إشرح لنا الحج سهــلا ؟

 

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :

*** ابدأ بالإخلاص… وإنما الأعمال بالنيات :

يبدأ الحاج أولا بإخلاص النية لله تعالى ، امتثالا لأمره سبحانه بأداء الحج ، قال تعالى ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) ، إذ هو من أركان الإسلام ، وطمعا في ثوابه العظيم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) متفق عليه

وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( العمرة إلى العمرة ، كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) . متفق عليه .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد ، فقال : لكن أفضل الجهاد حج مبرور ) رواه البخاري .

وعنها رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة ) رواه مسلم .

فتوجه إلى بيت الله الحرام ، تعظيما لشعائر الله تعالى ، امتثالا لطاعة الله تعالى ، رغبة في ثوابه ، خوفا من عقابه ، واجتنب الرياء والسمعة ، واحذر من طلب المكانة والمنزلة في قلوب المخلوقين ، قال تعالى ( وما لاحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى ) وقال ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) .

***النفقــــــــــة الحلال :

ثم أنفق على رحلة الحج من طيب المال، والكسب الحلال ، ذلك أن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا ، ومن حج من مال حرام لم يقبل الله تعالى حجه .

***اشتراط المحرم للمرأة :

وعلى المرأة أن تجد لها محرما يرافقها ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) متفق عليه ، ويجب أن يكون بالغا عاقلا ، والمحرم الزوج أو من يحرم على المرأة على التأبيد ، بنسب أو رضاع أو مصاهرة وهم أربعة بالمصاهرة : أبو زوجها ، وابنه ، وزوج أمها ، وزوج ابنتها .

***في الميقــــــات :

عند الوصول إلى الميقات ، تغتسل و تتطيب في جسدك دون ثياب الإحرام ، وتزيل عنك الأظفار والشعر الذي ترغب بإزالته وكل ذلك مستحب غير واجب ، ثم تحرم قبل تجاوز تجاوز الميقات ، ومعنى الإحرام هو نية الدخول في النسك ، وليس المقصود به هو التجرد من المخيط ( والمخيط كل ثوب مفصل على قدر أعضاء الجسد مثل القميص والفانيلة والبنطلون ونحو ذلك مما فصل على قدر الأعضاء ، وليس المقصود بالمخيط ما فيه خيط ) ، بل لبس المخيط من محظورات الإحرام ، ولهذا يجب على الحاج أن لاينوي الإحرام ـ الدخول في النسك ـ إلا بعد أن يتجرد من الثياب ، ولو نوى الحاج الدخول في النسك ناسيا أن يتجرد من كــــــل الثياب ، ( مثلا نسي سروايله ولم ينزعها ) ولبس الازاء والرداء ، ثم نوى الدخول في النسك ، فإنه يصح دخوله في النسك ، ثم عليه أن ينزع عنه ما نسي أن يزيله ، ولاشيء عليه إن كان ناسيا ، والمقصود أنه يجب التفريق بين الإحرام وهو نية الدخول في النسك ، والتجرد من المخيط .

***أنواع الانساك :

ثم تقول عند نية النسك ، لبيك اللهم بعمرة ، أو بحج ، أو بعمرة وحج ، وفق النسك الذي تختاره ،

وهي ثلاثــــة أنواع :

أحدها : التمتع وهو أفضلها ، وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بعمرة ، وصفته أنك تأتي بعمرة كاملة وتتحلل منها ، تماما كما لو ذهبت إلى عمرة في غير أشهر الحج ، ثم تبقى غير محرم ، حتى إذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة ، تحرم بالحج وتذهب إلى منى ، وعلى المتمتع ـ إن كان من غير حاضري المسجد الحرام أي من غير ساكني مكة أو حدود الحرم ـ أن يذبح هديا كم سيأتي بيانه .

والثاني : الإفراد ، وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بحج ، وهو أن تنوي الحج مفردا ليس معه عمرة ، وفي هذه الحالة تبقى على إحرامك حتى تتحلل يوم النحر كما سيأتي بيانه .

والثالث القران : وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بعمرة وحج، ولافرق بين الإفراد والقران في أعمال الحج ، وإنما يفترقان في أمرين :

أحدهما: النية ، فالقارن ينوى الحج مع العمرة ، إن طاف نوى أن يكون طوافه طواف حج وفي نفس الوقت هو طواف عمرة ، وإن سعى نوى بسعيه سعي حج وهو في نفس الوقت سعي عمرة ، كما ينوي داخل المسجد تحيته وركعتي الفجر في نفس الوقت على سبيل المثال .

