ما هو دور العلماء في ضوء ما تتعرض له الأمة الإسلامية خاصة في الدعوة إلى تغيير المناهج ، وما تعليقكم

 

السؤال:

ما هو دور العلماء في ضوء ما تتعرض له الأمة الإسلامية ، لاسيما هذه الدعوة إلى تغيير المناهج وما تعليقكم على البيان الصادر من أكثر من 150 عالما منددا بالاستجابة للضغوط الصهيونية الامريكية لتغيير مناهج التعليم في بلادنا الإسلامية وأخضاعها لهوى السياسة الامريكية التي تهيمن عليها الصهيونية والفكر الصليبي الإرهابي المتطرف ؟!

**************************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ

لقد اطلعنا على البيان الذي أصدره مجموعة من العلماء والدعاة والمفكرين الإسلاميين يندد بالاستجابة للضغوط الصهيوينة الامريكية لتغيير مناهج التعليم ، والذي يوجد على هذا الموقع : http://hesbh.com/m_byan.htm فوجدناه بيانا عظيم النفع ، صادعا بالحق ، قائما بالقسط ، قد وضع النقاط على الحروف ، وأبان وأوضح لكل ذي لب ما يحاك ضد أمتنا الإسلامية من مكر عظيم ، يستهدف ديننا وعقيدتنا ، ولاجرم فقد قال تعالى ( ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) فبين أن القتال بالجيوش إنما هو وسيلة يتخذها الكافر لهدفه الأكبر وهو أن يرتد المسلمون عن دينهم .

ولا يختلف اثنان أن أمتنا الإسلامية تتعرض لهجوم كاسح من خارجها ، يريد أن يفرض تغييرا شاملا ، قد طال انتظاره له ، طيلة فترة الحرب الباردة ، والصراع مع المعسكر الشرقي على هذه المنطقة التي هي قطب رحا الإسلام ، وهذا الهجوم يبدأ من التغيير في الأنظمة السياسية التي قد ضاقت بها الشعوب ذرعا ، غير أنه لن ينتهي ـ بطبيعة الحال ـ إلا إلى التغيير في روح الأمّة وهويتها وثقافتها وقيمها ، لأن الذي سيفرض التغيير السياسي ، سيكون له الكلمة العليا ، التي يهيمن بها على مقاليد الأمور المصيرية ، والاستراتيجية ، التي ستحدد مصير الأمة إلى أجيال لا يعلمها إلا الله تعالى .

وإذا بقي العلماء والمفكرون الذين يحسبون على الشريعة الإسلامية ، يقولون لهذه الشعوب المسكينة ، كلما أهانكم الزعماء ، وامتطوكم ، زيدوا في الانحناء ، فإن لم يبق إلا الانبطاح ، فانبطحوا ، فإن لم يكفهم ذلك ، فارسموا صوركم في أسفل أحذية ـ لا لتضربوا بها الخونة ـ ولكن لتهدوها إلى الزعماء فيشرفونكم بوطئها بأقدامهم !!

وإذا سكت العلماء عن القيام بما أوجب الله تعالى عليهم من التصدي لكيدالكافرين ، فسيصل الأمر يوماـ لاقدر الله ـ إلى أن يطلب منهم أن يغيروا دين الإسلام ، وأن يخضعوه لهوى الصهيونية الصليبية العالمية ، ويسمح لها أن تعبث بعقيدتنا وقيمنا ، وتجتث حتى التوحيد من قلوب المسلمين .

