هل يصح التعبد بالإئتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم وإطالة الشعر وفتح إزرار الثوب ونحو ذلك ، وهل كل ما يفعله صلى الله عليه وسلم في حياته اليومية يكون سنة مستحبة ؟!

 

السؤال : السلام عليكم وحمة الله و بركاته
الشيخ الكريم تحيه طيبه و بعد؛
هل يصح التعبد لله باطالة شعر الرأس أو فتح أزرار الثوب ، و ذلك اقتداء بالنبي عليه الصلاة و السلام ؟ و هل كل ما يفعله النبي عليه الصلاة و السلام في حياته اليوميه يعتبر سنه ؟
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
 
الأصل الجامع في هذا الباب ، أنه لايجوز التعبّد بما لم يتعبّد به النبي صلى الله عليه وسلم ، ويشمل ذلك ما فعله على وجـه الإباحـة لا التقـرب إلى الله به ، مثل ما ذكر في السـؤال ، فإتخاذه الشعـر لمـّة ، أو جمّة ، كان منه صلى الله عليه وسلم على عادة قومه ، وأما ما ورد من فتحه إزرار ثوبـه فلحاجة إقتضتها بشريته .
 
وحينـئذ فمن فعـله على أنه من قبيل المباح فلا تثـريب عليه ، أما من فعله على وجه القربة فقـد خالف .
 
ذلك أن الإئتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون في صورة الفعل ، والقصد منه ، وليس في صورته فحسـب ، فما فعله صلى الله عليه وسلم على وجه التقرب ، نفعله على وجه التقـرب ، وما فعله لأنّـه عادة قومه ولم يتقرب به إلى الله ، أو بمقتضى جبلّته ،  فمن يفعله على وجه القـربة يكون قـد خالف هديه ، وسنته .
 
وينبغي أن يعلم أنّ هذا في باب الأفعال المجردة ، وليس الأقوال ، فأقواله صلى الله عليه لها دلالاتها حسـب دلالات ألفاظها .
 
فما كان من فعل نبويّ مجـرّد لم يقترن به قول ، ولم يدل دليل على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ،  فعله بقصد القـربة ، فهذا حكــمه .
 
ولهذا كان عمر رضي الله عنه ينهى الصحابة عن تتبع مثل هذه الآثار ، وأما ما كان يفعله ابنه عبدالله من تتبّع كلّ حال النبي صلى الله عليه وسلم ،  فهو ممن شدّة حبّه للنبيّ صلى الله عليه وسلم ، وليس من باب التقرب بالفعل ذاته ، وقد تقدم أنه لاينـكر على فاعلـه ، إذ كان مباحــا .
 
غير أنـّه إذا كان فعل مثل هذه الأفعال النبوية المجردة التي فعلها صلى الله عليه وسلم على وجه الإباحة فحسب ، فعلها يفـوت مصلحة راجحـة  ، أو يقتضي مفسدة فمقتضى الهدي النبوي ، والشريعـة المحمدية ،  الكـفّ عن فعلها.
 
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الحضّ على إكرام الشعـر فهذه سنة قوليّة في حـقّ من  لـه شعـر ، أما تطويله في الأصـل فهو من قبيل المباح ، لا من قبيل المندوب ، فلا يشرع فعلـه على انه منـدوب ،
 
 ثـم إذا كان اتخاذه يقتضي مفسدة ، كاستجلاب شهـرة فليـترك ،  إذ كان سَنَن الصالحين ،  ما دلـت عليه شريعـة جميع المرسلين ، المبالغة بالعناية بإصلاح عمل القلب بالإخلاص وأنـّه مقدم على كل ما سـواه.
وقد شرحنا هذا كله في شرح الأصول من علم الأصول فليراجع.
 
والله اعلم

الكاتب: زائر
التاريخ: 24/06/2007