حكم مخالطة المبتدعين ، والاستفادة منهم فيما وافقوا في السنة ؟

 

السؤال:

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أريد معرفة إجابة واضحة بالدلائل الشرعية على أحكام معاشرة المبتدعين علما أني لا أشاركهم في بدعهم مثل ذكر الله جماعة إلى غير ذلك لكني أشارك في بعض الدروس التي يلقونها و غالبيتها موافقة للسنة فقد نصحني بعض الإخوة بمعاداة هؤلاء الشباب و عدم الجلوس معهم و بغضهم في الله فأنا أبغض أعمالهم ولا أبغض شخصهم و لا أدري هل أنا على صواب أم لا لأنني إن أبغضت هؤلاء الأشخاص خاصة و هم من جماعة معينة وجب علي أن أبغض غالبية المصلين الذين يصلون في المسجد لأنهم عند انتهاء كل صلاة يقولون أذكارا بصوت مرتفع و بصوت واحد مع الإمام و كذلك يقرؤون القرآن جماعة و هذه كلها بدع عند أهل العلم من أهل السنة و الجماعة أرجو جوابا مفصلا لأنني حيران و جزاكم الله بخير على ما تفعلوا من أجل دين الله و السلام عليكم.

********************

جواب الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
المسلم لايبغض المسلم بغضا تاما ، يحب منه ما وافق الحق والسنة ، ويبغض منه ما خالف السنة ، فهؤلاء تحبهم لانهم مسلمون يقيمون الصلاة ويحضرون الجماعة في المسجد ، وتبغض فيهم البدعة التي يفعلونها وتفارقهم فيها ، هذه هي طريقة أهل السنة ، يحبون المرء على قدر ما معه من طاعة الله واتباع السنة ، ويبغضونه على قدر ما فيه من مخالفة طاعة الله والسنة ،ويحبون المؤمن المتبع حبا لابغض معه ، ويبغضون الكافر بغضا لاحب فيه كما قال تعالى ( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) ـ
ـــــــــــــــــــــــــ
وأما مخالطتهم فينظر : إن خشيت على نفسك من مخالطتهم أن توافقهم في ما خالفوا فيه وتخوض معهم فيما يخوضون فيه من الباطل ، فاعتزلهم ، وإن كان في مخالطتك لهم نفع لهم فتنصحهم وتعلمهم وتنكر عليهم ، ونفع لك أيضا فيما وافقوا فيه الحق وأمنت على نفسك من موافقتهم في بدعهم ، وقدرت أن تفارقهم حين فعلهم البدع ، فلا حرج في مخالطتهم ، فالمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم ، خير من الذي لايخالطهم ولايصبر على أذاهم ،كما صح في الحديث ، وهذا محمول فيما إذا لم تترجح العزلة بمرجح آخر.
ـــــــــــــــ
وليعلم أنه يشق على المتمسك بالسنة في هذا الزمن في كثير من المواضع ان يعتزل الناس اعتزالا تاما ، مع بعدهم عن السنة وجهلهم وانتشار البدع فيهم ، مع أنه قد لايكون في كثير من الاحيان فائدة في اعتزالهم ، وقد يحصل بمخالطتهم منافع راجحة ، فالواجب أن يصير المسلم إلى ما يترجح من الامرين ، المخالطة أو الاعتزال ، وذلك يختلف باختلاف الناس والمواضع التي يكون فيها المبتلى بمثل هذه الامور .ـ
ـــــــــــــــ
وقد راينا بعض الذين يخرجون عن هذا الميزان الشرعي ، ويوجبون على المتمسك بالسنة اعتزال أهل البدعة مطلقا بلا تفصيل ، رأيناهم يتناقضون تناقضا قبيحا ، حتى إن بعضهم آل أمره إلى أن يكمل دراسته الشرعية في بلاد الكفار ، فتجاوز مخالطة المبتدعة إلى الكفار الاصليين !! ، واضطر بعضهم أن يخالط المبتدعة في الكليات الشرعية المعاصرة ، فيدرس عليهم العلوم الشرعية طلبا للشهادات والمناصب الدنيوية ، ثم هو في خارج وقت الدراسة في الكلية ، يلهج بهجران المبتدعة والتحذير منهم !!! ومنهم من صار بعد ذلك يعمل شريكا لمن يحكم عليهم بالبدعة والضلال ، شريكا لهم في هيئة التدريس واللجان والاجتماعات .. إلخ ، والعجب أن بعض هؤلاء ، لازال يدعوا إلى هجران أهل البدع مطلقا في خارج وظيفته ، فما أغلظ فهمه إذ لم يبصر تناقض قوله مع حاله والله المستعان
ـــــــــــــــــــــــ
وننوه إلى أننا نقصد هنا المبتدع الذي لاتخرجه بدعته من الاسلام أما الذين يحكم عليهم بالكفر فلهم أحكام الكفار ، فيما يحل ويحرم من معاملتهم . ـــــــــــــــ وقد كتبت في هذا الباب رسالة بعنوان تحرير قاعدة تعارض المصالح والمفاسد وتخريج بعض فروعها فليرجع السائل إليها في ركن المكتبة إن أراد الاستزادة ومعرفة الادلة الشرعية .

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006