هل الجنة التي أخرج منها آدم هي جنة الخلد أم جنة في الأرض؟

 

السؤال:

بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم ورحمة الله فضيلة الشيخ ارجو منكم توضيح مسالة قول بعض الائمة ان الجنة التى اخرج منها ادم ليست جنة الخلد فما قول اهل السنة فى ذلك وجزاكم الله خير الجزاء الاجابة على موقعكم من فضلكم

*****************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

هذه المسألة النزاع فيها داخل أهل السنة والجماعة ، والخلاف فيها قوي ، ولكن أصح القولين أن الجنة التي أخرج منها آدم وأهبط إلى الأرض ، هي جنة الخلد التي يدخلها المؤمنون في الآخرة ، وأقوى ما يستدل به ، الحديث الذي رواه مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يجمع الله عز وجل الناس حتى يزلف لهم الجنة فيأتون آدم عليه السلام فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة فيقول وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم الحديث .. مع أنه قد يرد على الاستدلال به ما يرد ، غير أن الأظهر هو ما ذكرت .

****تتمة وزيادة مفيدة :
================
هذا وأذكر فيما يلي أدلة الفريقين المتنازعين في هذه المسألة ؛ القائلين بأن الجنة التي أخرج منها آدم كانت في الأرض .

والقائلين بأنها كانت جنة الخلد نفسها .

وردّ كلّ فريق على أدلّة الآخر ، ملخّصا من كلام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه القيم مفتاح دار السعادة .

قال رحمه الله تعالى :
ـــــــــــــــــــــ

***القول الأول : الجنة التي أخرج منها آدم كانت في الأرض
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قد قالت طائفة منهم أبو مسلم ومنذر بن سعيد البلوطي وغيرهما انها انما كانت جنة في الأرض في موضع عال منها لا انها جنة المأوى التي اعدها الله لعباده المؤمنين يوم القيامة .
وذكر منذر بن سعيد هذا القول في تفسيره عن جماعة .

***أدلة هذا القول :
ــــــــــــــــــــ

**وقال : وهذا قول تكثر الدلائل الشاهدة له والموجبة للقول به.

**لان الجنة التي تدخل بعد القيامة هي من حيز الاخرة وفي اليوم الاخر تدخل ، ولم يأت بعد وقد وصفها الله تعالى لنا في كتابه بصفاتها ومحال ان يصف الله شيئا بصفة ثم يكون ذلك الشيء بغير تلك الصفة التي التي وصفها به ، والقول بهذا دافع لما اخبر الله به.

**قالوا وجدنا الله تبارك وتعالى وصف الجنة التي اعدت للمتقين بعد قيام القيامة بدار المقامة ولم يقم آدم فيها .
**ووصفها بأنها جنة الخلد ولم يخلد آدم فيها .

**ووصفها بأنها دار جزاء ولم يقل انها دار ابتلاء وقد ابتلى آدم فيها بالمعصية والفتنة.

**ووصفها بأنها ليس فيها حزن وان الداخلين اليها يقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وقد حزن فيها آدم .

**ووجدناه سماها دار السلام ولم يسلم فيها آدم من الافات التي تكون في الدنيا .

**وسماها دار القرار ولم يستقر فيها آدم .

**وقال فيمن يدخلها وما هم منها بمخرجين وقد اخرج منها آدم بمعصيته.

**وقال لايمسهم فيها نصب وقد ند آدم فيها هاربا فارا عند اصابته المعصية وطفق يخصف ورق الجنة على نفسه وهذا النصب بعينه الذي نفاه الله عنها.

**وأخبر انه لا يسمع فيها لغو ولا تأثيم وقد اثم فيها آدم واسمع فيها ما هو اكبر من اللغو وهو انه امر فيها بمعصية ربه .

**وأخبر انه لا يسمع فيها لغو ولا كذب وقد اسمعه فيها ابليس الكذب وغره وقاسمه عليه ايضا بعد ان اسمعه اياه .

**وقد شرب آدم من شرابها الذي سماه في كتابه شرابا طهورا أي مطهرا من جميع الافات المذمومة وآدم لم يطهر من تلك الافات.
**وسماها الله تعالى مقعد صدق وقد كذب ابليس فيها آدم ومقعد الصدق لا كذب فيه.

