السائل: زائر التاريخ: 17/02/2011 عدد القراء: 15831 السؤال: فضيلة الشيخ ما هو الموقف الشرعي مما يجري في البحرين ، وما الفرق بينه وبين ما جرى في تونس ومصر ، وهل يجوز تأييد التحرك في البحرين ؟!!
جواب الشيخ:
الحمد لله ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك لـه ، وأنّ محمداً عبده ورسوله ، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه لاسيما الصديق ، و الفـاروق ، وذي النورين ، وأبي السبطين ، وسلم تسليما كثيرا ، وبعــد :
.
قال الحق سبحانه : ( ولتستبين سبيـل المجرمين )
.
قد كتبت عدة فتاوى ، ومقالات سابقة في خطر الجيوب الإيرانية المندسة في الخليج ، التي هي أدوات المخطط التوسعي الإيراني ، وأنها تعمل وفق أجنـدة مشروع (تصدير الخمينية) الذي يتبنـَّاه نظام طهران الحالي الذي هو أشدّ الأنظمة في المنطقة طغيانا ، ووحشية ، وإستبدادا ،
وإذا كانت الأنظمة العربية الفاسدة قد طغت على شعبها ، فطغاة طهران ، قـد وسَّعوا طغيانهم _ بعد أن ساموا الشعب الإيراني سوء العذاب وانتهكوا حريته ، وحقـوقه المشروعـة حتـّى تزوير الإنتخابـات ، وقمـع ، وقتل المتظاهرين سلميـا ضد التزويـر كما جرى قبل عامين _ فاعتدوا على الأمة الإسلامية بأسـرها ، وقد شهد العالم أجمـع ما فعلوه في العراق من جرائم يندى لها جبين الإنسانية ، تفضـح ما يحمله هذا النظام الطاغية من أحقـاد لا تبلغ أن تصفها الكلمات ، كما كانوا أهم أعوان الإحتلال الأمريكي لأفغانسـتان ، وشاركوا في جرائم الإبادة التي تعرض لها الشعب الأفغاني.
وليس ثمة شكّ بما لدينا من دلائل يقينيّة ، أن ما يجري في البحرين ليس سوى تحريك إيراني لأحزاب تابعة لطغاة طهران ، ضمن مشروع إقليمي يستهدف حضارتنا ، وليس الأنظمة السياسية الحالية !
ويرمي إلى القضاء على عقيـدة أمتنا الإسلامية ، كما يستهدف العروبة ذاتها .
وأنه يختلف تماما عن ثورة الشعبين التونسي والمصري ، التي نهضت فيها جميع مكونات الشعب لنيل الحقوق والحرية ، والخلاص من طغيان النظام ، وكان نهوضها ضد الظلم ، وللتخلص من المظالم ، وفق ثورة شعبية شاملة ، إلتزمت النهج السلمي ، والحفاظ على الأمن العام في الجملة ، حتى توصلت إلى أهدافها المشروعة .
أما ما يجري في البحرين ، فهو كما ذكرنا تحرُّك طائفي يخدم أجندة خارجية ، ويمتـطي العنف ، والتخريب ، ويعارضه بقية الشعب البحريني ، ويعلم هذا الشعـب حقيقة نواياها ، وأبعاد تآمره على الوطن ، من خبرة تراكمت عبر عقود ، كشفت حقيقـة شخصيّات هذا الحراك ، وتنظيماته ، وعلاقته الوثيقة بالمخطّط الإيراني ، كما فضحـت سوابقه التي أفصـح فيها عـن مراميه .
وعليه فالواجب الشرعي يقتضـي التصدّي له ، كما يجب تماما درء سائـر الأخطار عن الأمّة الإسلاميـة ، وفضح القائمين عليه ، وبيان حقيقة دعوتهـم .
وأما الترويج ، والدعاية له على أنه ثورة مشروعة لنيل الحقوق ، والحريات ، فهـي جريمة تقترف في حقِّ الأمـة ، وإعانـة على أعظم الإثم ، والعـدوان ، وإشتراك في أخطـر مخطّط يمر على أمّتنـا .
