هل يقال الايمان ركن وفرع ، وهل يقال العمل شرط في الايمان ؟

 

السؤال:

السلام عليكم
شيخنا هل هذه المقوله صحيحه ( الايمان ينقسم لقسمين ركن و فرع أما الركن فهو القول و التصديق و الفرع هو العمل) ؟ و هل صحيح أن نقول أن العمل ليس شرط في صحة الايمان لأن الشرط لشيء معين يكون خارج هذا الشيء و ليس فيه كقولنا أن الوضوء شرط لصحة الصلاة أي أنه خارج الصلاة و ليس من ضمن أعمال الصلاة وكيف يكون تارك العمل كافرا مع العلم أن كثير من أهل العلم يرى أن الفروض تركها يعتبر من المعاصي و ليس من المكفرات و هو الذي عليه أكثر المذاهب باستثناء مذهب الحنابله الذين يرون كفر تارك الصلاة تكاسلا ؟ و جزاكم الله خيرا

*********************

جواب الشيخ:

وعليكم السلام

الصحيح ما قاله سلف هذه الامة ( الايمان قول وعمل ) ,وهذا الاطلاق أشمل وأدق وأصح ، لان القول يشمل قول القلب وهو تصديقه ، وقول اللسان وهو النطق بالشهادتين ، والعمل يشمل عمل القلب والجوارح بما فيها اللسان .


ومعنى قولهم قول وعمل أي إنه حقيقة مركبة من الامرين
كما أن الانسان حقيقة مركبة من الروح والجسد ، فهو لايكون إنسانا بلا روح ، بل يكون جثة ، وكذلك الروح بلا جسد لانراها ولانطلق عليها إنسانا ، بل هي روح إنسان ، ولهذا في الحديث مثلا ( إن الروح إذا خرجت تبعها البصر ) ، ولم يقل إن الانسان إذا خرج تبعه البصر .ـ


ومن احسن ما يقرب به المعنى المقصود بقول السلف ، الايمان قول وعمل ، أن يقال : إن مافي القلب من حقيقة الايمان هو بمنزلة الروح بالنسبة للانسان ، وأعمال الجوارح بالنسبة للايمان ، بمنزلة الجسد بالنسبة للانسان .


فإن زال ما في القلب من الايمان فهو مثل إنسان زالت روحه فبقي جثةهامدة .

و إن زالت الاعمال كلها فهو مثل إنسان زال جسده كله ، فلايبقى إنسانا .


وإن زالت بعض الاعمال ، فهو مثل زوال بعض الاعضاء بالنسبة للجسد ، ولكن الاعضاء ليست كلها سواء ، بعضها يموت الانسان بزواله ، وبعضها تنقص حياته ، فمَثَل مايموت الانسان بزواله من الاعضاء في جسده ، مثل النواقض العملية التي هي من عمل الحوارح ، ولكن زوالها يزيل الايمان ، ومَثَل ما تنقص حياة الانسان بزواله من الاعضاء ولايموت ، مثل فعل الكبائر.


فإن زالت الصلاة مثلا فهو بمنزلة زوال القلب بالنسبة للجسد ، فلايبقى معه حياة ، كما أن زوال الصلاة لايبقى معه إيمان.

وإن فعل الانسان ناقضا عمليا مثل سب الله أو سبه دينه ، فهو بمنزلة زوال الرأس في الجسد ، لايبقى معه حياة ، وإن ارتكب كبيرة فهو بمنزلة زوال الرجل أو اليد ، تبقى حياة ناقصة ولكنه لازال حيا ـ

وفي الجملة فالايمان حقيقة مركبة مما في القلب وما على الجوارح ، ولكن ما في القلب مثل الروح وعمل الجوارح مثل الجسد ، ومافي القلب وما على الجسد كل واحد منهما يشكل جزءا من حقيقة الايمان ، ومجموعهما هو الايمان .

وإن إريد بالشرط ، الشرط الاصطلاحي فالعمل ليس شرطا لانه جزء من الايمان وليس خارجا عنه كما تكون الطهارة شرطا في الصلاة وخارجة عنها .

ولكن إن أريد الشرط في اللغة أي ما يتوقف عليه وجود الشيء ، فيمكن أن يطلق إن جنس العمل شرط من هذه الجهة والله اعلم
ـــــــــــ
والصحيح أن اكثر السلف ، بل حكي عليه الاجماع على أن ترك الصلاة كفر ، وإنما شاع في المتأخرين القول الاخر . قال العلامة العثيمين في كتابه حكم تارك الصلاة : فإذا تبين أن تارك الصلاة بلا عذر كافر كفراً مخرجاً من الملة بمقتضى هذه الأدلة ، كان الصواب فيما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل وهو أحد قولي الشافعي كما ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَات) (مريم : من الآية 59) . وذكر ابن القيم في "كتاب الصلاة" أنه أحد الوجهين في مذهب الشافعي ، وأن الطحاوى نقله عن الشافعي نفسه. وعلى هذا القول جمهور الصحابة ، بل حكى غير واحد إجماعهم عليه . قال عبد الله بن شقيق : "كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة". رواه الترمذي والحاكم وصححه على شرطهما(13). وقال إسحاق بن راهويه الإمام المعروف : "صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ، أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يخرج وقتها كافر" . وذكر ابن حزم أنه قد جاء عن عمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة ، قال : "ولا نعلم لهؤلاء مخالفاً من الصحابة". نقله عنه المنذري في (الترغيب والترهيب)(14) وزاد من الصحابة : عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عباس ، وجابر بن عبد الله ، وأبا الدرداء رضي الله عنهم . قال : "ومن غير الصحابة أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه ، وعبد الله بن المبارك ، والنخعي ، والحكم بن عتيبة ، وأيوب السختياني، وأبو داود الطيالسي ، وأبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب وغيرهم". أ. هـ. كما انتهى النقل عن العثيمين . هذا بالنسبة للصلاة أما ترك العمل كله فالاجماع من السلف على أنه كفر ، لان شرط الانقياد لم يتحقق ، ولايحكم بإسلام تارك العمل كله مع العمل والتمكن إلا المرجئة والله أعلم



الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006