هل الديمقراطية آلة حكم أم نظام حكم

 

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، في الحقيقة إن سؤالي هو أننا عشنا ردحا من الزمن ونسمع من كلام الشيوخ والعلماء والأفاضل أن الديمقراطية نظام كفري لا يجوز العمل به ، وفي هذه الأزمنة نسمع من ينظر من الإسلاميين بأن الديمقراطية ليست بكفر وإنما هي آلة حكم لا توصف بكفر ولا بغيره ، والأمر كما تعلم ياشيخ خطير من أن يوصف ماكان كفرا بعد فترة بأنه حلال وجائز !!!

ولثقتي في جوابك الشرعي وإطلاعك السياسي أحببت أن تفيدنا في هذا الموضوع بالتفصيل الذي نعرف به الحق من غيره؟؟

ولكم جزيل الشكر والإمتنان

*******************

جواب الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ثمة فتوى سابقة في أرشيف الفتاوى عن هذا الموضوع
وخلاصتها أن الديمقراطية إن قصد بها معناها الاصلي وهو منح الشعب حق الحكم المطلق حتى لو خالف أحكام الله فهو الشرك بعينه ، وهو الكفر باسمه ورسمه ، ففي هذا نصب الشعب حاكما معبودا إلها مع الله تعالى ، وقد بينا الادلة على ذلك بالتفصيل بما يغني عن أعادته هنا
-------
وإن قصد بها إشراك الشعب في القرارات وإدارة الدولة في نظام تداول للسلطة يمنح الشعب أيضا حق إدارة الدولة ، بشرط عدم مخالفة أحكام الله تعالى، فهي آلة دولة ، وأسلوب إدارة لاتخالف الشرع ، فالجواب إذاً فيه تفصيل حسب المقصود بالديمقراطية  
---------------
وقد بينا سابقا في عدة مواضع أن الاسلام لايعارض استعمال الوسائل العصرية حتى تلك التي اخترعها غير المسلمين لادارة وتنظيم شؤون الحياة والدولة ، إن كانت تحقق المصالح العامة ولاتخالف الشرع ، ومن ذلك تقييد السلطة بدستور مكتوب مستنبط من الشريعة الإسلامية ، يحدد حقوق وواجبات كل من الحاكم والمحكوم بوضوح تام ، وينص على آليات الاستحقاق بقوة القانون ، التي لايمكن للسلطة تجاوزها ، وتفقد شريعتها إن تجاوزت حدود الدستور ، وكذا العمل بنظام فصل السلطات ، ونظام تداول السلطة ، ونصب رقابة ملزمة للسلطة ، وبناء مؤسسات ذات سلطات نافذة تضمن للشعوب الحصول على حقوقها ، ومن ذلك حرية نقد السلطة علنا ، وحرية المعارضة السلمية ، بل هذا هوالواجب لأن السلطة المطلقة شر مطلق ، وقد بينا أن الاسلام وضع الاسس التي تضمن تقييد ورقابة سلطة الدولة وكبح جماحها ولكن كانت عبر وسائل ابتدائية تناسب تلك العصور التي كانت أعمال الدول نفسها ذات نطاق محدود ، وبينا أن ذلك لايمنع أنّه كلّما تطوّرت الدولة وتوسع نطاق عملها وسيطرتها على الشعب ، أنه يجب تطوير وسائل تقييدها والرقابة عليها وضمان عدم استغلال السلطة بما يتنافى مع مصالح الشعوب ، وحقيقة أن الدولة ما هي إلا آلة تحقق أهداف الشعب وليست ملكا لعائلة ، ولا حزب ، ولا شخص يحكم بالحق الإلهى ، فهذا كله باطل ، من أبطل الباطل ، ومن أعظم الفساد في الأرض ، وأعظم أسباب الظلم للعباد ، والبوار للبلاد
-------------
وبينا أن الذين يقولون إن الحاكم في الاسلام يحكم بسلطة مطلقة وليس على الشعب سوى الرضوخ له ، وأن سلطته ليس لها شروط ، ولاينقضها نواقض ، ولا يجوز تقييدها بشيء ، ولايمنح الشعب حقا سوى ما يهبه الحاكم بهواه ، ولا يصح أن يطالب بحقوقه بأي وسيلة سوى النصيحة السرية ، وأنه ليس له إلا الصبر وانتظار الفرج في كل الأحوال ، وأن هذا هو النظام السياسي الاسلامي الذي بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم بالشريعة الهادية الكاملة الصالحة لكل زمان ومكان ، أنهم جاهلون مفترون على شريعة رب العالمين ، واصمون لها بعيب كبير ، محرضون اللادينينين العلمانيين على عيبها ، وأنها لاتصلح بنظامها السياسي على تحقيق مصالح الشعوب ، وأنهم يضعون بعض النصوص الشرعية في غيــر مواضعها الشرعية الصحيحة ، ويقتطعونها عن دلالة غيرها ، وعن قواعد الشريعة الكلية ، وأصولها العامة ، وأنهم إنما يسيرون في ذلك كله وفق هوى الحاكم ، ويقدمون رضاه فيما هو خلاف مقتضى مصلحة الدين والمسلمين ، ويجنون بذلك جناية عظيمة على الدين والدنيا ، ولكن أكثرهم لايعلمون ، وقد فصلت هذا كله في رسالة ( رقابة الامة على الحكام ووسائلها في الشريعة الاسلامية ) في ركن المكتبة ـ وفي فتاوى سابقة فارجع إليها والله أعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006