم بدينهم وأعيادهم بلوثة الجاهلية ، وتلك لعمري هي الفتنة ، لا إنكار أعياد الجاهلية .

والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006