الرد على شبهة في القــدر ؟!

 

السؤال:

قال لي رجل ذات مــرة إذا كان الله تعالى خلقني وهو يعلم أن مصيري إلى النار فلماذا خلقنــي ؟ فكيف أرد عليه ؟!

***************

الجواب:

هذه الشبهة من تلبيس إبليس ، يريــد بهــا  أن ينكر العبد قدر الله تعالى فيشكك في وجوده ويقوده ذلك إلى الحيرة فالكفر و الضلال .

 

والجواب في غاية السهولة وهو أن السائل : ـ

 

إما هو مقر بان الله تعالى خالق الكون بحكمة بالغة وقدرة باهرة وعلم لايحيط به أحد من خلقه ، وأن الإنسان وما فيه من صفة العلم والحكمة من جملة خلق الله تعالى ،  أو أنه لايقـــر بذلك .

 

فإن كان لايقــر بخلق الله تعالى لكل شيء ، فهذا ملحد يجب أن يناقـش أولا في وجود الصــانع وسبب حدوث الكــون وليس هذا بحثنــا .

 

وإن كان مقــرا : ـ

 

فيقال له : ما أبعــد الذي يقر بأنه في غاية الجهــل بالنسبة لعلم خالقه وأن خالقــه أصلا الذي وهبه بعض العلم ،  وأنــّه في منتهى الحيــرة  بالنسبة لحكمة خالقــه تعالى  الذي وهبه بعض الحكمة إن كان من أهلــها ، وأنه عاجز بالنسبة لقدرة الله تعالى .

 

 ما أبعده إن كان مع ذلك يظن أنه اكتشف خللا في علم الله وحكمته وقدرته وكمال صفاته فظن أنه استدرك على ربه خطــا منطقي في هــدف إيجــاد الخلق ، وقانون المحاســبة ، ونظــام العــدالـــة الإلهـــية !!!

 

فإن قيل فقد حيرتنا فمــا هــو الجواب على السؤال :ـ

 

فالجــواب : ـ

 

 لقد سبقت الملائكة فسألت قائلـــــة ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك )

 

فكان الرد ( إني أعلــم ما لاتعلمــون )

 

فسكتت الملائكة لانها علمت بما وهبها الله من عقول كملت ، أن ما خفي عليها أعظم مما علمته ، وأن ما أوتيته من علم قليل لايؤهلها لتفهــم كلّ حكمة الله تعالى .

 

 وقد علمــت أن الجاهل الحقيقي هــو الذي يفرض أن اللـّـه الذي وهبه العقل الذي عرف فيه أن العدالة حق مطلق ، والرحمة فضيلة ، والحكمة غاية نبيلة ، أن هذا الخالق الواهــب قد وقع في خطــأ جسيم  وواضح ، في العدالة والحكمة والرحمة ، ثم اكتشفه المخلوق الضعــيف الجاهل  !!

 

 فحينــئذ سكتت الملائكــة

 

فما ظنّكــم بالإنسان ؟!

 

والخلاصة أن الله تعالى لما كملــت صفاته علم ما كان وما يكون وما سيكون في المستقــبــل ، غير أنه لما خلق العبد لم يظلمه ، بل أجرى عليه قانون العدالة المطلقة ، فوهبه فرصة ،  وأعطاه قدرة  ، وإرادة ،  ومنحه حيــاة  ،

 

 ثم أخبره أن العبرة بخاتمة حياته ، مهما عمل السيئات ثم تاب محيت سيئاته ، وأنه إن حفظ على التوحيد حتى ينقضي عمره ، فلن يخلد في النار ، فحسنة التوحيد وحدهـا عاصمة من الخلــود في النار ، غير أن السيئات ـ لاسيما الكبائر ـ خطرٌ عليه ،  فقد تثــمر ظلمــة  القلب فيقع في الشرك قبل الممات ، فينبغي أن يبقى العبد خائفا على نفسـه ، وكثير من مدمني الكبائر الذي لايتوبون منها ، تقودهم ظلمة قلوبهم بسببها إلى الشك فالكفر فيموتون كفارا عافنا الله تعالى وإيــاكـــم.

 

ثم أخبره أنه لن يعذبه إن انتهى عمره وفرصته في الدنيا ولم تبلغ الحجة .

 

ثم إنه إن أصر على الكفر ، وأعرض عن الهدى ، وأدمن السيئات فلم يتب منه حتى مات ،  فقد أفســد عليه فرصته بما جنت يداه  ، ولايظلم ربك أحــدا ، ولهذا فإن الظالمين لأنفسهم يقولون يقوم القيامة ( لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ) أي أن الله تعالى وهبنا الآدوات التي بها ننجو ، لكننا أفسدتنا فائدتها بأنفسنا فصرنا إلى عذاب الله تعالى .

 

والله أعلم


الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006