هل يتعطل الجهاد بسبب غياب الخليفة (ولي الامر)؟!

 

السؤال:

اثناء كلامي مع احد طلاب العلم عن اوضاع الامة في هذا العصر وعن الحل المناسب في مثل هذه الظروف الخاصة تعرضنا الى موضوع الجهاد فنبهني بانه لايجدر بي ان اخدع بهذه الرايات التي ترفع باسم الجهاد لانها رايات عميّة بحكم انها لا تملك ترخيصا او تفويضا من ولي الامر ..... فهل يتعطل الجهاد بسبب غياب الخليفة (ولي الامر)؟وهل حصل مثل هذا الامر في تاريخ هذه الامة مع العلم ان هذه الشبهة ينشرها ويروجها الكثير من طلاب العلم لاثناء الشباب عن الالتحاق بارض الجهاد ؟

*********************


جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ

القول بأن الجهاد لايكون إلا مع الإمام هو قول الرافضة ، أما أهل السنة فلا يعرفون هذا الشرط ، إنما يشترطون إذن الإمام إن كان موجودا قائما بالجهاد الشرعي ، كما يشترط إذنه في كل الأمور العامة لئلا يفتئت عليه .


قال صديق خان: "الأدلة على وجوب الجهاد من الكتاب والسنة وردت غير مقيدة بكون السلطان أو أمير الجيش عادلاً بل هذه فريضة من فرائض الدين أوجبها الله على عباده المسلمين من غير تقيد بزمان أو مكان أو شخص أو عدل أو جور" (الروضة/333)

وقال العلامة عبدالرحمن بن حسن: "بأي كتاب أم بأي حجة أن الجهاد لا يجب إلا مع إمام متبع، هذا من الفرية في الدين، والعدول عن سبيل المؤمنين، والأدلة على بطلان هذا القول أشهر من أن تذكر من ذلك عموم الأمر بالجهاد والترغيب فيه والوعيد في تركه"

وقال أيضاً: "وكل من قام بالجهاد في سبيل الله فقد أطاع الله وأدى ما فرضه الله ولا يكون الإمام إلا بالجهاد لا أنه لا يكون جهاد إلا بالإمام" (الدرر السنية 7/97)

وقال ابن حزم: "يغزى أهل الكفر مع كل فاسق من الأمراء وغير فاسق ومع المتغلب والمحارب كما يغزى مع الإمام ويغزوهم المرءُ وحده إن قدر أيضاً" (المحلى 10/99)

وقال شارح الطحاوية عند قول الطحاوي: "والحج والجهاد ماضيان... الخ"

"يشير الشيخ -رحمه الله- إلى الرد على الرافضة حيث قالوا لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج الرضى من آل محمد" (ص/437)

أما إن عُدم الإمام، أو ترك الجهاد، كأن يكون قد عاهد الكفار على ترك الجهاد أبدا ، وهو عهد باطل باتفاق العلماء، أو كان الحاكم لادينياعلمانيا لايؤمن بالتحاكم إلى الشريعة ، أو خُشي المسلمون فوات مصلحة إن انتظروا إذن الإمام الشرعي ، أو وقوع مفسدة، أو تعين على طائفة منهم قتال عدو حضر ، فلا يشترط إذن الحاكم ، بل يقيم المجاهدون أميراً منهم ويجاهدون معه .

وقال الماوردي: "فرض الجهاد على الكفاية يتولاه الإمام ما لم يتعين" (الإقناع ص/175) ، يعني إن تعين لم يشترط له إذن الإمام ، ومعلوم أن أكثر جهاد المسلمين اليوم هو جهاد الدفع الذي هو فرض عين على أهل البلد ومن يمكنه نصرهم فلايشترط له إذن حاكــــم .

ومن الأدلة على عدم اشتراط الإمام حديث : (غشيتكم الفتن كقطع الليل المظلم ، أنجى الناس فيها رجل صاحب شاهقة ، يأكل من رسل غنمه ، أو رجل آخذ بعنان فرسه من وراء الدروب ، ياكل من سيفه ) روه الحاكم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه .

كما يدل عليه حديث البخاري بسنده عن ‏جنادة بن أبي أمية ‏ ‏قال دخلنا على ‏ ‏عبادة بن الصامت ‏‏وهو مريض قلنا أصلحك الله حدث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال دعانا النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فبايعناه فقال فيما أخذ علينا ‏ ‏أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان .

وهو يدل على وجوب الخروج على الحاكم إن اقترف كفرا بواحا ، ومعلوم أنه في هذا الجهاد يكون الحاكم هو الذي يجب جهاده لخلعه بالقتال ، فكيف يشترط ـ ليت شعري ـ الإمام للجهاد ؟!! ومعلوم أن هذا الجهاد من أفضل الجهاد ، فإذا كانت كلمة الحق عند سلطان جائر أفضل الجهاد ، فكيف بإراحة المسلمين من حكم طاغوت كافر ؟!

هذا وقد علم أنه لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وأن الحاكم لايطاع إن أمر بالمعصية ، فكيف إذا أمر بما هو من أشد المعاصي ضررا على المسلمين ، وإفسادا لدينهم ، وهو ترك الجهاد ، فلايقول بوجوب طاعته في ذلك إلا جاهل مطموس على بصيرته عافانا الله . ومن العجب الذي يثير الأسى أن أحد هؤلاء المغفلين القائلين باشتراط إذن الدولة للجهاد ، سُئل عن حكم الجهاد في العراق ، فقال يشترط له إذن الإمام ، فقيل له إن الإمام هو الحاكم الصليبي ، قال فليستأذنوا مجلس الحكم ! فقيل له : إنهم نوابه ثم إن أكثرهم روافــض متحالفين مع الصليبيين ! فقال : سقط عن العراقيين الجهاد إذاً ، فقيل له : أليس هذا مذهب القاديانية؟! قال المفتي للمعترض : اسكت وإلا بلغنا عنك ولي الأمــر !!! وعش تــــــر مالـــــم تــــــر !!

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006