** وعليون لم يكن فيه استحالة قط ولا تبديل ولا يكون باجماع المصلين والجنة في اعلى عليين.

**والله تعالى انما قال اني جاعل في الارض خليفة ولم يقل اني جاعله في جنة الماوى فقالت الملائكة اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء والملائكة اتقى لله من ان تقول مالا تعلم وهم القائلون لاعلم لنا الا ما علمتنا وفي هذا دلالة على ان الله قد كان اعلمهم ان بني آدم سيفسدون في الارض والا فكيف كانوا يقولون مالا يعلمون.

**والله تعالى يقول وقوله الحق ( لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعلمون* والملائكة لا تقول ولا تعمل الا بما تؤمر به لا غير، قال الله تعالى (ويفعلون ما يؤمرون).

** والله تعالى أخبرنا ان ابليس قال لادم (هل ادلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) فإن كان قد اسكن الله جنة الخلد والملك الذي لا يبلى فكيف لم يرد عليه نصيحته ويكذبه في قول فيقول وكيف تدلني على شيء انا فيه قد اعطيته واخترته بل كيف لم يحث التراب في وجهه ويسبه لان ابليس لئن كان يكون بهذا الكلام مغويا له انما كان يكون زاريا عليه لانه إنما وعده على معصية ربه بما كان فيه لا زائدا عليه ومثل هذا لا يخاطب به الا المجانين الذين لا يعقلون لان العوض الذي وعده به بمعصية ربه قد كان احرزه وهو الخلد والملك الذي لا يبلى ولم يخبر الله آدم إذ اسكنه الجنة انه فيها من الخالدين ولو كان فيها من الخالدين لما ركن الى قول ابليس ولا قبل نصيحته ولكنه لما كان في غير دار خلود غره بما اطمعه فيه من الخلد فقبل منه ولو اخبر الله آدم انه في دار الخلد ثم شك في خبر ربه لسماه كافرا ولما سماه عاصيا لان من شك في خبر الله فهو كافر ومن فعل غير ما امره الله به وهو معتقد للتصديق بخبر ربه فهو عاص وإنما سمى الله آدم عاصيا ولم يسمه كافرا.

**قالوا فإن كان آدم اسكن جنة الخلد وهي دار القدس التي لا يدخلها الا طاهر مقدس فكيف توصل اليها إبليس الرجس النجس الملعون المذموم المدحور حتى فتن فيها آدم وابليس فاسق قد فسق عن امر ربه وليست جنة الخلد دار الفاسقين ولا يدخلها فاسق البتة إنما هي دار المتقين وابليس غير تقي فبعد ان قيل له اهبط منها فما يكون لك ان تتكبر فيها انفسح له ان يرقى الى جنة المأوى فوق السماء السابعة بعد السخط والابعاد له بالعتو والاستكبار هذا مضاد لقوله تعالى ( اهبط منها فما يكون لك ان تتكبر فيها ) .

فإن كانت مخاطبته آدم بما خاطبه به وقاسمه عليه ليس تكبرا فليس تعقل العرب التي انزل القرآن بلسانها ما التكبر .

ولعل من ضعفت رويته وقصر بحثه ان يقول : ان ابليس لم يصل اليها ولكن وسوسته وصلت فهذا قول يشبه قائله ويشاكل معتقده وقول الله تعالى حكم بيننا وبينه وقوله تعالى وقاسمهما يرد ما قال لان المقاسمة ليست وسوسة ولكنها مخاطبة ومشافهة ولا تكون الا من اثنين شاهدين غير غائبين ولا احدهما .

ومما يدل على ان وسوسته كانت مخاطبة قول الله تعالى ( فوسوس اليه الشيطان قال يا آدم هل ادلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) ، فأخبر انه قال له ودل ذلك على انه انما وسوس اليه مخاطبة لا انه اوقع ذلك في نفسه بلا مقاولة فمن ادعى على الظاهر تاويلا ولم يقم عليه دليلا لم يجب قبول قوله وعلى ان الوسوسة قد تكون كلاما مسموعا او صوتا قال رؤبة
وسوس يدعو مخلصا رب الفلق .

وقال الاعشى :

تسمع للحلى وسواسا إذا انصرفت
** كما استعان بريح كشرق زجل

** قالوا وفي قول ابليس لهما ( ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة) دليل على مشاهدته لهما وللشجرة ولما كان آدم خارجا من الجنة وغير ساكن فيها قال الله ( الم انهكما عن تلكما ما الشجرة ) ولم يقل عن هذه الشجرة كما قال له ابليس.

