أحكام أهل الذمة ؟

 

السؤال:

السلام عليكم ليتك ياشيخنا تتفضل ببيان مختصر عن أهل الذمة كيف يدخلون في الذمة و ما يترتب على ذلك و نواقض الذمة و ما ترانا نحتاجه الآن مع أهمية هذا الموضوع

كما أرجو أن تدلنا على كتاب ثقة نقرأ منه هذا الكلام بالتفصيل
جزاك الله خيرا


جواب الشيخ:

الحمد لله الذي فرض الجهاد على أمة الرشاد ، والصلاة والسلام على المبعوث لحرب أهل الكفر والعناد

أما بعـــــد : ـ

الكفر ملة واحدة والكفار أنواع : ـ

حربيون وهو الأصل فيهم إذ أوجب الله تعالى الجهاد على الأمة حتى لايصير الناس إلا إلـــــى مسلم أو مسالم بجزية بإجماع الفقهاء

------------

وأهل أمان وهو للحربي إن دخل بلادنا بأمان لطارىء إذا أراد أن يسمع كلام الله أو كان لنا في دخوله مصلحة بشروط معروفة.

--------------------

وأهل عهد وصلح ، وهم الحربيون الذين اضطررنا لأن نصالحهم أثناء الحرب في مدة ويبطل الصلح بأمور أهمها أن يكون مؤبدا فهو باطل باتفاق العلماء وهي الاتفاقيات التابعة للأمم المتحدة الطاغوتية ، وللدساتير الوضعية الطاغوتية ، فإنها تقول : الحرب الهجومية محرمة ، وهذا تبديل لكلام الله ، وحكم بغير ما أنزل الله ، مع أنهم يقولون هذا في حال يتخذ الكفار سياسة الحروب الإستباقية ويعلنونها على الملأ غير مبالين بالقوانين الطاغوتية الدولية ، وإنما يحرمون على المسلمين الحرب الهجومية ، لانهم ينظرون إليهم كالعبيد الذين يدفعون الجزية فلا يحل لهم حمل السلاح ، وإن حملوه فلا يستعملونه ، وإن استعملوه لايستعملونه إلا لقمع شعوبهم إن تاقت إلى الحرية !!
------------------

وأهل ذمة وهم الذين يعيشون بيننا ويستوطنون بلادنا ـ مقريــن بجريان أحكام شريعتنا عليهم فإن كانت الأحكام قوانين وضعية طاغوتية فليس لهذا القسم مدخل أصلا ـ فهؤلاء أهل ذمتنا بمعنى يجب علينا حمايتهم وعدم إكراههم على الدخول في ديننا ، وإقرارهم على عقائدتهم وعباداتهم في دور العبادة ، مقابل دفع الجزية والإلتزام بشروط عقد الذمة
وقد ذكر الفقهاء أن أهل الذمة يمنعون من بناء الكنائس والبيع في البلاد التي أحدثها المسلمون ، وأما ما دخلت في حكم المسلمين فيقرون على كنائسهم وبيعهم ولايحدثون جديدا
ثم قد اتفق الفقهاء انهم يمنعون من ركوب الخيل وحمل السلاح ، حتى قالوا ـ كالإمام النووي في روضة الطالبين مثلا ـ : ـ

"فرع لا يترك لذمي صدر الطريق بل يلجأ إلى أضيقه إذا كان المسلمون يطرقون فإن دخلت الطرق عن الزحمة فلا حرج وليكن الضيق بحيث لا يقع في وهدة ولا يصدمه جدار ولا يوقر ولا يصدر في مجلس إذا كان فيه مسلمون ولا يجوز لمسلم أن يوادهم ولا أن يبدأ من لقيه منهم بسلام وإن بدأ الذمي به فلا يجيبه ذكره البغوي "‏

-----

وليت شعري إن كان هذا في أهل ذمتنا المقرين بأحكامنا ، الداخلين في نظام شريعتنا ، فكيف بالذي يدخل بامان ، فإنه باتفاق الفقهاء ، لايحل له إظهار سلاح ـ فضلا عن تعبئة أرض الإسلام بالقواعد العسكرية ، واستعمالها في حروبه الكافرة ـ ولا إظهار كفره ، ولا أخذ متسع الطريق ـ فضلا عن أخذ متسع البلاد وتسخير العباد في حروبه ـ فهذا لايقول بصحة أمانه إلا أجهل من حمار أهله .