الثاني : أن القارن عليه هدي ، والمفرد لاهدي عليه .

فإن اخترت أحد هذه الانساك ، ولبيت به ، فإن كنت مريضا أو تخشى من حدوث طارئ يمنعك من إتمام الحج ، فاشترط قائلا ( لبيك اللهم بعمرة ــ أو حج أو عمرة وحج ــ ومحلي حيث حبستني ) لقوله صلى الله عليه وسلم لضباعـة بنت الزبير( حجي واشترطي وقولي : اللهم إن محلي حيث حبستني ) متفق عليه .

وفائدة هذا الشرط أنك إذا حال بينك وبين إتمام الحج عذر شرعي ، خارج عن إرادتك ، مثل مرض أقعدك عن إتمام العج ، أو حادث سيارة على سبيل المثال ، أو منعك مانع من إتمامه بعدما دخلت في الإحرام ، فإنك تتحلل من إحرامك وتلبس ثيابك ولاشيء عليك ، وترجع إلى بلدك ، حتى يتيسر لك الحج مرة أخرى .

والدليل على أن الحاج مخير بين الانساك الثلاثة قول عائشة رضي الله عنها ( فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج ومنا من أهل بهما ) متفق عليه .

والدليل على أفضلية التمتع أمر النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه بذلك ، وقوله (لولا أني سقت الهدي لفعلت مثل ما آمركم به ) متفق عليه من حديث جابر رضي الله عنهما .

وكان صلى الله عليه وسلم قارنا ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أتاني آت من ربي ، فقال صل في هذا الوادي المبارك ، وقل عمرة في حجة ) رواه احمد والبخاري وغيرهما .

وذلك أنه كان قد ساق الهدي معه ــ أي جاء به معه من خارج الحرم والهدي هي الأنعام التي تجلب للحرم ، سميت بذلك لأنها تهدى إلى الحرم لفقرائه ــ فمنعه ذلك من أن يكون متمتعا ، وكذلك يستحب لمن جاء بهديه من خارج الحرم أن يكون قارنا .

والأفضل لمن حج مفردا أو قارنا أن يتحلل بعد طواف القدوم والسعي وينوي أن ما فعله عمرة ، ويتحول إلى التمتع لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بذلك متفق عليه .

***هل للإحرام صلاة مخصوصة :

ولم يرد دليل على استحباب ركعتين للإحرام بخصوصه ، إلا أن يصلى المحرم نافلة أخرى وافقته بعد إحرامه أو قبله ، أو يحرم بعد صلاة الفريضة إن أدركته كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فذلك حسن .

*** محظورات الإحرام :

وعليك أن تتجنب محظورات الإحرام ، حتى تتحلل من إحرامك .

وهي تسعة محظورات يجب على المحرم بحج أو عمرة أن يتجنبها :

*أولا : تعمد لبس المخيط بالنسبة للرجل ــ وقلنا إن المخيط هو كل ما فصل على قدر أعضاء الجسد من الثياب ، وليس هو ما فيه خيط ــ لقوله صلى الله عليه وسلـــــم ( لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ، ولا البرنس ولا السروايل ولاثوبا مسه ورس ولازعفران ) متفق عليه , ويدخل في المخيط ، لبس الخفين أو الجوربين فلا يجوز ذلك للمحرم ، إلا إن لايجد نعلين ، فيجوز له أن يلبس الخفين ، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات : (من لم يجد إزارا فليلبس سراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين ) متفق عليه .

ولابأس أن يلبس المحرم النظارة والساعة والحزام الذي يشد به إزاره ويحفظ فيه نفقته ولو كان فيه خيوط ، ولابأس أن يلبس نعلين فيهما خيوط ، أو يكون طرف ردائه أو إزاره مخيط ، كل ذلك جائز .

*ثانيا : تغطية الرأس من الرجل ، ولاباس أن يستظل بخيمة أو مظلة ( شمسية ) أو سقف السيارة ونحو ذلك ، لحديث أم الحصين قالت حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا أحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة ) رواه أحمد ومسلم .

و تغطية الوجه للأنثى ، ولكن تسدل على وجهها لحاجة لقوله صلى الله عليه وسلم ( لاتنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ) متفق عليه ، وعن عائشة رضي الله عنها ( كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة .

