للمخطوبة فقط!

 

السؤال:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،وبعد ، فقد وصلتنا رسالة من موقع طريق الاسلام ،هذا نصها :
الحمد لله ، وبعد : فقد وصلتنا هذه الرسالة من زائر يقول فيها : فإن الموقع قدنشر فتوى عن ( رؤية المخطوبة ) للشيخ محمدبن عثيمين يبيح فيه كشف المخطوبة
لشعرها وذراعيها وأطراف ساقيها، وهذه فتوى خاطئة ، علماً بأني قد بحثت في هذا الموضوع مع كبار علمائنا في مدينة حلب ، وهذه الفتوى قد توقع كثير من الناس بالمهالك بل ستوقعهم ، والشكر ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***************
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، وبعد :
اختلف العلماء في القدر الذي يجوز للخاطب أن ينظر إليه من المخطوبة
فذهب المالكية والحنفية والشافعية إلى أنه ينظر إلى الوجه والكفين فقط.
وذهب الإمام أحمد في رواية عنه أنه ينظر إلى الوجه فقط ، وروى أصحابه رواية أخرى انه يجوز النظر إلى ما يظهر غالبا عند المهنة ، سوى الوجه والكفين كالقدمين والرقبة والرأس والساقين ، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة ، ينظر المغني 6/554 
وبهذا كان يفتي العلامة الشيخ محمد العثيمين رحمه الله ، وأما من شنَّع عليه في فتواه ، وهوَّل بأن هذه الفتوى تفتـح باب الفساد ، فقوله مردود عليه كما سيأتي.
، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه جابر رضي الله عنه : ( إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ، قال جابر : فخطبت جارية من الأنصار فكنتُ أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعانــــي إلى نكاحها فتزوجتها ) رواه أحمد وأبو داود .
كما استدلوا بحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه خطب امرأة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أنظر إليها فإنه أحرى أن يُؤدم بينكما رواه الترمذي ..أي تدوم صحبتكما .
كما استدلوا بأن عمر رضي الله عنه نظر إلى ساق بنت علي رضي الله عنه لما خطبها منه .
ووجه الدلالة من الحديث الأول في قوله ( فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها ) وهو يدل على جواز النظر إلى ما يظهر غالبا ، لأنه هو الذي يدعو إلى النكاح ، ولو كان غيره محرما لبيّنه صلى الله عليه وسلم ، وأيضا فإنّ النظر إليها بغير علمها يستدعي وقوع النظر على ما يظهر غالبا عند المهنة ، وليس فقط الوجه والكفين . 
ووجه الدلالة من الحديث الثاني في قوله ( فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ) ، فإنه يدل على أن علة إباحة النظر ـ  أي الحكمة منه ـ   هو دوام النكاح ، وذلك إنما يحصل إذا تأكد الخاطب بالنظر إلى ما يظهر من المخطوبة غالبا من أنه يرضاها زوجة ، وليس الوجه والكفين فحسـب ..
كما استدلوا أيضا بأن النكاح عقد يقتضي التمليك ، فكان للعاقد النظر إلى المعقود عليه . 
وبهذا يعلم أن ما أفتى به الشيخ العلامة محمد العثيمين رحمه الله ، قول جماعة من العلماء ، فهو الأظهر في مذهب الحنابلة ، بناء على رواية عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، قد دلت عليها النصوص ، فلا وجه للجزم بأن فتواه خطأ ، أو إنكارها ، وهي مسألة اجتهادية على أية حال 
ودعوى أن ذلك يوقع الناس في المهالك تهويل ومبالغة فالناس يكثر في نساءهم التبرج  والسفور أصلا في هذا الزمن المليء بالفساد ، فالقول بأن إباحة نظر الخاطب إلى ما يظهر غالبا من المخطوبة عند مهنتها لأنه يريد دوام حسن العشرة بينهما بالنكاح الشرعي ، أنه سبيل إلى المهالك تشدد في غير محله وتضييق لما وسع الله تعالى في شريعته السمحة.
لكن يجب التنبيه إلى أن إباحة نظر الخاطب إلى المخطوبة مشروط بأن لايعلم أن مثله لايُزوّج منها ، لعدم الكفاءة ، أو لأيّ سبب أخر ، فإن علم أو غلب على ظنه أن العرف جار على ردّ مثله ،   لا يحل له النظر إليها ، حتى لو أذنت هي ، ولهذا فالأولى أن يكون النظر بعد خطبتها من وليها وموافقته المبدئية ، وموافقتها هي ، كما اشترطوا أن لا يكون ذلك في خلوة ، وهذا واضح بلا ريب. 

ولاريب أن هذا الرأي الذي دلت عليه الأحاديث ، يتوافق مع مقاصد الشريعة التي تتشوّف إلى كل ما يؤدي إلى دوام استقرار الأسرة ، واستمرار المحبة بين الزوجين ، وقطع وسائل التنافر بينهما بعد الزواج والله أعلم


الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006