السائل: سائل التاريخ: 13/12/2006 عدد القراء: 9140 السؤال: حكم مقاطعة المنتجات الامريكية؟
جواب الشيخ: السؤال:
نرجو من الشيخ بيان حكم مقاطعة المنتجات الامريكية ؟
*******************
جواب الشيخ:
**فتوى في حكم مقاطعة المنتجات الأمريكية**
ـــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــ
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
*** فقد كثر السؤال مؤخرا عن حكم مقاطعة المنتجات الأمريكية ، وهل هو سبيل مشروع لنصرة قضية الأقصى ؟
*** والجواب :
ـــــــــ
إنه لا يخفى وقوف أمريكا السافر مع الكيان الصهيوني ، وأنها شريكــــــة ـ كاملة الشراكة ـ معه في جرائمه البشعة التي يقترفها كل يوم في حق الأبرياء من إخواننا المسلمين في فلسطين ، كما لا يخفى أن المسلمين ليست لهم إمامة تحوطهم ، وترعى مصالحهم ، وتصون كرامتهم ، وتحفظ ثغورهم ، وترهب عدوهم ، وتسترد حقوقهم ، وإنما هي زعامات متفرقة ، متناحرة ، ركنت إلى الدنيا ، ورضيت بالتبعية لما يسمى القوى العظمي ، ورضخت لما يطلق عليه النظام الدولي ـ وإنما هو نظام لهيمنة إرهابية صليبية متعصبة متحالفة مع الصهيونيــــــة لإرهاب الإســـلام وإذلال المسلمين ـ وألقت ما عندها وتخلت عن نصرة الإسلام ، وحماية المسلمين .
*** وعليه فلم يبق بيد المسلمين للتخلص من الظلم والاضطهاد الواقع عليهم ، إلا الجهاد لمن يقدر عليه ، وإلا وسائل الاحتجاج والضغط لمن لا يمكنه الوصول إلى ثغور الجهاد ، ومن وسائل الاحتجاج والضغط ، تعبير الشعوب عن استياءها بل غضبها ورفضها للسياسة الأمريكية الجائرة ، وذلك بمقاطعة المنتجات الأمريكية ، فهي وسيلة ضغط واحتجاج هدفها التأثير على السياسة الأمريكية ، للتراجع عن مشاركتها الكيان الصهيوني في جرائمه التي لا توصف.
*** فإن قيل : ثمة اعتراضان على استعمال هذه الوسيلة :
الأول :
ـــ
أن الاقتصاد الأمريكي ، مرتبط باقتصاد عالمي ، وينتظم كل ذلك في شبكة دولية من المصالح المتبادلة مع الدولة الإسلامية ، مما يجعل من المستحيل أن توجه له ضربة من خلال مقاطعة شعبية للمنتجات ، ومالم يكن ذلك باستعمال سلاح النفط ، فإنه عبث لن يؤدي إلى نتيجة .
الثاني :
ـــ
أن مشروع المقاطعة متناقض لانه لايمكن أن يتجنب المستهلك جميع المنتجات الأمريكية ، فإن تجنب بعضها واستعمل بعضها الآخر ـ مثل الاشتراك في مواقع الإنترنت من شركات أجنبيـة ومثل الذين يعيشون في أمريكا من المسلمين ـ كان ذلك تناقضا يدل على فشل المشروع نظريا ، مما يجعله مشروعا لا يحمل مقومات النجاح .
***فالجواب على الأول :
ـــــــــــــ
أن نقول : نعم ، إنه لما كان يشترط أن تكون وسيلة الضغط مؤثرة ، ومرشحة للوصول إلى هدفها ، وإلا كانت عبثا ، وهدرا للجهد والطاقة ، ثم قد تأتي بنتائج عكسية ، فأذكر هنا ملخص التقرير الذي كتبه الدكتور جون ديوك انطوني, رئيس المجلس القومي حول العلاقات الأميركية العربية, وأمين سر لجنة التعاون المؤسسي بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي في واشنطـــــن ـ وقد استند انطوني, الذي زار منطقة الخليج العربي والدول العربية في شمال أفريقيا مرارا منذ اندلاع الانتفاضة, في تقريره على الملاحظات والمباحثات, التي أجراها مع كبار رجال الأعمال الأميركييــــــــن والعرب في المنطقــة ـ ملخص هذا التقرير في سبع نقاط :
1ـ إن الحملة المطالبة بمقاطعة المنتجات الأمريكية آخذه في الانتشار ، وقال انطوني إن السياسة الأميركية تغفل الضرر الذي يحصل لصورة البضائع الأميركية في عيون المستهلكين. وأضاف انهم "يفشلون في الأخذ بعين الاعتبار الأثر بعيد المدى الذي سيحدثه ذلك على الأطفال الذين سيشترون بضائع في المستقبل, ولكنهم تعلموا في المدارس أن الإقبال على البضائع الأميركية أمر خاطئ".
