فضيلة الشيخ ما هي اوليات الثورة الليبية في المرحلة القادمة بعد سقوط القذافي ؟!

 

الحمد لله والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آله ، وصحبه ، وبعد :
 
فنحمد الله أولاً أن نصر الثورة الليبية المباركة ، وكلَّل جهادها بالظفـر ، وأرانا آياته في الطاغية الخبيث عدوّ الله القذافي ، كما فعل سبحانه فيمن سلفه من الطغاة ، ومن سيأتي بعده بإذن الله تعالى .
 
( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ )
 
أما أوليـّات المرحلة القادمـة ، فأهمّ المهمات ، بناء لييبا جديـدة ، مستقلة تماما وخالية من أيّ قواعد أجنبية ، أو نفوذ أجنبي عليها ، وتحرير إرادتها السياسية من أي قيود خارجية .
 
ولاريب أنَّ الشعب الليبي يعـلم أنّ مساعدة الناتو لـه على التخلص من القذافي ، لم يكن سوى غسل العار الذي لطـَّخ السياسية الغربية تجاه جميع أنظمة الإستبداد التي حكمت البلاد العربية عامة ، والنظام الليبي خاصـة ، إضافة إلى أنّ ردّ الجميل لقيامهم بمساعدة الشعب الليبي _ تلك المساعدة التي استدعاهـا تقاطع المصالح في مرحلة حرجـة فحسب _ لايعطي الناتـو أي حقّ في التدخـل لتقرير الليبيين لمصيرهم ، وسيادة بلادهم ، وإستقلالها التام ، ووحدة وسلامة وطنهـم من أيّ وجود عسكري ، أو نفوذ أجنبي عليها ، أو إرتباطات سياسية ، أو عسكرية ، تكون على حساب مصلحة الشعب الليبي ، أوإنتمائه لأمّته .
 
والمسؤولية الجسيمة في هذه الناحيـة الأخطر ، والأهـم في هذه المرحلة ، إنما تقع على قادة الثورة ، لاسيما القيادات الإسلامية ، فالله تعالى سيسألهم عن قيادتهم لهذه المرحلة الحرجة من تاريخ ليبيا ، ثم إنَّ شعوبهم ستحاسبهم على أيّ تنازلات للغـرب على حساب ليبيا الإسلام ، والعروبة ، وسيكتب التاريـخ نزاهتـهم التي ترفعهم ، أو خيانتهـم التي ستلطخهم فلا يغسلها بعد ذلك شيء.
 
( قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ )
 
وعلى الشعب الليبي أنَّ يعلن الجهاد ضـدّ أيّ وجود عسكري أجنبي على أرض ليبيا ، أو أيّ نظام خائـن يسمح بتحويل ليبيا إلى مرتـع لنفوذ خارجي ، كما أعلن الجهاد على الطاغيـة ، وإلاّ لم يكـن للثورة معنى ، ولا للجهاد مغـزى ، وستكون دماء الشهـداء قد ضاعـت سدى ، وتضحيات الشعب الليبي قد ذهـبت بلا فائـدة !
 
وإنما نقول هذا للثورة الليبيّة خاصّة لأنَّ الثورتين التونسيـة ، و المصرية ، قـد استقلتا تماما في إحداث التغييـر ، وخلتا من شبهة التدخل الغربي ،  بينما اضطرت إليه الثورة الليبية إضطرار المكره ، مع تأكيدنا على أنّ شريعة الإسلام ، لاتتعارض مع تقاطع المصالح ، ولاتبادلها فيما يعود نفعه على أهل الإسلام .
 
ثـمَّ أمام الشعب الليبي مرحلة دقيقة يجب أن تتوافـر فيها جهود جميع الليبيين ، بتسامح ، وتعاون ، وتسامي على الجراح ، وطيّ صفحة عداوات النظام السابق ،
 
وذلك لتكوين نظام سياسي يجمع بين الإنتماء الإسلامي ، والدولة المدنية الحديثة تحت ظلال ، وهداية تعاليم الشريعة الإسلامية ،  وإعادة ليبيا لتسهم إسهاما بناء في قضايا أمّتها ، وتنصـر شعوبها ، وتمـدّ لها يد العون ، لاسيما في إستكمال مسيـرة ثورات الربيع العربي التي تنشـد الحرية ، والعدالة ، وحقوق الشعوب ، وإستقلال إرادة الأمة ، وإرجاع عزها .
 
ونوجـِّه نداء للتيار الجهادي الإسلامي الذي كان رأس الحربة في قيادة الجناح المسلح للثورة ، وفي إسقـاط عرش الطاغية في طرابلس ، أن يضعوا أيديهم في يد جميع الليبيين لبناء ليبيا الجديدة كما وصفناها في هذا الجواب ، وأن يعـوُا خطورة الظـروف التي تمـرّ بها ليبـيا ، وضرورة تقديم الأهمّ فالأهـمّ ، وأنّ مصلحة الشعب الليبي تقتضي إعتبار سنة الله تعالى في المراحـل ، إلى الوصول لأهداف الإسلام العظمـى ، التي ينشدها كلّ المخلصين بإذن الله تعالى .
 
والله أعلـم وصلَّى الله على نبيّنا محمّد ، وعلى آله وصحبه ، وسلّم تسليماً كثيراً .

الكاتب: زائر
التاريخ: 22/08/2011