الجمع بين تمني الغزو ولاتتمنوا لقاء العدو ؟ والجمع بين لايدخل أحد الجنة بعمله ... الخ

 

السؤال:

السلام عليكم و رحمة الله

1- اذا كتبت لفظ الجلالة في ورقة من ضمن الكلام المكتوب , فهل يكفي أن يشطب علي
الكلمة تماما بحيث لا يظهر منها شيء أبدا ثم تلقي وسط المهملات و لا تحرق ؟

2- كيف نوفق بين الحديث " من مات و لم يغزو و لم تدثه نفسه بالغزو . . . " و حديث
" لا تتمنوا لقاء العدو .. " ؟

3- كيف أتي في بعض الأحاديث : " دخلت امرأة النار في هرة , دخلت امرأة الجنة في كلب,
و حديث الرجل الذي قال له الله ادخل الجنة برحمتي قال لا بعملي , ..... الي اّخر هذه الأحاديث
أقصد كيف هذا و يوم الحساب لم يأت بعد ؟

جزاك الله خيرا

*****************

جواب الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نعم يكفي أن تشطب الكلمة أو تزيل معالمها .
------------
لا تلازم بين الغزو وحصول لقاء العدو بمعنى القتال ضده ، فيشرع أن يتمنى المسلم أن يغزو ويدخل الكفار في الاسلام مثــلا ، وأيضا فإن النهي عن تمني لقاء العدو يقصد به عدوا معينا لان المسلم لايدري لعلــه لايثبت ، ذلك ان بين العزم على الصبر وبين الصبر بون شاسع ، فالمقصود أن يسأل العبد الله تعالى التثبيت عند لقاء عدوه ، ولايتمنى لقاءه ، أي أن الواجب أن يفوض الله تعالى في اختيار ما هو خيــر لــه : أن يعافيـــه من لقاء العدو ، أو يلقاه فيعافيه من الفرار ، فلهذا قال لاتتمنوا لقاء العدو بمعنى لاتقترحوا على الله تعالى شيئا ، إعجابا بقوتــكم ، اسألوه العافية فهو خير لكم ، وذلك يشمل أن تلقوه فيعافيكم من الفرار أو يُُسلم عدوكــم فيعافيكم الله من قتاله ، أو ينهزم كذلك ، أما تمني الجهاد فهو مشروع كما يشرع تمني كل الاعمال الصالحة فكيف بما هو أفضلها، كما يشرع أن يعزم العبد على قتل الكفار انتقاما لله تعالى كما في حديث : عن أنس رضي الله عنه: أن عمه غاب عن بدر، فقال: غبت عن أول قتال النبي صلى الله عليه وسلم، لئن أشهدني الله مع النبي صلى الله عليه وسلم ليرين الله ما أجد، فلقي يوم أحد، فهزم الناس، فقال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني المسلمين، وأبرأ إليك مما جاء به المشركون، فتقدم بسيفه فلقي سعد ابن معاذ، فقال: أين يا سعد، أني أجد ريح الجنة دون أحد، فمضى فقتل، فما عرف حتى عرفته أخته بشامة، أو ببنانه، وبه بضع وثمإنون: طعنة وضربة سيف ورمية بسهم، رواه البخاري والله أعلم
------------------
وأما ما صح عــن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لايدخل الجنة أحد بعمله ، ولكن برحمة الله تعالى فالمقصود أن رحمة الله تعالى هي التي بها نال عمله الذي هو سبب دخول الجنة ، كما قال تعالــــي ( ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ) ، فالله تعالى هو الذي يكتب رحمته للمتقين ، بعدما يلهمهم التقوى ، وذلك لاينفي أن يكون العمل سببا لدخول الجنة ، فالله تعالى قد ربط الامور بأسبابها ، حتى النجاة من النار ، ودخول الجنة ، فلابد أن يكون ذلك بسبب من العبد ، ولهذا قال تعالى ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ) ، فقد ذكر أن العبد يقع منــه العمل الذي يزكي نفسه ، لانه قال: قد افلح من زكى نفسه ، فنسب الفعل إليه ، كما يحصل منه العمل الذي تخيب به نفسه ، غير أن ذلك كله إنما يحـصــل بإلهام الله تعالى العبد تقوى نفسه ، أو فجورها ، فالأمر كله راجع إليه سبحانه ، بيده الخير كله ، وإليه يرجع الامر كله ، علانيته وسره ، وقد قال بعض العلماء أن الباء المنفية( لايدخل أحد الجنة بعمله ) ، هي باء الثمن ، أي الجنة ليست ثمنا لعمل العبد لان ثوابها ونعيمها لايقارن بعمل العبد الحقير القليل ، والباء المثبتة( بما أسلفتم في الايام الخالية ) ، هي السببية ، فلا تنافي بينهما ، كما يقول الملك لمن حضــــر من ينشد بيتا من الشعر في هذا السيف مثلا ، وأعطيه مائة ألف دينار ، فتكون الجائزة أكبر بكثير من العمل ولكنها معلقة به تعلق السبب بمسببه فحسب ، ولو قال الملك لم أعطك هذه الجائزة ببيتك الذي أنشدت ، ولكن بجودي ، لكان صادقا ، ولو قال نلت هذه الجائزة لأنك سبقت الحاضرين لكان صادقــا أيضا والله أعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006