السائل: زائر التاريخ: 29/04/2009 عدد القراء: 16714 السؤال: هل صحت قصة صلاة وفد نصارى نجران في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهل يستدل على ذلك بحوار الأديان ..؟
جواب الشيخ: فضيلة الشيخ : هل صح أن وفد نصارى نجران صلوا صلاة النصارى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهل يصح الإستدلال بذلك على ما يسمى ( حوار الأديان ) ، وأنه يجوز تخصيص مكان لأهل الأديان الباطلة في مساجد المسلمين ليعبدوا آلهتهم ، وما حكم دخولهم المساجد ؟!
***
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
صحَّ أنَّ وفد نصارى نجران قدموا إلى المدينة ، ودعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ، ودعاهم إلى المباهلة ، فخافوا من مباهلته ، ورضوا بالجزية .
غير أنَّ الرواية التي فيها صلاتهم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في حضرته ، لاتصـح .
قال ابن كثيرفي تفسيره : قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، قال: قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر، عليهم ثياب الحبرات: جبب ، وأردية ، في جمال رجال بني الحارث بن كعب، قال: يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ما رأينا بعدهم وفداً مثلهم، وقد حانت صلاتهم ، فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوهم، فصلّوا إلى المشرق أهـ.
وهذا إسناد معضل ، فمحمد بن جعفر بن الزبير إنما يروي عن التابعين ، بل عن صغارهم .
أما حكم دخول غير المسلم المسجد ، فالراجح من الأقوال ، عدم جواز دخول الكافرالمسجد مالم يكن مصلحة راجحة ، ومن ذلك دعوته إلى الإسلام ، كما ثبـت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خيلاً قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة ، يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجـد .. الحديث ، ولفظ مسلم: فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد فقال : ما عندك يا ثمامة"؟ قال: ما قلت لك: إن تنعم ، تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم،وإن كنت تريد المال ، فسل تعط منه ماشئت. فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان في الغد ، فقال: " ما ذا عندك يا ثمامة"؟ فقال: عندي ما قلت لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أطلقوا ثمامة" فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله... الحديث
وحينئذٍ فإذا سمحنا بدخوله المسجد في مقام الدعوة ، والمجادلة بالتي هي أحسن ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع نصارى نجران ، فأراد أن يصلي صلاته ، سُمح له بذلك ، إذ كان هذا السماح العارض في مثل هذا المقام العظيم لإظهار الدين ، وإعلاء الحق الذي جاء به ، وقطع حجّة خصـومه ، مغفوراً ، مغموراً في جنب تلك المصلحة الراجحة.
هذا إن صحَّت قصّة سماح النبي صلى الله عليه وسلم لوفد نجران بصلاتهم لما حان وقتها ، وقد بيَّنا أن ليس لها إسناد إلاّ ذلك الإسناد المعضل الضعيف.
أما من يزعم أن يجوز تخصيص مكان لعبادة غير الله تعالى في مساجد المسلمين ، ويسمح لهم بالإشراك فيها ، فهذا لايقوله مسلم سليم الفطرة ، فضلا عن عرف شيئا من العلم ، ومن يصـرّ على هذا القول بعد إقامة الحجة عليه ، فحكمه حكم أمثاله من أهل الزندقة عافانا الله .
وقد بينا سابقا في مقالات ،وفتاوى ، وكذلك في محاضرة صوتيه ، أن ما يسمى حوار الأديان ، ما هو إلاَّ خدعة شيطانية صهيونية يقصد بها تمرير مخطط صهيوصليبي في الجزيرة العربية ، يؤدي إلى نشر الكنائس ، فالتطبيع مع الصهاينة ، فإزالة تميّز دين الإسلام ، فهدم الدين كلَّه ، وليس ثـمّة حوار يقصد به الدعوة ، ولا يمت إلى ذلك بصلة ، ومن حضره ممن ينسبون إلى العلم ، فالله تعالى سيحكم فيهم يوم لاينفع مال ولا بنون ، بحكم المداهنين للخائضين في آيات الله بالباطل .
ومن يستدل بقصة وفد نصارى نجران ، الذين بدأهم النبي صلى الله عليه وسلم بدعوتهم إلى دين التوحيد ، وإقامة الحجة عليهم ، وإبطال كفرهم ، ثم دعا إلى مباهلتهم بأنْ لعنة الله على الكاذبين ، ليهلكهم دعاؤُه ، ثم انتهى إلى دخولهم في حُكم الجزية ، من يستدل بهذه القصة على ما يُسمى ( حوار الأديان ) أعني المشروع السياسي المعروف ، فهو أضـل من حمار أهله ، نسأل الله العافية ، من مضلاّت الفتن ، وزيغ القـلوب ، وأن يثبَّتنا على التوحيد حتى نلقاه .
|