*ثالثا : قصد شم الطيب ومسه واستعماله في أكل وشرب بحيث يظهر ريحه ، ولابأس أن يتطيب قبل الإحرام في بدنه دون ثيابه ، حتى لو استمر هذا الطيب إلى بعد الإحرام ، فذلك جائز ، لانه وضع الطيب قبل الإحرام لا بعده ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أيام وهو محرم ) متفق عليه .

*رابعا : إزالة الشعر من البدن عمدا ، ولابأس إن سقط شيء من الشعر بغير قصد بسبب الامتشاط أو الاستحمام ونحو ذلك ، ويجوز للمحرم أن يستحم بالماء والصابون الذي لا يكون فيه عطر ، فقد روى أبو أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل رأسه وهو محرم وحرك رأسه بيديه فاقبل بهما وأدبر متفق عليه ، ويجوز له أن يبدل ثياب الإحرام التي احرم فيها أولا ، بأخرى نظيفة ليس فيها طيب ، كل ذلك جائز .
ويجوز للمحرم أن يحلق رأسه لعذر ، أو يلبس ثوبا لعذر ، مرض أو نحوه ، وعليه أن يفدي في هذه الحالة ، وذلك بأن يذبح شاة لفقراء الحرم ، أو يطعم ستة مساكين من مساكين الحرم لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره ، أو يصوم ثلاثة أيام ولا يشترط أن يكون الصيام في الحرم .

*خامسا : تقليم الأظافر ، فإن انكسر الظفر فلابأس بإزالته .

سادسا : صيد البر الوحشي المأكول ، ومعنى الوحشي أي غير الأليف ، والأليف مثل الدجاج والمعز والضان والبقر والإبل ، والوحشي مثل الغزال وحمار الوحش والأرنب ، ويجوز صيد البحر .

*سابعا : عقد النكاح ولا يصح ، وكذلك الخطبة فلاتجوز في أثناء الإحرام .

*ثامنا :الوط ء في الفرج .

تاسعا : دواعي الجماع ، والمباشرة دون الفرج والاستمناء .

فإن وقع المحرم بشيء من محظورات الإحرام ناسيا أو جاهلا فلاشيء عليه ، وإن فعل شيئا من ذلك عامدا ، ففيه الفدية وهي التخيير بين إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم ، لكل مسكين مد من البر ( القمح ) أو نصف صاع من غير البر ، أو ذبح شاة لمساكين الحرم ، أو صيام ثلاثة أيام في أي مكان .

ويستنثى من ذلك ثلاثة أشياء :

أحدها : الصيد ففيه جزاء الصيد ، سواء تعمد صيده أم لا .

والثاني : الجماع في الفرج ففيه تفصيل سيأتي لاحقا إن شاء الله تعالى .

والثالث : عقد النكاح أو الخطبة فليس فيهــا فدية مع أنهما من محظورات الإحرام.

***التلبيـــة :

ثم تنطلق إلى المسجد الحرام ، ملبيا من أول دخولك الإحرام و أثناء الطريق قائلا ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لاشريك لك ، لبيك إن الحمد والنعمـــة لك والملك لاشريك لك ) كذا روى التلبية عبد الله بن عمر رضي الله عنه في الصحيحين .

يرفع الرجل صوته ، لحديث السائب بن خلاد قال صلى الله عليه وسلم : ( أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ) رواه الخمسة .

وتخفض المرأة صوتها ، واحرص أن تردد هذه التلبية على قدر استطاعتك وجهدك ، فذلك من أفضل أعمال الحج ، قال صلى الله عليه وسلم ( أفضل الحج العج والثج ) رواه الترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، والعج أي رفع الصوت بالتلبية .

***دخول المسجد الحرام :

فإذا وصلت البيت أي الكعبة ، فيستحب لك أن يكون أول شيء تفعله عند دخول المسجد الحرام ، أن تقول دعاء دخول المسجد ( اللهم صل على محمد ، اللهم افتح لي أبواب رحمتك ) ، ثم تتجه إلى الحجر الأسود للطواف .

ولم تصح الأحاديث التي فيها رفع اليدين عند رؤية البيت ، وكذا لم يصح في ذلك دعاء مخصوص ، غير دعاء دخول المسجد .

***الطـــواف :

*أولا : ويشترط أن تكون حال الطواف ساترا للعورة ، طاهر الثياب والبدن ، ويشترط له الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر ، وذلك كله عند جمهور العلماء .

واحتجوا بحديث ( إن الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه ) رواه الترمذي وغيره ، وبحديث عائشة رضي الله عنها ( افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) متفق عليه .

