ما معنى الإعجاز اللغوي في القرآن ؟

 

السؤال:

السلام عليكم .. فضيلة الشيخ
* السؤال هو:-
هل توضح لنا معنى الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم مع ذكر أمثلة على ذلك ..وشكرا لكم جزيلا؟

**********************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الاعجاز اللغوي في القرآن الكريم لايمكن أن يتذوقه الشخص تذوقا تاما إلا إذا كان ملما باللغة العربية وعلوم بلاغتها ولهذا فإن العرب الذين نزل عليهم القرآن أقروا بإعجازه لانهم كانوا أعرف الناس بلغتهم وأسرارها ، ولهذا عجزوا أن يأتوا بمثل القرآن ـ
ومن الامثلة على إعجازه اللغوي سورة الكوثر ففيها من أسرار البلاغة أن الله تعالى جعلها بعد قوله عن المنافقين في السورة السابقة ( ويمنعون الماعون ) ، ثم قال ( إنا أعطيناك الكوثر ) فذكر أنه أعطاه الكوثر وهو الخير الكثير ومنه النهر في الجنة ، أي لئن كان المنافقون يمنعون الماعون فإنا أعطيناك الكوثر ، ثم أمره بالصلاة ليشكر على هذه النعمة ، وأمره بالنحر ليعطي الناس كما أعطاه الله تعالى ، وتأمل ما في النحر من إهراق الدماء ، لاطعام الجياع ، كما يحري النهر بالماء ، لاطعام الارض الجائعة ، وتأمل أيضا في التناسب بين إحياء الصلاة لروح العبد ، وإحياء النهر للارض والناس ، وإحياء النحر كذلك للاجساد الجائعة .ـ
ـــــــ
وتأمل ما بين قوله الكوثر أي الخير الكثير الذي منه النهر في الجنة وبين الصلاة التي فيه كل الخير فهي أفضل الاعمال ، وهي غذاء الروح كما أن النهر غذاء الارض ، ثم قال له : إن شانئك هو الابتر اي الذي يعاديك نقطعه ، وبهذا يتم المعنى بالفضل والانعام التامين على محمد صلى الله عليه وسلم ، أي نعطيك ونقطع من يعاديك ، وتأمل أيضا المناسبة بين النحر الذي فيه قطع حياة لاحياء حياة أهم ، وبين قطع أعداء الحق ، ليكون في ذلك حياة الحق في قوله ( إن شانئك هو الابتر ) ، وتأمل قوله لربك ، فجعل نسبة الربوية إليه لانه خصه بهذه النعم ، والتناسب بين هذا التخصيص والتخصيص في قوله أعطيناك ، وتأمل حروف السورة على صغرها وكيف أن متناسقة تكرر فيها لفظ الراء الذي فيه التفخيم ، بحيث إذا قرأه القاريء يفخم الصوت من فمه لاسيما في كلمة الكوثر ، فيشعر بالعظمة والانبهار ، وكيف فيه أيضا القطع الذي يملأ النفس الانسانية بالشعور بالقوة عند الوقوف على قوله ( الابتر ) ـ وفي الجملة فجمال المعاني وتناسق الكلمات والحروف واشتمال اللفظ القليل على معاني جليلة عظيمة ، بحيث أي متخصص في علوم البلاغة لايمكنه البتة أن يقول لوكان هذا الحرف مكان هذا ، أو قُدمت هذه الكلمة أو أخرت لكان أحسن ، بل كل عالم في لسان العرب يقف مبهورا لايمكنه أن ينتقد أي لفظة أو تركيب أو سياق أو كلمة أو حرف أو معنى في لغة القرآن ، فهذا كله غيض من فيض من بلاغة القرآن وإعجزاه اللغوي والله اعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006