الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
فإنه بلا ريب ، لن يخطىء من يحكم على فساد هذه الإتفاقية ، وأنها تناقض عقيدة ومبادىء الإسلام مناقضة واضحة ، بمجرد أن يرى الولايات المتحدة الأمريكية ، مع ألعوبتها الأمم المتحدة ، حريصة كل الحرص على تنفيذها ، بعدما كانت أكبر داعم لجيش قرنق بالسلاح والمال والخبرة العسكرية إبّان الحــرب ، هي وبعض الدول العربية التي كان تدعمه سرا ـ بأوامر أمريكية ـ لإسقاط حكومة البشير ـ الترابي .
وما هذه الإتفاقية التي تسمى " اتفاقية سلام " زورا كمثيلاتها من اتفاقيات الخيانة والاستسلام التي لا يدفع إليها إلا شهوة البقاء في السلطة لدى زعماء الأنظمة العربية ، ما هي سوى مثال من التدخلات الأمريكية الصهيونية في العالم ، لتحطيم أي كيانات يمكن أن تشكل ـ ولو في المستقبل ـ قوة للمسلمين ، أو راعية لقضاياهم .
ولو لم يكن جنوب السودان ، أكثرية نصرانية وبقية من الوثنيين ، وكانت أمريكا تفرض نفسها حامية الصليب وراعية الصليبين في العالــم ، وحاملة أمانة القضاء على قوة الإسلام ، لما أنفقت كل هذا الجهد والوقت ، لفرض الاستسلام الذي تسميه سلاما ، وهي أكبر عابثة بقيم الأمن والسلام في العالم .
وقد حققت أمريكــا لجون قرنق زعيم ما يسمى بالحركة الشعبية لتحرير السودان ، مالم يكن يحلم بتحقيقه ، وقسمت السودان ـ بهذه الإتفاقية الخبيثة ـ بأن منحت الجنوب حق الإستقلال بعد فترة حكم ذاتي لمدة ست سنوات ـ باعتماد ترسيم الإحتلال البريطاني عام 1956ـ ومنحت جيشه بإدارة شبه مستقلة في هذه الفترة ، ودمجت أولياءها من نصارى الجنوب السوداني ، في الدولة فجعلت جون قرنق نائبا للبشيــر ، وحتى أجهزة الاستخبارات التي هي من أخطر أجهزة الدولة حساسية منح ثلث مناصبها لجيش قرنق الذي هو جيش نصراني مدعوم من الغرب الصليبي ، وتم تقاسم السلطة ، والثورة حتى صارت نصف عائدات النفط للجنوب ، ومنع الشريعة من أن يعمل بها في ولايات الجنوب ، والسماح بالإقتصاد الربوي فيه .
ولاريب أن اكتشاف النفط سارع من سعــي أمريكا على تقسيم السودان ، ودمج النصارى في حكومته الحالية ، وإضعافها ، ولهذا لم تنس الإتفاقية أن تنـص على أن الولايات التي فيها النفط لها الحق في عقد اتفاقيات مع أي شركات أجنبية !
والخلاصة أن الإتفاقية منزلق سيؤدي إلى جعل السودان ألعوبة ومرتعا للخطط الصهيوصليبية ، عبثا بقيمه ، وتشتيتا لثقافته الإسلامية ، وإضعافا لقوته ، وتقوية لكل الأديان الأخرى على حساب قوة المسلمين فيه ، وإلغاء لدوره في دعم القضايا الإسلامية في العالم ، إنها حلقة من حلقات المؤامرة على هذه الأمة ، وكان أحد اللاعبين الرئيسين في هذه المؤامرة ، البشير وحكومته ، وسيذوقون جميعا وبال عاقبة أمرهم ، وستكون عاقبة أمرهم خسرا والله أعلـــــم .