الشراء عن طريق البنك الاسلامي؟

 

السؤال:

رجل يعمل تاجر حصل لإخوانه خسارة مالية كبيره أكثر من مائة ألف دينار وهو يسأل هل يجوز له التعامل مع البنك الإسلامي بما يسمى المرابحة لشراء البضاعة لعله يقوم بواجب السداد للضرورة مع انه يري أن التعامل مع البنك فيه شبه ما حكم الشرع في هذا التعامل ؟

*****************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :

 

بالنسبة للمرابحة تركها أولى بكل حال حتى لقد افتى بعض العلماء أنها حيلة على الربا بـــل أشــدّ تحريما منه كما كان يفتي الفقيه العلامة محمد العثيمين رحمه الله .

 

واشترط من أباحها أن يشتري البنك الإسلامي السلعة ويحوزها أولا ثم يبيعها للزبون ، ولايكفي أن يشتربها شفاهة بل يحوزها بعقد له سلطة الإلزام ـ  إنْ شــقّ نقلها إلى حوزتــه ـ   حتى لايقع في النهي عن بيع مالايملك كما صــح في الحديث ( لاتبع ما ليس عندك ) رواه أحمد والأربعة من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه  ،   ولايجوز أن يلزم البنك الزبون بالوعد المسبق بأنه سيشتري السلعة إن اشتراها البنك ، بل يخيـّره البنك بعدما يحوزها لحديث زيد بن ثابت ( نهى أن تباع السلع حتى يحوزها التجار ) خرجه أبو داود وغيره ، ثم  إن شاء عقد الزبون البيع ، وإن شاء لم يفعل وكان الوعد المسبق وعدا غير ملزم .

 

فإن تمت المرابحة بهذه الصورة فهي مباحة عند جماعة من العلماء والأولى تركها ، ولولا أن الناس أحبّوا التكاثر والتفاخر لما احتاجوهــا ، ولكن قد غلب على نفوس الناس التعلّق بزينة الحياة الدنيا ، ولو اتقى الله العبد وقنع باليسير واستعان به على طاعة ربه ، بورك له في ماله حتى لايحتاج إلى الشبهات ، بله الحــرام ، ولكن أكثر الناس لايعلمون.

 

أما ما يفعله بعض الناس ، حيث يركبّون التورّق غير الشرعي ، على المرابحة غير الشرعيّة ، فهي ظلماتٌ بعضها فوق بعض .

 

وذلك بأن يُجروا عقد المرابحة في صورتها غير الشرعية ، فالبنك يبيع السلعة للزبون قبل أن يحوزها ، ثم يبيعها الزبون نقدا على تاجــر ،  قبل أن يحوزهـا ، زاعما أن هذا هو التورق ، كما يفعلون عندنــا في بيع الإسمنت ، والحديد ، ومواد البناء .. إلــخ  !

 

وإنما مقصودهم  من هذه الحيــل ، تحصيل الزبون المبلغ النقدي دينا عليه لدى البنك ، بزيادة هي الفائدة الربوية ذاتها ، لكن من خلال عقدين صوريين فحسب ، لاحقيقة لهما ، فالزبون لايزيد علــى توقيع على أوراق في أوراق ،  حبـر على ورق !! حتى إن الزبون ربما لايرى السلعة قط ، يشتريها البنك ويبيعها عليه ، ثم يبيعها على غيره ـ وأحيانا يكون هذا الأخيــر عميلا للبنك أيضا ـ ويقبض الزبون المال ويبقى عليه الدين بفائدة !

 

فهذا والله الربا بعينه ، وقد اقتحم الناس فيه  ، بفتاوى يصدرها من يقبض راتبه من نفس البنك الإسلامي ! فتاوى ما أنزل الله به من سلطان ، ينظر فيها المفتى إلى توفير المال للزبائن دينا بفائدة ، بأيّ حيلة تمضي لهم ما يرغبون فيه من تحصيل المبالغ النقدية ، بغض النظر عن قيود وضوابط الشريعة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون

 

وبهذا تحولت فكرة البنك الإسلامي إلى مؤسسة قروض ،  غالب وظيفتها توفير النقد بفائدة ، لكن بتوسط حيل محرمـــة ، وأصبح غالب الناس مدينيــن  ، والبنك الإسلامي هو الدائن العام الذي يحصل فوائد ديونه في المجتمع . فإنا لله وإنا إليه راجعون .

 

 والله أعلم


الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006