طوبى للغرباء

 

السؤال:

 السلام عليكم فضيلة الشيخ ،
قرأت حديثا بما معناه هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " بدأ الاسلام غريبا و سيعود غريبا فطوبى للغرباء "
هل معنى هذا الحديث ان الاسلام سيكون في تناقص مع الاقتراب الى يوم الساعة ؟
نرجوا الافادة و جزاك الله خير الجزاء اخوك / سالم


*********************

جواب الشيخ:

 ننقل للسائل جواب شيخ الاسلام ابن تيمية في معنى حديث ( بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدا فطوبى للغرباء ) قال رحمه الله ( قوله وسيعود قريبا كما بدا يحتمل شيئين أحدهما أنه في أمكنة وأزمنة يعود غريبا بينهم ثم يظهر كما كان أول الامر غريبا ثم ظهر ، ولهذا قال ( سيعود غريبا كما بدا ) وهو لما بدأ غريبا لم يعرف ثم ظهر وعرف ، فكذلك يعود حتى لايعرف ثم يظهر ويعرف 000 ويحتمل أنه في آخر الدنيا لايبقى مسلما إلا قليل وهذا إنما يكون بعد الدجال ويأجوج ومأجوج عند قرب الساعة وحينئذ يبعث الله ريحا تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة ثم تقوم الساعة وأما قبل ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم ( لاتزال طائفة من أمتي على الحق لايضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة ) وهذا الحديث في الصحيحين ومثله عدة أوجه ، فقد أخبر الصادق المصدوق أنه لاتزال طائفة ممتنعة من أمته على الحق أعزاء لايضرهم المخالف ولاخلاف الخاذل ، أما بقاء الاسلام غريبا ذليلا في الارض كلها قبل الساعة فلايكون هذا ، وقوله صلى الله عليه وسلم ( ثم يعود قريبا كما بدا ) أعظم ما تكون غربته إذا ارتد الداخلون فيه عنه ،وقد قال تعالى ( من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة علىالكافرين يجاهدون في الله ولايخافون لومة لائم ) فؤلاء يقيمونه إذا ارتد عنه أولئك ، وكذلك بدأ غريبا ولم يزل يقوى حتى انتشر فهكذا يتغرب في كثير من الامكنة والازمنة ثم يظهر حتى يقيمه الله عز وجل ، كما كان عمر بن عبدالعزيز لماولي قد تغرب كثير من الاسلام على كثير من الناس حتى كان منهم من لايعرف تحريم الخمر ، فاظهر الله به الاسلام ماكان غريبا وفي السنن ( إن الله يبعث لهذه الامة في رأس كل مائةسنة من يجدد لها دينها) والتجديد إنما يكون بعد الدروس وذاك هو غربة الاسلام ، وهذا الحديث يفيد المسلم أنه لايغتم بقلةمن يعرف حقيقة الاسلام ولايضيق صدره بذلك ولايكون في شك من دين الاسلام كما كان الامر حين بدأ 000وقد تكون الغربة في بعض شرائعة وقد يكون ذلك في بعض الامكنة 000 ومع ذلك فطوبي لمن تمسك بتلك الشريعة كما أمر الله ورسوله ) مجموع الفتاوى 18/296 والحاصل أن المقصود بالغربة إما آخر الزمان بعد ظهور الاسلام وتمكينه في الارض في آخر الزمان عند ظهور المدي ونزول عيسى عليه السلام أو المقصود غربة نسبية في بعض الامكنة أو بعض الازمنة أو لبعض الشرائع وأنه لايكون غريبا غربة تامة في جميع الارض قبل قيام الساعة بل لابدمن وجود طائفة تقوم به منصورة بإذن الله والله أعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006