حكم من يشرع القوانين المخالفة لشريعة الله؟؟

 

السؤال:

بارك الله فيك ياشيخ حامد
هل يعتبر تشريع القوانين من خصائص الرب سبحانه ؟؟
لأن بعض الناس يقول أن المبتدع مشرع ايضا ولايكفر ؟؟

*******************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الفرق بين المبتدع والمشرع لشريعة تعارض شريعة الله ، أن المبتدع يظن أنه مصيب لحكم الله تعالى ، ولايعطي لنفسه حق التشريع مع الله تعالى ، بل يرى بدعته موافقة لشريعة الله تعالى ، ولولا ذلك لما ابتدعها ، لانه يعظم الدين ، ويبتغي التقرب لرب العالمين .
ولهذا لايكفر إلا إذا كانت بدعته مناقضة لاصل الدين ، لاتحتمل التأويل .
أما المشرع مع الله فهو يجعل لنفسه الحق أن يشرع للناس الحلال والحرام ، فيحل ماحرم الله ، ويحرم ما أحل الله ، فهو متعد على حق الله تعالى ، كما قال سبحانه ( اتخذورا احبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله تعالى ) وقال ( ولاتأكلوامما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أولياءهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ) ، وقد نزلت في اعتراض المشركين على حكم الله تعالى ، في تحليله ما ذبح باليد ، وتحريمه ما مات حتف أنفه ، مع أن الله تعالى قدر الموت له ، فبين الله تعالى أنهم لو أطاعوا المشركين في تغيير أحكام الله تعالى فهم مشركون مثلهم ، إذ وافقوهم في منح حق التشريع لغير الله تعالى اعتراضا على شريعة الله تعالى .

وكما قال تعالى ( إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ، ويحرمونه عاما ليواطئواعدة ما حرم الله ، فيحلوا ما حرم الله ، زين لهم سوء أعمالهم والله لايهدي القوم الكافرين )
فبين الله تعالى أنهم كفروا ـ من جملة ما كفروا به ـ أنهم يحلون ماحرم الله ، مانحين أنفسهم هذا الحق .
وإذا كان ذلك في تغيير الاشهر الحرم ، وجعلها حلالا ، فكيف بمن يقيم للناس شريعة كاملة تحكم في أموالهم ودماءهم وفروجهم ، مناقضة لشريعة الله تعالى ، ويزيح شريعة الله تعالى ، ويحاربها ، أليس أولى بالكفر من أولئك .

وقد روى النسائي عن ابن عباس قال ( كانت ملوك بعد عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ، بدلوا التوراة والانجيل ، وكان فيهم مؤمنون يقرءون التوراة ، قيل لملوكهم ، مانجد شتما أشد من شتم هؤلاء ، إنهـــــم يقرءون ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) وهؤلاء الايات مع ما يعيبوننا به في اعمالنا في قراءتهم ، فادعهم فليقرءوا كما نقرأ ، وليؤمنوا كما آمنا ، فدعاهم فجمعهم وعرض عليهم القتل ، أو يتركوا التوراة والانجيل إلا ما بدلوا منها .
فقالوا : ما تريدون إلى ذلك ؟ دعونا ، فقالت طائفة منهم : ابنوا لنا اسطوانة ، ثم ارفعونا إليها ، وأعطونا شيئا نرفع به طعامنا وشرابنا ، فلانرد عليكم ، وقالت طائفة منهم : دعونا نسيح في الارض ، نهيم ونشرب ما يشرب الوحش ، فإن قدرتم علينا في أرضكم ، فاقتلونا ، وقالت طائفة : ابنوا لنا دورا في الفيافي ، ونحتفر الابار ، ونحترث البقول ، فلا نرد عليكم ، ولانمر بكم ، وليس أحد من القبائل إلا وله حميم فيهم .
قال : ففعلواذلك ، فأنزل الله تعالى ( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتعاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها )
والاخرون قالوا : نتعبد الله كما تعبد فلان ، ونسيح كا ساح فلان ، ونتخذ دورا كما اتخذ فلان ، وهم على شركهم لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا بهم ) رواه النسائي موقوفا بأسناد صحيح .
فتأمل هذه القصة ، وقارنها بزماننا، تهدى إلى سواء السبيل والله المستعان .

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006