**لان آدم لم يكن حينئذ في الجنة ولا مشاهدا للشجرة مع قوله عز وجل ( اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) فقد اخبر سبحانه خبرا محكما غير مشتبه انه لا يصعد اليه الا كلم طيب وعمل صالح وهذا مما قدمنا ذكره انه لا يلج المقدس المطهر الا مقدس مطهر طيب ومعاذ الله ان تكون وسوسة ابليس مقدسة او طاهرة او خيرا بل هي شر كلها وظلمة وخبث ورجس تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

**وكما ان اعمال الكافرين لا تلج القدس الطاهر ولا تصل اليه لانها خبيثة غير طيبة كذلك لا تصل ولم تصل وسوسة ابليس ولا ولجت القدس قال تعالى كلا ان كتاب الفجار لفي سجين .

**وقد روى عن النبي ان آدم نام في جنته وجنة الخلد لا نوم فيها باجماع من المسلمين لان النوم وفاة وقد نطق به القرآن والوفاة تقلب حال ودار السلام مسلمة من تقلب الاحوال والنائم ميت او كالميت.

**قالوا وقد روى عنه انه قال لام حارثة لما قالت له يا رسول الله ان حارثة قتل معك فإن كان صار الى الجنة صبرت واحتسبت وان كان صار الى ما سوى ذلك رأيت ما افعل فقال لها رسول الله او جنة واحدة هي انما هي جنان كثيرة فاخبر ان لله جنات كثيرة فلعل آدم اسكنه الله جنة من جنانه ليست هي جنة الخلد .

**قالوا وقد جاء في بعض الاخبار ان جنة آدم كانت بأرض الهند قالوا وهذا وأن كان لا يصححه رواة الاخبار ونقلة الاثار فالذي تقبله الالباب ويشهد له ظاهر الكتاب ان جنة آدم ليست جنة الخلد ، ولا دار البقاء.

**وكيف يجوز ان يكون الله اسكن آدم جنة الخلد ليكون فيها من الخالدين وهو قائل للملائكة (اني جاعل في الارض خليفة ) .

**وكيف اخبر الملائكة انه يريد ان يجعل في الارض خليفة ثم يسكنه دار الخلود ودار الخلود لا يدخلها الا من يخلد فيها كما سميت بدار الخلود فقد سماها الله بالاسماء التي تقدم ذكرنا لها تسمية مطلقة لا خصوص فيها فإذا قيل للجنة دار الخلد لم يجزان ينقص مسمى هذا الاسم بحال.

فهذا بعض ما احتج به القائلون بهذا المذهب وعلى هذا فاسكان آدم وذريته في هذه الجنة لا ينافي كونهم في دار الابتلاء والامتحان وحينئذ كانت تلك الوجوه والفوائد التي ذكرتموها ممكنة الحصول في الجنة .

*****القول الثاني : الجنة هي جنة الخلد:
ـــــــــــــــــــــ
قال ابن القيم : فنقول اما ما ذكرتموه من كون الجنة التي اهبط منها آدم ليست جنة الخلد وإنماهي جنة غيرها فهذا مما قد اختلف فيه الناس والاشهر عند الخاصة والعامة الذي لا يخطر بقلوبهم سواه انها جنة الخلد التي اعدت للمتقين وقد نص غير واحد من السلف على ذلك .

****أدلة هذا القول :
ــــــــــــــــــــــ

قال ابن القيم :

**واحتج من نصر هذا بما رواه مسلم في صحيحه من حديث ابي مالك الاشجعي عن ابي حازم عن ابي هريرة وابو مالك عن ربعي بن حراش عن حذيفة قالا قال رسول الله : يجمع الله عز وجل الناس حتى يزلف لهم الجنة فيأتون آدم عليه السلام فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة فيقول وهل اخرجكم من الجنة الا خطيئة ابيكم آدم وذكر الحديث قالوا فهذا يدل على ان الجنة التي اخرج منها آدم هي بعينها التي يطلب منه ان يستفتحها لهم .

**قالوا ويدل عليه ان الله سبحانه قال ( يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة الى قوله اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين ) عقيب قولـــه ( اهبطوا ) فدل على انهم لم يكونوا اولا في الارض.

