فضيلة الشيخ ما تحليلك لما يجري محليا في قضية تأبين مغنية ، وما خلفته من تداعيات أحدثت ضجة كبيرة .

 

 
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :

قـد بيّنــا في عدة مقالات سابقة ،  ما يكشـف بجــلاء أن الخطـر الحقيقي ليس هـو حفـل تأبين زعيم عسكري له تاريخ إجرامي ، مثل مغنيـّة ، فهذا إنما هو أحـد أعراض الورم السرطانـي الآخذ بالإنتشار بين الأمّـة ،وليس هو الداء الحقيقي.
 
كما تساءلنـا عن سـرّ صمت القيادات السياسية المريـب عـن الدعم المادي ، والمعنوي ، اللاّمحدود من منظمات ذات شرائـح واسعة الإنتشار عبـر الخليــج ،  لنفس الحزب الذي ينتمي إليه مغنية ، ولفـروعه المنتشـرة في بعض البلاد العربية !
 
 مع  التسامـح المثير للدهشـة  للتمجيـد العلـني لرئيس مغنيـّة ، ومن يمتثـل مغنيّة أمره ، و يسير في ركبه ، أعنـي حسن نصر، أحـد ركائز المشروع الصفوي الفاطمي الذي يخطط لأكبر مشروع تخريبي في العالم العربي ، مستغلا فراغـا سببه الرئيس هـو فشل خطاب النظام العربي الرسمي على جميع الأصعدة ، حتى ترك قضايا الأمّة المركزية نهبا للمشاريع الأجنبية .
 
بيّنـا ذلك ، وتساءلنــا عــن هــذا ، موضّحـين بجـلاء ـ إبـّان وقت غفـلة من الجميـع إلاّ القليل ـ  أنّ الخطـر الحقيقي إنما هو في بقـاء ذلك العالم السرّي من الأحزاب الصفوية ، يمضـي في التمدّد ، والتسلّح ، والتخطيط ، لوصل جسور الهلال الصفوي ببعضها ، من طهران إلى بيروت ، ومن دمشق إلى صنعاء ، يحدوه الأمل الكاذب بإعادة أمجاد الفاطميين ، وتحرضه أحـلام عودة الكسروية ، تحت ستـار من تشيع زائف ، ممزوج بشعوبية حاقدة.
 
 وبيّنــا أن هذا الخطـر الصفـوي ، الممتد عبر هلال يشمل جميع دول المنطقة ، قد تغلغل بشكل بالغ الخطورة ، وبيـن شبكاته تواصل سري ، يشبه عالم الفرق الباطنية التي انتشرت في زمن الدولة العباسية ، كحركة الحشاشين ، والقرامطة ، والإسماعلية ..إلخ
 
كما بيّنـا أن هذا الخطر الصفوي نازلة عامة على الأمّـة ، بل طامّـة كبرى يوشك أن تنفجـر مسببة كوارث مهولة ،
 
 ومع علمنا بما وراء هذه الفتـنة من المكر الصهيوصليبي ، الذي يسـرّه انفجارها في أمّتنــا، غير أننا دعونـا كثيرا إلـى حشد الطاقات لمواجهة تمدد هذا الخطر ، والتصدّي لإنتشاره ، ولتهديده لهويـّة الأمة ، وجميع مقدساتها ، وأنه يجب أن يقدَّم هذا الفرض الشرعي ، على كل ما سواه.
 
وبينا أيضـا أن ما هذا المشروع الصفوي الخبيث قد أعطى درسا عمليا لما ينوي فعله في أمتنا لو سُلّط عليها ، وذلك الدرس رأيناه عيانـا في العـراق ، فقـد كانت تلك الإبادة البشعة  لمن رفض الإنصياع للمشروع الصفـوي ، لم يسلم منها شيء ، حتى المسـاجد ، ومصاحفها ،  في إطار خطة شيطانية ، لتكوين أنموذج لدويلة صفوية في العـراق ، بغيـة تعمـيمه بعد ذلك على دول المنطقـة .
 
وقد كان عماد مغنية ـ الساعد الأمين لتلميذ خامنئي حسن نصر ـ  أحد الزعماء العسكريين الذين دربـوا جيش المهدي ، وغيره من المنظمات التابعة للنظام الإيراني ، تلك المنظمات الذي استحلت ما حرمته حتّى الشياطين ، وهـي تلـغ في دماء كل من عارضها بالعـراق ، إلى جانـب سجل تلك المنظمات الإجرامي الماضي ، في الكويت ، وغيرها .
،
ومن أشد جرائم هؤلاء ما فعلـوه في حرم الله الآمـن نهاية الثمانينات الميلادية من جرائم تقشعـر لها الأبدان ، وتشيب لها رؤوس الولدان.
 
ذكرنــا هذا كله ، ونشرناه مرارا ، غير عابئيــن بمحاولات البعــض ـ بهــدف التحريض المُغرض علينا  ـ إظهار ما حذّرنا منـه منذ عبور المشروع الصفوي إلى الأمة عبـر بوابـة العراق ، ردف المحتل الأمريكي ، إظهار هذا التحذيـر محليا على أنه إثارة الفتنة الطائفية !
 
واليوم نزيد ، ونوضّـح،  أن هذا المشروع الصفوي الذي تقوم :
 
بنيته الفكرية على هدم الإسلام من أسسه،  وتكفير المسلمين . 
 
وبنيته السياسية على الكفر بكلّ نظام سياسي إلاّ الأئمة المعصومين ـ في زعمهـم ـ أو النيابة عن خرافة وهميـة اسمها المهدي المختفي في السرداب ، فيما يسـمّى ولاية الفقيه .
 
وبنيتـه التعبويّة على اجترار الأحقاد ، تحت مشاهد ورائحة الدماء ، تناديا للـثأر من الأمّة الإسلامية .
 
أنّ هذا المشـروع ، لن يكون حلّ معضلـته ، بمعالجة جزئية مؤقّـتة ، لاتصـنع شيئا سوى تكريس نفس التناقضات ، وربما يستفيد منها بعض رموز هذا المشروع محليا في بلادهـم  في تسويق بطولاتهم داخل عالمهم الباطني ، وبين أنصارهم ، هذا إذا لم يكسبوا الجولة الأخيـرة ، بسبب ضعـف الحالة السياسية العامة في بلادنا !
 
بل يكون الحلّ بنهضة شاملة ، تبدأ بالتوعية بهذا الخطـر الماحـق ، وتمـرّ بالمصالحة بين الأنظمة السياسية ، ونخبها ، وشعوبها ، مصالحةً تتضمن تحمُّل الأنظمة السياسية مسؤوليتها كاملـة تجاه أمتنـا ، ومن ذلك الكفّ عن تكميم أفواه المفكّرين الذين يناضلون ضد المشاريع الإجنبية الخطـرة على أمّـتنا ، وملاحقتهم بالمضايقات ، تحت اتهامات الإرهاب المضلّلة.
 
 وتنتهي بإلحاق الهزيمة النهائية بهذا المشروع الصفـوي الخطير على أمتنا ، كما قضى صلاح الدين الأيوبي رحمه الله على الخطر الفاطمي الذي كان قد مزق الأمّة ، وسلَّط عليها أعداءها.
 
وما أحوجنا اليوم إلى تذاكر سيرة هذا القائد العظيم ، في إلحاقه الهزيمة ، بالمشروعين: الفاطمي الصفوي البائـد ، والآخـر الصليبي الحاقـد .
 
والله أعلم

الكاتب: زائر
التاريخ: 20/02/2008