يوسوس لي الشيطان أن تقبيل الحجر الاسود مثل عبادة الأصنام ؟!

 

السؤال:

اتمنى ياشيخ ان تجيبني بصفت اخ في الاسلام ياشيخ ان انسانه مسلمه مقيمه لفروضي وصلاتي وصيامي مش بس محجبه بل منقبه بشكل كامل والحمد لله ، وكذلك والله اسعى دائماً الى اعمال تقربني الى الله ، لكن الى الان لم اقل ما المشكل المشكله هي انني سمعت من مدرسة مره تقول لماذا نطوف بالكعبه ونبوس الحجر الاسود وهي عباره عن حجر وقد قال الكافرون لماذا نفعل ذلك ونمنعهم من عبادة الاصنام ، وبدء الشيطان يوسوس لي ويحول ان يجعلني اكفر ولكني متماسكه وسمعت مره شيخ انه من أساليب الشيطان الوسوسه هي بان يجعل الانسان يكفر ووالله اني الى الان واني متاثره.

وعندما اجلس لوحدي واصلي احس بوجودالله وانه ينظر الي عندما اصليوابكي وادعوا الله ان يبعد عني هذهالوساوس وان يجنبني وسوسة الشيطان ولجات الى التفكر واطلع بعضالايام قبل طلوع الشمس واتفكر كيف خلق الله هذه السماء والجبال وقدرة سبحانه وتعال ولكن يرجع الشيطان الىالوسوسه .

ويقول لي وما ادركي انه موجود حقاًوعن الرسول وما ادركي انه قال هذه الاحاديث وكيف نقلت ولم تضيع وكلام استغفرالله واستحي من نفسي ان اقوله **وكذلك استحي من نفسي كيف اسمعه**** وعندما اسئل نفسي لماذا انتي محافظه للصلاة وموديه فروضك ومواضبه عليها واحس ان الشيطان يقول لي هذااحتياط ، استغفر الله والله ياشيخ اني خايفه واني أعلم بوجود الله وموجوده اخره ، ولكني أسأل ما جزاء من يفكر بذلك ، ايخرج من الاسلام يمكن يكون بجهلي خرجت من الاسلام، والله الاسلام بروحي ودمي ووالله نفسي دائماً انا اموت شهيده وان اقدم شي للاسلام ياشيخ انقدني من وسوسة الشيطان الرجيم الذي يريد ان يجرني معه الىجهنم؟

************************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ

أما الوسواس فهذا لايكاد يسلم منه المسلم ، والحقيقة أن الشيطان لايوسوس إلا للقلب المعمور بالايمان ، كما أن اللص لايسطو إلا على البيت الذي فيه أموال ، لايسطو على البيت الخرب ، ولهذا فلاينبغي أن يحزن المسلم إن خالط قلبه الوسواس ، بل هذه طبيعة الطريق إلى الله تعالى ، يكون فيه وساوس الشيطان ، وشهوات النفس ، ومغريات الدنيا ، ولهذا حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات .
-----------
ولهذا فقد وجد الصحابة الوسواس في صدورهم فقالوا يارسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما أن يخر من السماء أهون من أن يتكلم به ـ يعني من كلام الكفر ـ فقال هذا من صريح الايمان .
-------
يعني بسبب أنكم مؤمنون فالشيطان يحاول أن يشككم ويحاول أن يصدكم عن الايمان ، فلا تحزنوا ، أو المعنى أن خوفكم من الاسترسال معه هو من صريح إيمانكم ، وكلا المعنيين صحيح .
-----------------
ونحن نعلم أن الكعبة بيت الله تعالى ، بمعنى بيت وضعه الله في الارض لكي نعبر عن حبنا لله وعبادتنا لله وتعلقنا بالله عندما نطوف به ، كما أن الانسان عندما يبقى عند بيت امراة ـ مثلا ـ يحبها ويبقى يطوف حول ذلك البيت ، ولايمكنه من تعلق قلبه بها أن يفارق مساكنها ، كما قال الشاعر : ـ