*ثانيا : وإن كنت متمتعا ، فإنك تنوي بطوافك أنه طواف عمرة .

وإن كنت قارنا نويت أنه طواف القدوم ، على أن تطوف طواف العمرة والحج ، بعدما تأتي من مزدلفة يوم النحر , ويجوز لك أن تسعى بعد طواف القدوم هذا ، وتنوي به أنه سعي عمرتك وسعي حجك في نفس الوقت ، وتكون في هذه الحالة قد قدمت سعي العمرة والحج على طوافهما الذي ستفعله يوم النحر ، ويجوز لك أن تؤجل السعي إلى يوم النحر عندما تطوف طواف عمرتك الذي تنوي به أيضا أنه طواف حجك ، فتسعى بعد ذلك سعي عمرتك الذي هو سعي حج ، وبذلك تقرن أفعال العمرة بالحج .

وأما إن كنت مفردا فإنك تنوي أنه طواف القدوم فقط ، ويجوز لك أيضا أن تقدم سعي الحج فتسعى بعد طواف القدوم ، ولا يكون عليك سعي أخر إذا طفت طواف الحج يوم النحر ، كما سيأتي بيان ذلك .

فإن طفت و لم تنو شيئا نسيانا أو جهلا ، فلاشيء عليك وطوافك صحيح .

*ثالثا : و معنى الطواف ببيت الله تعالى ، إظهار عظيم حبك له إذ تعلق قلبك بمحبته حتى قادتك تلك المحبة العظيمة إلى التطواف حول بيته مرارا في صورة الإلحاح عليه ، من أجل أن يقبلك في حضرته ، ويقربك من محبته ، ويتجاوز عن تقصيرك في حقه ، وكلما استحضرت هذا المعنى الجليل ، كان ثوابك أعظم عند الله تعالى

*رابعا : وتكون مضطبعا في هذا الطواف استحبابا ، ومعنى الاضطباع أي تجعل وسط ردائك تحت عاتقك الأيمن ، وطرفيه على عاتقك الأيسر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس كل طواف فيه اضطباع ، وإنما طواف العمرة وطواف القدوم للحج ، وأما طواف الإفاضة فحتى لو طافه الحاج وهو محرم ، لا يكون فيه اضطباع ، ويستمر الاضطباع إلى آخر الطواف .

عن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت ، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى ) رواه أبو داود وغيره.

*خامسا : ويستحب هنا أن يرمل الطائف أول ثلاثة أشواط ، والرمل هو الإسراع مع مقاربة الخطى ، ويكون الرمل في كل طواف فيه اضطباع ، ولا يكون في طواف ليس فيه اضطباع ، وقد قال جابر رضي الله عنها في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم ( حتى أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ) رواه مسلم .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا ) متفق عليه ، والطواف الأول هو القدوم ، وخب أي رمل .

*سادسا : ويجب أن تطوف سبعة أشواط كاملة لاتسقط منها خطوة ، تبدأ من الحجر الأسود وتنتهي بالحجر الأسود .

وتجعل البيت على يسارك ، واحذر أن تطوف وأنت مستقبل البيت أو جاعله عن يمينك ترجع القهقرى ، وحتى لو كنت محمولا يجب أن تجعل البيت عن يسارك .

*سابعا : فإن شككت في عدد الأشواط ، تعمل بغالب الظن ولاشيء عليك ، فإن لم يكن لديك ظن غالب ، واستوى الطرفان ، فاجعل العدد هو الأقل ، لانه المتيقن ، مثلا شككت هل طفت ثلاثة أشواط أو أربعة ، فاجعلها ثلاثة ، فإن جاءك الشك بعد انتهاء الطواف ، فلا تلتفت إليه لان الشك بعد العبادة لا يلتفت إليه مادام مجرد شك

*ثامنا : وعندما تبدأ من الحجر الأسود تحاذيه ببدنك ، ثم تستلمه و تقبله إن استطعت ، أو تستلمه و تقبل يدك ، فإن لم تستطع لشدة الزحام ، تشير إليه بيدك ولاتقبل يدك في حالة الإشارة ، وتكون الإشارة باليد اليمنى ، تستقبل الحجر وتشير بيدك اليمنى قائلا الله أكبر ، وتفعل ذلك كله وفق هذا الترتيب كلما حاذيت الحجر الأسود في أثناء طوافك ، وذلك إن تيسر لك ، ولاتزاحم الناس فتؤذيهم .

