السائل: أبومصعب التاريخ: 10/11/2008 عدد القراء: 8495 السؤال: حكـم التعزير بأكثر من عشرة جلدات؟
جواب الشيخ:
شيخنا الفاضل حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آسف فسوف آخذ من وقتكم قليلاً فأرجو المعذرة
شيخنا : أريد التوفيق بين حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( لايجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله ) وبين ما يحدث الآن من الجلد فوق 100 جلدة وبعضها وصل 1500 جلدة
كيف هذا ياشيخ ؟؟ ثم هل يمكن أن يكون مثلا عقوبة الامام أكثر من عقوبة الله تعالى فالله حد عقوبة الزنا ـ مثلا ـ بـ 100 جلدة ، ولو عمل شخصا عقوبة أقل من هذه بأن يسرق بأقل من النصاب فللقاضي أن يجلده 1500 جلدة ـ مثلاً ـ ؟؟كيف هذا؟؟
أريد الأدلة على هذا ياشيخنا؟
حيث أني سُئلت هذا السؤال كثيراً فلم أستطع إلا قول : أن التعزير ليس له حد فيحدده القاضي !!!
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
*****
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعـد :
هذا هو أصح قولي الفقهاء ، أن التعزيز بالجلد ، مرجعه إلى القاضي ،فيجتهد فيما يحصل به التأديب والردع ، ومعنى حديث (لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله) أي في فعل محرم ، فالمحرمات أيضا تسمى حدود الله ، ولهذا الواقع في الحرام ، يقال عنه انتهك حدود الله ، ومعنى الحديث أنه لايزاد على عشرة في التأديب على المخالفات التي هـي دون انتهاك المحرمات .
وفيما يلي كلام حسن للفقيه محمد العثميين ننقله للفائدة :
قال رحمه الله رحمة واسعة : ( وإذا كان كذلك فإنه يجب أن يحمل قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «إلا في حد من حدود الله» أي: في محرم من محارمه؛ لأن حدود الله تطلق على الواجبات، وعلى المحرمات، وعلى العقوبات، فقوله: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا) هذه الواجبات، وقوله: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا)هذه المحرمات، وتطلق أيضاً على العقوبات المقدرة شرعاً وهو واضح.
وإذا كان التعزير والتأديب، وكان لا يتأدب هذا الفاعل للمعصية إلا بأكثر من عشر جلدات، فحينئذٍ إما أن نقول: لا نزيد، وتكون هذه الجلدات عبثاً؛ لأنها جلدات لا تفيد، والشرع لا يأمر بالعبث، بل لا يأمر إلا بما فيه المصلحة والحكمة، وإذا كان هكذا فإنه يجب أن يحمل كلام الرسول صلّى الله عليه وسلّم على ما فيه المصلحة، وعلى ما له معنى مستقيم، ويحمل الحد في الحديث على الحدود الحُكْمية، التي هي إما ترك واجب، وإما فعل محرم، فيصير المعنى أننا لا نؤدب أحداً على ترك مروءة مثلاً فوق عشرة أسواط.
فلو وجدنا رجلاً يأكل في مَجْمع مثل مجمعنا هذا، مجمع علم واحترام، فهذا خلاف المروءة، فنجلده، ولكن لا نزيد على عشر جلدات، أو رجل قال لابنه: اجلس صب القهوة للزوار، فذهب الابن ليلعب وترك الضيوف، فلوالده تأديبه، ولا يزيد عن عشر جلدات.
أو رجل كان يأمر ابنه الصغير بالصلاة، وله إحدى عشرة سنة، ولكن الابن يتمرد، فيجلده عشرة أسواط، فإن لم تنفع يزد، وإن لم تنفع يزد؛ لأن هذا ترك واجب، وهو حد من حدود الله، وهذا القول هو الراجح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وجماعة من أهل العلم المحققين، وهو الذي يتعين العمل به)
والله أعلم |