**وأيضا فإنه سبحانه وصف الجنة التي اسكنها آدم بصفات لا تكون في الجنة الدنيوية فقال تعالى ( إن لك الا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لاتظمأ فيها ولا تضحى) وهذا لا يكون في الدنيا اصلا ولو كان الرجل في اطيب منازلها فلا بد ان يعرض له الجوع والظمأ والتعرى والضحى للشمس.

**وايضا فإنها لو كانت الجنة في الدنيا لعلم آدم كذب ابليس في قوله ( هل ادلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) فإن آدم كان يعلم ان الدنيا منقضية فانية وان ملكها يبلى.

**وايضا فإن قصة آدم في البقرة ظاهرة جدا في ان الجنة التي اخرج منها فوق السماء فإنه سبحانه قال ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين) ، ( وقلنا يا آدم اسكن انت وزوجك وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فاخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ) .

استطراد في معاني الاهباط :
------------------------

فهذا اهباط آدم وحواء وابليس من الجنة ولهذا اتى فيه بضمير الجمع وقيل انه خطاب لهم وللحية وهذا يحتاج الى نقل ثابت إذ لا ذكر للحية في شيء من قصة آدم وإبليس وقيل خطاب لآدم وحواء وأتى فيه بلفظ الجمع كقوله تعالى ( وكنا لحكمهم شاهدين ) .

وقيل لادم وحواء وذريتهما وهذه الاقوال ضعيفة غير الاول لانها بين قول لا دليل عليه وبين ما يدل ظاهر الخطاب على خلافه فثبت ان ابليس داخل في هذا الخطاب وانه من المهبطين من الجنة ثم قال تعالى ( قلنا اهبطوا منها جميعا فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) .

وهذا الاهباط الثاني لا بد ان يكون غير الاول وهو اهباطه من السماء الى الارض وحينئذ فتكون الجنة التي اهبطوا منها الاول فوق السماء وهي جنة الخلد وقد ذهبت طائفة منهم الزمخشري الىان قوله اهبطوا منها جميعا خطاب لادم وحواء خاصة وعبر عنهما بالجمع لاستتاباعهما ذرياتهما قال والدليل عليه قوله تعالى ( قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فاما ياتينكم مني هدى ) ، وقال ويدل على ذلك قوله ( فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون) .

وما هو الا حكم يعم الناس كلهم ومعنى (بعضكم لبعض عدو) ما عليه الناس من التعادى والتباغض وتضليل بعضهم لبعض وهذا الذي اختاره اضعف الاقوال في الاية فإن العداوة التي ذكرها الله انما هي بين آدم وابليس وذرياتهما كما قال تعالى ( ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) .

وأما آدم وزوجه فإن الله سبحانه اخبر في كتابه انه خلقها منه ليسكن اليها وقال سبحانه ( ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) ، فهو سبحانه جعل المودة بين الرجل وزوجه وجعل العداوة بين آدم وابليس وذرياتهما.

ويدل عليه ايضا عود الضمير اليهم بلفظ الجمع وقد تقدم ذكر آدم وزوجه وابليس في قوله (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما ) فهؤلاء ثلاثة آدم وحواء وإبليس فلماذا يعود الضمير على بعض المذكور مع منافرته لطريق الكلام ولايعود على جميع المذكور مع انه وجه الكلام .

فإن قيل فما تصنعون بقوله في سورة طه : ( قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو) وهذا خطاب لادم وحواء وقد اخبر بعداوة بعضهم بعضا قيل اما ان يكون الضمير في قوله اهبطا راجعا الى آدم وزوجه او يكون راجعا الى آدم وابليس ولم يذكر الزوجة لانها تبع له وعلى الثاني فالعداوة المذكورة للمخاطبين بالاهباط وهما آدم وابليس .

وعلى الاول تكون الاية قد اشتملت على أمرين :

احدهما امره لادم وزوجه بالهبوط .

والثاني جعله العداوة بين آدم وزوجه وابليس .

ولا بد ان يكون ابليس داخلا في حكم هذه العداوة قطعا كما قال تعالى (إن هذا عدو لك ولزوجك ) وقال لذريته (ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) وتأمل كيف اتفقت المواضع التي فيها العداوة على ضمير الجمع دون التثنية .

وأما ذكر الاهباط فتارة ياتي بلفظ ضمير الجمع وتارة بلفظ التثنية وتارة يأتي بلفظ الافراد لابليس وحده كقوله تعالى في سورة الاعراف (قال ما منعك ان لا تسجد اذ امرتك قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك ان تتكبر فيها ).

