نصيحة عامة وصيحة نذير لأهل الكويت ، وهم يحتفــلون بالفجور في أعياد الكفار موالين لهم من دون المؤمنين ،،، نصيحة قبل فوات الآوان ،،،
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
فإن القرآن مليء بالآيات التي تبينّ أن ما يظهر في الأرض من زلازل ، ومصائب ، ونقص في الثمرات ، وفساد في الأرزاق ، والأجواء ، والبر ، والبحر ، فإنمــا هو عقوبة على معاصي بني آدم ، ولاينكر هذا من فقه القرآن والسنة ، غير أن الله تعالى يظهــر هذه العقوبات التي هي أيضا نذر ، عبرة لأهل الإيمان ، ويطويها تحــت أسباب ظاهرية محنة للذين قست قلوبهم ، ممن يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ، وهم عن الآخرة هم غافلون .
كمــا قال تعالى " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " .
قال ابن كثير : " قال أبو العالية : من عصى الله في الأرض فقد أفسد في الأرض لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود " لحد يقام في الأرض أحب إلى أهلها من أن يمطروا أربعين صباحا " والسبب في هذا أن الحدود إذا أقيمت كف الناس أو أكثرهم أو كثير منهم عن تعاطي المحرمات وإذا تركت المعاصي كان سببا في حصول البركات من السماء والأرض .
ولهذا إذا نزل عيسى ابن مريم عليه السلام في آخر الزمان يحكم بهذه الشريعة المطهرة في ذلك الوقت من قتل الخنزير وكسر الصليب ووضع الجزية وهو تركها فلا يقبل إلا الإسلام أو السيف فإذا أهلك الله في زمانه الدجال وأتباعه ويأجوج ومأجوج قيل للأرض أخرجي بركتك فيأكل من الرمانة الفئام من الناس ويستظلون بقحفها ويكفي لبن اللقحة الجماعة من الناس.
وما ذاك إلا ببركة تنفيذ شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فكلما أقيم العدل كثرت البركات والخير . ولهذا ثبت في الصحيحين أن الفاجر إذا مات يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب وقال الإمام أحمد بن حنبل حدثنا محمد والحسين قالا حدثنا عوف عن أبي مخذم قال وجد رجل في زمان زياد أو ابن زياد صرة فيها حب يعني من بر أمثال النوى مكتوب فيها هذا نبت في زمان كان يعمل فيه بالعدل " أهـ.
وقال تعالى : " فَكُلاّأَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرْضَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ، وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ "
وقال تعالى : " وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ"
قال ابن كثير رحمه الله : " أي مهما أصابكم أيها الناس من المصائب فإنما هي عن سيئات تقدمت لكم " ويعفو عن كثير " أي من السيئات فلا يجازيكم عليها بل يعفو عنها " ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة " .
أما من قال إنها ظواهر طبيعية ، ومازالت تصيب الناس ، فهذه مقالة القاسية قلوبهم من ذكر الله تعالى ، عافنا الله وإياكم ،
كما قال تعالى : " وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُون * َثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ "
قال ابن كثير : " يقول تعالى مخبرا عما اختبر به الأمم الماضية الذين أرسل إليهم الأنبياء بالبأساء والضراء يعني بالبأساء ما يصيبهم في أبدانهم من أمراض وأسقام والضراء ما يصيبهم من فقر وحاجة ونحو ذلك " لعلهم يضرعون" أي يدعون ويخشعون ويبتهلون إلى الله تعالى في كشف ما نزل بهم . وتقدير الكلام أنه ابتلاهم بالشدة ليتضرعوا فما فعلوا شيئا من الذي أراد منهم فقلب عليهم الحال إلى الرخاء ليختبرهم فيه.
قال " ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة " أي حولنا الحال من شدة إلى رخاء ومن مرض وسقم إلى صحة وعافية ومن فقر إلى غنى ليشكروا على ذلك فما فعلوا وقوله " حتى عفوا " أي كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم يقال عفا الشيء إذا كثر" وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون "
يقول تعالى ابتليناهم بهذا وهذا ليتضرعوا وينيبوا إلى الله فما نجع فيهم لا هذا ولا هذا ولا انتهوا بهذا ولا بهذا قالوا قد مسنا من البأساء والضراء ثم بعده من الرخاء مثل ما أصاب آباءنا في قديم الزمان والدهر وإنما هو الدهر تارات وتارات بل لم يتفطنوا لأمر الله فيهم ولا استشعروا ابتلاء الله لهم في الحالين .
