ما معنى استحلال الحرام ، وكيف يكون كفرا ؟

 

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمه الله وبركاتو وبعد
نريد من فضيلتكم ان تبنوا لنا كيف يؤدي استحلال المعصيه الى الكفر وماهو وصف اهل السنه والجماعه في المستحل المعصيه واضرب لنا مثلا معاصرا ولكم جزيل الشكرا

**********************

جواب الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
استحلال المعصية مثل أن يقول الخمر حلال ليست حراما ، والزنا إن كان برضا الطرفين ليس جريمة ، لانه حرية شخصية ، فهو حلال ، فهذا وأمثاله استحلال ، وهو كفر أكبر مخرج من الملة لانه إما أن يكون تكذيبا بشريعة الله تعالى أو رد لها . والفرق بين التكذيب والرد ، هو أنه في الرد إما أن يقول مثلا : نعم الشريعة الإسلامية حرمت الخمر والزنا لكن هذا باطل لايصح تحريمهما ، وإما أن يقول : نعم الله تعالى حرم الخمر والزنا ، وكان هذا حقا ، غير أن هذا التحريم قد كان في زمن يؤدي الخمر والزنى إلى فساد لاينضبط ، أما اليوم فالصحيح أن لايُمنعا لانه عصر الحرية ومنع الناس من حريات الشخصية يؤدي إلى فساد مجتمعي ، وانتهاك لحقوق الناس ، ونحو ذلك من هذيان اللادينيين العلمانيين زنادقة العصر ، فهذا أيضا كفر أكبر مخرج من الملة باتفاق العلماء
------
ولنضرب مثالين معاصرين على الإستحلال منتشرين في هذا العصر : ـ
أحدهما : الذين يقولون : إن امتثال أصل الشريعة في الولاء والبراء لايتناسب مع العصر ، لانه عصر الانفتاح والتفاعل بين الحضارات وعصر ثورة المعلومات والاتصالات ، فلنضع بدل الشرك الشراكة وبدل بغض الكافرين التواصل الحضاري والمحبة والسلام ، ونحو هذا الهذيان الذي يبطلون به شريعة الله تعالى ، مع أنهم يرون أعداء الإسلام يفرضون ثقافتهم بالقوة ، ويشعلون الحرب لهيمنة ثقافتهم على غيرها ، وللإستيلاء على ثروات الشعوب الأخرى . ومن الأمثلة الواضحة على استحلال موالاة الكفار ، ما تضمنته خارطة الطريق التي وقعت عليها الدول العربية ، ففيها نقض واضح جلي لأصل الولاء والبراء فضلا عما فيها من بيع بلاد الإسلام للصهاينة ، هذا فضلا عن المعاهدات الدولية القائمة اصلا على فلسفة إلحادية تقوم على القانون الوضعي الطاغوتي ، والتي ـ أعني المعاهدات الدولية ـ تنبثق من مواثيق الأمم المتحدة فهذا المثال الاول
-------
المثال الثاني : رجال القانون في بلاد الإسلام الذين يكتبون القانون بوحي من فلسفة مادية إلحادية ، وهو وحي الشيطان ولكنهم لايشعرون فيقولون : لا عقوبة إلا على جريمة ، ولا جريمة إلا بمادة ، أي قانون ، فلايحلل ولا يحرم عندهم إلا القانون ، فجعلوه مثل الرب المعبود في التشريع والتحليل والتحريم فهو طاغوتهم ، كما قال تعالى " ألم تـر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا " فطاغوت كل قوم من يتحاكون إليه من دون الله ، أو يعبدونه من دون الله فلا فرق .
------------
والمادة في القانون ، هي عندهم مثل " الآية " في شريعة الله ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ، ثم يقولون : على أي أساس نبني الحكم على أقوال الانسان وأفعاله وسلوكه بالتجريم أو عدم التجريم ؟ ثم يجيبون على هذا السؤال : أنه لايصلح أن تكون الشريعة الإسلامية وحدها هي الحاكم على تصرفات الإنسان بالتجريم او عدمه ، فلنأخذ من غيرها ،
----------------------
فيشركون في حكم الله تعالى غيره ، ويشركون بالله تعالى كما قال تعالى " ولايشرك في حكمه أحدا " ـ
ثم يستحلون ما حرم الله تعالى ، بناء على هذا الشرك ، فيقولون الزنا إن كان برضا الطرفين وكانا بالغين ، ليس جرما ، ونقد القرآن ليس جريمة ، ونقد النبي صلى الله عليه وسلم ليس جريمة ، لان كل ذلك إما حرية شخصية ، أوحرية فكرية ولا نريد أن نحجر على العقول ، فهؤلاء من أكفر الناس ، وهم اشد من الذين يستحلون الخمر والزنا من العامة الفساق الذين يقول سفيههم مثلا : ليس الخمر إلا أحسن الشراب فهاتوا القداح ، والزنا السفاح خير من النكاح ونحو ذلك من الكفر البواح .
الله أعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006