فهذا الاهباط لابليس وحده والضمير في قوله (منها) قيل انه عائد الى الجنة وقيل عائد الى السماء وحيث اتى بصيغة الجمع كان لادم وزوجه وابليس اذ مدار القصة عليهم وحيث اتى بلفظ التثنية فاما ان يكون لادم وزوجه إذ هما اللذان باشرا الاكل من الشجرة واقدما على المعصية واما ان يكون لادم وابليس اذ هما ابوا الثقلين فذكر حالهما وما آل اليه امرهما ليكون عظة وعبرة لاولادهما والقولان محكيان في ذلك وحيث اتى بلفظ الافراد فهو لابليس وحده وأيضا فالذي يوضح ان الضمير في قوله اهبطا منها جميعا لادم وابليس ان الله سبحانه لما ذكر المعصية افرد بها آدم دون زوجه فقال وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتابه ربه فتاب عليه وهدى قال اهبطا منها جميعا .

وهذا يدل على ان المخاطب بالاهباط هو آدم ومن زين له المعصية ودخلت الزوجة تبعا وهذا لان المقصود اخبار الله تعالى لعباده المكلفين من الجن والانس بما جرى على ابويهما من شؤم المعصية ومخالفة الأمر لئلا يقتدوا بهما في ذلك فذكر ابو الثقلين ابلغ في حصول هذا المعنى من ذكر ابوي الانس فقط وقد اخبر سبحانه عن الزوجة انها اكلت مع آدم وأخبر انه اهبطه وأخرجه من الجنة بتلك الاكلة فعلم ان هذا اقتضاه حكم الزوجية وانها صارت الى ما صار اليه آدم فكان تجريد العناية الى ذكر الابوين الذين هما اصل الذرية اولى من تجريدها الى ذكر ابي الانس وامهم والله اعلم .

وبالجملة فقوله (اهبطوا بعضكم لبعض عدو) ظاهر في الجمع فلا يسوغ حمله على الاثنين في قوله (اهبطا).

****الرد على الاستدلال بدخول ابليس الجنة على أنها ليس جنة الخلد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

**قالوا وأما قولكم انه كيف وسوس له بعد اهباطه منها ومحال ان يصعد اليها بعد قوله تعالى( اهبط ) فجوابه من وجوه :

**احدهما : انه اخرج منها ومنع من دخولها على وجه السكنى والكرامة واتخاذها دارا فمن اين لكم انه منع من دخولها على وجه الابتلاء والامتحان لادم وزوجه ويكون هذا دخولا عارضا كما يدخل شرط دار من امروا بابتلائه ومحنته وان لم يكونوا اهلا لسكنى تلك الدار.

**الثاني انه كان يدنو من السماء فيكلمهما ولا يدخل عليهما دارهما .
**الثالث انه لعله قام على الباب فناداهما وقاسمهما ولم يلج الجنة.

**الرابع انه قد روى انه اراد الدخول عليهما فمنعته الخزنة فدخل في فم الحية حتى دخلت به عليهما ولا يشعر الخزنة بذلك .

****عودة للادلة على أنها جنة الخلد :
ـــــــــــــــــــــ

**قالوا ومما يدل على انها جنة الخلد بعينها انها جاءت معرفة بلام التعريف في جميع المواضع كقوله اسكن انت وزوجك الجنة ولا جنة يعهدها المخاطبون ويعرفونها الا جنة الخلد التي وعد الرحمن عباده بالغيب.

**فقد صار هذا الاسم علما عليها بالغلبة وان كان في اصل الوضع عبارة عن البستان ذي الثمار والفواكه وهذا كالمدينة الطيبة والنجم للثريا ونظائرها فحيث ورد اللفظ معرفا بالالف واللام انصرف الى الجنة المعهودة المعلومة في قلوب المؤمنين وأما ان اريد به جنة غيرها فانها تجيء منكرة كقوله جنتين من اعناب او مقيدة بالاضافة كقوله ولولا اذ دخلت جنتك او مقيدة من السياق بما يدل على انها جنة في الارض كقوله ( انا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة اذ اقسموا ليصرمنها مصبحين الايات ) ، فهذا السياق والتقييد يدل على انها بستان في الارض.

