السائل: سائل التاريخ: 13/12/2006 عدد القراء: 8486 السؤال: شبهة في التحاكم إلى القوانين الوضعية؟!
جواب الشيخ: السؤال:
شيخنا الحبيب حامد العلي حفظه الله و رعاه
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته شيخنا الفاضل هناك شبهتان يثيرهما بعض الناس في المنتديات يستدلون بهما على جواز التحاكم إلى القوانين الوضعية و العياذبالله و نرجو من فضيلتكم التفصيل في الرد على هاتين
الشبهتين نظرا لأني لم أجد أحد من الأخوة استطاع الرد و قد راجتا على بعض الأخوة , فحسبنا الله و نعم الوكيل
جواب الشيخ:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحبا بك وأهـلا وسهــلا
والجواب سهل جدا ، وفي غاية الوضوح ، بحمد الله تعالى
أما عدم قتل الرسل ، فأصلا هذا الحكم أخذ من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن الرسل تأتي بأمان ، فلا تقتل.
والرواية نفسها تؤكد ذلك ،، كما : ـ
قال أبو داود الطيالسي: حدَّثنا المسعودي عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله ابن مسعود قال: جاء ابن النواحة وابن أثال ، رسولين لمسيلمة الكذاب إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، فقال لهما: ((أتشهدان أني رسول الله)).
فقالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله.
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((آمنت بالله ورسله ولو كنت قاتلاً رسولاً لقتلتكما)).
قال عبد الله بن مسعود: فمضت السُّنة بأن الرسل لا تقتل.
-------
وأما اتخاذ الخاتم فان فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، في اتخاذ الخاتم لرسائله ، بعدما أخبر أنه عرف جار في المراسلات الدولية آنذاك ، هو من جملة أدلة شرعية كثيرة ، قد دلـت على أن الوسائل ، والتراتيب الإدارية ، والنظم الحياتية، الــتي لاتخالف الشرع ، لابأس أن يستفيد منها المسلمون ، كما استفاد المسلمون من وسائل الجهاد عند غيرهم ، مثل حفر الخندق ، واتخاذهم بعد ذلك القوس الفارسية ..إلــخ
ومن قال إن الشريعة الإسلامية تحرم كل وسيلة حياتيه ، في التنظيم ، والإدارة ، وكل الأعراف الــــتي تسهل التعايش بين البشر ، وكلّ أدوات التواصل الحضاري ، التي تحقق المصالح العامة ؟!!
بل قد دلت الشريعة الإسلامية نفسها ، من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم قولا، وفعلا ، وتقريرا ، أن الأصل في هذا الباب الإباحة، ولا يحرم شيئا منها إلا بنص.
وكذلك اليوم فالشريعة نفسها عندما نتحاكم إليها ، فهي لاتحرم من الأعراف ، والتراتيب الدولية ، إلا ما كان مخالفا للشريعة فقط،
وأما ما أباحته ، ويحقق مصلحة المسلمين ، فلا تمنع منه الشريعة ، ثــم إن هذا أصلا تحاكم منــا إلى الشريعة ، الـــتي أجازت ذلك ،وليس إلى غيرها
والخلاصة : أن الشريعة تحرم جعل غير الشريعة الإسلامية مصدرا للحكم ، بل تجعل من ينصب غيرها حكما مشركــــا بالله قال تعالى ( ولا يشرك في حكمه أحدا ) .
غير أن الشريعــة الإسـلامية لاتحرم الاستفادة من الأوضاع السياسية ، والتراتيب الإدارية ، والنظم التــي عند غير المسلمين ، إذا كانت لاتخالف الشريعة ، ذلك أننا نجعل الشريعة هي الحاكمة عليها ، فما أباحته استعملناه ، وقد جعلت السكوت عنه إباحة له ، وما حرمته منعناه .
ونقول لمن يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم تحاكم إلى قوانين دولية ، هل كانت شريعته كاملة أم ناقصة ؟!
فان قال : ناقصة ، كفر ، بالإجماع .
وإن قال : كاملة .
فنقول : إذن ما حاجته إلى أن ينظر إلى ما عند غيره ، وقد أكمل الله له الشريعة ؟!
فان قال : لم يتحاكم إلى غير ما أنزل الله ، كيف وقد حذره الله تعالى اشد التحذير من ذلك ؟!
بل جعل شريعته الكاملة هي الحاكمة على كل شيء.
فما حكمت أنه مباح ـ ولو بالسكوت عنه ـ لايخالفها ، أباحه ، وفعله ، ليبين إباحته ،
وما حكمت أنه محــرم ، منعه.
فشريعته نفسها الكاملة هي التــي فرقت بين الحق ، والباطل ، والصواب ، والخطأ والهدى ، والضلال ، والنافع ، والضار ، والطيب، والخبيث.
فنقول له : هذا هو مــا نقوله بعينه ، لايتعداه قيد أنملة ،
وهو بعينه لايعدوه قيد أنمله أيضا ، معنى قول العلماء كافة : ( ما من شيء إلا ولله فيه حكم )
وقد ذكرنا في فتوى سابقة حكم التحاكم إلى القوانين الوضعية.
والله الهادي إلى سواء السبيل |