السائل: سائل التاريخ: 13/12/2006 عدد القراء: 9321 السؤال: من هم المرجئة والباطنية والجهمية ؟
جواب الشيخ: السؤال :
فضيلة الشيخ من هم المرجئة والباطنية والجهمية لو اعطيتني فكرة بارك الله بك
****************
جواب الشيخ:
الحمدلله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
فهذا تعريف موجز ميسّر ، المقصد منه أن يقرب إلى الفهم حقيقة هذه الفرق الضالّة .
المرجئة قوم يقولون : الإيمان تصديق ، والعمل خارج مسماه ، ولهذا صار من قولهم : لو أنّ الإنسان نطــق بالشهادتين ، ثــم قال : لا أعمل خيراً قط ، ولا أترك شرا قط إلاّ إقترفته .
أنه مع ذلك مسلم !!
ويقولون : وهذا حتى لو هدم الكعبة ، وعطّــل الشريعة ، وقاتل المسلمين مع الكفار ، وبنى الأصنام لعابديها ، ومزّق المصاحف ، وشتم الأنبياء ..إلخ ، ثـم قال بلسانه إنـّه لايستحل ذلك كلّه ، ولايكــذّب بالدّيـن ، أنـّه مع ذلك مسلم !
فالإسلام عندهــم ، هو النطق بالشهادتين فقط ، وإنْ فعل ما فعل فلا يكفر إلاّ إن كذّب بالدين ، فالكفر لايكون عندهم إلاّ بالتكذيـب ، ولايُعرف إلاّ بأن يظهر ذلك بلسانه إقرارا !! وهذا من أعظم الضلال المبين ، والحضّ على إفساد دين المسلمين .
ومذهب أهل الســنّة : أنّ الدخول في الإسلام هو نعم بالنطق بالشهادتين ، ثم من رفض الإنقياد للشرائع الإسلام ، فإنـّه ينقض إسلامه ، حتى لو ادعى أنّه غير مكذّب.
أمّا من يخلط عملا صالحا وآخر سيئا ، ويفعل الطاعات ،ويقع في الكبائر ، فهو مسلم فاسق ،وليس كافرا .
وأمّا الباطنيـّة ، فهـم قوم يرون أنّ الوحي له ظاهر لعامّة الناس ، وينطوي على علمٍ آخـر هـو باطن لايعلمه إلاّ الخاصـّـة ،
وهذا الباطن ـ عندهم ـ قد يناقض ظاهر الشريعـة مناقضـة تامـّا ،
وأنّ من يعلمه من الخاصة ، لايجب عليهم بذله للعامة ، لأنهّم لايعقلونه ،
كما قال بعض شعراءهم :
إذا أهل العبارة ساءلونا أجبناهم بأعلام الإشـارة
نشير بها فنجعلها غموضا تقصّر عنه ترجمة العبارة
ونشهدها وتشهدنا سرورا له في كل جارحة إنارة
وقال آخر :
ياربّ جوهر علم لو أبوح به لقيل لي أنت ممن يعبـد الوثنـا
ولاستحل رجال مسلمون دمي يرون أقبح ما يأتونـه حسنـا
ثم انقسموا إلى فرق كثيرة :
فمنهم من قال : العلم الباطن هو أنّ كلّ شيء هو الله ، تعالى لايوجد غيره في الوجـود ، تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا .
ومنهم من قال الباطن هو أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو الله ، تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا .
ومنهـم من قال إنّ عليا رضي الله عنه هو الله ، تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا .
، وبعضهم من جعل الله ـ تعالى عما يقولون علوا كبيرا ـ هـو إمام مذهبهم أو اتّحـد مع إمام مذهبهم ، أيّا كان ذلك المذهب الباطني الذي ينتحلونه .
، ومنهم من قال التكاليف الشرعية لاتجب إلا للعامـّة ، أما الخاصّة المطّلعين على علم الباطن فلهم أن يتركوا الصلاة وكلّ التكاليف ويفعلوا كلّ الفواحش، فلا تثريب عليهم .
وهكذا أباحوا لأنفسهم أن يجعلوا الوحي تبعا لأهوائهم ، بدعوى أنّ له باطنا لايعلمه غيرهم ،
وبهذا يعلم أن الباطنية هي غطاء يدخل تحته فرق كثيرة ، من الإسماعيلية ، والنصيرية ، والدروز ، وغلاة المتصوفة ، والرافضة ..وغيرهــم .
وهؤلاء هم الزنادقة الذين يشجّع اليوم الغرب الغازي لأمّتنا ، دينَهم ، ويبثـّه ، وينشره ، لعلمه أنـّه يهدم دين الإسلام .
والجهمية فرقة تقول : إن ّالله تعالى وجودٌ مطلق ، لايوصف بصفة ، ولا يسمّى بإسم ، لئلا يشبه خلقه الموصوفين بالصفات ، المسمين بالأسماء ، فأنكروا صفات الله وأسماءه ،وقالوا يسمع ويبصر ويعلم ..إلخ بذاته المطلقة الوجود إطلاقا عاما ، وليس بصفاتٍ لذاته ، ومنها اشتقت له الأسماء الحسنى ،
ولهذا قالوا القرآن مخلوق لأنّ الله تعالى لايتكلم بصفة الكلام ، بل ذاته تخلق الحروف والأصوات فقط .
وقد ضلّوا هذا الضلال بسبب تأثّرهم بفلسفات سابقة للإسلام ، استقرّت في قلوبهم ، وتمكّنت في نفوسهم ، فهووْهـا ، وقدّموها على هداية الوحي ، ثم صرفوا دلالة الوحي التي تخالف فلسفتهم الضالـّة ، إلى معاني بعيدة ، وتأويلات متكلفة ، فضلّوا كثيرا، وأضلّوا ، وضلّوا عن سواء السبيل .
وقالوا أيضا : العباد ليس لهم في الحقيقة أفعال ولا إرادة ، فأفعال العباد التي نراها في الظاهر ، هي ليست سوى أفعال الله تعالى يفعلها فيهم فقط ، والناس كالريشة في مهب الريح .
وقالوا الإيمان هو التصديق فقط ، من صدق بالله فهو مؤمن ، حتى لو لم ينطق بالشهادتين ولم يأت بشىء من الإسلام !
هذا ،، وسبب هذا الضلال ، ترك هداية الوحي المبين ، فالقرآن العظيم ، نور ، وشفاء ، وموعظة ، وهدى، ورحمة ، فمن ترك الإهتداء بـه ضلّ ، ومن اعرض عن نوره، أحاطت به الظلمات ، ومن غفل عن ذكره ، قسى قلبه ، واستحوذت عليه الشياطين .
قال تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُو الْأَلْبَابِ ) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات " إلى قوله " وما يذكر إلا أولو الألباب " قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم " لفظ البخاري .
ولهذا كان أهل السنة على الصراط المستقيم ، والحبل المتين ، لأنهم قدموا الوحي ، وساروا بين يديه مهتدين ، وجعلوه إمامهم ، فهداهم إلى حقيقة الدين .
والله أعلم
|