**قالوا : وأيضا فإنه قد اتفق اهل السنة والجماعة على ان الجنة والنار مخلوقتان وقد تواترت الاحاديث عن النبي بذلك كما في الصحيحين عن عبد الله بن عمر عن النبي انه قال إن احدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى إن كان من اهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن اهل النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة وفي الصحيحين من حديث ابي سعيد الخدري عن النبي قال اختصمت الجنة والنار فقالت الجنة مالي لا يدخلني الا ضعفاء الناس وسقطهم وقالت النار مالي لا يدخلني الا الجبارون والمتكبرون فقال للجنة انت رحمتي ارحم بك من أشاء وقال للنار انت عذابي اعذب بك من أشاء الحديث وفي السنن عن ابي هريرة ان رسول الله قال لما خلق الله الجنة والنار ارسل جبريل الى الجنة فقال اذهب فانظر اليها والى ما اعددت لاهلها قال فذهب فنظر اليها وإلى ما اعد الله لاهلها الحديث .

**وفي الصحيحين في حديث الاسراء ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا اربعة انهار نهران ظاهران ونهران باطنان فقلت ما هذا يا جبريل قال اما النهران الظاهران فالنيل والفرات وأما الباطنان فنهران في الجنة .

**وفيه ايضا ثم ادخلت الجنة فإذا جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك.

وفي صحيح البخاري عن انس عن النبي قال : بينما انا أسير في الجنة إذا انا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف قال قلت ما هذا يا جبريل قال هذا الكوثر الذي اعطاك ربك فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك اذفر .

**وفي صحيح مسلم في حديث صلاة الكسوف ان النبي جعل يتقدم ويتأخر في الصلاة ثم اقبل على اصحابه فقال انه عرضت لي الجنة والنار فقربت مني الجنة حتى لو تناولت منها قطفا لاخذته فلو اخذته لاكلتم منه ما بقيت الدنيا.

**وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود في قوله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون) ، ارواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوى الى تلك القناديل فاطلع عليهم ربك اطلاعة فقال هل تشتهون شيئا فقالوا أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا الحديث .

**وفي الصحيح من حديث ابن عباس قال قال رسول الله لما اصيب اخوانكم باحد جعل الله ارواحهم في اجواف طير خضر ترد انهار الجنة وتأكل من ثمارها وتاوى الى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ عنا اخواننا انا في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا يتكلوا عند الحرب فقال الله أنا ابلغهم عنكم فانزل الله عز وجل ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله الاية ) .

**وفي الموطأ من حديث كعب بن مالك ان رسول الله قال انما نسمة المؤمن طائر يعلق في الجنة حتى يرجعه الله الى جسده يوم يبعثه .
**وفي البخاري ان إبراهيم ابن رسول الله لما توفي قال رسول الله ان له مرضعا في الجنة.

**وفي صحيح البخاري عن عمران بن حصين قال قال رسول الله اطلعت في الجنة فرأيت اكثر اهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت اكثر اهلها النساء والاثار في هذا الباب اكثر من ان تذكر.

**واما القول بان الجنة والنار لم تخلقا بعد فهو قول اهل البدع من ضلال المعتزلة ومن قال بقولهم وهم الذين يقولون ان الجنة التي اهبط منها آدم إنما كانت جنة بشرقي الارض وهذه الاحاديث وأمثالها ترد قولهم .

**قالوا وأما احتجاجكم بسائر الوجوه التي ذكرتموها في الجنة وأنها منتفية في الجنة التي اسكنها آدم من اللغو والكذب والنصب والعرى وغير ذلك فهذا كله حق لا ننكره نحن ولا احد من اهل الاسلام ولكن هذا إنما هو إذا دخلها المؤمنون يوم القيامة كما يدل عليه سياق الكلام.

**وهذا لا ينفى ان يكون فيها بين آدم وإبليس ما حكاه الله عز وجل من الامتحان والابتلاء ثم يصير الامر عند دخول المؤمنين اليها الى ما أخبر الله عز وجل به فلا تنافي بين الامرين.

**قالوا وأما قولكم ان الجنة دار جزاء وثواب وليست دارتكليف وقد كلف الله سبحانه آدم فيها بالنهي عن الشجرة فجوابه من وجهين :

**احدهما انه إنما يمتنع ان تكون دار تكليف إذا دخلها المؤمنون يوم القيامة فحينئذ ينقطع التكليف ، وأما امتناع وقوع التكليف فيها في دار الدنيا فلا دليل عليه.

**الثاني ان التكليف فيها لم يكن بالاعمال التي يكلف بها الناس في الدنيا من الصيام والصلاة والجهاد ونحوها وإنما كان حجرا عليه في شجرة من جملة أشجارها وهذا لا يمتنع وقوعه في جنة الخلد كما ان كل احد محجور عليه ان يقرب أهل غيره فيها.

**فإن اردتم بان الجنة ليست دار تكليف امتناع وقوع مثل هذا فيها في وقت من الاوقات فلا دليل لكم عليه وإن اردتم ان غالب التكاليف التي تكون في الدنيا منتفية فيها فهو حق ولكن لا يدل على مطلوبكم.

قالوا وهذا كما انه موجب الادلة وقول سلف الامة فلا يعرف بقولكم قائل من ائمة العلم ولا يعرج عليه ولا يلتفت اليه .

****رد أصحاب القول " جنة في الارض "على الذين يقولون الجنة هي جنة الخلد:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

**قال الاولون الجواب عما ذكرتم من وجهين مجمل ومفصل .

**اما المجمل : فإنكم لم تأتوا على قولكم بدليل يتعين المصير اليه لا من قرآن ولا من سنة ولا أثر ثابت عن احد من اصحاب رسول الله ولا التابعين لا مسندا ولا مقطوعا ونحن نوجدكم من قال بقولنا هذا احد ائمة الاسلام سفيان بن عيينة قال في قوله عز وجل ان لك ان لا تجوع فيها ولا تعرى قال يعني في الارض.

**وهذا عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال في معارفه بعد ان ذكر خلق الله لادم وزوجه: ان الله سبحانه اخرجه من مشرق جنة عدن الى الارض التي منها اخذ .

**وهذا أبيّ قد حكى الحسن عنه ان آدم لما احتضر اشتهى قطفا من قطف الجنة فانطلق بنوه ليطلبوه له فلقيتهم الملائكة فقالوا اين تريدون يا بني آدم قالوا إن ابانا اشتهى قطفا من قطف الجنة فقالوا لهم ارجعوا فقد كفيتموه فانتهوا اليه فقبضوا روحه وغسلوه وحنطوه وكفنوه وصلى عليه جبريل وبنوه خلف الملائكة ودفنوه وقالوا هذه سنتكم في موتاكم.

**وهذا ابو صالح قد نقل عن ابن عباس في قوله اهبطوا منها قال هو كما يقال هبط فلان في ارض كذا وكذا .

**وهذا وهب بن منبه يذكر آن آدم خلق في الارض وفيها سكن وفيها نصب له الفردوس وانه كان بعدن وان سيحون وجيحون والفرات انقسمت من النهر الذي كان في وسط الجنة وهو الذي كان يسقيها .

**وهذا منذر بن سعيد البلوطي اختاره في تفسيره ونصره بما حكيناه عنه وحكاه في غير التفسير عن ابي حنيفة فيما خالفه فيه فلم قال بقوله في هذه المسألة .

**وهذا أبو مسلم الاصبهاني صاحب التفسير وغيره احد الفضلاء المشهورين قال بهذا وانتصر له واحتج عليه بما هو معروف في كتابه.

**وهذا ابو محمد عبد الحق بن عطية ذكر القولين في تفسيره في قصة آدم في البقرة.

**وهذا ابو محمد بن حزم ذكر القولين في كتاب الملل والنحل له فقال وكان المنذر بن سعيد القاضي يذهب الى ان الجنة والنار مخلوقتان الا انه كان يقول انها ليست هي التي كان فيها آدم وامراته.

**وممن حكى القولين ايضا ابو عيسى الرماني في تفسيره واختار انها جنة الخلد ثم قال والمذهب الذي اخترناه قول الحسن وعمرو بن واصل وأكثر اصحابنا وهو قول ابي علي وشيخنا ابي بكر وعليه اهل التفسير .

**وممن ذكر القولين ابو القاسم الراغب في تفسيره فقال واختلف في الجنة التي اسكنها آدم فقال بعض المتكلمين كان بستانا جعله الله له امتحانا ولم يكن جنة المأوى ثم قال ومن قال لم يكن جنة المأوى لانه لا تكليف في الجنة وآدم كان مكلفا قال وقد قيل في جوابه انها لا تكون دار التكليف في الاخرة ولا يمتنع ان تكون في وقت دار تكليف دون وقت كما ان الانسان يكون في وقت مكلفا دون وقت .