أمر على الديار ديار سلمى ** أقبل ذا الجدار وذا الجدار

وما حب الديار شغفن قلبي ** ولكن حب من سكن الديار

---------

وهذا من قبيل تقريب المعنى بضرب المثل ، وإلا فلله المثل الأعلى سبحانه ، فنحن نعبر عن حبنا لله تعالى عندما نطوف ببيته ،وكذا عندما نطوف بين الصفا و المروة ، ونبين مدى تعلقنا بربنا ، ومن نعمة الله تعالى علينا أن وضع لنا هذه الشريعة لكي نعبر عن حبنا لربنا بها، ولهذا يأمرنا الله تعالى بشكر هذه النعمة العظيمة ، كما قال تعالـــــــى ( ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) ، وقال ( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ) .
-----------
وأما الحجر الاسود فلا ننسي أنه من الجنة ، وهو ـ مع مقام إبراهيم ـ الشيء الوحيد الذي في الارض كان في الجنة ، فلهذا نحن لانقبّّل إلا الحجر الاسود ، ولايشرع لنا أن نقبل غيره من الاثار الدينية ، فهو تعبير عن رغبتنا فيما عند الله وزهدنا في الدنيا وأننا نعبد الله تعالى رغبة فيما عنده ، ونشتاق إلى وطننا الاول وهو الجنة ، فالجنة هي وطننا الاول ، منه هبط أبينا آدم عليه السلام ونحن ذريته ونحن نحب هذا الوطن لأنه جوار بنا فهو من حبنا لربنا أيضا ، ، فنحن عندما نقبل الحجر الاسود ، لانعبده وإنما نقبّله من باب إظهار تلك المشاعر من صميم عقيدتنا ، كما أن فيه اتباعا لنبينا صلى الله عليه وسلم ، وطاعة لربنا وانقيادا لما شرعه لنا ، أما المشركون فلم يكونوا يقبلون الاصنام إلا من عبادتهم إياها ، وكانوا يعبدون الاصنام لاعتقادهم أنها تتقبل عباداتهم وتشفع بها عند الله ،وأن التقرب إليها هو تقرب إلى الله تعالى كما قال تعالى حاكيا عنهم ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) ، فهنا فرق شاسع بين الامرين والله أعلم
--------------
وينبغي أن يعلم المؤمنون والمؤمنات ـ وهذا مما يخفى على كثيرين ـ أن من وساوس الشيطان ، ما يذهب بالاعتصام بالذكر والإستعاذة بالله تعالى من الشيطان ، وقراءة القرآن، وكثرة الطاعة ، والتقرب إلى الله تعالى بالاعمال الصالحات ، فهي تثبت الإيمان ، وتذهب وسواس شيطان ، وتقوي القلب ، وتحميه من شهب الشيطان ، ونفخه وهمزه ونفثه .

فعلى المسلم أن يزيد إيمانه بكثرة العمل الصالح ، فيملأ ذلك قلبه نورا وإيمانا ، فيغلب بذلك شيطانه ، ويخنس ، ويضعف وسواسه .

كما أن طلب العلم النافع من الكتاب والسنة ، وتعلم نصوص الوحي ، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وتأسيس العقيدة من القرآن والسنة ، وتعلم أحكام الشريعة ، يجعل القلب في حصن حصين من وساوس الشيطان ، وكلما طال عمر المؤمن والمؤمنة في الطاعة وخدمة الرب الجليل بالعبادة والتقوى ، يأس منه الشيطان ، ولكنه يتحين منه لحظات الغفلة ، فلاينبغي أن يغفل العبد عن كيد شيطان أبدا ، بل يبقى معتصما بربه ، لائذا بذكره ، عائذا بالتوكل عليه ، مستعينا بطاعته ، إلى أن يلقاه ، فإن خطف منه الشيطان خطفة ، تاب واستغفر وأناب ، وأتبع السيئات بالحسنات والله أعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006