فضيلة الشيخ : هل في زواج المسيار ، لو طالبت الزوجة المتنازلة عن حقها في النفقة أو المبيت ، لو طالبت بحقها ،بعد ذلك هل لها ذلك ، أم لا ؟

 

الحمد لله والصلاة  والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
أولا ينبغي أن يعلم أن ما يسمى ( زواج المسيار ) ، هو نكاح شرعي معلن ودائم ، كامل الشروط ، والأركان ، غير أن الزوجة تسامح الزوج في عدم النفقة عليها لسبب ما ، أو تسامحه في عدم المبيت عندها كلّ ليلة لعدم قدرته بسبب العمل مثلا ،  أو غير ذلك من الأسباب ، فهي تقبل به مع التنازل عن بعض حقوقها ، بمحض إرادتها.
 
وهو ليس كما يظنّ بعض الناس أنه مؤقـت ، أخذاً من هذا الإسم ( المسيـار )  الذي أطلقه عليه الجهـّال ، فسبَّب إشكالا في فهم معناه .
 
ومع ذلك فإنَّ تنازلها عن حقها ،  لايمنعها من المطالبه إن شاءت ، وحينئذ إن طالبت بحقها فإمّا يطلـّق ، أو يعطيهــا حقها .
وأصـلا لو أنه اشترط عليها أن لاينفق عليها ،  أو لا يبيت عندها ، فالشرط باطـل ، ثـمّ في بطلان العقد خلاف بين العلماء ، والصـواب أنَّ العقد صحيح ، وإن بطل الشرط .
فهذا النكاح مبنيّ على أنهما تراضيا على أنه لاينفق عليها ، أو لايمكنه المبيت عندها كلّ  ليلة ، فقبـلت بذلك على أنه خيـرٌ لها من عدم الزوج ، وهذا لايعني سقوط حقَّهـا إلى الأبـد ، بل هو تفاهـم جرى بينهما ، وليس شـرطا لازما ، ولو كان شرطا فهو باطل مع صحة العقـد كما ذكـرت.
  
قال في المغني في ذكر أقسام الشروط :
 
(القسم الثاني : ما يبطل الشرط ويصح العقد ، مثل أن يشترط أن لا مهر لها،  أو أن ينفق عليها ، أو ان أصدقها رجع عليها ، أو تشترط عليه أن لا يطأها ، أو يعزل عنها ، أو يقسم لها من قسم صاحبتها ، أو أكثر ، أو لا يكون عندها في الجمعة إلا ليلة ، أو شرط لها النهار ،  دون الليل ،  أو شرط على المرأة أن تنفق عليه ،  أو تعطيه شيئا ، فهذه الشروط كلها باطلة في نفسها ،  لأنها تنافي مقتضى العقد ، ولأنها تتضمن اسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده  ،  فلم يصح كما لو أسقط الشفيع شفعته قبل البيع.
 
 فأما العقد في نفسه فصحيح ، لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد ، لا يشترط ذكره ، ولا يضر الجهل به ، فلم يبطل .
كما لو شرط في العقد صداقا محرما ، لأن النكاح يصح مع الجهل بالعوض فجاز أن ينعقد مع الشرط الفاسد كالعتاق. 
 
فقد نص أحمد في رجل تزوج امرأة ،  وشرط عليها أن يبيت عندها في كل جمعة ليلة ،  ثم رجعت وقالت لا أرضى إلا ليلة وليلة ، فقال : لها أن تنزل بطيب نفس منها  ، فان ذلك جائز ، وإن قالت لا أرضى إلاّ بالمقاسمة كان ذلك حقا لها تطالبه إن شاءت.
 
ونقل عنه الأثرم في الرجل يتزوج المرأة ويشترط عليها أن يأتيها في الأيام يجوز الشرط ، فان شاءت رجعت.
 
وقال في الرجل يتزوج المرأة على أن تنفق عليه في كل شهر خمسة دراهم أو عشرة دراهم : النكاح جائز ،  ولها أن ترجع في هذا الشرط.
 
وقد نقل عن أحمد كلام في بعض هذه الشروط يحتمل إبطال العقد / نقل عنه المروذي في النهاريات ، والليليات : ليس هذا من نكاح أهل الاسلام ، وممن كره تزويج النهاريات حماد بن أبي سليمان ، وابن شبرمة.
 
وقال الثوري : الشرط باطل.
 
 وقال أصحاب الرأي إذا سألته أن يعدل لها عدل.
 
 وكان الحسن و عطاء لا يريان بنكاح النهاريات بأسا.
 
 وكان الحسن لا يرى بأسا أن يتزوجها على أن يجعل لها في الشهر أياما معلومة .
 
ولعل كراهة من كره ذلك راجع إلى إبطال الشرط ، وإجازة من أجازه راجع إلى أصل النكاح ، فتكون أقوالهم متفقة على صحة النكاح ، وإبطال الشرط كما قلنا والله أعلم ) أ.هـ.

الكاتب: زائر
التاريخ: 23/05/2008