ما هو موقفنا من التأويل ؟

 

السؤال:

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

شيخنا الفاضل - حفظكم الله -

ما موقف أهل السنة و الجماعة من التأويل ؟

و جزاكم الله خيرا

*********************

جواب الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :

اهل السنة يقولون التأويل يطلق على معنيين في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وفي عصر السلف .

وأما أهل البدع فقد أحدثوا معنى ثالثا باطلا .

ففي عصر السلف يطلق على التفسير ، بمعنى إيضاح الكلام وشرحه ، فإن كان الشرح صوابا فهو صواب وإن كان خطأ فهو خطا.

ويطلق أيضا على عاقبة الخبر عندما يقع في الواقع يقال هذا تأويله ، مثل الرؤيا المنامية عندما تقع في الواقع يقال هذا تأويلها كما قال يوسف ( هذا تأويل رؤياي من قبل ) .


ومثل أخبار الساعة ، فعندما تقع الساعة يقول الناس هذا تأويل ما أخبر الله به من أمر الساعة ، وفي هذا وردت الاية (هل ينظرون إلا تأويله يوم ياتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق ) ، أي هل ينتظرون اليوم الذي تتحقق فيه أخبار الساعة ويأتي تاويلها ، أي تقع في الواقع ويرونها ، وحينئذ سيقول الكفار لقد جاءت رسل ربنا بالحق
ـــــــــــــــــــــــ
وأما ما أحدثه أهل البدع فهو انهم يطلقون التأويل على صرف اللفظ عن معناه الحق ، إلى معنى بعيد لايدل عليه اللفظ ، وإنما حملهم على هذا قصدهم أن يجعلوا ظواهر نصوص الكتاب والسنة موافقة لمذاهبهم الباطلة .

ومن الامثلة على ذلك ، يقول الله تعالـــــى ( ورحمتي وسعت كل شيء ) فيؤلون المعنى ، إلى إرادة الاثابة ، ويقولون إن الله تعالى لايوصف بالرحمة ، ولكن يطلق الرحمة ويقصد إرادة الثواب أو إرادة نجاة المؤمنين .

وهذا باطل ، لان الله تعالى وصف نفسه بالرحمة ، فهي من صفاته الجليلة ، فلايجوز لنا أن نصرف هذا اللفظ عن معناه ، إلى معنى آخر بغير دليل ولا برهان من السنة أو القرآن .

فإن قيل لهم لم صرفتهم الاية عن معناها وهو اتصاف الله تعالى بالرحمة ، إلى معنى الارادة الالهية ، قالوا لان الانسان ايضا موصوف بالرحمة ، فكيف نشبه الله بالانسان ، ونرد عليهم بان الانسان أيضا موصوف بالارادة ، فلم أطلقتم على الله صفة الارادة . فإن قالوا : لكن إرادة الانسان تختلف عن إرادة الله تعالى العلية . فنقول لهم : وكذلك رحمة الانسان ، تختلف عن رحمة الله تعالى العلية . وكذلك كل ما اتصف الله تعالى به من صفات ، وهي أيضا موجودة في الانسان ، كالحياة والعلم والكلام ، فان إتصاف الله تعالى بها لايماثل اتصاف الانسان بها ، باي وجه من الوجوه ، سبحانه ( ليس كمثلة شيء وهو السميع البصير ) .


وقد اتفق أهل السنة على أن تأويل نصوص صفات الله تعالى إلى معاني تخرجها عن دلالتها على صفاته العلية ، باطل لايجوز اتباعه ، ومخالف لاجماع السلف والله اعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006