*تاسعا : ويستحب استلام الركن اليماني باليد ، فإن لم تستطع فلا تشير إليه من بعيد ، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شيئا عند استلامه ، ويستحب أن تقول بين الركن اليماني والحجر الأسود ( ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) وأن تكثر من ذكر الله تعالى والاستغفار والدعاء في أثناء الطواف .

*عاشرا : واحذر أن تطوف من داخل الحجر ، وهو الجزء الذي حوله حاجز رخامي يشبه شكل الهلال خلف أحد جدران الكعبة ، بل يجب أن تكمل طوافك من وراءه ، لانك لو أكملت الطواف من داخله ، فكأنك دخلت الكعبة في جزء من طوافك ، ولم تطف حولها ، ويجب على من فعل ذلك إعادة الطواف .

*حادي عشر : وإذا أقيمت الصلاة وأنت تطوف ، أو حضرت جنازة ، أو أردت شرب الماء ، ونحو ذلك فإنك تتم الطواف بعد ذلك من حيث وقفت ، إلا إذا أطلت الفصل بين الأشواط ، فإن فعلت فابدأ من جديد ، لان الموالاة بين أشواط الطواف شرط في صحته ، وكذا إذا انتقض وضوءك في أثناء الطواف فيجب عليك أن تعيده من جديد ، إذا قلنا بأن الوضوء شرط لصحة الطواف ، وهو الاحوط .

*ثاني عشر : وبعد انتهاء الطواف ، ينتهي الاضطباع ، كما ينتهي الرمل بنهاية الشوط الثالث من الطواف ، و يستحب للطائف بعد نهاية الشوط السابع ، أن يتوجه إلى مقام إبراهيــم عليه السلام ويقول ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) ثم يصلي ركعتين ، ويستحب أن يقرأ فيهما سورة الكافرون ( قل يا أيها الكافرون ) في الركعة الأولى ، وسورة الإخلاص ( قل هو الله أحد ) في الركعة الثانية ، والأفضل أن يصليهما خلف مقام إبراهيم عليه السلام ، فإن لم يتيسر ذلك لشدة الزحام ، ففي أي موضع من المسجد الحرام .

*ثالث عشر : ويستحب للطائف الوقوف بالملتزم وهو ما بين الحجر والباب ، فيجعل خده وصدره على حائط الكعبة في ذلك الموضع الشريف ، ويدعو الله تعالى.

*رابع عشر : ويستحب إذا أردت أن تسعى بعد ذلك أن تعود إلى الحجر فتستلمه إن استطعت قبل أن تنطلق إلى المسعى .

*خامس عشر : وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعدما أنهى طوافه في حجته ذهب إلى زمزم فشرب منها وصب على رأسه ثم رجع إلى الركن فاستلمه رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه .

*شرب ماء زمزم :

والدعاء عند شرب زمزم مستحب ومستجاب قال صلى الله عليه وسلم ( ماء زمزم لما شرب له ) رواه أحمد وابن ماجة من حديث جابر رضي الله عنه .

***السعي بين الصفا و المروة :

تتوجه بعد ذلك إلى الصفا ، لتسعي بين الصفا والمروة .

ويجوز لك إن كنت قارنا أو مفردا أن تعجل السعي بعد طوافك طواف القدوم ، فإذا كنت قارنا سيكون هذا السعي المعجل هو سعي حجك وعمرتك اللتين ستطوف طوافهما يوم النحر ، وإن كنت مفردا يكون سعي حجك الذي ستطوف طوافه يوم النحر أيضا ، وهذا أيسر عليك لانك ربما تكون مرهقا يوم النحر بعد وقوفك بعرفة وبياتك بمزدلفة ، فتكتفي بالطواف في هذه الحالة لانك قدمت السعي عند قدومك ، ويجوز لك أيضا أن تؤجل السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة يوم النحر ، فتسعى بعده سعي حجك وعمرتك إن كنت قارنا ، وسعي حجك إن كنت مفردا

مسائل السعــــــــي :

*أولا : إن كنت متمتعا ، أي تريد أن تعتمر ثم تحج بعد التحلل من عمرتك ، فهذا السعي هو سعي عمرتك ، وإن كنت قارنا أو مفردا ، فهذا السعي تنوي به أنه سعي حجك وعمرتك إن كنت قارنا ، وسعي حجك إن كنت مفردا ، هذا إذا أردت أن تقدم السعي ، ويجوز لك تأخيره كما أسلفنا .