وهذا بخلاف حال المؤمنين الذين يشكرون الله على السراء ويصبرون على الضراء كما ثبت في الصحيحين " عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له" فالمؤمن من يتفطن لما ابتلاه الله به من الضراء والسراء .
ولهذا جاء في الحديث " لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يخرج نقيا من ذنوبه والمنافق مثله كمثل الحمار لا يدري فيم ربطه أهله ولا فيم أرسلوه " أو كما قال ولهذا عقب هذه الصفة بقوله " فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون " أي أخذناهم بالعقوبة بغتة أي على بغتة وعدم شعور منهم أي أخذناهم فجأة كما في الحديث " موت الفجأة رحمة للمؤمن وأخذة أسف للكافر " أهـ.
ولاريب أن تعطيل شريعة الله تعالى ، ينبوع كل فساد ، وسبب لكل مصيبة على البلاد والعباد ، فإن أضيف إلى ذلك ، مولاة الكافرين ، والفرح بظهورهم ، والرضا بعلوهم ، والشماتة بمصاب المسلمين ، والسرور بإهراق الكافرين لدمائهم في العراق وفلسطين وغيرهما ، وانتهاك أعراضهم ، ثم انتشار الفواحش والمنكرات ، والإحتفال بأعياد الكفار ، وملاحقة المجاهدين ، والمصلحين ، وتسميتهم إرهابيين ، وضالين ، وتكفيريين ، وخوارج ، وغض الطرف عما يفعله المجرمون ، وعلى رأسهم الجيوش الأمريكية ، التي تعيث في أرض الإسلام فسادا ، وعن الطعن في الدين ، والتطاول على زوجات وصحابة الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم .
فإن كل ذلك مؤذن بحلول النقم ، وزوال النعم ، ونزول المصائب ، وتفرق الكلمة ، وتشتت الأمر ، ونقص الرزق ، وذهاب الأمن ، واختلاف القلوب ، وتسلط الأعداء .
وحينئذ فلن يغني الكفار من أمر الله تعالى شيئا إذا نزل بساحة من عصاه ، كما قال تعالى : " وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ ولا نَصِيرٍ" وذلك بعدما قال : " وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ " .
وقال " مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " وقد قال ذلك بعدما ذكر إهلاكه الذين كذبوا بآياته ، وجحدوا نعمته فقال قبل هذه الآيـــة : " فَكلا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " .
فيا أهل الكويت ، توبوا إلى الله تعالى ، وارجعوا إليه ، وتولّوا الله ورسوله وإخوانكـم المسلمين ، وأعينوهم على الكافرين الصليبين والصهاينة الحاقـدين ، وتبرؤوا من أعداء الله تعالى الصهاينة والصليبيين ، واطردوهم من بين أظهركم ، وارجعوا إلى شريعة ربكم ، وحكموها في الصغير و الكبير ، ومُرُوا بالمعروف ، وانهوا عن المنكر ، ولا تكونوا كالذي قست قلوبهم ، فلم يعتبروا بآيات الله تعالى التي جعلها عبرة .
وإلاّ فوالله الذي لا إله إلا هو ، فهي سنة الله تعالى التي لا تتبدل ولا تتغير ، ليحلّن بكم ما فرحتم بحلوله فيمن تشمتـون بهم ، معرضين عن نُذُر الله تعالى لكم التي جاءتكم تترى ، واعلموا أن من أعان ظالما عُذّب به ، ومن طلب العزة من غير الله تعالى ذلّ ، ولتعلمنّ نبأه بعد حين ، إلاّ من تاب وآمن وعمل صالحا ، فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ،
اللهم تولنا فيمن توليت ، واهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولايقضى عليك ، ولايعز من عاديت ، ولايذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت ، لامنجا ولا ملجأ إلا إليك ، نعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وبك منك ، لانحصى ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .