هل يجوز الاحتفال بعيد راس السنة والكرسمس؟!

 

السؤال:

فضيلة الشيخ هل يجوز الإحتفال بعيد راس السنة الميلادية وكذلك الكرسمس ، وهل يجوز التهئنة به ؟!

*****************

جواب الشيخ:

الحمد لله الذي أنزل الشريعة بالحق ، وفرق بينها وبين الباطل ، والصلاة والسلام على نبينا صلى الله عليه وسلم القائل " من تشبه بقوم فهو منهم " وبعد  :

 

فإنه من أهم أصول الشريعة الإسلامية ، الأمر بإظهار التميـّز عن المشركين في مظاهر دينهم ، وإبراز الإعتزاز بالإنتماء إلى دين التوحيد الحق الذي هو الإسلام ، ميراث جميع الرسل الكرام ، لاسيما في الأعياد الدينية ، التي هي شعائر التمييز العامة ، ومن أعظم ما يضاد هذا الأصل ، أن يشارك المسلم المشركين من اليهود أو النصارى أو غيرهم ، في أعيادهم الدينية ، وهو محرم تحريما قطعيا.

 

وفيما يلي تلخيص لما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله من أدلة على تحريم مشاركة النصارى في أعيادهم :



* نهى الله عز وجل عن موالاة الكفار وعن مشابهتهم ، كما في قوله تعالى : "َ يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "

 

وقال تعالى :" يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ " ، وقال تعالى : "إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا " ، وقال تعالى :" وَلاتَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ "



* ومن ولايتهم حضور أعيادهم الدينية .



* وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشابهتهم فقال: ( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ) -رواه الإمام أحمد وأبو داود- .



* وقال صلى الله عليه وسلم : (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ ) رواه البخاري ومسلم وأحمد .



*وقال صلى الله عليه وسلم : (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَارِسَ وَالرُّومِ فَقَالَ وَمَنِ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ) رواه البخاري وأحمد.



*وقال صلى الله عليه وسلم : (خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ) رواه البخاري ومسلم ؛ وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ ) - رواه البخاري ومسلم-.



*ويدل على تحريم شهود أعيادهم قول تعالى :" وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا" .



وقد نقل طائفة من المفسرين كما في الدر المنثور عن بعض التابعين مثل مجاهد والضحاك وعكرمة أن المقصود من ذلك أعياد المشركين .



*وقال عبد الملك بن حبيب من أصحاب مالك في كلام له: فلا يعاونون على شيء من عيدهم لأن ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم.



وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك وهو قول مالك وغيره.



*وروى الشيخ الأصبهاني بإسناده عن ابن سلام عن عمرو بن مرة قال:" وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ" لا يماكثون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم.



*وقد سئل أبو القاسم عن الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم ، فكره ذلك مخافة نزول السخط عليهم بشركهم الذي اجتمعوا عليه وقد قال تعالى : "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ " فيوافقهم ويعينهم "فَإِنَّهُ مِنْهُمْ "



*وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : ( كَانَ لأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ قَالَ كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا وَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الاَضْحَى ) رواه أبو داود في سننه والنسائي في سننه والإمام أحمد في مسنده .



*وقد ذكر شيخ الاسلام أن المحذور في أعياد أهل الكتابين التي نقرهم عليها أشد من المحذور في أعياد الجاهلية التي لا نقرهم عليها، فإن الأمة قد حُذِّرت من مشابهة اليهود النصارى وأُخْبِر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيفعل قوم منهم هذا المحذور، بخلاف دين الجاهلية فإنه لا يعود إلا في آخر الدهر موت المؤمنين جميعا .



*وعَنْ ثَابِتٍ بْنُ الضَّحَّاكِ قَالَ : ( نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْحَرَ إِبِلا بِبُوَانَةَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلا بِبُوَانَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ قَالُوا لَا قَالَ هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ قَالُوا لَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْفِ بِنَذْرِكَ فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ ) رواه أبو داود في سننه.



فالذبح لله في المكان الذي يذبح فيه المشركون لغير الله أي في محل أعيادهم معصية لله تعالى، وإذا كان الوفاء بالنذر واجب فإن المانع للوفاء بالنذر يكون أشد .


وبذلك يكون النذر معصية إذا وجد في المكان بعض الموانع ، وما كان من نذر المعصية فلا يجوز الوفاء به بإجماع العلماء .



*وإذا كان الإسلام يحرم تخصيص بقعة عيدهم بطاعة فيها ، فكيف يكون حكــم نفس عيدهم؟! .



*وفي الصحيحين عن عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : (  دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الاَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الاَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا).



*فكل قوم يختصون بأيامهم وبأعيادهم ولذلك قال تعالى :" لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا "



وقوله صلى الله عليه وسلم هذا عيدنا يدل على الاختصاص أي لا عيد لنا إلا ما خصصه رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي عيد الفطر وعيد الإضحى ).



*وقال شيخ الإسلام رحمه الله إن تعليل الإباحة للجواري في يوم العيد فيه دلالة على أن اللعب في هذا اليوم خاص بنا ولا يتعدى إلى أعياد الكفار، فلا يرخص اللعب في أعيادهم .



*وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ : ( أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ نَحْنُ الاخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمِ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ )  البخاري ومسلم والنسائي والإمام أحمد .



فهذا اختصاص وتفضيل من الله تعالى لنا بعيد أسبوعي (يوم الجمعة) نخالفهم فيه وفضلنا به عليهم وهدانا إليه وأضلهم وكذا حكم العيد السنوي ، يجب علينا أن خالفهم فيه أضا



*وروى البيهقي بإسناد صحيح في باب كراهية الدخول على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم والتشبه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم عن عطاء بن دينار عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : "  ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخط يتنزل عليهم ".



*جاء رجل إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال : "يا أمير المؤمنين هذه هدية"، فقال : "ما هذه الهدية ؟" قال : " هذا يوم النيروز"، . فقال علي : " فاصنعوا كل يوم فيروزا "، (بالفاء) غير الاسم ولم يرض أن يشابهم حتى في الاسم ، وقال " فاصنعوا كل يوم فيروزا "، وأراد بذلك أي حتى تنتفي المشابهة والمشاركة في عيدهم ، لا كما يظنه الجهال أنه إقرار منه حاشاه رضي الله عنه أرضـــــاه .



*وقد أجمع العلماءعلى تحريم التشبه بالكفار وحضور أعيادهم والله أعلم


الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006