*ثانيا : تبدأ من الصفا ، فإذا دنوت من الصفا يستحب لك أن تتلو قوله تعالى ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلاجناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ) وتقول أبدأ بما بدأ الله به ، وترقى الصفا حتى ترى الكعبة إن استطعت ، فإن لم تستطع ذلك ، فالواجب أن تضع قدمك عند أول الارتفاع إلى الصفا ، لتكون بدايتك من أول الصفا ، لان قطع كل المسافة بين الصفا والمروة واجب لا يصح السعي إلا به .

*ثالثا : فإذا رقيت على الصفا فاستقبل الكعبة ، وارفع يديك للدعاء ، وابدأ قائلا الله أكبر ثلاث مرات ، ثم تقول لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ثم ادع الله بما شئت من خير الدنيا والآخرة ، ثم أعد هذا كله ثلاث مرات ، ويستحب أن تطيل في الدعاء ، فإنه موضع أطال فيه النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء .

*رابعا : فإذا فرغت من الدعاء ، انزل ماشيا ، إلى أن تصل إلى العلم الأول ، وقد وضع لذلك إشارة خضراء ، فإن بلغته ، فيستحب لك أن تسعى سعيا شديدا ، حتى تصل إلى العلم الثاني ، وقد وضع لذلك أيضا إشارة خضراء ، ثم تمشي بعد ذلك ، حتى ترقى على المروة ، فتفعل على المروة مثل ما فعلت على الصفا ، فإن لم تستطع ذلك ، فالواجب أن تنتهي عند أول ارتفاع من الأرض على المروة ، من أجل أن تكون قد قطعت كل المسافة بين الصفا والمروة .

وتستطيع أن تستدل على مقدار المسافة التي يجب قطعها بين الصفا والمروة ، بممر العربات ، فعند انتهاءه تنتهي المسافة الواجب قطعها ، ولكن يستحب أن ترقى على الصفا والمروة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .

*خامسا : ويجب أن تسعى سبعة أشواط ، و تكون البداية من الصفا والنهاية عند المروة ، فالمسافة بينهما شوط واحد ، حتى إذا انتهيت من آخر شوط على المروة ، فقد أتممت السعي .

*سادسا : ويستحب لك أن تكون في أثناء السعي ، ذاكرا لله تعالى بأنواع الذكر من قراءة القرآن والاستغفار والتسبيح والتهليل ، كما يستحب الوضوء ولا يجب ، فإن كنت غير متوضأ جاز لك أن تسعى من غير وضوء.

*سابعا : ولا تجب الموالاة بين أشواط السعي ، فيجوز لك أن شعرت بتعب ، أن تستريح ثم تعود فتكمل على ما سبق ، حتى لو طال الفصل ، فلا بأس بذلك .

*ثامنا : كما لا تجب الموالاة بين الطواف والسعي ، فيجوز لك بعد الطواف أن تستريح إن احتجت إلى ذلك ، ثم تعود إلى السعي بعد ذلك .

***الحلق والتقصير :

بعد ذلك يجب عليك إن كان حجك ، حج تمتع ، أن تقصر من شعرك ، وذلك بأن تقص من جميع الشعر ، لا من أطرافه كما يفعل الجهال ، والحلق أفضل ، ولكن لانك سوف تحلق رأسك عند التحلل من حجك ، فالأفضل هنا أن تقصر فقط إلا إن كنت قدمت مبكرا في شهر شوال مثلا فالحلق أفضل ، لان شعر رأسك ، سيتوفر إلى العاشر من ذي الحجة .

أما إن كنت قارنا أو مفردا للحج ، فلا تقصر ولا تحلق ، لانه يجب عليك أن تبقى على إحرامك حتى تتحلل من الحج في يوم النحر .

والمرأة تقص من طرف شعرها قدر أنملة .

***قطع التلبية للمعتمـــر والحــاج :

وإن كنت متمتعا فإنك تقطع التلبية إذا شرعت في الطواف ، وأما إن كنت قارنا أو مفردا فإنك التلبية لا تنقطع إلا برمي جمرة العقبة يوم النحر .

***التوجه إلى منى يوم الترويـــة:

إذا جاء يوم الثامن من ذي الحج ، وهو يوم التروية ، سمى بذلك لان الناس كانوا يتروون الماء في ذلك اليوم ، لحاجتهم إلى الماء في منى والمشاعر ، إذا جاء هذا اليوم ، تحرم قبل الزوال بالحج من أي مكان من الحرم أنت نازل فيه .

