نريد تاصيل شرعي من شيخنا حامد للحوار ؟

 

السؤال:

نريد من شيخنا حامد تاصيل شرعي لحكم الحوار الامريكي مع بعض الجماعات الاسلاميه التـي تســمى معتدلــ على حد زعمهم وما هــي اهداف هذا الحوار ؟!

***************

جواب الشيخ:

هذا ليس حوارا يا أخي الكريم !

 

إنما يطلق عليه "حوار" في الظاهر فحسـب، أو كما في الإصطلاح السياسي المعاصــر " فوق الطاولة " .

 

أما ما "تحت الطاولة " ، فهو مؤمرات وصفقات سياسية ، فالأمريكيون يتآمرون على الحكومات من جهة ، ويعقدون معها صفقات من جهــة ، وهذه الصفقات ضد الإسلاميين ،  أو ضـد غيرهم : من دول ، أو حركــات معارضــة  .

 

والأحزاب السياسية المعارضة في البـلاد تفعل نفس الشيء.

 

والحكومات تفعل نفس الشيء  .

 

فقـد يحدث أحيـانا أن الجميع يعقد صفقة مع الجميع ، والجميع يتآمر علــى الجميـع ،  والجميع ينتظــر الحصول على الثمرة من خسارة طرف مقابل طرف ،  أو ربح طرف من طــرف ، هذا هـو عالم السياسـة المبنيّة على النفــاق والأطماع الدنيوية .

 

كلهم طالــــب صيد

كلهـم يمشــي رويــد

 

هذه حقيقة ما يجري ، والحق الذي لايجوز المحيد عنه ، أن إصلاح ما فسد من الأنظمة والأوضاع السياسية في بلادنا ، لايحل البتـّة أن يكون على جسور التدخل الأجنبي ، فالشريعة تأبى هذا النهج ، ولأن ثمرتــه ستكون في النهايــة في أطماع الأجنبي ، وقـد جربت الأمّة هذا النهــج في الاحتلال الماضي ، فجنت منه العلقــم ، لكن الفرق اليوم هو أن الخطاب الإسلامي هوالسائد في المشهد السياسي العام ، ولهذا تبحث السياســة الأمريكية عن أوراق فيــه لمؤامراتهــا .

 

 غير أن العجب أن الحركات الجهادية مـع أنها هي التي تعطي للإسلام قوته ، التي بات يقتات منها ـ في حواراتهم المزعومة !!ـ  السياسيون المنتسبون إلى منهج التغيير الإسلامـي، ومع ذلك فهم يلهجون بذمّها والتبرؤ منها بغيـر حيــاء !!

 

أمـا إن كان الحوار السياسي مع الأجنبي يقصد به مناورات ـ توافق الشـرع ـ  لإبطـال كيـده ، أو لتحقيق مصلحة عامة للمسلمين ، فهو من السياسة الشرعية النافعة ، وقد تكون واجبة أحيانا ،  وقد حاور النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية ، وعقد اتفاقا كان فتحا على أمته ، ولم يتنازل عن شيء دينه .

 

أما الحوار بمعنى الجدال مع أهل الباطل ، فقد ورد في القرآن والسنــة ،  قال تعالى ( وجادلهم بالتي هي أحســن ) وقال ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء ) ،

 

ولـه ضابطـان رئيســان :

 

أحدهما : أن يكون مبنيـّا على الإحتاج بالوحــي ، من غير تنازل عن شيء منه  ، قال تعالى ( قل إنما أنذركم بالوحي ) وقال ( وإن أحكم بينهم بما أنزل الله ولاتتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) .

 

الثاني أن تكون مصلحته أرجح من مصلحة الهجــر ، ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره )  .

 

ويبنغي التنبّه لأمر مهم  هنـا ، وهو أن الشريعة مبنية على الإنتصار للوحي والصبر عليه ، حتى لو أدى ذلك إلى الغربة والعزلة ، بينما السياســة غير الشرعية مبنية على تحصيل الممكن ، ولهذا قيل : السياسة فن الممكن ، حتى لو كان ناقضا للدين !

 

ومجمعٌ عليه أنه إذا لم تكن سياسة أمـر هذه الأمـّـة قائمة على الشرع ، فإنهـا تفســد الدين والدنيا معــا ، ذلك أن الله تعالى أبى أن يجعل لهذه الأمّـة عــزا في غيـر التمســك بدينهــا ( وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) والله أعلـم


الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006