--------

وهذه جملة مفيدة مما ذكره ابن القيم تبين فقه العلاقة بين المسلمين وغيرهم في حال عقد الذمة : ـ

قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة : ـ

"ولا نكتم غشـأ للمسلمين" :

هذا أعم من إيواء الجاسوس فمتى علموا أمرا فيه غش للإسلام والمسلمين وكتموه انتقض عهدهم وبذلك أفتينا ولي الأمر بانتقاض عهد النصارى لما سعوا في إحراق الجامع والمنارة وسوق السلاح ففعل بعضهم وعلم بعضهم وكتم ذلك ولم يطلع عليه ولي الأمر

وبهذا مضت سنة رسول الله في ناقضي العهد فإن بني قينقاع وبني النضير وقريظة لما حاربوه ونقضوا عهده عم الجميع .

وقال : لما كان الصليب من شعائر الكفر الظاهرة كانوا ممنوعين من إظهاره قال أحمد في رواية حنبل ولا يرفعوا صليبا ولا يظهروا خنزيرا ولا يرفعوا نارا ولا يظهروا خمرا وعلى الإمام منعهم من ذلك .

وقال عبدالرزاق حدثنا معمر عن عمرو بن ميمون بن مهران قال كتب عمر بن عبدالعزيز أن يمنع النصارى في الشام أن يضربوا ناقوسا ولا يرفعوا صليبهم فوق كنائسهم فإن قدر على من فعل من ذلك شيئا بعد التقدم إليه فإن سلبه لمن وجده .

وقال : ـ

فصل قولهم ولا نرغب في ديننا ولا ندعو إليه أحدا .

هذا من أولى الأشياء أن ينتقض العهد به فإنه حراب الله ورسوله باللسان وقد يكون أعظم من الحراب باليد كما أن الدعوة إلى الله ورسوله جهاد بالقلب وباللسان وقد يكون أفضل من الجهاد باليد .

وقال : ـ

فصل قالوا ولا نتقلد السيوف

يمنع أهل الذمة من تقلد السيوف لما بين كونهم أهل ذمة وكونهم يتقلدون السيوف من التضاد فإن السيوف عز لأهلها وسلطان وقد قال رسول الله بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم فبالسيف الناصر والكتاب الهادي عز الإسلام وظهر في مشارق الأرض ومغاربها .

قال تعالى ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد )

وهو قضيب الأدب وفي صفة رسول الله في الكتب المتقدمة بيده قضيب الأدب فبعث الله رسوله ليقهر به أعداءه ومن خالف أمره فالسيف من أعظم ما يعتمد في الحرب عليه ويرهب به العدو وبه ينصر الدين ويذل الله الكافرين والذمي ليس من أهل حمله والعز به .

وكذلك يمنع أهل الذمة من اتخاذ السلاح وحملها على اختلاف أجناسها كالقوس والنشاب والرمح وما يبقى بأسه ولو مكنوا من هذا لأفضى إلى اجتماعهم على قتال المسلمين وحرابهم ا.هـ

وليت شعري إذا كان هذا كله في أهل الذمة ، فكيف بمن يُزعم أنهم أدخلــوا بلاد المسلمين بأمان شرعي ! وقـــــد نبــــذوا الشرع وراء ظهورهم ، لما اتخذوا الطواغيت أندادا يتحكامون إليهم من دون الله ، ثم لما جلبوا الكفار لبلاد المسلمين ، قالوا جاؤوا بشريعة الله ، عجبا !! الان تذكرتم شريعة الله !!

وكيف يصح في شريعة الله تعالى النازلة بإظهار التوحيد بسلطان الحجة ، وقوة الحديد ، أن تأذن هذه الشريعة بتحويل بلاد المسلمين إلى مرتع لخطط الصهيوصليبية ، تملؤها جيوشهم ، وتعيث فيها فسادا ، وتنطلق منها لحرب الإسلام ، وتقتل المجاهدين ، وتروع الآمنين ،وتسفك دماء المؤمنين ، وتشهر سلاحا لاقبل للمسلمين به ، وتعلن أنها تبتغي إعلاء كلمة الطاغوت ، وتنصب عبيدها من عبدة الطاغوت ، ليمرروا مخططاتها الكافرة الخبيثة في ديار الإسلام ، كيف يصح أن يكون حكم الشريعة جواز ذلك كله ، ألا إن من يفتري هذه الفرية ، هو الكاذب على الله ورسوله ، المفتري على دينه ، الملعون بنص القرآن ، المفسد لعقد الإيمان ، نسأل الله تعالى العافية والثبات اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك آمين . وخير كتاب في هذا الباب ، كتاب ابن القيم أحكام أهل الذمة والله أعلـــــــم .



الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006