وأما إن كنت قارنا أو مفردا ، فإنك لم تزل على إحرامك ، ثم تتوجه إلى منى فتصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، تقصر الصلاة الرباعيـــــة ــ إن كنت ممن يقصر الصلاة ــ والأفضل أن تصلي كل فرض لوقته بلا جمع ، وتبيت بمنى ليلة عرفة ، وهذا المبيت سنة ليس بواجب ، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم .

من أين يحرم الحاج والمعتمر في مكة :

والحاج يحرم بالحج من أي مكان من مكة ، فقد أحرم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من منزلهم الذي نزلوه في مكة وهو الابطح ، متفق عليه ، وأما المعتمر فيحرم من أدنى الحل ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بعائشة رضي الله عنها إلى أدنى الحل لتحرم بالعمرة متفق عليه ، وسواء كان الحاج والمعتمر من أهل مكة أو جاء إليها من خارجها .

***إلى عرفـــــــة :

ثم الأفضل أن تصلي الفجر في منى بعد البيات فيها ، وتبقى حتى تطلع الشمس ، ، ثم تسير من منى إلى عرفة بعد طلوع الشمس ، ويسن لك أن تنزل بنمرة وهو موضع بجانب عرفة ، حتى إذا زالت الشمس ، تدخل إلى عرفة ، وتسمع خطبة الإمام ، وتصلي الظهر والعصر قصرا وجمع تقديم ، وتبقى في عرفة إلى الغروب ، يستحب لك في أثناء ذلك أن تكثر من الدعاء والتلبية وذكر الله تعالى .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) رواه أحمد والترمذي .

والوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم ، من فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج قال صلى الله عليه وسلم ( الحج عرفة من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع فقد تم حجه ) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم .

القدر الواجب من الوقوف بعرفة

ويجب على كل حاج أن يقف بعرفة أي وقت من النهار أو الليل من أول طلوع فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر ، فمن فاته دخول عرفة في أثناء ذلك ولو للحظة فقد فاته الحج ، ومن وقف بها ولو مرورا ، فقد أدرك الحج ، ولكن من دخلها من النهار يجب عليه أن يجمع مع ذلك جزءا من الليل ولو لحظة ، فيخرج عند غروب الشمس لا قبلها ، فإن خرج من عرفة قبل الغروب يجب عليه أن يعود فيبقى إلى الغروب ، فإن لم يفعل صح حجه ولكن عليه دم شاة يذبحها بمكة في حدود الحرم لفقرائه ، وذلك لتركه الواجب ، وإن لم يتيسر له الوقوف إلا ليلا أجزأه ذلك ولا شيء عليه .

عن عروة بن مضرس قال ( أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة ، فقلت : يا رسول الله إني جئت من جبل طيء ، أكللت راحلتي وأتعبت نفسي ، والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شهد صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا ، فقد تم حجه وقضى تفثه ) رواه الخمسة

ويجب أن يكون مسلما عاقلا محرما ولو كان نائما أو جاهلا أنها عرفة .

وفي أي مكان وقفت من عرفة أجزأك ، والوقوف عند جبل الرحمة ليس واجبا ، كما يظنه الجهال ، ويتزاحمون عليه ، يظنون أن في ركوبه أجر ، فيشقون على أنفسهم بغير طائل ، بل في أي مكان وقفت من عرفة فقد أجزأ ، قال صلى الله عليه وسلم وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه .

***إلى مزدلفـــــــــــــــــة :

فإذا غربت الشمس ، ادفع إلى مزدلفة وعليك بالسكينة ، فإذا وصلتها اجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير فإن النبي صلى الله عليه وسلم أول شيء فعله في مزدلفة جمع صلاتي المغرب والعشاء ، ثم عليك أن تبيت بها وتصلي فيها الفجر ، حتى لو تأخرت فلم تصل إليها إلا فجرا بسبب زحمة الطريق ، فعليك أن تصلي فيها الفجر ، ولاشيء عليك في هذه الحالة ، لانك معذور ، فإذا صليت الفجر ، استحب لك أن تذهب إلى المشعر الحرام ــ مرتفع صغير في مزدلفة ـ وأن تبقى ذاكرا لله تعالى حتى يسفر الوقت جدا، هكذا فعل صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه ، فإن لم يتيسر لك الذهاب إلى المشعر الحرام ، فاذكر الله تعالى وادعوه في مكانك الذي أنت فيه من مزدلفة ، ويستحب أن تذكر الله حتى يسفر جدا ، وتدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس ، عن عمر رضي الله عنه ( كان أهل الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فأفاض قبل طلوع الشمس ) رواه الجماعة إلا مسلما .

