دار الاسلام ودار الكفر ؟

 

السؤال:

السلام عليكم : والله إني احبك في الله ياشيخ .. الرجاء ان تبين لنا أحكام الديار ؟ وهل العبرة في الدار الاحكام التي تحكمها ؟ أم دين غالب الشعب ؟ وما قصة شيخ الاسلام مع قلعة ماردين ؟

*******************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ

أما سؤالك عن دار الكفر ودار الإسلام ، فننقل كلام الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمهما الله قال : ( واما البلد التي يحكم عليها بأنها بلد كفر ، فقال ابن مفلح : وكل دار غلب عليها أحكام المسلمين فدار إسلام ، وأن غلب عليها أحكام الكفر فدار كفر ، ولا دار غيرهما ، وقال الشيخ تقي الدين ـ يعني ابن تيميه ـ وسئل عن ماردين هل هي دار حرب أم دار إسلام فقال هي مركبة فيها المعنيان ، ليست بمنزلة دار الإسلام التي تجري فيها أحكام الإسلام لكون جنودها مسلمين ، ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار ، بل هي قسم ثالث ، يعامل المسلم فيها بما يستحقه ويعامل الخارج من شريعة الإسلام بما يستحقه ) . الدرر السنيـــة ( 7/353) .

وقال الشيخ العلامة حمد بن عتيّق رحمه الله تعالى لما ناظره أهل مكة ( سبحانك اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ) جرت المذاكرة في كون مكة بلد كفر أم بلد إسلام ، فنقول وبالله التوفيق قد بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوحيد الذي هو دين جميع الرسل وحقيقته هو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله ، وهو أن يكون الله معبود الخلائق فلا يتعبدون لغيره بنوع من أنواع العبادة ، ومخ العبادة هو الدعاء ، ومنها الخوف ، والرجاء ، والتوكل ، والإنابة ، والفزع ، والصلاة ، وأنواع العبادة كثيرة ، وهذا الأصل العظيم الذي هو شرط في صحة كل عمل ، والأصل الثاني هو طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أمره وتحكيمه في دقيق الأمور وجليلها وتعظيم شرعه ، ودينه ، والإذعان لاحكامه في أصول الدين وفروعه ، فالأول ينافي الشرك ولا يصح مع وجوده ، والثاني ينافي البدع ، ولا يستقيم مع حدوثها ، فإذا تحقق وجود هذين الاصلين علما ، وعملا ، ودعوة ، وكان هذا دين أهل البلد أي بلد كان ، بأن عملوا به ، ودعوا إليه ، وكانوا أولياء لمن دان به ، ومعادين لمن خالفه فهم موحدون ، وأما إذا كان الشرك فاشيا ، مثل دعاء الكعبة ، المقام ، والحطيم ، ودعاء الأنبياء والصالحين ، وإفشاء توابع الشرك ، مثل الزنا ، والربا ، وأنواع الظلم ، ونبذت السنة وراء الظهر ، وفشت البدع ، والضلالات ، وصار التحاكم إلى الأئمة الظلمة ، ونواب المشركين ، وصارت الدعوة إلى غير القرآن والسنة ، وصار هذا معلوما في أي بلد كان ، فلايشك من له أدنى علم أن هذه البلاد محكوم عليها بأنها بلاد كفر ، وشرك ، لاسيما إن كانوا معادين لأهل التوحيد ، وساعين في إزالة دينهم ، ومعينين في تخريب بلاد الإسلام ، وإذا أردت إقامة الدليل على ذلك وجدت القرآن كله فيه ، وقد أجمع عليه العلماء ، فهو معلوم بالضرورة عند كل عالم ) انتهى الدرر السنية ( 7/ 357) .

وليتأمل قارئ هذا الجواب ، ما كان عليه غالب الناس من أهل مكة في ذلك الزمان ، من الإعراض عن التوحيد ، والوقوع في الشرك والضلال المبين ، حتى عاد إليها الشرك كما كان في الجاهلية الأولى ، وصارت دار كفر ، ثم ما فتح الله تعالى به على أئمة الدعوة من الفتح العظيم ، حتى أقاموا راية التوحيد إليها من جديد ، وما زال ذلك إلى اليوم من آثار سعيهم الرشيد ، وجهادهم السديد ، فالحمد لله العزيز الحميد .

ويجب أن ينتبه السائل أن تقسيم الدور إلى دار كفر ، وإسلام ، إنما هو تابع لأحكام الجهاد متى ما تمت شروطه ، وترجحت مصالحه ، أما ما يقوله بعض الناس من عــدّ أنفسهم إن كانوا في غير بلاد المسلمين ، أو في بلاد المسلمين التي لاتحكم بأحكام الشريعة في الغالب ، عـدّ أنفسهم في بلاد كفر ، ثم إجراء أحكام دار الكفر المذكورة في باب الجهاد ، واستحلال دماء الناس فيها ، وأموالهم ، وسبي نساءهم ، وتكفير كل من فيها من أهل الشهادتين غيرهم ، لانهم لم يعلنوا البراءة من تلك الدار ، ولم يزايلوا ذاك الجوار ، فهؤلاء جهال ، لبس عليهم الشيطان ، فأوردهم المهالك أعاذنا الله من ضلال العماية ، وشر الغواية والله أعلم .

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006