وإذا بقــوا لايراهم الناس والسلطة في أوج طغيانها ، واستبدادها ، قابضة على صولجان الظلم ، تعبث في دين الأمة ، ومكتسباتها ، وثروتها ، وشعوبها ، وتسخر ذلك لأهواء زعامات حزبية أو قبلية أو عائلية .. إلخ ، تريد أن ترضي الأجنبي بأي ثمن ، من أجل أن يبقيها فحسب ، إلى أن يقرر التخلص منها إذا تغيرت رياح أطماعه ـ كما في حدث لحزب البعث القيادة القطرية في بغداد ـ إذا بقى العلماء لايراهم الناس إلا مصفقين لهذا الطغيان ، فإن انتقدوا فلا ينتقدون إلا المعارضين الرافضين لهذا الواقع المرير ، سواء الواقع على المشهد الدولي بقيادة الاستبداد العالمي الذي تتولى كبره أمريكا ، أو على المشاهد المحلية هنا في منطقتنا، حيث تقوم الطواغيت المحلية بالنيابة عن الطاغوت العالمي بملاحقة الدعاة والعلماء والمجاهدين ، وعقوبة كل من يقاوم المخطط الصليبي الصهيوني للمنطقة .

إذا بقي العلماء كذلك ، فسيظهرون شريعة الله تعالى على أنها جزء من هذا الطغيان ، وسيكونون السبب في فتنة الناس عن دينهم ، بل ارتدادهم عنه ، وفقدان الثقة فيه ، وأنه دين ليس رجال يدافعون عنــه ، فحري بـه ـ والحالة هذه ـ أن تدرس معالمه كما يدرس وشْيُ الثـــوب ، وسيتحمل العلماء وزر كل ما يترتب على ذلــك !!

ومن الخطر الذي يترتب على سكوت العلماء عن ظلم السلطة ، أن يظن الناس أن الشريعة ليس لها أيضا نظام سياسي يكفل حقوق الشعوب ، ولا يضمن حرياتهم المشروعة ، وأعظــم ذلك حريتهم في الدفاع عن دينهم والجهاد لحماية أرضهم ومقدساتهم .

وأنها ليست مهتمة أصلا بالإنسان وتحقيق آماله في العدالة والحريـــــة المشروعة ـ الحرية من الاستبداد والطغيان وليس التمرد على خالقه ـ ومنحه حقوقه في الإصلاح والمشاركة في بناء أمته ، ويأمن على نفسه ، وماله ، وعرضه ، وأقرباءه من الظلم ، وسيرى الناس أن علماء الشريعة ليسوا سوى "بصامين" ، وظيفتهم أن يبحثوا عما يخدر هذه الشعوب المسكينة ، ويسلط عليها سياط التخويف من الخروج ، والفتنة ، كلما حاولت هذه الشعوب أن تتنفس ، وهي ترى شعوب العالم تمشي إلى قصر الطاغية فتجره صاغرا ، وكأن ما نحن فيه من الذل والهوان واحتلال بلاد الإسلام واسترقاق شعوبه ليست هي الفتنة بعينها!!

وسيكون علماء الشريعة في نظر الشعوب ، غطاء يشرع للطغاة تكديس ثروات الأمة في خزائنهم ، حتى يأتيها اليوم الذي تصبح هذه الثروات ـ كما نرى ما يجرى للعراق ـ في حجر المحتل الأجنبي ، لا يسرق فقط ثروات الشعب ، بل ويسترق سياسته فيجعلها مرهونة برضاه إلى أجل غير مسمى ، متذرعا بأنه هو المحرر المخلص من الطغيان ، بينما كان هو صانعه الأساسي .

فالواجب على العلماء اليوم أن يهبوا في وجه الطغيان العالمي والمحلي ، وأن يصدعوا بالحق ، وأن يتضامنوا فينصر بعضهم بعضا في هذا الفرض العظيم ، ويؤسسوا فيما بينهم هيئات تدافع عمن يتعرض لأذى أو ظلم بسبب صدعه بالحق ، ولايترك لوحده ، ويخذل ، ويــذم بلا معين ولا نصير ، لانه قام بالحق وقال به !! هذا هو واجب العلماء اليوم ، وليستعينوا بالله تعالى ، وليحتسبوا ثواب الاخرة ، ويؤثروا ما عند الله تعالى ، وليتذكروا قوله تعالى ( وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين ، وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ، وثبت أقدامنا ، وانصرنا على القوم الكافرين ، فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين ، يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين ، بل الله مولاكم وهو خير الناصرين ) .
والله أعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006