**وممن ذكر الخلاف في المسألة ابو عبد الله بن الخطيب الرازي في تفسيره فذكر هذين القولين وقولا ثالثا وهو التوقف قال لامكان الجميع وعدم الوصول الى القطع كما سيأتي حكاية كلامه .

**ومن المفسرين من لم يذكر غير هذا القول وهو انها لم تكن جنة الخلد إنما كانت حيث شاء الله من الارض.

**وقالوا كانت تطلع فيها الشمس والقمر وكان ابليس فيها ثم اخرج قال ولو كانت جنة الخلد لما اخرج منها.

**وممن ذكر القولين ايضا أبو الحسن الماوردي فقال في تفسيره واختلف في الجنة التي اسكناها على قولين احدهما انها جنة الخلد الثاني انها جنة اعدها الله لهما وجعلها دار ابتلاء وليست جنة الخلد التي جعلها الله دار جزاء ومن قال بهذا اختلفوا فيه على قولين احدهما انها في السماء لانه اهبطهما منها وهذا قول الحسن الثاني انها في الارض لانه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيا عنها دون غيرها من الثمار وهذا قول ابن يحيى وكان ذلك بعد ان أمر ابليس بالسجود لادم والله اعلم بصواب ذلك هذا كلامه.

**وقال ابن الخطيب في تفسيره اختلفوا في ان الجنة المذكورة في هذه الاية هل كانت في الارض او في السماء وبتقدير انها كانت في السماء فهل هي الجنة التي هي دار الثواب وجنة الخلد او جنة اخرى فقال ابو القاسم البلخي وابو مسلم الاصبهاني هذه الجنة في الارض وحملا الاهباط على الانتقال من بقعة الى بقعة كما في قوله تعالى (اهبطوا مصرا ) القول الثاني وهو قول الجبائي ان تلك كانت في السماء السابعة قال والدليل عليه قوله (اهبطوا) ثم ان الاهباط الاول كان من السماء السابعة الى السماء الاولى والاهباط الثاني كان من السماء الى الارض والقول الثالث وهو قول جمهور اصحابنا ان هذه الجنة هي دار الثواب والدليل عليه هو ان الالف واللام في لفظ الجنة لا يفيد العموم لان سكنى آدم جميع الجنان محال فلا بد من صرفها الى المعهود السابق والجنة المعهودة المعلومة بين المسلمين هي دار الثواب فوجب صرف اللفظ اليها قال والقول الرابع ان الكل ممكن والادلة النقلية ضعيفة ومتعارضة فوجب التوقف وترك القطع .

**قالوا ونحن لا نقلد هؤلاء ولا نعتمد على ما حكى عنهم والحجة الصحيحة حكم بين المتنازعين.

**قالوا وقد ذكرنا على هذا القول ما فيه كفاية .

**واما الجواب المفصل فنحن نتكلم على ما ذكرتم من الحجج لينكشف وجه الصواب فنقول وبالله التوفيق .:
--------------------

**اما استدلالكم بحديث ابي هريرة وحذيفة حين يقول الناس لادم استفتح لنا الجنة فيقول وهل اخرجكم منها الا خطيئة ابيكم فهذا الحديث لا يدل على ان الجنة التي طلبوا منه ان يستفتحها لهم هي التي أخرج منها بعينها فإن الجنة اسم جنس فكل بستان يسمى جنة كما قال تعالى (انا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة إذ اقسموا ليصرمنها مصبحين ) وقال تعالى ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا او تكون لك جنة من نخيل وعنب) وقال تعالى ( ومثل الذين ينفقون اموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من انفسهم كمثل جنة بربوة ) وقال تعالى( واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لاحدهما جنتين من اعناب وحففناهما بنخل الى قوله ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة الا بالله) .

**فإن الجنة اسم جنس فهم لما طلبوا من آدم ان يستفتح لهم جنة الخلد اخبرهم بأنه لا يحسن منه ان يقدم على ذلك وقد اخرج نفسه وذريته من الجنة التي اسكنه الله اياها بذنبه وخطيئته هذا الذي دل عليه الحديث.

**وأما كون الجنة التي اخرج منها هي بعينها التي طلبوا منه ان يستفتحها لهم فلا يدل الحديث عليه بشيء من وجوه الدلالات الثلاث ولو دل عليه لوجب المصير الى مدلول الحديث وامتنع القول بمخالفته وهل مدارنا الا على فهم مقتضى كلام الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه.

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006