2ـ إن مستقبل "العديد من المصالح الأميركية يبدو غير مشجع. ومن بين المصالح الاستراتيجية, والاقتصادية والسياسية والتجارية وغيرها من المصالح والترتيبات التي يمكن أن تتأثر, تلك التي تتعلق بالاستقرار والدفاع, والتجارة, والاستثمار والتعاون التقني وعقد الامتيازات التجارية".
3ـ وأضاف أن المراقبين والمحللين في المنطقة ، غير متنبهين إلى ما يمكن أن يحدث في حالة اتخاذ الولايات المتحدة خطوة خاطئة حيال موضوع نقل سفارتها إلى القدس في الفترة القادمة ووفقا له, فإن مبيعات إحدى سلسلة مطاعم الوجبات الأميركية قد انخفضت بنسبة 40% منذ بداية المقاطعة, كما أن سلسلة أخرى من مطاعم الوجبات السريعة علقت لافتات كتب عليها "100% محلي" (أي ليست مملوكة للأميركيين).
4ـ وقال مدير في مطاعم أخرى للوجبات السريعة: "العمل لدينا بلغ من الركود كثيرا". ويعود السبب في ذلك إلي أن "الأجانب توقفوا عن المجيء إلى هنا. فهم بعد أن ينتهوا من العمل, إما أنهم يبقون في المنازل أو يذهبون إلى مؤسسات غير أميركية" , وخاصة في قطر والإمارات العربية المتحدة. وقد اشتملت القائمة المؤلفة من ثلاث صفحات على السيارات, ووسائل العناية الصحية, والملابس وأدوات التجميل, والأغذية, والمطاعم, وأجهزة الحاسوب والأدوات الكهربائية الأميركية.
5ـ وأشار انطوني إلى وسيلتين رئيسيتين أدتا إلى تعزيز الدعوة إلى المقاطعة وهما:
الخطب الدينية الأسبوعية في المساجد, والمحاضرات اليومية. وفي كلتا الحالين تهدف الرسالة إلى أنه "كيف للمرء أن يشتري أي شيء أميركي في الوقت الذي لا تفعل فيه الولايات المتحدة شيئا لإيقاف الظلم في فلسطين". وقال أنطوني إن الدعوة غير الرسمية لمقاطعة البضائع الأميركية والخدمات تزداد قوة, بواسطة الكلمات أو المكالمات الخلوية.
6ـ وأضاف إن الانخفاض الحاد في ارتياد المطاعم الأميركية سريعة الوجبات, لم يسبق له مثيل.
7ـ وقال : إن الرسالة الواضحة الموجهة إلى البيروقراطيين في واشنطن, كانت "أن حكومة الولايات المتحدة كانت غير إنسانية وغير صادقة". وقد عزز ذلك الرأي, بين المسؤولين والشعوب على حد سواء, في تجاوبهم مع ما يحدث في فلسطين, أن الأميركيين لم يكونوا غير صادقين مع مبادئهم المعلنة وقيمهم وحسب, بل كانوا غير عادلين. ويبدو أن ما ينتظر المصالح التجارية الأميركية وغيرها من المصالح الكبرى الأخرى واضح إذا ما استمرت الانتفاضة إلى أجل غير مسمى . انتهى ملخص التقرير مترجما، وهو منشور على هذا الرابط في الشبكـــة ( www.ncusar.org/publications/index.html ) .
هذا التقرير يوضح أن هذه الوسيلة مؤثرة ، ومرشحة لبلوغ هدفها المحدد ،وهو إشعار أمريكا بأن لوقوفها مع جرائم اليهود ثمنا ستدفعه ، مما قد يؤدي إلى مراجعة حساباتها مليا ، كما يدل التقرير على أن الشعوب إنما تحركت عندما توقفت الدول العربية تمامــا عن أي دور لردع الإجرام الصهيوني ـ وأنى لها ذلك ـ وإنقاذ الأطفال والشيوخ والعزل والأبرياء من المجازر التي يتعرضون لها كل يوم .
وأما الجواب على الثاني :
ـــــــــــــ
***فهو أن هدف المشروع ، أنه وسيلة تعبير ترسل رسالة عالمية مدوية ، وهذا إنما يحصل بمقاطعة غالب المنتجات المنتشرة شعبيا ، والتي من شأنها أن تتحول مقاطعتها إلى قضية رأي عام ، تنتشر في وسائل الأعلام سريعا ، فتوصل الرسالة المطلوبة ، وعليه فلا يضر هنا الاضطرار إلى استعمال بعض المنتجات الأمريكية التي لا تؤثر على الهدف العام للمشروع ، لأننا لانفتي هنا بتحريم معاملة الكافر ، فقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم الكفار بالبيع والإجارة والرهن والعارية وغيرها ، وإنما الهدف إرسال رسالة إعلامية سياسية احتجاجية ضاغطة فقط ، وبهذا يعلم أن هذا الهدف لايتوقف تحققه على مشاركة ، جميع المسلمين حتى الذين يعيشون في أمريكا فيه ، بل يكفي أن يقوم غالبهم بذلك .
***هذا مع أنه لا يستبعد أن يصاب الاقتصاد الأمريكي بسبب المقاطعة بتعثر ذي أثـــر بالــغ ، إذا استمرت المقاطعة ، وعمت البلاد الإسلامية .
*** ويتبين مما سبق أن وسيلة مقاطعة المنتجات الأمريكية ، وسيلة احتجاج مشروعة ، تستمد مشروعيتها من عموم الأدلة التي تدل على وجوب نصرة المظلوم و ردع الظالم حتى لو كان مسلما فكيف لو كان كافرا ، وهذه أمريكا فرضت المقاطعة على دول عديدة وسمتها الدول المارقة ، وأباحت لنفسها استعمال هذه الوسيلة للضغط على تلك الدول وتجويع شعوبها ، لكي تحقق مصالحها وهيمنتها على العالم وقد دلت عموم الادلة على ان كل وسيلة مباحة في الأصل يجوز سلوكها لتحقيق هــذا الهدف المشروع ، وهو نصرة المسلمين المستضعفين في فلسطين أو غيرها ، وقد قال تعالى ( وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر ) وقال صلى الله عليه وسلم ( أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ) رواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه .
***ولاريب أن الشعوب الإسلامية لو تواطأت على مقاطعة المنتجات الأمريكية ، فإن ذلك من شأنه دفع هذه الدولة الظالمة ، للكف عن الإمعان في الإعانة على ظلم المسلمين ، والمسلم أخو المسلم يجب عليه نصرته والسعي في رفع الظلم عنه بكل وسيلة يقدر عليها مالم تكن محرمــــة ـ إلا إن تعينت لدفع منكر أعظم ـ أو مفضية إلى مفسدة أرجح والله اعلم .
السؤال:
سؤال الاخ الكندري عن مقاطعة السلع الامريكية .
جواب الشيخ:
أن هذا مشروع كبير ، وهدفه الضغط على أمريكا لوقف دعمها السافر لطغيان الكيان الصهيوني الذي يعتمد في اغتصابه لحقوق المسلمين وقتلهم وتشريدهم على التأييد الامريكي اللامحدود غير أن مثل هذا المشروع يحتاج لنجاحه أن ينطلق من بيئة لديها تقبل مسبق للفكرة شعبيا ، ثم يكبر حتى يعم الشعوب العربية والاسلامية، وحينئذ يؤتي ثماره والتي لاريب ستكون في صالح الامة الاسلامية التي عانت وتعاني كل يوم من وقوف أمريكا بكل ثقلها مع عدونا التاريخي اليهود، بلاأدنى خجل من جرائمه البشعة في حق مسلمي فلسطين ، والله المستعان .
|