ثم تخرج من مزدلفـــــــــــة إلى منى .

ويجوز لك أن تدفع من مزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل إن كنت من الضعفاء ، كالمرضى الصغار وكبار السن والنساء وأهل الأعذار ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( كنت فيمن قدم النبي صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى ) متفق عليه .

وعن عائشة قالت ( كانت سوده امرأة ضخمة ثبطة ( بطيئة الحركة ) فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفيض من جمع بليل فإذن لها ) متفق عليه

***إلى منى لرمي جمرة العقبـــة :

ثم تدفع من مزدلفة إلى منى ، متوجها إلى جمرة العقبة ، فإن كان طريقك من وادي محسر ، وهو واد بين مزدلفة ومنى استحب لك أن تسرع السير ، غير أن هذا لا يتيسر الآن بسبب زحمة السيارات ، فإذا وصلت إلى جمرة العقبة ، فارمها بسبع حصيات ، يجب عليك أن تسقط كـل حصاة في الحوض رميا ـ لاوضعا باليد ـ ، ولا يجب أن تصيب الشاخص ، كما يظن ذلك الجهال ، يرمون الشاخص حتى تضربه الحصاة ، فترتد بعيدا عن الحوض ، ومثل هذا لا يصح ولا يجزيء ، لان الشاخص إنما وضع لتستدل به على الحوض فقط ، وليس ليكون هدفا للرمـــــــي .

ويجب أن تنتبه إلى أن حوض جمرة العقبة إنما هو من جهة واحدة فقط ، فاحذر أن يكون رميك الحصى من الجهة الأخرى التي وضع لها حائط إسمنتي كبير ، بل من الجهة التي فيها الحوض فقط ، فترمي الحصى حتى تسقط في الحوض

ويستحب أن تكبر مع كل رمية .

وجميع الحاج يوقف التلبية عندما يرمي جمرة العقبة .

عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما ( كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة ) رواه الجماعة .

ولك أن تلتقط الحصى من أي مكان ، حتى من منى ، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا في تحديد مكان دون غيره يستحب أن يلقط فيه الحصى .

وتكون الحصى بين الحمص والبندق ، قال جابر رضي الله عنـه ( مثل حصى الخذف ) رواه مسلم ، ولايجزيء غير الحصى كالحديد وغيره .

وأفضل وقت الرمي بعد طلوع الشمس ضحى ، ويجوز بعد الفجر ، ولا يجوز قبله ، إلا للضعفاء وأهل الأعذار الذين دفعوا من مزدلفة بعد منتصف الليل ، ومن يقوم على أمرهم له حكمهم ، فيجوز لهم أن يرموا عند وصولهم ولو قبل الفجر ، لحديث عائشة قالت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم أفاضت ، رواه أبو داود وغيره .

والأولى أن لا يرموا إلا بعد طلوع الشمس أيضا فعن ابن عباس رضي الله عنه قال ( قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على جمرات ، فجعل يلطخ أفخاذنا ، ويقول : أبني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس ) رواه أبو داود والنسائي .

***أعمال يوم النحر، يوم الحج الأكبــــر :

ثم بعد ذلك تنحر هديك إن كان عليك هدي بأن كنت متمتعا أو قارنا ، أما المفرد فلا هدي عليه ، ووقت النحر يمتد إلى آخر أيام التشريق ، ويجب أن يكون في حدود الحرم ، فلا يجوز نحر الهدي في عرفة مثلا أو أي مكان من الحل ، ويجوز ليلا أو نهارا من أيام التشريق ، وليس له اثر في تحلل الحاج .

ومن لا يقدر على شراء الهدي ، يصوم ثلاثة أيام في الحج ، قبل يوم النحر أو في أيام التشريق ، ولا يجوز لاحد أن يصوم أيام التشريق إلا من لم يجد الهدي من الحجاج ، ويصوم سبعة إذا رجع إلى أهله .

ولايجزيء في الهدي إلا الجذع من الضأن وهو ماله ستة شهور فأكثر ، والثني من المعز والبقر والإبل ، وهو من المعز ماله سنة فأكثر ، ومن البقر وهو ماله سنتان فأكثر ، ومن الإبل وهو ماله خ


الكاتب: سائل
التاريخ: 19/12/2006