كما أنـّه تزييف فاضح للحقيقة ، وخلط للأوراق ، فالذين يحرّكون هذه الفتنة في البحرين ، يفترون الكذب عندما يتحدثون عن مظالم مزعومة ، وحقوق مهضومة ، وكلُّ من يعرف البحرين ، يعلم أنّ بين حالهـا ، وبين ما كان يتعرض له الشعبان التونسي والمصري من معاناة ، بعد المشـرقين ، غير أنّ الذي يحمل دعاة الفتنة في البحرين على زعمهم المطالبة بالحقوق ، والدفاع عن الحريات ، هـو توفير غطاء يستر حقيقة أهدافهـم ، ويخفـي تآمرهـم الخارجي مع النظام الإيراني للسيطرة على البحرين ، لاسيما ولم يزل هذا النظام يثير قضية أحقيته بالبحرين !!
ولو كان ما يزعمونه حقا ، لكان الواجب عليهم أن يقنعوا سائر الشعب البحريني ، ويجمعـوا كل مكوناتـه ، لينضـِّم الشعب كلُّه ، حراكا سلميا شاملا ، يحدّد فيه مطالبه ، ويذكـر مظالمه ، ولكن هيهات أن يحدث ذلك ، والحال أن الشعب البحريني يعـلم من يقف وراء هذه الفتنة الطائفية من جيوب تدربت في إيران ، وتتلقى أوامرها من طهـران !!
.
وليعلم من يغترّ بشعارات هؤلاء الذين يثيرون الفتنة اليوم في البحرين ، أنهم لو نجحوا في مقاصدهم الخبيثة ، فسوف يقيمون نظاما لايقارن به أي نظام في المنطقة في الظلم ، والطغيان ، والبغي ، والفساد ، إذ لـن يكـون إلاّ صورة مصغرة لنظام طغاة إيران الذي وصفه الكاتب الإيراني الفاضل موسى الموسوي في كتابه ( الثورة البائسة ) بعد أن خبر هذه الثورة عن قـرب .. إذ قال :
.
( لأول مرة يحدث مثل هذا الانحدار الخطير في تاريخ الإسلام ، حيث تقوم شرذمة باسم الدين لتملأ العالم فساداً ، ونكراً ، وشراً ، لم يحدث له نظير من قبل ، ولا من بعد ، وإنّ أخطر ما يكمن في هذا الفساد ، والشر هو أن هذه العصابة ، حاولت بكلّ ما أوتيت من قوة وسلطان أن تقلب الموازين الثابتة للأخلاق ، وتغير الحدود الرصينة بين الخير ، والشر ، وبين المدنية والهمجية ، ولتقضي على كلّ ماسجلته العصور السالفة من الصور الرائعة للفداء ، والتضحية في سبيل الحرية ، وكرامة الإنسان ، ولتشوّه كلّ ما أعطته الشرائع السماوية للبشرية من خير ، وسعادة ، ولتمحو كلّ ماأملته المثل الأخلاقية في سجل الأخلاق ، ولتضرب بعرض الحائط كل ما أملته العقول النيرة من دليل وبرهان ) .
.
وفيما يلي روابط لمقالات سابقة ألقت الضوء على خطر المشروع التوسعي الإيراني على البحرين خاصة ، والخليـج عامة .
.
.
.
.
وختاما فهذا القول لايعني البتة الدفاع عن أي نظام عربي ، ولا تبرئته مما فيه ، كما لايتعارض البتـة مع الدعـوة لوجوب إطلاق مشروع التغيير الكبير الذي دعونا إليه من الخليج إلى المحيـط ،
،
ذلـك أنَّنـا نعنـي مشروع التغيير في أمتنا ،
،
وليس مشروع تغيير لصالح أعداء أمتنا !!
،،،،
والله المستعان وهو حسبنا ، عليه توكلنا وعليه فليتوكـل المتوكـلون |